بوابة ألمانيا على العالم ويعيش فيها 130 ألف مسلم * ألمانيا تعتبر نفسها في مجهر المتطرفين وتخشى هجمات في أي وقت * بعد هجمات سبتمبر يشعر المسلمون أن الحديث عن الإسلام ينحصر في ربطه بالإرهاب برلين - سمير عواد: لم تتحرر ألمانيا بعد أكثر من تسعة أعوام على وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 من عقدة اتهام السلطات الأمريكية لأجهزتها الأمنية عدم أخذها متطرفين إسلاميين تآمروا داخل أراضيها لتنفيذ هذه الهجمات. رغم أن ألمانيا ردت وأوضحت أن أجهزتها الأمنية أخطرت أجهزة الأمن الأمريكية ضرورة مراقبة ثلاثة من الذين شاركوا بهذه الهجمات انتظموا فيما يعرف باسم خلية محمد عطا، وهم المصري محمد عطا والإماراتي مروان الشحي واللبناني زياد جراح. إلا أن المنافسة بين الشرطة الفدرالية الأمريكية ووكالة الاستخبارات(السي آي إيه) كانت السبب في عدم التنسيق بين الجهازين ما سهل على الثلاثة الذين تعلموا قيادة الطائرات في وقت قصير داخل الولاياتالمتحدة خطف ثلاث من الطائرات التي شاركت في الهجمات التي أسفرت عن مقتل ما يربو على ثلاثة آلاف شخص. وبيد أن التحقيقات التي جرت لاحقا أسفرت عن أن تخطيط الهجمات تم في أفغانستان وليس في ضاحية هاربورغ بمدينة هامبورغ الواقعة في أقصى شمال ألمانيا إلا أن الشقة التي استأجرها محمد عطا في ضاحية هاربورغ ما زالت إلى اليوم من وجهة نظر المحققين الألمان المكان الذي كان يجتمع فيه أعضاء الخلية لتدارس ما كانوا يصبون له. وإضافة لتركيز المحققين على ضاحية هاربورغ فإنهم يركزون حتى اليوم على مسجد(طيبة) في مدينة هامبورغ والكائن في شارع(شتاين دام) وكان اسمه عند وقوع هجمات 11/ 9 مسجد(القدس). وفيه تعرف بعض الذين شاركوا في التخطيط وتنفيذ هجمات 11/ 9 على بعضهم البعض كما كان يعمل فيه محمد الزمار وهو سوري يحمل الجنسية الألمانية نشط في تجنيد الشباب الإسلامي للسفر والتدريب في أفغانستان ويجلس منذ سنوات في السجن بسوريا بعد أن سلم إليها من قبل السلطات المغربية عقب فراره من ألمانيا إلى المغرب. منذ الكشف عن دور خلية محمد عطا في هجمات 11/ 9 أصبحت ألمانيا ترى نفسها في مجهر الإسلاميين المتطرفين. وزاد خطر تعرضها لاعتداءات بعد مشاركتها العسكرية في أفغانستان حيث لها اليوم أكثر من خمسة آلاف جندي. ويقول المراقبون إن يقظة أجهزة الأمن المحلية حالت دون وقوع اعتداءات. ففي صيف 2006 حاول لبنانيان تفجير عبوات ناسفة في قطارين بولاية شمال الراين ووستفاليا. وتم اكتشاف خلية من المتطرفين في منطقة (زوارلاند) كانت بصدد تنفيذ تفجيرات ضد أهداف للجيش الأمريكي في ألمانيا. ولم يكف فولفغانغ شويبلي وزير الداخلية السابق عن التحذير من وقوع هجمات من قبل إسلاميين قبل موعد الانتخابات التشريعية العامة في سبتمبر المنصرم. بينما اتهم البعض شويبلي بإثارة الذعر لتبرير تشديد الإجراءات الأمنية لكن كثيرين أيدوه استنادا إلى وجود مخاطر على ضوء المساهمة العسكرية الألمانية في أفغانستان والكشف عن الدور