كثّف الجيش الجزائري من حجم عملياته العسكرية في أبرز معاقل «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، في محاولة لافتة للضغط على المسلحين الذين يرفضون سياسة السلم والمصالحة الوطنية. وسُجّل خلال سلسلة العمليات التي بدأت قبل أيام مقتل نحو 23 مسلحاً وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة الخطورة، وبين القتلى ثلاثة من أبرز أمراء التنظيم المسلح في بومرداس (50 كلم شرق العاصمة) وتيزي وزو (100 كلم شرق العاصمة). وأفضت العملية العسكرية التي قامت بها قوات الجيش الاثنين في مدينة تقرت بولاية ورقلة (650 كلم جنوبالجزائر) إلى حجز كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمعدات الحربية منها قاذفة صواريخ مضادة للطائرات أو الآليات العسكرية. وتعتبر هذه العملية الأكثر أهمية التي تستهدف ضرب الخلية المكلفة نقل الأسلحة المتطورة إلى «القاعدة». وقالت مصادر محلية ل «الحياة» إن العملية استهدفت خلية تابعة لمنطقة الجنوب ضمن تنظيم «القاعدة» وكانت هذه الكميات الهائلة من الأسلحة موجهة إلى قيادة التنظيم في شمال الجزائر وتم جلبها من مالي. وبالتزامن مع هذه العملية التي شاركت فيها قوات الأمن والجيش، لا تزال الوحدات الخاصة للجيش تحاصر أحد أبرز معاقل التنظيم المسلح في مرتفعات يعكوران بولاية تيزي وزو. ويوجد معقل هذا التنظيم في المنطقة نفسها التي أقام فيها قائد الثورة الجزائرية العقيد عميروش خلال الثورة التحريرية. وقالت مراجع محلية إن العملية التي يشارك فيها ما يزيد على خمسة آلاف عسكري انطلقت أيضاً من جهة ولاية بجاية (300 كلم شرق العاصمة) لمحاصرة المسلحين الذين يعتقد أن بينهم أمير التنظيم «أبو مصعب عبدالودود». وقد تمكنت الوحدات الخاصة للجيش من تدمير عشرات المخابئ للمسلحين. وقال مصدر على صلة بالعملية: «يتواصل الحصار على المسلحين وهناك خسائر في صفوف الجيش بسبب الألغام، لكن العملية ستستمر حتى تدمير مخابئهم». وتابع: «تستهدف العملية معقلاً مركزياً للتنظيم المسلح، لذلك فإنها قد تستمر أسابيع وربما شهوراً». وفي شرق البلاد، أطلقت وحدات الجيش عملية ضخمة في مرتفعات جبال أم الكماكم والماء الأبيض بولاية تبسة (650 كلم شرق الجزائر). وقالت مراجع محلية إن العملية التي أفضت إلى القضاء على بعض رموز التنظيم المسلح في المنطقة ستتواصل لتدمير المخابئ الموجودة في المنطقة. ورجحت مراجع «الحياة» أن تستمر العملية أيضاً شهوراً عدة باعتبار أن الهدف الأساسي منها هو تدمير المخابئ الموجودة على طول الشريط الجبلي الممتد من حدود تونس شرقاً إلى ليبيا جنوباً. وأصدر تنظيم «القاعدة» أمس بياناً وزّعه في مواقع «جهادية» على شبكة الانترنت أعلن فيه انه قتل عشرات الجنود الجزائريين في عمليات مختلفة في البلاد في الأيام الماضي. وزعم أن إحدى عملياته كبّدت الجيش الجزائري 23 ما بين قتيل ومصاب. وتأتي هذه العمليات في سياق مسعى أطلقته حكومة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لتأمين المناطق الحضرية من الهجمات الانتحارية بعدما تبين أن تنظيم «القاعدة» أصبح يستغل الجبال لتجهيز السيارات المفخخة قبل إرسالها الى المدن لتفجيرها. ويُتوقع أن يعرض الرئيس بوتفليقة خلال الأسابيع المقبلة مشروع تعديل الدستور الذي يتضمن أساساً تمديد ولايته الرئاسية لفترة ثالثة وأيضاً تعزيز السلطات الدستورية لرئيس الجمهورية. ويقول محللون إن استمرار تردي الأوضاع الأمنية في البلاد، مع سلسلة العمليات الانتحارية التي هزت الجزائر العام الماضي، يعتبر عائقاً أمام إقبال الجزائريين على المشاركة بكثافة في استفتاء التعديل الدستوري المرتقب منتصف العام الجاري. الجزائر - محمد مقدم الحياة - 21/03/08