باجة: تسجيل 7 حرائق بين 1 و27 ماي الجاري والحماية المدنية تنطلق فى تنفيذ خطة لحماية صابة الحبوب    انطلاق تداول القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني 2024 ببورصة تونس اليوم الأربعاء    تقرير: 26 يومًا إضافية من الحر خلال 12 شهرًا مضت    قنابل يدوية على سطح منزل..ماالقصة ؟    قضية فقدان 4 مجتازين تونسيين بسواحل صفاقس: القبض على منظم العملية    عاجل/ تونس تعلن عن موعد أول أيام عيد الاضحى..    إختيار نجم ريال مدريد أفضل لاعب في الليغا هذا الموسم    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    مدرب جيرونا يحصد جائزة أفضل مدرب في الليغا    مدينة العلوم بتونس تُعلن عن موعد عيد الإضحى حسابيّا    اللقاحات والصحة الرقمية محور جلسة عمل بين وزير الصحة بممثلي منظمة الصحة العالمية    الملحق التأهيلي لأولمبياد باريس 2024: إسلام الفرشيشي تنهزم امام الاوكرانية "كوفالشوك"    الصناعة الذكية رهان جديد لتنمية الصّادرات    تونس وسويسرا في تعاون في مجال حماية المناخ.. التفاصيل    تفاصيل غرق طفلين بقنال بحيرة تونس    مؤلف المسلسل الرمضاني ''الحشاشين'' يحصد جائزة الدولة للتفوق    جيش الإحتلال يعلن مقتل 3 عسكريين خلال معارك في قطاع غزة    40 بالمئة نسبة حجوزات الجزائريين في تونس خلال صائفة 2024    يوميّا: 20 مهندسا تونسيّا يُغادر الوطن    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 29 ماي    تونس وسويسرا تطلقان التعاون في مجال حماية المناخ وآفاق واعدة للشراكة الجديدة في المجال    البطولة الاسبانية: إشبيلية يعلن رحيل لاعبه إيريك لاميلا بنهاية الموسم الجاري    الحماية المدنية: تسجيل 6 وفيات و411 إصابة في حوادث مختلفة    لأول مرة في العالم: شفاء مريض سكري باستخدام العلاج بالخلايا    اتصالات تونس تختار المشغل الايطالي "سباركل" من اجل طريق جديدة للعبور الدولي لبروتوكول الانترنات IP نحو اوروبا    عاجل : صدمة بعالم كرة القدم    الفيفا تصدر بيانا فيما يخص قضية يوسف البلايلي ..التفاصيل    تونس: كراء سيارة يصل الى 150 دينارا لليوم الواحد    الحماية المدنية: 6 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    بداية من 1 جوان: تنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع بتونس    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    تفكيك شبكة مختصة في التنقيب على الأثار مالقصة ؟    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    عاجل/ إخلاء مستشفى القدس الميداني في رفح بسبب تهديدات الاحتلال..    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    وزارة الصحة تنظم يوما مفتوحا بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيف الإسلام القذافي يكسب جولة على الحرس القديم في ليبيا فهل سيتمكن من حسم الصراع
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 03 - 2010

تونس رشيد خشانة:عزز سيف الإسلام نجل العقيد معمر القذافي مواقعه بخطوة إطلاق أكثر من مئتي كادر من المعارضة الإسلامية المسلحة. وأعادته هذه الخطوة التي أتت ثمرة لحوارات طويلة مع المتشددين الإسلاميين إلى صدارة الملعب السياسي ورممت الصورة الشاحبة التي بدا عليها في الأشهر الأخيرة، في ظل سطوع نجم الحرس القديم.ومن الواضح أن
هناك فئة متضررة من احتمال إطلاق قطار الإصلاحات في البلد مع تولي سيف الإسلام رئاسة الدولة بصفة غير رسمية، فعودة ليبيا إلى الإندماج في المجتمع الدولي والإقبال الكثيف للمجموعات الإقتصادية العالمية على الإستثمار فيها، ساعدا على إيجاد مناخ انفتاحي مناسب للمشروع الإصلاحي. وبعد المحاولات التي بذلها المحافظون لتعطيل هذا المسار، الذي يُهدد مصالحهم ويُقوض احتكارهم للدواليب السياسية والإقتصادية وسيطرتهم على مربع القرار حول العقيد القذافي، سعى سيف الإسلام لتحييدهم واستمالة رموزهم البارزة مثل وزير الخارجية الحالي موسى كوسة (كان يُدير جهاز المخابرات) ومدير المخابرات السابق عبد الله السنوسي.
