الخارجية المصرية.. لا يمكن أن تستمر الانتهاكات الإسرائيلية دون محاسبة    لشبهة تبييض الأموال في جمعية «منامتي» ...الاحتفاظ بسعدية مصباح    النوّاب حول ملف تدفق «المهاجرين الأفارقة»...تهديد للأمن القومي والحلول تشاركية    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    يوميات المقاومة.. خاضت اشتباكات ضارية وأكّدت جاهزيتها لكل المفاجآت .. المقاومة تضرب في رفح    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    قبل النهائي الإفريقي .. حرب مفتوحة بسبب التحكيم    فظيع في القيروان .. يستعين به صاحبه لجمع القوارير البلاستيكية ..مجهولون يحرقون حصانا مقيدا وعربته المجرورة    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    موفى أفريل: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8% بالمائة    عاجل/ طلب عروض لإيواء مهاجرين بنزل: بطاقة ايداع ضد رئيس جمعية ونائبه    اتحاد الفلاحة بمدنين.. الأضاحي تفي بحاجيات الجهة ويمكن تزويد جهات أخرى    بنزرت: تنفيذ قرارات هدم بهذه الشواطئ    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    Titre    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    لأول مرة في تونس.. البنك الفلاحي يفتح خط تمويل لمربي الماشية    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    تالة: ايقاف شخص يُساعد ''المهاجرين الافارقة'' على دخول تونس بمقابل مادّي    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    دوري أبطال أوروبا : ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب الدور نصف النهائي    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    وزير السياحة : قطاع الصناعات التقليدية مكن من خلق 1378 موطن شغل سنة 2023    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ عبد الحميد الحمدي رئيس المجلس الإسلامي الدنماركي
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 03 - 2010

قطر ستكون سباقة لبناء أول مسجد ومركز ثقافي بالدنمارك
الدوحة – محمد لشيب
وجه فضيلة الشيخ عبد الحميد الحمدي رئيس المجلس الإسلامي الدنماركي نداء للشعب القطري؛ للمساهمة في إخراج مشروع المسجد الجامع والمركز الإسلامي الكبير بالعاصمة الدنماركية «كوبنهاجن» إلى حيز الوجود، وأكد في حوار مع «العرب» أنه على يقين بأن تحقيق أمل مسلمي الدنمارك سيكون على يد أبناء هذا البلد الطيب المعطاء، مضيفا أن دعم دولة قطر لهذا المشروع سيجعل منه صرحا متميزا ومنارة للدعوة والتعريف بالإسلام في أوروبا. وكشف الحمدي على هامش زيارته لدولة قطر لإطلاق حملة تبرعات لمشروع المسجد والمركز الإسلامي بالدنمارك أن التبرعات التي تتلقاها جمعية قطر الخيرية بلغت 3 ملايين ريال قطري، مشيرا إلى أن الجمعية هي المكلفة الآن بجمع التبرعات عبر فروعها المختلفة وحسابها البنكي – حساب المشاريع رقم 001- 161442 قطر الخيرية – بنك الصفا الإسلامي – مسجد الدنمارك. وفيما يلي نص الحوار:
فضيلة الشيخ عبد الحميد الحمدي، نرحب بكم بداية على صفحات "العرب"، ولتكن انطلاقة حوارنا حول واقع المسلمين اليوم في الدنمارك، كيف ترونه بعد أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وبعد أزمة المآذن في سويسرا، وأزمتي الحجاب والنقاب في فرنسا، وتصاعد موجة الإسلام فوبيا في عموم الدول الأوروبية؟
- بسم الله الرحمن الرحيم نحمده تعالى ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أنه الله وحده لا شريك له، وأن نبينا وحبيبنا وقائدنا وإمامنا محمد بن عبد الله، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وبارك وسلم تسليما كثيرا، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ...
في البداية أشكر لجريدة "العرب" هذه الفرصة الطيبة التي أتاحتها لي للتواصل مع الشعب القطري الكريم، سائلا ربي سبحانه وتعالى أن يجازيكم خير الجزاء على ما تقدمونه؛ خدمة للكلمة الطيبة الصادقة ولإخوانكم من أبناء أمتكم في مشارق الأرض ومغاربها أينما وجدوا وأقاموا.
