القاهرة :ساد جو من التوتر الشديد، النقابة العامة للأطباء أمس، حيث وقع انقسام بين جموع الأطباء المحتجين، وأعلن الدكتور حمدي السيد، نقيب الأطباء، عدم مشاركته في الوقفة الاحتجاجية للمطالبة بالكادر الخاص وتحسين الأجور،». وذلك خشية وقوع مواجهات مع جماعة «أطباء بلا حقوق كما قاطع عدد من أعضاء مجلس النقابة العامة الوقفة الاحتجاجية، في حين نظمت «جماعة أطباء بلا حقوق» اعتصامًا غاضبًا منذ التاسعة صباحًا، نددت خلاله بتجاهل الحكومة معاناة جموع الأطباء المالية والمعيشية، معلنة أن اعتصامها مستمر حتي الجمعة المقبل، وهو موعد الجمعية العمومية الطارئة. وأرجع نقيب الأطباء عدم مشاركته في تنظيم الوقفة الاحتجاجية إلي عدم التزام جماعة «أطباء بلا حقوق» بقرار النقابة العامة ومجالس النقابات الفرعية، إلي جانب إصرارهم علي تنظيم اعتصام لهم. وقال حمدي السيد: «لا نريد أن نشتبك مع زملائنا وهم يريدون الاعتصام، ونحن لا يمكن أن نقول لهم ممنوع، مستدركًا: «هم كفروا بالنقابة وبولايتها وهي ولاية شرعية». وأضاف السيد: «لا نريد أن نخوض جدلاً معهم وسنوفر لهم مكانًا يعتصمون فيه». وتابع السيد: «لا يليق بنا أن نكون فئة أخري حتي عندما نعبر عن استيائنا نتفاوض وبما يحفظ كرامتنا، ولكن يجب ألا نهتف بما لا يليق، نحن لا نخاف أحدًا وليس علي رأسنا (بطحة)». وأكد السيد أن باب التفاوض مع الدولة لايزال مفتوحًا، قائلاً: «لن نسكت ونستخدم كل ما هو متاح من وسائل قانونية». وكشف السيد عن فكرة قائمة كإحدي وسائل الاحتجاج، تتمثل في تقديم الأطباء استقالات جماعية من وزارة الصحة وهو ما يعني الامتناع عن العمل. وأشار إلي أن الأطباء يديرون معركتهم النقابية مع الدولة بأسلوب محترم وحضاري، وأن الباب لم يغلق في وجههم. وقال: «لن نسكت عن هدفنا النهائي الذي يتمثل في الوصول إلي تشريع يضمن حقوقنا ولا يعتمد علي قرارات وزارية قابلة للإلغاء». وشدد السيد علي ضرورة «وضع كادر خاص يحقق الاستقرار والأمن ودخلا معقولا لجيب الطبيب حتي لا يتسول ويستذل». وأضاف نقيب الأطباء: «إذا كانت كلمة الكادر تزعج الحكومة وتسبب حساسية وهرشا وأرتيكاريا لبعض المسؤولين، فهناك مسميات أخري، ونقترح أن ندلعه شوية ونسميه لائحة أجور للأطباء، ولكن بشرط أن تكون بتشريع لا يخضع للموازنات والمساومات». وأشار السيد إلي عزم النقابة تعديل قانون مزاولة المهنة بحيث يضم الحوافز، وبدل العدوي، وبدل طبيعة عمل، وتنمية مهنية،وتخصصات نادرة. ورفعت جماعة أطباء بلا حقوق لافتات تقول: «الإضراب مشروع لما الدكاترة تموت من الجوع»، داعية الأطباء في كل المستشفيات بجميع المحافظات، إلي الانضمام إلي اعتصامها بدار الحكمة وحتي موعد عقد الجمعية العمومية. ووصفت تدني أجور الأطباء بالمهزلة التي يجب أن توقف، مستنكرة أن يكون راتب الطبيب حديث التخرج بعد سبع سنوات من الدراسة الجامعية 220 جنيهًا، وراتب الطبيب بعد الدراسات العليا و20 سنة من الخبرة 550 جنيهًا. وأشارت إلي أن