الذي لعبته ألمانيا في غزو العراق والآن بعد قرار زيادة عدد جنودها في أفغانستان بما يتفق مع استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجديدة في أفغانستان والتي تدعو إلى حسم عسكري وكسر شوكة طالبان وأتباعهم في الهندكوش. وخشيت أجهزة الأمن الألمانية أن يكون الإسلاميون وضعوا خطة لتنفيذ تفجيرات في ألمانيا لهدف التأثير على نتائج الانتخابات التشريعية العامة، مثلما فعلوا في أسبانيا عام 2004. وتم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة قبل وخلال وبعد الانتخابات ورغم أنه لم يحصل ما كان يخشاه القائمون على الأمن إلا أن مخاوفهم كانت لها أسبابها. قبل الانتخابات بوقت قصير زاد عدد أشرطة الفيديو التي ظهر فيها إسلاميون بعضهم من الشباب الذي نشأ وترعرع في ألمانيا، هددوا بتنفيذ هجمات إلى جانب أن البوليس السري الألماني راح يراقب سفر أشخاص يحسبون على المتطرفين. فقد اختفى فجأة سبعة من مجموعة من ثمانية أشخاص من مدينة هامبورغ ظهر بعضهم في وقت لاحق في معسكرات تدريب تابعة لتنظيم (القاعدة) داخل أراضي باكستان. نفذ تركي كان يعيش في مقاطعة بافاريا عملية انتحارية في أفغانستان ثم ظهر شاب أطلق على نفسه اسم (أبو عسكر) في شريط فيديو وتحدث باللغة الألمانية وهدد ألمانيا باعتداءات إذا لم تسحب جنودها من أفغانستان. وتحدثت صحف مدينة هامبورغ عن عودة اثنين من أفراد المجموعة وهما ألمانيان من أصل روسي دون معرفة أسباب العودة ومنذ ذلك الوقت يخضعان لمراقبة دقيقة من البوليس السري في المدينة. وقال متحدث باسم البوليس السري في مدينة هامبورغ إن هذا السلوك يكشف أن نشاطات الأصوليين أصبحت دولية وأضاف: إن ما كان غير معقول قبل سنوات أصبح اليوم معقولا وهو انتماء عدد من الأشخاص من جنسيات مختلفة في خلية واحدة. غالبية أفراد مجموعة السفر إما نشؤوا أو ولدوا في ألمانيا وبعضهم يعتاشون على المساعدات الاجتماعية والبعض الآخر لهم أصحاب سوابق. مثل السابق يركز البوليس السري الألماني مراقبته لنشاطات المتطرفين الإسلاميين في مدينة هامبورغ على مسجد(الطيبة) الذي اكتسب بعد هجمات 11/ 9 سمعة أنه معقل الإسلاميين المتطرفين في المدينة. ويبدو أن استراتيجية البوليس السري في مدينة هامبورغ هدفها واضح وهو الحيلولة دون انطلاق اعتداء جديد من المدينة بعد هجمات 11/ 9. ليس لدى البوليس السري المحلي أدلة أن تطرفهم يعود إلى احتكاكهم بإسلاميين في مسجد (الطيبة) وإنما يكونون قد تأثروا بأشرطة الفيديو التي يمكن مشاهدتها في الشبكة العنكبوتية ويشعرون أن طالبان و(القاعدة) بحاجة إليهم. ودلت التجارب على أنه سواسية بالنسبة للذين تطلق الصحف الألمانية عليهم لقب(الجهاديين) أن يتلقوا التدريب في باكستان أو أفغانستان أو أوزبكستان، إذ أن أهم عقبة هي السفر دون لفت انتباه سلطات الأمن الألمانية إلى واحد من هذه البلدان. في الغالب يجري السفر عبر بلد ثالث. والجدير بالذكر أن عدد المسلمين في مدينة هامبورغ يبلغ 130 ألف نسمة غالبيتهم كما