أعتبر أن وضع الإسلام والمسلمين في أوروبا بصفة عامة وضع طيب، وما هذه ردات الفعل هنا وهناك سواء كانت من الدنمارك أو سويسرا أو فرنسا إلا لرفض هذا العملاق القادم لأوروبا للاستيطان، فالإسلام يستوطن أوروبا اليوم بقيمه وبما يحمله من مبادئ التعايش السلمي ومن مواقف إنسانية جيدة، ووضع المسلمين في الدنمارك اليوم أفضل بكثير من السابق.
لقد تابعتم فصول الأزمة التي مر بها المسلمون في الدنمارك سنة 2005؛ بسبب تلك الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت تلك الرسوم مرفوضة رفضا باتا وقاطعا من المسلمين المقيمين في الدنمارك، ومن المجتمع المدني المتحضر الذي يؤمن بقيم التعايش السلمي والعقلاء في أوروبا والغرب، ونحن اليوم نعتبر تلك الأزمة أحداثا مرت وانتهت وأصبحت من الماضي، والتاريخ المهم ما نعيشه اليوم.
وأنا حين أتكلم عن الشعب الدنماركي يفرض علي ديني وقيمي وحضارتي أن أكون منصفا في توصيف هذا المجتمع، علينا أن نعرف بداية أن الدنمارك هي من الدول الإسكندنافية التي تقع في شمال أوروبا، تحدها السويد وألمانيا والنرويج، عدد سكانها 5 ملايين نسمة، منهم 200 ألف مسلمون، وحوالي 50 ألفا منهم في العاصمة كوبنهاجن وما حولها.
أغلب المسلمين توافدوا على الدنمارك في بدابة الستينيات؛ بحثا عن لقمة العيش والعمل، ومع بداية التسعينات واندلاع الحروب والأزمات في عدد من الأقطار الإسلامية، وطغيان الاضطهاد السياسي وخنق حرية التعبير والرأي المخالف، لجأ الكثير من أنباء الأمة العربية والإسلامية إلى الدنمارك، ومنذ التسعينات بدأ المسلمون الجدد التعريف بالإسلام وقيمه وحضارته، وبدأت تتواجد المصليات في الدنمارك، إلا أنه لا تزال الدنمارك -خاصة العاصمة كوبنهاجن- تعاني من عدم وجود مساجد للمسلمين إلى جانب النقص الكبير في العديد من الاحتياجات الفنية وأماكن المحاضرات والندوات؛ حيث إن الكثير منها عبارة عن مصانع أو مساكن أو مستودعات.
ومع كثرة أعداد المسلمين الذين هاجروا إلى هناك، بدؤوا في التحرك للتعريف بأوضاعهم والوقوف إلى جانب إخوانهم في فلسطين والعراق وغيرها، كما ظهرت إلى جانب ذلك بعض التصرفات الطائشة من بعض شباب المسلمين سواء في أميركا أو بريطانيا أو إسبانيا أو غيرها؛ مما أساء للإسلام والمسلمين، وشكل ذلك بالنسبة لنا أمرا مؤرقا، لأنه أعطى المبرر لاستقواء الأحزاب والاتجاهات اليمينية علينا، فبرزت العديد من الأحزاب التي ترفضها أوروبا، لكن التطرف والعنف الذي مارسه البعض ممن يحسبون على الإسلام ساهم في ردات الفعل تلك، وبرر وجود أحزاب يمينية تحذر من "الخطر الإسلامي الأخضر".
كما أن انحدار المسلمين من دول مختلفة وعرقيات عديدة من مختلف مناطق العالم، أدى إلى تجمع عادات وتقاليد مختلفة، بل وحتى الأمراض الاجتماعية المتنوعة.
أما بخصوص وضع المسلمين في الدنمارك قبل أزمة الرسوم وبعدها، فيمكنني أن أقول: كنا قبل الأزمة بلا صيت ولم يكن يعرفنا أحد، وقد كانت الأزمة بالنسبة لنا بمثابة منبه قوي وتحذير مهم للمسلمين للعمل على التعريف بالإسلام والاندماج في المجتمع الدنماركي والاستيطان، وترسيخ لكون الإسلام جزء لا يتجزأ من الكيان والشخصية الأوروبية التي تؤمن بحضارة وقيم الآخر؛ مما يفرض عليها التعايش مع الإسلام.
