وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    رئيس أركان جيش الاحتلال يعلن تحمله المسؤولية عن هزيمة الكيان الصهيوني في 7 اكتوبر    يوميات المقاومة.. كبّدت قوات الاحتلال خسائر جديدة .. المقاومة تعيد تنظيم قواتها شمال غزّة    عاجل/حادثة "حجب العلم"..الاحتفاظ بهذا المسؤول..    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أمام دعوات لمقاطعتها ...هل «يضحّي» التونسي بأضحية العيد؟    سوسة حجز 3000 صفيحة من القنب الهندي وحوالي 15 ألف قرص من مخدّر إكستازي    لأول مرة منذ 37 عاما.. الرجال أكثر سعادة بوظائفهم من النساء    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    كرة اليد: الترجي يتفوق على المكارم في المهدية    بلاغ هام لرئاسة الحكومة بخصوص ساعات العمل في الوظيفة العمومية..    وزير الخارجية يُشيد بتوفر فرص حقيقية لإرساء شراكات جديدة مع العراق    العثور على شابين مقتولين بتوزر    باجة: اطلاق مشروع "طريق الرّمان" بتستور لتثمين هذا المنتوج و ترويجه على مدار السنة [صور + فيديو]    الجامعة العامة للإعلام تدين تواصل الايقافات ضد الإعلاميين وضرب حرية الإعلام والتعبير    حفوز: العثور على جثث 3 أطفال داخل خزّان مياه    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    البطولة العربية لالعاب القوى (اقل من 20 سنة): تونس تنهي مشاركتها ب7 ميداليات منها 3 ذهبيات    رسمي.. فوزي البنزرتي مدربا للنادي الإفريقي    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    سليانة: عطب في مضخة بالبئر العميقة "القرية 2 " بكسرى يتسبب في تسجيل إضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب    التهم الموجّهة لبرهان بسيّس ومراد الزغيدي    جربة.. 4 وفيات بسبب شرب "القوارص"    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    المحكمة الابتدائية بسوسة 1 تصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق اكثر من 60 مهاجر غير شرعي من جنسيات افريقيا جنوب الصحراء    رجة أرضية بقوة 3.1 درجة على سلم ريشتر بمنطقة جنوب شرق سيدي علي بن عون    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    مؤشر جديد على تحسن العلاقات.. رئيس الوزراء اليوناني يتوجه إلى أنقرة في زيارة ودّية    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    زهير الذوادي يقرر الاعتزال    ر م ع الصوناد: بعض محطات تحلية مياه دخلت حيز الاستغلال    في الصّميم ... جمهور الإفريقي من عالم آخر والعلمي رفض دخول التاريخ    النساء أكثر عرضة له.. اخصائي نفساني يحذر من التفكير المفرط    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    المالوف التونسي في قلب باريس    الناصر الشكيلي (أو«غيرو» إتحاد قليبية) كوّنتُ أجيالا من اللاّعبين والفريق ضحية سوء التسيير    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    سبيطلة.. الاطاحة بِمُرَوّجَيْ مخدرات    نتائج استطلاع رأي أمريكي صادمة للاحتلال    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    حل المكتب الجامعي للسباحة واقالة المدير العام للوكالة الوطنية لمقاومة المنشطات والمندوب الجهوي للشباب والرياضة ببن عروس    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة فاشلة ضد اللحى والحجاب في الجزائر : خضير بوقايلة
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 04 - 2010

معركة طاحونية جديدة انطلقت بين الحكومة الجزائرية والشعب من خلال الإعلان عن وجوب كشف المرأة شعرها وحلق الرجل لحيته كشرط للحصول على جواز السفر أو بطاقة الهوية الوطنية في صيغتهما البيومترية الحديثة. لم يكد وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني ينتهي من إعلانه المواصفات والشروط الجديدة لطلب الحصول على جواز سفر بيومتري أو بطاقة هوية رقمية حتى انطلقت موجة الاستنكار والتذكير بالانتماء الحضاري للجزائر وبمواد الدستور التي تقر أن الإسلام هو دين الدولة وأساس التشريع فيها ولا تزال الحملة المضادة لقرار إزالة اللحية والحجاب من كل صور الجزائريين في وثائقهم الإدارية البيومترية مستمرة إلى حين.
حكاية اللحية والحجاب في وثائق الهوية الوطنية في الجزائر ليست وليدة قرار دخول الجزائر عهد الجوازات البيومترية بل هي قديمة وطويلة وكما أنها لم تُحسم من قبل فإنها مرشحة للاستمرار سنين طويلة دون حسم، والحكومة تعلم ذلك جيدا لكنها تفضل أن تخرج للشعب في كل مرة لعبة يتلهى بها وينشغل عوضا عن متابعة قضاياه المصيرية والاهتمام بها. وقد حاولت السلطات الجزائرية في أحلك سنوات العنف الدموي التي أعقبت وقف المسار الانتخابي توجيه ضربة قاضية لظاهرتي التحجب والالتحاء من خلال توقيف الملتحين في حواجز أمنية وإجبارهم على حلق لحاهم قبل السماح لهم بواصلة رحلاتهم وكان ذلك الإجراء يندرج في إطار مكافحة الإرهاب رغم أن مكافحي الإرهاب كانوا يعلمون وقتها أن أعداءهم الإرهابيين كانوا يتحركون في المدن حليقي الذقون ومرتدين بذلات ولباسا (علمانيا) لا يثير حولهم أية شكوك.