يؤكد البوليس السري الألماني يرفضون العنف والتطرف بينهم 45 من المتطرفين الذين يقول البوليس السري بأنهم يوصفون بالخطرين إضافة إلى 70 غيرهم يخضعون لمراقبة البوليس السري وينحدرون كما قال البوليس السري من تونس والمغرب والعراق ويوغسلافيا السابقة وتركيا. ويعيش في هامبورغ أكبر عدد من الجالية الأفغانية يقدرون بثمانية عشر ألف أفغاني وعلى الرغم من وجود الجيش الألماني في بلدهم إلا أن عدد المتطرفين بينهم قليل جدا. في ندوة نظمها مؤخرا البوليس السري بمدينة هامبورغ لغرض إطلاع الرأي العام على مخاطر التجسس الاقتصادي والإرهاب ولهدف التوصل إلى الوقاية من هذه المخاطر ذكر كريستوف ألهاوس وزير الداخلية بولاية هامبورغ أن المتطرفين الإسلاميين يعرفون أننا نراقب نشاطاتهم. منذ عام 2003 قامت دائرة الهجرة في الولاية بإبعاد18 شخصا من الذين يوصفون بالعنيفين. في نفس الوقت يجري مراقبة أسفارهم وتنقلاتهم خارج البلاد قدر الإمكان مغبة أن يسافروا إلى معسكرات تدريب في باكستان أو أفغانستان والتحضير لعمليات انتحارية ضد الجيش الألماني في أفغانستان. دارت مناقشات الندوة حول مجيء الإسلام إلى هامبورغ حيث الجيل الأول من المسلمين أتوا إلى هذه المدينة (الولاية) في عقد الخمسينيات وكانوا طلبة اكتفوا بتخصيص غرفة في الجامعة للصلاة. في وقت لاحق تم إنشاء مسجد في وسط المدينة تبعه آخر في شارع(بروكمان) ونشأت مساجد أخرى وفي عام 1999 انضمت الاتحادات الإسلامية تحت مظلة مجلس الشورى وبدا المسلمون يتجنسون. لكن بعد هجمات 11/ 9 أصبح المسلمون بمدينة هامبورغ يشعرون أن الحديث عن الإسلام ينحصر في الحديث عن الإرهاب وما يعرف بجرائم الشرف أو العنف عند الشباب. وقال نوربرت مولر أحد الخبراء في الندوة إن الشبكة العنكبوتية أهم منبر للتعرف على الإسلام. تحاول ولاية هامبورغ حل المشكلة على طريقتها باتباع الحوار مع الأصوليين ولهذا تخطط لعقد اتفاقية مع الجالية الإسلامية لغرض ربط كل الأطراف الإسلامية في الحوار منهم التنظيم التركي(ميليت غوروش) الذي يخضع لمراقبة البوليس السري في كل مناطق ألمانيا. ولفت بيتر نويمان من(كينجز كوليج) في لندن النظر في هذه الندوة إلى أن تطرف الشباب مؤداه السياسة الخارجية التي تتبعها دول الغرب ضد دول إسلامية. وأشار إلى ضرورة تنبيه المسلمين في الدول الغربية إلى حقيقة أن الإرهاب يسيء لأوضاعهم وحقيقة أنه سقط عدد أكبر من المسلمين في التفجيرات الإرهابية وبشكل يزيد على الضحايا من أمريكيين وأوروبيين. تعمل ولاية هامبورغ منذ عام 2008 بمبدأ: فهم، الترابط، الوقاية. هذا جزء من استراتيجية الولاية الألمانية في التعامل مع مسلميها بعد أن أخذتها كشريك خاصة وأن أبناء المهاجرين يشكلون نسبة عالية من سكان المدينة. كما تعمل بعرض مساعدتها على الأشخاص الراغبين في الاعتدال ونبذ العنف بتأمين السكن لهم وفرص التدريب المهني والعمل ومواصلة الحوار معهم كي لا يعودوا إلى حياتهم السابقة ويشكلوا خطرا على أمن الولاية. الراية القطرية