لقد كانت أزمة الرسوم منبها قويا؛ لتعريفنا بالتقصير الكبير الذي كنا فيه فيما يخص التعريف بقيمنا وحضارتنا وما نحوزه من قيم حضارية، والتصدي لجانب من الإعلام المغرض الذي يصطاد في الماء العكر.
فأزمة الرسوم المسيئة للرسول الأكرم بقدر ما كان يحركها أعداء للدين الإسلامي خلقت متعاطفين مع المسلمين ، الكثير منهم كان يجهل حقيقتنا وشخصيتنا، وهذا فرض علينا التحدي، وبدأنا نتحرك منذ الأزمة وإلى الآن بالحوار واللقاءات والندوات والزيارات ولقاء المسؤولين والإعلاميين ورجال المجتمع المدني، وبدأت -ولله الحمد- الصورة تتغير لدى الدنماركيين، إلى أن جاءت هذه السنة التي أسميها بسنة التعايش في الدنمارك، إذ لأول مرة يكشف استطلاع رأي قامت به إحدى الدوائر القوية في البلد أن 84% من الدنماركيين يرفضون تلك الرسوم المسيئة للإسلام والمسلمين، كما أن الجرائد التي نشرت تلك الرسوم السيئة أعلنت عدم نشرها مرة أخرى في رسالة ثانية للمسلمين، أما الرسالة الإيجابية الثالثة فهي تأكيد الاستطلاع على أن حوالي 80% من الشعب الدنماركي يقف إلى جانب الحق في بناء مساجد للمسلمين، ثم الرسالة الرابعة والمفاجئة وهي أن أكبر جريدة دنماركية سبق لها نشر تلك الرسوم المسيئة قدمت اعتذارا للمسلمين...، وهذه من البشائر الممتازة التي تحتاج منا كمسلمين إلى القيام بردود فعل إيجابية، ومن ذلك السعي للاندماج في المجتمع مع الحفاظ على قيمنا وهويتنا واحترام القوانين المعمول بها، كما أننا مطالبون بإظهار القيم التي نعتز بها ونبتعد عن الاستفزاز وكل ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقات الاجتماعية الطيبة، ومطلوب منا كذلك أن نكون إيجابيين ونخرج من حالة الانعزال والابتعاد؛ للمساهمة في بناء هذا المجتمع والسهر على أمنه وازدهار اقتصاده، وأن نكون جميعا مواطنين إيجابيين صالحين، ومطلوب من إخواننا المسلمين عبر العالم الكف عن المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الدنماركية؛ مساهمة منهم في إرسال إشارة إيجابية؛ لدعم هذا التوجه في المجتمع الدنماركي.
¶ حملتم فضيلة الشيخ المسؤولية للإعلام المتحيز في أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم، لكن ألا ترون معي أن عمق المسؤولية نتحملها نحن المسلمين بدليل أننا في خضم الأزمة اهتز العالم الإسلامي بأكمله وهاج وماج وخرجت المظاهرات والمسيرات، وعلت أصوات التنديد والاستنكار، لكننا نقف اليوم وعلى امتداد 6 سنوات عاجزين عن تمويل بناء مسجد واحد في هذه البلاد؟
المفارقة الثانية أننا كمسلمين نمتلك كل هذا الرصيد من الإرث الحضاري والثقافي والعلمي علينا أن نبقى نائمين في انتظار من يصفعنا على شاكلة صفعة الرسوم الكاريكاتورية لننتبه لدورنا وواجبنا في التعريف بالإسلام ودعوة الناس إليه، لماذا لم نقم بهذا الدور الواجب من قبل من تلقاء أنفسنا بدون أن تحكمنا ردات الفعل تلك؟
- وهذه واحدة من أبرز مشكلاتنا أننا دائما نتحرك متأخرين، ففعلا كما تفضلت لما كانت أزمة الرسوم المسيئة هبت تلك الجموع الكبيرة تناصر الإسلام وتدافع عن رسوله في الدنمارك، وهذا شيء مطلوب ما دام في سياق الرفض السلمي لتلك الرسوم، لكننا نفاجأ بعدما تسمح لنا الدنمارك ببناء مسجد ومركز حضاري إسلامي بالمنارة والقبة، وأخذنا الترخيص منذ سنة 2006، وإلى حدود اليوم ونحن نجوب العالم الإسلامي ونستغيث طلبا للدعم والتمويل؛ لإخراج المشروع.