وبعيدا عن موجة مكافحة الإرهاب لم تكن الجزائر الرسمية في مختلف مراحل حياتها لطيفة ومتعايشة مع اللحية والحجاب أو الخمار، إذ لا تزال لحد الآن كثير من الوظائف ممنوعة على الملتحين والمتحجبات خاصة في سلك الجيش والشرطة، فلا يمكنك أن ترى يوما شرطيا أو عسكريا أو حتى مدنيا عاملا في الأجهزة الأمنية أو الدوائر التابعة لها يجرؤ على إطلاق لحيته ولو لبضعة مليمترات (إلا في حالات خاصة لغرض التمويه) والملاحظة نفسها تنطبق على العنصر النسائي والحجاب. أما أسباب هذا العداء المجهور للحية والحجاب فتبقى غير معلومة ولا مبررة، فاللحية أو الحجاب لم يكونا يوما دليلا على الجهل أو عدم الكفاءة أو العمالة كما أن الرجل الأمرد أو المرأة المتبرجة ليسا معيارا للوفاء أو الاقتدار وإلا لاعتبرنا أجهزة الأمن أو أعوان الدولة في دول الخليج مثلا الأفشل على الإطلاق بحكم العدد الكبير من الملتحين والمتحجبات العاملين فيها، بل حتى هذه الأجهزة في الدول الغربية لا تحمل مثل هذا العداء التلقائي لكل عون اختار أن يطلق لحيته أو موظفة قررت تغطية شعر رأسها بحجاب إسلامي.
إن المعركة ضد اللحية والحجاب مغلوطة من أساسها، فهي تظهر وكأن هناك فواصل أو خنادق بيّنة بين الملتحين والمتحجبات من جهة والحليقين والمتبرجات من جهة ثانية، فريق في صف المسلمين وهو بالتبع من أهل الجنة وفريق كافر مصيره النار بينما الواقع يقول إن ضمن الملتحين والمتحجبات من هم أشد كفرا ونفاقا وفسادا من كثيرين غير ملتحين وغير متحجبات، فاللحية والحجاب ليسا عنوانا صادقا ودليلا حاسما على إيمان العبد وتقواه لربه كما أن حليق اللحية والكاشفة لشعرها ليسا بالضرورة خارج نطاق الإسلام بل حكم ذلك عند الله وحده، وليس صعبا على المرء أن ينظر حواليه فيرى أمثلة كثيرة من هؤلاء وهؤلاء، أمثلة من رجال ونساء بمظاهر (إسلامية) وينشطون ضمن أحزاب أو جمعيات خيرية إسلامية لكنهم في تصرفاتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم هم أبعد ما يكونون من الإسلام.
بعض الذين أبدوا معارضتهم لقرار وزارة الداخلية الجزائرية بخصوص الصور الخالية من اللحية والحجاب ذهبوا إلى حد مطالبة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالتدخل لوقف قرار الداخلية وكأن الأمر يتعلق بدولة تسير بنظام حكم فيه فواصل بين مؤسسة الرئاسة والحكومة والقضاء والتشريع. الأمر محير فعلا، ومن يستمع إلى هؤلاء المطالبين فخامته بالتدخل يكاد يصدق أن رئيس الجمهورية في الجزائر (خضرة فوق عشاء) ولا دخل ولا دور له في ما يتخذ حوله من قرارات وزارية وأنه غائب فعلا عن الساحة ولا عمل له إلا بعض الاستقبالات الرسمية والعائلية وبعض اللقاءات الفصلية بوزرائه حول مائدة مجلس الوزراء، ولعل هؤلاء الداعين لتدخل صاحب الفخامة يتذكرون ما جرى بقانون المحروقات الذي صادق عليه مجلس الوزراء والبرلمان ودافع عنه فخامته بنفسه ثم عاد فتراجع عنه وأمر بتعديله من دون أن يقدم أسبابا لذلك ومن دون أن يبدو أنه رضخ لمطالب ودعوات الأحزاب والنشطاء بضرورة مراجعته في حينه. لكن الذي يتابع ما تتناقله وسائل الإعلام العمومية وعلى رأسها التلفزيون الحكومي الرسمي الوحيد في البلد يكاد يصيبه تيه وخلل في حاسة إدراكه عندما يستمع لمقدمي نشرات الأخبار وكتاب التقارير الخاصة بمناسبة الذكرى السنوية لوصول فخامته إلى العرش وهم يشددون ويؤكدون أن كل شاردة وواردة في الجزائر ما كانت لتكون لولا العناية الكريمة والتوجيهات السامية لصاحب الفخامة. فالرئيس الذي يأمر بحفر بئر مياه صالحة