وفيما يرى محللون أن الحرس القديم يمثل استمرار الثقل الكبير للحكم الفردي وحصن الدفاع عن البنية القبلية-العسكرية للنظام، ينفي آخرون وجود حرس قديم وآخر جديد، مُعتبرين أن العقيد القذافي هو الماسك الوحيد بخيوط اللعبة والتي يجيد تداولها للمناورة وامتصاص الضغوط الداخلية والخارجية. ويخشى الزعيم القذافي من أن يُعطي توسيع رقعة الإصلاحات فرصة للقوى الخارجية لتعزيز نفوذها في الداخل، إضافة لتأثيراتها الحتمية في تعزيز موقع القوى المعارضة للنظام.
واتصلت هاتفيا بالدكتور يوسف صواني الأمين العام لمؤسسة القذافي التي يرأسها سيف الإسلام لمعرفة اسباب تعثر المشروع الإصلاحي، غير أنه تخلص بلباقة من الإحراجات التي ربما يُسببها له الكشف عن الضغوط التي تتعرض لها مبادرات المؤسسة من رموز "الحرس القديم". والثابت أيا كانت الخلفية، أن مصير الإصلاح في ليبيا يبقى غامضا فسيف الاسلام لم يتقلد بعد مهامه الجديدة رسميا، لا بل إن مسألة نقل السلطة لم تطرح أصلا للنقاش خلال مداولات "مؤتمر الشعب العام" (البرلمان).
وبالرغم من أن اجتماع أركان "القيادة الشعبية الإجتماعية" (وهي هيئة استشارية لزعماء القبائل) في 11 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي بدا تكريسا لتسمية سيف الإسلام منسقا لها، واعتُبر خطوة حاسمة نحو اللحظة التي طالما انتظرها الليبيون منذ 1969، فإن هيبة الزعيم الإصلاحي اهتزت عندما أوقفت الحكومة صحيفتي "أويا" و"قورينا" بدعوى أنهما لم تستطيعا الوفاء بالتزاماتهما المادية الخاصة بالطباعة تجاه الشركة الناشرة لعدة أشهر. وسيطرت الحكومة أيضا على القناة الفضائية "الليبية" التابعة لمؤسسة "الغد" في العام الماضي وباشرت أخيرا نقلها من لندن إلى القاهرة.
وكان سيف الاسلام أمضى سنوات وهو يصور نفسه على أنه المصلح الذي لديه النفوذ اللازم للتصدي للمسؤولين الحكوميين الفاسدين وجعل الحكومة أكثر شفافية وتعزيز القضاء حتى يمكنه الوقوف في وجه الشخصيات ذات النفوذ. وساعد ارتفاع دخل البلد من عائدات النفط والغاز على تمويل الدعم الحكومي السخي وضمان استمرار صرف الرواتب في القطاع العام المتضخم، للسيطرة على إغواء المعارضة الذي تعززه مشاعر الإحباط مع تزايد الإنفتاح على الخارج.
تعثر الإصلاح الإقتصادي
وتُعلق البلدان الغربية التي تتطلع لتوسيع استثماراتها في ليبيا آمالا كبيرة على احتمال صعود طاقم إصلاحي برئاسة سيف الإسلام إلى سدة الحكم، وهي تمنح أهمية كبيرة للإنفتاح الإقتصادي الذي لا يقل وزنا في رأيها عن الإصلاحات السياسية. وهذا ما أكدته مواقف المنسق الجديد ل"القيادة الشعبية الإجتماعية" إذ أنه قال في تقرير صادر اخيراً عن "مجموعة أعمال اكسفورد" إن ليبيا "ستلحق بالأسواق العالمية كدولة موثوق فيها ويمكن الإعتماد عليها ولكن ضمن برنامج يعتمد على (منهج) الخطوة خطوة". لكنه نبه إلى الطريق الوعرة التي ينبغي على الإصلاحيين أن يسلكوها معتبرا أن "تغيير ليبيا من دولة مغلقة ومعتمدة على نفسها وتحولها إلى لاعب عالمي في عالم الأعمال قد لا يحدث في يوم واحد".
وهو ربما يغمز من قناة البيروقراطية الادارية التي تفشى فيها الفساد وانتشر في جسم القطاع العام. وأكد سيف الاسلام في التقرير "أن الطريق نحو التقدم والنمو الاقتصادي يمر باستعادة ليبيا علاقاتها السياسية مع دول العالم"، مُنبها "الى ضرورة اصلاح التشريعات والقوانين في ليبيا باعتبار أن القواعد والأسس التي بنيت عليها لا تتماشى مع متطلبات بيئة الأعمال العالمية". وأشار في شكل صريح إلى أنه قرر تركيز جهوده على هذا الموضوع لإيمانه "بأنه بدون الإصلاح الجوهري فإن النمو الذي شهدته الدولة سوف لن يستمر".