فهذا حقيقة فاجأنا مثلما فاجأ الدانماركيين، كيف يقف هؤلاء الملايين من المسلمين عاجزين عن تمويل مسجد ومركز إسلامي، سيكون بلا شك منبرا للدعوة والحوار والدفاع عن المسلمين، ومركزا حضاريا للتواصل مع الدنماركيين وغيرهم والذود عن الإسلام، وسيشكل جسرا بين المسلمين وغيرهم.
حقيقة هذا مما أحسسنا فيه بألم، لكنني مستبشر خيرا بهذه الزيارة الكريمة لدولة قطر، خاصة لما استضافتني إذاعة القرآن الكريم وسمعت تلك الهبة من أبناء قطر الخيرين، هذا الوطن المعطاء لدرجة أن أحدهم اتصل بالبرنامج ليقول: أنا لا أملك إلا 10 آلاف ريال وسأتبرع بها للمشروع، هذه الحركية والخيرية والموقف أثلج صدورنا، ورأيت المذيع تتساقط دموعه؛ بسبب مثل هذه المواقف، فالأمة فيها خير كبير، وأنا مستبشر خيرا بأن هذا المشروع سيتم تمويله من شعب وأبناء قطر ومن قيادة قطر الحكيمة والرائدة التي عرفت بمواقفها العربية والإسلامية الرائدة، حيث كلما ذكرت قطر إلا وتشكر لمواقفها الرائدة والمبدئية والإنسانية ووقوفها مع الضعيف ضد القوي، وأنا على يقين أنها ستكون مبادرة لتبني هذا المشروع الفريد من نوعه في الدنمارك، خاصة أن لقطر أياديها البيضاء على العديد من الدول في كافة القارات ويصل خيرها للجميع، وإن شاء الله سيصلنا هذا الخير من هذا البلد الطيب الشجاع، وعندما ستكون قطر وراء هذا المسجد والمركز الإسلامي فسيزيد ذلك إشعاعا ورقيا.
واسمحوا لي أن أكرر وألح على أننا بصدد فرصة تاريخية لإخراج هذا المشروع الكبير إلى أرض الواقع، حتى لا تضيع الفرصة من بين أيدينا، ونصبح فريسة الإعلام الغربي الحاقد الذي بدأ يتكلم عن تأخر المسلمين في بناء المسجد، كما أن إنجاز هذا المشروع سيمكن المسلمين من مسجد ومركز يليق بمكانة وقيمة هذه الديانة العظيمة التي تعد الديانة الثانية في الدنمارك، فلعل زيارتنا لقطر تشكل بداية تحقيق هذا المشروع الذي وصفه الدكتور عبد الله الحمادي لما زار موقعه بأنه مشروع الأمة الذي يجب أن تتكاتف جهود الجميع لتحقيقه.
¶ فضيلة الشيخ أنتم الآن في زيارة لقطر لحشد الدعم والترويج لهذا المشروع من خلال حملة جمع تبرعات تبنتها جمعية قطر الخيرية، هل لكم أن تطلعونا على تفاصيل المشروع؟ وأين وصلت حملة التبرعات حتى الساعة؟
- تعد كوبنهاجن من العواصم الأوروبية القليلة التي لا يوجد فيها مسجد يمثل فن العمارة الإسلامية، ويجتذب المارين من حوله للتعرف على الحضارة الإسلامية عن كثب؛ لذلك أخذ المركز الإسلامي الدنماركي هذا الأمر على عاتقه، وبدأ في السعي؛ لتحقيق هذا الحلم الكبير للمسلمين في الدنمارك، ليكون منارة إشعاع حضاري إسلامي وجسرا حقيقيا؛ للتواصل بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع الدنماركي. واستطاع بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية العاملة في الساحة الدنماركية أن يحصل على موافقة بلدية العاصمة كوبنهاجن على بناء مسجد بقبة ومنارة.