هذه المهزلة تتضمن عقدًا غير مكتوب بين وزارة الصحة والطبيب، معناه أجر صوري يساوي عملاً صوريا، ومن ثم يصبح لزامًا علي الطبيب أن ينطلق بحثًا عن رزقه في العيادات والمستوصفات الخاصة. وأكدت الجماعة في بيان لها أمس أن هذه «المهزلة» تهدر حق الطبيب في الحياة الكريمة رغم كل ما يمثله من قيم العلم الرفيع والعمل الجاد وتهدر حق المريض في الخدمة الصحية الجيدة، موضحة أنها تحول المريض من حالة يجب التعاطف معها وتخفيف آلامها إلي مصدر لجني الأرباح. ودعت الجماعة علي توحيد الصفوف، رافضة ظروف العمل الطبي بمصر في الوقت الراهن، والذي أكدت أنه يطحن بلا رحمة كلا من الطبيب والمريض. في السياق ذاته، لم يقل وضع الأطباء في المحافظات سخونة عن نظيره في القاهرة، حيث شهدت بعض المحافظات مظاهرات حاشدة ووقفات احتجاجية اعتراضًا علي عدم إقرار «الكادر الخاص». ففي المنوفية، حاصرت قوات الأمن مبني النقابة الفرعية للأطباء بشبين الكوم، لمنع قيام أعضائها بوقفة احتجاجية للمطالبة بالكادر الخاص بهم. وكشف عدد من الأطباء أن نقيب الأطباء بالمنوفية الدكتور عزت عبدالخالق، تعاون مع أجهزة الأمن بصفته عضوًا في الحزب الوطني، لتعليق الإضراب والوقفة الاحتجاجية، مؤكدين أن أحد الضباط وجه له الشكر أمام الجميع لتعاونه في فض هذا الإضراب، حيث قام باتصالاته بالأطباء لمنعهم من الحضور إلي النقابة للقيام بالوقفة الاحتجاجية. وظل عبدالخالق جالسًا طيلة الفترة المعلن عنها للاجتماع مع ضباط الشرطة، في حالة ارتباك شديد، ورفض الإدلاء بأي تصريحات حول منع الوقفة الاحتجاجية. وعبر عدد كبير من الأطباء عن استيائهم من نقيب المنوفية لتعاونه مع الشرطة والحكومة ووقوفه ضد مصالح النقابة والأطباء، وعدم التزامه بقرارات الجمعية العمومية للأطباء. وقال جمال الجندي، أحد أعضاء النقابة، إن النقيب وعد أمام نقيب أطباء مصر الدكتور حمدي السيد، بهذه الوقفة وبالوقوف بجانب الأطباء، وكذلك عبر الدكتور جمال الرفاعي، أمين عام النقابة، عن استغرابه من قرار النقيب ومن تصرفه مع الشرطة لأن الوقفة وقفة سلمية وبمقر النقابة. وفي الغربية، نظم أطباء المستشفي العام بالمحلة وقفة احتجاجية ومظاهرة سلمية احتجاجًا علي عدم تنفيذ الكادر الخاص بالأطباء استمرت لمدة ساعتين، وانضم إليهم أعضاء نقابة الأطباء، ولجنة التنسيق بين الأحزاب والقوي السياسية، وبعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة، كما أنضم إليهم الأهالي وهيئة التمريض بالمستشفي ورفع الأطباء لافتات مكتوبا عليها «كادر الأطباء.. للمريض قبل الطبيب». وفي الإسكندرية، نظم الأطباء وقفة احتجاجية أمام مقر النقابة الفرعية بسموحة، لمدة ساعة في إطار الوقفات الاحتجاجية التي دعت لها النقابة العامة كبديل للإضراب الذي كان مقررًا كخطوة تصاعدية من جانبهم للضغط علي الحكومة لإقرار الكادر الخاص للأطباء. كتب محمد عبدالخالق مساهل - محمود المنشاوي وعادل ضرة ونبيل أبوشال وناصر الشرقاوي 16/3/2008