ويلاحظ في هذا المجال تطابق بين كلام سيف الاسلام والمصطلحات التي يستخدمها أنصاره الإصلاحيون، فقد حذر في التقرير بشدة من "التزاوج المشبوه بين أجهزة الدولة والقطط السمان" التي تعترض على الاصلاح، مؤكدا أن "ازدهار ليبيا والتنمية الاقتصادية الطويلة الامد ستتحققان بتطبيق الإستراتيجية المختلفة التي تجمع بين الحماية التشريعية والدستورية والتنمية المستدامة والتنمية البيئية والاستثمار الأمني".
منافسة بين الأبناء
لكن الظاهرة اللافتة هي أن الصراع بين الإصلاحيين والحرس القديم يشق أيضا بيت القذافي، أو هكذا هي الصورة التي يُراد إعطاؤها عن هذا المربع الخاص، ففيما سطع نجم سيف الإسلام بوصفه رمزا للإصلاحيين بلا منازع، يظهر الآخرون في معسكر المحافظين، وخاصة المعتصم الذي عينه والده مستشارا لمجلس الأمن القومي، والعقيد الساعدي الذي يتبوأ مركزا عسكريا وماليا رفيعين. وبحسب عاشور الشامس، المعارض الذي يدير موقع "أخبار ليبيا" من لندن، في تعليق له على الظاهرة: "هناك مشكلة هي أولاد العقيد... أو بعض منهم"، معتبرا أن هذه القضية لا تمس العقيد وحده ولكنها تتعلق بشئون الوطن والدولة والمجتمع وترتبط بأصول الحكم وأخلاقياته وفنونه. وأشار إلى أن "تصرفات بعض الابناء أصبحت حديث الساعة بين الليبيين وغير الليبيين لسنوات... وصارت على لسان القاصي والداني، والرايح والجاي، وهي لا تشرف أحدا ولا تبعث أملا في مستقبل".
وقال الشامسي: "لا يغرنك المنافقون المتسلقون الذين يصفون هذه التصرفات والحديث عنها بأنه أخبار مصطنعة وتصرفات مختلقة، ولا الذين يقولون لك إنها دعاية غربية مضادة هدفها تشويه سمعة العقيد وإنجازاته... تديرها دوائر اسرائيلية وغربية. فنحن الذين نعيش في الغرب وخبرنا أساليبه وعرفنا صحافته ولا تخفي عنا خزعبلاته، لكننا نعرف جيدا حدوده وما إذا كان صادقا أم كاذبا في نقل الأخبار والقصص". وشدد على أن "البلد الذي يختلط فيه العمل الخاص بالعمل العام وما أكثرها في عالمنا العربي - وميزانية أبناء وأقارب الأسر الحاكمة بميزانيات الدولة ومؤسسات الحكومة هي الآن ضحية هذا الوضع ورهينة في أيدي أناس لا تحكمهم ضوابط ولا قوانين".
من هذه الزاوية لا مناص من طرح السؤال عن الموقف الحقيقي للعقيد معمر القذافي في هذه اللحظة الإنتقالية، فأيا كانت التطمينات عن صحته الجيدة، لا يمكنه الإستمرار في إدارة الدولة وضبط الأجهزة بالطريقة السابقة بعد المحن التي مر بها والهزات التي عرفها نظامه. وهذا ما ترك فجوات لبروز أجنحة متصارعة تعد العدة وتعقد التحالفات لضمان تسلم الحكم من بعده أو في ظله. ومن الواضح أنه أعطى إشارة قوية على أنه حسم خياره في اتجاه التوريث، لكن من دون السماح بتفوق جناح على آخر أو تغليب شق على شق. فهل يعني هذا الحذر أنه سيبقى متفرجا على صراع الأجنحة، أو ربما مُغذيا لها من تحت الطاولة كي يظل مرجعية النظام، أم سيحسم الأمر في اتجاه نجله الذي منحه سلطة رئاسة الدولة؟ وما هو دور قوى المعارضة التي يبدو أن إنهاء العقوبات الدولية على ليبيا وتطبيع علاقاتها مع العواصم الغربية الرئيسية أفقداها الدعم الإعلامي والسياسي، ولم يتركا لها من قناة سوى المراهنة على تقدم مشروع سيف الإسلام الإصلاحي؟ من المجازفة وضع أجوبة فورية على هذه الأسئلة مادام قطار الإصلاحيين يُراوح مكانه، لكن العنصر الثابت هو أن الثورة الرقمية لعبت دورا واضحا في منحها أوراقا لم تكن تحلم بامتلاكها في الماضي للوصول إلى الرأي العام واستطرادا التدخل في الصراع الدائر، وإن من موقع الإسناد وليس الفعل والمشاركة في القرار. وبهذا المعنى يبقى مآل التوريث غير محسوم حسما نهائيا حتى الآن، في انتظار ما سيُخرجه العقيد معمر القذافي من جعبته في المرحلة المقبلة.
القدس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.