في البداية عرضت علينا أراض لشرائها منذ سنة 2006، وضيعنا الفرصة بسبب عجزنا عن تأمين المبالغ المطلوبة، وبفضله سبحانه وتعالى عرض علينا هذه السنة مبنيان كبيران متلاصقان مع بعض في قلب العاصمة الدنماركية بنيا سنة 2008 ولم يسكنا بعد، كما أنهما قريبان جدا من أكبر تجمعين للمسلمين في العاصمة، حيث لا يفصلهما سوى شارع صغير.
المبنى الأول سيخصص للمسجد وهو تقريبا شبه جاهز لا تنقصه سوى المنارة والقبة، ويتكون من طابقين مساحة كل منهما 1016 متر مربع، سيشكل الطابق العلوي منهما المسجد ويتسع لحوالي 2000 مصل، على أن تقام فيه الجمع والجماعات بالإضافة إلى الأنشطة الدعوية المختلفة.
أما الطابق الأرضي فسيضم مكتبة كبيرة ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال، كما يوجد تحت المبنى قبو معد كموقف لوقوف السيارات ويتسع لحوالي 50 سيارة، إلى جانب إمكانية تخصيص مواقف لنفس العدد من السيارات في جنبات المبنى.
أما المبنى الملاصق له فسيخصص لتنفيذ مشروع المركز الثقافي الإسلامي ويتكون من مدرسة نظامية لتعليم أبناء المسلمين وصالة رياضية وقاعة للمحضرات وقاعة للاجتماعات ومقار للإدارة واللجان العاملة، والسوق الإسلامي والمطعم الإسلامي وغيرها من المرافق المهمة والضرورية للمسلمين.
إننا نريد من هذا المشروع الطموح أن يكون مركزا إسلاميا حضاريا يضم مسجدا تقام فيه الصلوات، ومدرسة إسلامية تدرس اللغة العربية والدين الإسلامي إضافة إلى المناهج التعليمية الدنماركية، وأن يكون مخصصا للدنماركيين الذين أسلموا والذين بلغ عددهم منذ أزمة الرسوم المسيئة للإسلام إلى الآن 2800 دنماركي مسلم، كما نريده مركزا للتواصل مع كل شرائح المجتمع الدنماركي من سياسيين وإعلاميين وأكاديمين ومجتمع مدني من خلال مقر يليق بنا وبديننا وحضارتنا، وليس كما كنا من قبل أن نبلغ كلمتنا ورأينا من تحت الأقبية، فالمركز سيشكل بإذن الله تعالى انطلاقة جيدة للتعريف بالإسلام ونبذ حالة العزلة التي كنا نعيشها، ونخرج من اللامبالاة التي نعانيها.
كما أسلفت منذ الحملة إلى اليوم تحركنا بشكل جيد، وجاءت النتائج إيجابية، وساهمت في تغيير الذهنية والعقلية الدنماركية التي كانت تحمل صورة سيئة عن الإسلام، لدرجة أن بعض الدراسات تقول إن نسبة الدنماركيين الذين يعرفون الإسلام أو يقرءون عنه أو يهتمون به كانت لا تزيد عن 10%، لكنها اليوم وصلت إلى ما يزيد عن 90% من الراغبين في التعرف على الإسلام، وهذه من مبشرات الخير التي قلبت المحنة إلى منحة، وهذا من فضل الله سبحانه تعالى علينا، ونحن نريد لهذه الثمار الإيجابية أن تؤتي أكلها، وأن لا تذهب هدرا.