للشرب في بلدية صحراوية نائية ويوجه بزراعة النخيل في هذا الحقل والزيتون في ذلك البستان وبربط تلك البلدية بشبكة المياه الصالحة للشرب وتزويد مائة عائلة في تلك القرية بالغاز الطبيعي وإصلاح الطريق بين بلدية وأخرى وبتوزيع حافلة لنقل التلاميذ لأهالي تلك القرية وبوضع ممهلات أو مطبات في تلك الطريق أو هذه وببناء عشرة محلات تجارية في تلك الحارة ثم توزيعها على الشباب العاطل عن العمل وباستيراد تلك النوعية من البذور وتربية صنف معين من الأسماك في هذا الحوض ونوع آخر في الحوض الذي بجانبه وبمكافحة الجراد في تلك المنطقة والقائمة طويلة ولمن يريد الاطلاع على تفاصيلها ما عليه إلا أن يتابع نشرات الأخبار، خاصة في هذه الأيام المباركة. رئيس مثل هذا يراقب كل شاردة وواردة ولا شيء في البلد يتحرك أو يبادر بأمر قبل أن تصله تعليمات محددة وواضحة من فخامته، رئيس مثل هذا لا يمكن أن لا يكون قرار حلق اللحى ونزع الحجاب من صور الجوازات البيومترية غير ممهور بختم فخامته وموافقته، فلماذا إذن الاستنجاد به لإلغاء أمر أصدره هو وأقره بتوجيهاته وتعليماته السامية؟
قبل أشهر قررت الحكومة الجزائرية متأخرة بوقت طويل أن توفر لقاحات مضادة لأنفلونزا الخنازير لشعبها الكريم، لكن هذا الشعب المشاكس رفض أخذ اللقاح، لا أحد يعلم إن كان فخامته قد فعل أم لا، لكن الحكومة قررت تشجيع الشعب على خوض التجربة من خلال عملية استعراضية بادر إليها وزير الصحة الذي جمع كاميرا التلفزيون الحكومي ومصوري الصحف المحلية ليشهدوا أنه كان أول المستفيدين من اللقاح مع بعض مدراء الصحة والمستشفيات العمومية، لكن ذلك لم ينفع في إقناع الشعب ولا حتى أطباء تلك المستشفيات وممرضيها فكان أن بقيت مئات الآلاف من اللقاحات كاسدة في رفوف الصيدليات وكانت أفشل عملية تقودها الحكومة في عهد فخامته. والآن وفي ظل التردد الحاصل بخصوص مسألة الصور المطهرة من اللحية والحجاب لا بد أن ننتظر من التلفزيون الحكومي أن يتحفنا بلقطات لبعض الوزراء وزعماء أحزاب السلطة الملتحين وهم ليسوا كثرا وهم يقدمون ملفاتهم لطلب جوازات سفر وبطاقات هوية بيومترية، ولنا أن نتخيل وزير الدولة وأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم ووزير الشؤون الدينية ممثلا عن التجمع الوطني الديمقراطي وأبوجرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم وكلهم من التحالف الحكومي الرئاسي وهم يتوجهون إلى حلاق المنطقة الخضراء في الجزائر لحلق لحاهم ثم نراهم وهم يسيرون جنبا إلى جنب مع بناتهم وزوجاتهم من دون حجاب متوجهين إلى استديو التصوير ثم نتابعهم وهم يقدمون ملفاتهم لموظف الجوازات وبعد شهر أو شهرين نتفرج عليهم وهم يستلمون جوازاتهم الجديدة، وبعد ذلك علينا أن نرى كيف سيكون تجاوب الشعب الجزائري مع قرار وزير الداخلية.
وزير الداخلية برر اللجوء إلى هذا القرار بشروط وضعتها المنظمة الدولية للطيران المدني، وكأن الدول التي اعتمدت نظام الجواز البيومتري من زمان ولم تلزم مواطنيها بحلق لحاهم ولا النساء بخلع الحجاب تتعامل مع منظمة أخرى أو تعيش في عالم آخر. ومهما كانت حجج وزير الداخلية صحيحة، أليس الأولى بحكومة تدعي أنها تمثل شعبها وأنها وصلت إلى الحكم عن طريق انتخابات نزيهة وديمقراطية أن تدافع عن خيارات شعبها وانتمائه، فبدل أن تفرض على الشعب شروط منظمة الطيران المدني لماذا لا تجبر هذه المنظمة على القبول بخيارات شعبها؟
كاتب وصحافي جزائري
القدس العربي
4/7/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.