يكلف المشروع في إجماله بجزأيه المسجد والمركز الثقافي ما يقدر ب 13 مليون يورو، عشرة ملايين منها لشراء العقارين، وثلاث ملايين لإجراء التعديلات عليهما؛ ليصبحا جاهزين للاستخدام، وقد تكفلت جمعية قطر الخيرية مشكورة بتبني حملة التعريف بالمشروع وجمع التبرعات لإنجازه، وأريد من هذا المنبر الإعلامي الكبير أن أوجه التحية والشكر لهذه الجمعية المباركة والقائمين عليها الذين بادروا لتبني الفكرة والترويج لها، وقد وصل حجم التبرعات الآن لدى جمعية قطر الخيرية قرابة 3 ملايين ريال قطري، كما أنني تلقيت وعدا من أحد المحسنين القطريين الطيبين بالتكفل بجزء من المشروع، لعله المسجد، وقد أرسل إلينا من إدارته من يطلع على المشروع وتفاصيله، ولعل في هذا النداء الذي أوجهه من جريدة "العرب" والذي يحمل حرقة على هذا المشروع أن يجد آذانا مصغية من أبناء هذا البلد الطيب المعطاء للمبادرة بالمساهمات الطيبة، فأملنا في الله كبير وفي أبناء قطر أن يدعموا هذا المشروع ويساهموا في إقامته.
¶ تولدت صدمة عند المسلمين بالغرب واحد من خيارين، إما الانحلال والتفسخ والذوبان في قيم الغرب وعاداته، أو التطرف والتشدد والتنطع مع ما يفرزه ذلك من صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، ما دوركم في هذا الصدد؛ للحفاظ على المسلم الوسطي المعتدل المندمج في المجتمع والمحافظ على دينه وهويته وحضارته؟
- المجلس الإسلامي الدنماركي ممثل تيار الوسطية والاعتدال في الدنمارك، تنطلق رسالته من قوله تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وتتحدد رؤيته المستقبلية في الحفاظ على الوجود الإسلامي في الدنمارك وترسيخه وتمكينه من التعريف بالإسلام والدعوة إلى قيمه والإسهام الفاعل في مختلف جوانب الحياة بالمجتمع الدنماركي مع التركيز على ترسيخ الهوية الإسلامية والارتقاء بلغة الخطاب داخلياً وخارجياً.
ويسعى المجلس إلى تحقيق استقرار الوجود الإسلامي أفراداً ومؤسسات ليصبح واقعاً مقبولاً في المجتمع الدنماركي ومؤثراً في جوانب الحياة المختلفة فيه، من خلال التعريف بالإسلام وقيمه وبلورة الثقافة الإسلامية وفقا لمقتضيات العصر وخصوصيات الواقع الدنماركي، ومساعدة المسلمين الدنماركيين على ممارسة شعائرهم الدينية والحفاظ على هويتهم الثقافية ورعاية شؤونهم الاجتماعية والدينية، وتشجيع وإقامة المؤسسات المختلفة من مساجد ومدارس ومعاهد وأندية ثقافية واجتماعية ورياضية ومهنية وغيرها، والارتقاء بالمؤسسات الأعضاء وتنمية خبراتها ودعم التنسيق والتعاون بينها، والاهتمام بأبناء المسلمين وتهيئة الفرص لتعليمهم الدين الإسلامي واللغة العربية ومساعدتهم على التفوق الأكاديمي والمهني وتجنيبهم الانزلاق الاجتماعي، إلى جانب تفعيل دور المسلمين في إطار الوحدة الأوروبية وخدمة الصالح العام والعمل على حضور وتمثيل المسلمين في المؤسسات الدنماركية، ووصول المسلمين إلى مراكز القرار والسعي للاعتراف بالدين الإسلامي في الدنمارك بما يعزز الهوية الدنماركية للمسلمين، وتوسيع الحوار الثقافي والحضاري بين المسلمين وأصحاب الأديان والعقائد والأفكار الأخرى للتفاعل الإيجابي وتوطيد السلام الاجتماعي، والتواصل مع المسلمين في العالم وتعزيز التعاون والصداقة بين الدنمارك والعالم الإسلامي بما يحقق المصالح المشتركة مع مد جسور التعارف والتعاون مع المؤسسات والهيئات الإسلامية الرسمية والشعبية على الصعيد الدنماركي والأوروبي والعالمي في إطار المصالح المشتركة، والمساهمة في الجهود الرامية لحماية الحريات العامة والدفاع عن حقوق الإنسان ونبذ كافة أشكال التمييز العنصري والإرهاب والتطرف والعنف والمساهمة في الجهود الرامية لحماية البيئة.
العرب
– محمد لشيب
2010-03-29


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.