قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، إن الجهود العربية التي بذلت من أجل إتمام المصالحة الفلسطينية، وسبقت القمة العربية في ليبيا، "لم تنجح"، بسبب "محاولة فرض شروط الرباعية الدولية، وفي مقدمتها الاعتراف بإسرائيل" وكشف مشعل عن زيارة غير معلنة قام بها إلى السعودية، التقى خلالها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، أتت في سياق جهود المصالحة الفلسطينية، معربا عن ثقته بإمكانية أن "تلعب المملكة دورا في تقريب وجهات النظر"، ومؤكدا أن "حماس" ملتزمة باتفاق مكة، وأنها لم تنقلب عليه، وإنما أسقطه الجنرال "دايتون". وبشأن اللقاء بالشيخ ناصر العمر قال مشعل إننا نلتقي بكل المجموعات في سياق شرح القضية الفلسطينية ولدينا موقف واضح نقوله عند كل الأطراف. وفيما يخص موضوع الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت، أوضح مشعل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من عطل صفقة التبادل. للقاء رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل، خصوصيته، فالرجل يحمل في جعبته العديد من الأسرار التي تتعلق بالمسارين السياسي والعسكري للقضية الفلسطينية. التقيتُ "أبو الوليد" في مقر إقامته في العاصمة السورية دمشق، رحب بي بابتسامة عريضة قائلا "هذا أنت"، وعادت بنا الذاكرة للقاء عام 2005، وقتها كان البياض لم يغزُ شعر الرجل كما هو عليه الآن، وهو رغم ذلك بقي حيويا، مدافعا عن مواقف الشعب الفلسطيني ومقاومته. تحدث صراحة عن تمسك "حماس" باتفاق مكة، وأنها ليست من انقلبت عليه، وإنما الجنرال "دايتون"، وأطراف فلسطينية أخرى تعاونت معه. مرحبا في ذات الوقت بدور سعودي وعربي مع مصر، لإنجاز المصالحة الفلسطينية الداخلية، والتي كشف مشعل ل"الوطن" شيئا من كواليس ما دار حولها من محادثات سبقت القمة العربية في ليبيا، وإلى نص الحوار: إلى أين وصلت مساعي المصالحة، بين "حماس" والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية؟ المصالحة للأسف ضحية للتدخل الخارجي السلبي والفيتو الأمريكي، الذي أبلغه ميتشل للإخوة المصريين، والإخوة في السلطة الفلسطينية، وهذه معلومات مؤكدة 100% وليست تحليلا، أن لا مصالحة إلا إذا خضعت "حماس" لشروط الرباعية، والفلسطينيون ممنوعون منها، بحكم هذا الفيتو الأمريكي. لكن هذا الفيتو ألا يمكن تجاوزه بتفاهم فلسطيني داخلي حقيقي، ودعم عربي؟ بالتأكيد، فالمصالحة ضرورة، والانقسام حالة شاذة واستثنائية، ما كان ينبغي لها أن تحصل، وما كان ينبغي أن ينقلب البعض على اتفاق مكة، الذي أخلصنا في تنفيذه على الأرض، ولكن لأن اتفاق مكة لم يرق للأمريكان ولأطراف أخرى في المنطقة، في ذلك الوقت، جاءت ثمرة هذا الانقلاب على اتفاق مكة، الانقسام "النكد" في 2007، واليوم نحن نعاني وما زلنا من هذا الانقسام وتداعياته، لذا المصالحة ضرورة، وهي يمكن أن تتحقق من خلال حزام أمان عربي يحميها ويسمح لها أن تتحقق بعيدا عن الاشتراطات الخارجية. وفي العام الماضي جرى الحوار في القاهرة، ووصلنا فيه إلى نتائج مهمة وكان يمكننا أن نبرم هذه المصالحة، لكن في اللحظات الأخيرة جرى تعديل في الورقة وفيما اتفقنا عليه في عدد من البنود المهمة، سواء في الأمن أو الانتخابات أو منظمة التحرير، ولذلك تعطلت المصالحة، ومنذ ذلك الوقت عرفنا أن السبب هو التدخل الأمريكي، لأن الأمريكان في تصورنا كانت أولويتهم استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ولا يريدون لرئيس السلطة أن يكون مقيدا بمصالحة فلسطينية مع "حماس" أو بقية الفصائل، حتى يتمكنوا من إطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية بأقل سقف ممكن. اتفاق مكة هنالك من يرى أن "حماس" هي التي انقلبت على اتفاق مكة وليس العكس، وأن ما دفعكم هو الضغط الإيراني، الراغب في الحد من الدور العربي والسعودي؟ هذا الكلام مردود عليه من زوايا عديدة. أولا، إيران لم تتدخل ضد المصالحة. وثانيا، "حماس" لا تقبل من أي طرف في العالم أن يتدخل ضد المصلحة الفلسطينية، و"حماس" لا تتعامل مع أي طرف من منطق الأمر والنهي، وإنما قرارها فلسطيني وطني ذاتي، وهي صاحبة القرار. الأمر الثالث، ثبت عمليا وفق معلومات نشرتها حتى وسائل إعلام غربية، أن الذي انقلب على اتفاق مكة هو "دايتون" بتنسيقه مع أطراف فلسطينية معروفة، لأن الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت لم يعجبها اتفاق مكة، ولأن خادم الحرمين الشريفين (الملك عبد الله بن عبد العزيز) لم يشاورهم، ولأن هنالك أطرافا في المنطقة لم يعجبها أن يتم اتفاق برعاية المملكة، من هنا جرى الانقلاب على اتفاق مكة. وأنا قلت للمسؤولين في المملكة، كيف ينقلب الإنسان على نفسه؟ فاتفاق مكة، لم يحقن الدم الفلسطيني فحسب، وإنما صنع حكومة وحدة وطنية ترأسها "حماس"، فكيف تنقلب "حماس" على نفسها؟ أنتم تستخدمون "دايتون" كشماعة، فيما يرى البعض أن شهوة السلطة التي أصابت "حماس" هي ما يعيق المصالحة؟ شهوة السلطة يمكن أن يتهم بها أحد لو أنه انقلب بطريقة ديكتاتورية، أو سعى للسلطة عبر دفع أثمان سياسية، وعبر التزلف للأمريكان، على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، بينما "حماس" لم تفعل هذا، وهي أتت للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وانتخابات ديموقراطية، والعالم هو الذي انقلب عليها، ولذا من غير المعقول أن تصبح "حماس" هي المتهمة! والقصة لا تتعلق بشهوة سلطة، إنما دور ورسالة وواجب، نقدمه للشعب الفلسطيني، و"حماس" دخلت السلطة وما زالت مقاومة، وما زالت تسعى للإصلاح، وهي ما قبل السلطة وما بعدها على ما هي عليه من تمسكها بالثوابت الفلسطينية، بالأرض، وحق العودة، والقدس، والمقاومة. جهود المصالحة بالعودة لمساعي المصالحة، كانت هنالك جهود قبل القمة العربية الأخيرة في ليبيا، وحديث عن ورقة قطرية أعدت بمباركة سعودية، ووافقت عليها "حماس"، وقدمت للمصريين لإضافتها كملحق مع الورقة المصرية، إلى أين وصلت هذه الجهود؟ قبيل القمة العربية في "سرت" كان هنالك حراك عربي، بالذات من قطر وسوريا، ومن الإخوة في ليبيا باعتبارهم المستضيفين للقمة، كذلك الإخوة في السعودية، وتركيا، وأيضا عُمان، ودول أخرى كنا على تواصل معها، وكانت الفكرة المقترحة أن تضع "حماس" تعديلاتها الجوهرية في ورقة، وهذه الورقة ترفق بورقة المصالحة الأساسية، وتصبح جزءا لا يتجزأ منها، ونوقع نحن والإخوة في "فتح" وجميع الفصائل والشخصيات الفلسطينية عليهما معا، كمخرج لإشكالية المصالحة، ونحن رحبنا بذلك، لكن هذا الجهد المشكور من الدول العربية اصطدم بعقبة، أن هذه التعديلات يمكن أن تقبل، إذا قبلت "حماس" بشروط سياسية، هي عمليا تلتقي مع شروط الرباعية، وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل، ونحن رفضنا ذلك. ما هي هذه الشروط؟ هي شروط مؤداها السياسي الاعتراف بإسرائيل، وهو ما يلتقي عمليا مع شروط "الرباعية"، ونحن رفضنا ذلك، وهذا يكشف العلة الحقيقية المعطلة للمصالحة. لقاء عمرو موسى بعد قمة "سرت" ، هل مازالت هذه الجهود متواصلة، خاصة بعد لقائك الأخير مع أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى؟ في لقائنا مع السيد عمرو موسى، تداولنا في موضوع المصالحة، ومازلنا نرحب بالجهد العربي، فأي حراك عربي مع الإخوة في مصر، وليس بديلا عن مصر، نحن نرحب به لتذليل العقبات المعطلة للمصالحة. ما الذي اقترحه عليك السيد عمرو موسى في لقائك به؟ نصيحته كانت أن نعمل على تذليل العقبات، وتجاوز بعض الإشكالات التي تحول دون توقيعنا على الورقة المصرية، وكان موقفنا أننا مع تجاوز كل الإشكاليات، وأن القضية لا تتعلق بنصوص أو كلمات تعطل المصالحة، وإنما ما يعطل المصالحة هو التدخل الخارجي. والتعديلات التي تحدثنا عنها ليست مجرد صياغات لغوية، وإنما قضايا جوهرية، وأعطيك أمثلة عليها، في موضوع الانتخابات، وهو موضوع جوهري، من الطبيعي أن يكون هنالك بين القوى المتصالحة شراكة وتوافق في الإشراف على الانتخابات. الموضوع الثاني هو موضوع منظمة التحرير والإطار القيادي المؤقت، وفقا لاتفاق القاهرة 2005، والتغيير الذي طرأ على الورقة أثر سلبا على الشراكة بيننا كقوى، حتى حين إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، فالأصل أنه في المرحلة الانتقالية ومن خلال الإطار القيادي المؤقت والمهام المحددة له، أن تتحقق الشراكة في القرار السياسي، لخطورة المرحلة وحساسيتها، إلى حين إعادة بناء المنظمة، وعندها تكون هي القيادة المعبرة عن الموقف الفلسطيني، بمشاركة الجميع. كذلك هناك موضوع الأمن، حيث من المهم أن تكون هنالك شراكة في القرار الأمني، عبر تشكيل لجنة أمنية عليا، تضع السياسات الأمنية للضفة والقطاع، وتكون بالتوافق حتى يشارك فيها الجميع. إذن ما نتمسك به من تعديلات ضرورية تطال الورقة، هدفنا من خلاله ضمان الشراكة كحد أدنى في القرار السياسي، والموضوع الأمني، والانتخابات والإشراف عليها. زيارة الدوحة قبل لقائك السيد عمرو موسى، كنت في زيارة للعاصمة القطرية الدوحة، هل كانت ضمن مساعي المصالحة الفلسطينية الداخلية؟ زيارتنا للدوحة تأتي في سياق متابعة الجهد العربي بعد قمة "سرت" في عدة مسارات. المسار الأول إنجاز المصالحة، والمسار الثاني هو رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر والبدء في الإعمار الذي مازال ممنوعا على أهلنا في غزة، والمسار الثالث هو القدس وخطورة الممارسات الإسرائيلية بشأنها. وهنالك مسار رابع يتعلق بالموقف السياسي الفلسطيني والعربي، في ظل تعنت نتنياهو، وهذه الحكومة اليمينية المتطرفة، التي لا تؤمن بالسلام، ولا تفكر إلا بالحرب، مما يستوجب أن يعيد العرب النظر في خياراتهم السياسية، لأن ما تفعله إسرائيل قد يؤدي إلى احتمالات مفتوحة في المنطقة، تتحمل إسرائيل مسؤوليتها. البعض تحدث عن طلبكم لدعم مالي قطري لغزة، ومواصلة دعم الدوحة ماليا للحكومة المقالة في القطاع؟ هذا موضوع مختلف تماما، وتبحثه الحكومة في غزة مع الإخوة في قطر، أما ما نطرحه نحن، فهو أن هنالك مليونا ونصف المليون إنسان محاصرين في غزة، ولا يجوز أن يبقوا في هذه الأوضاع الإنسانية الصعبة، وعلى الأمتين العربية والإسلامية السعي لكسر هذا الحصار، ولدينا قناعة بأن العرب لديهم القدرة على كسر هذا الحصار، وليسوا محتاجين لانتظار ضوء أخضر من الخارج، وهذه هي الجملة المهمة التي قالها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة في قمة "سرت" ،عندما قال "هل أحد يصدق أننا كعرب غير قادرين على كسر الحصار عن غزة"، وأهلنا في غزة لهم حق على أمتهم أن يكسروا الحصار عنهم وأن يفتحوا المعابر، وأن يتلقوا الدعم، فحكومة الأخ إسماعيل هنية ترعى 30 ألف أسرة، من خلال 30 ألف موظف، وهذه مسؤولية عربية، وليست رواتب ل"حماس". لقاء الفيصل قبل زيارتك للدوحة، وقبل القمة العربية في "سرت"، قمت بزيارة غير معلنة للسعودية، والتقيت حينها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. ما هدف تلك الزيارة؟ ذهبت للرياض والتقيت الأمير سعود الفيصل، وهي زيارة تأتي في ذات السياق الذي تحدثت عنه بالتفصيل قبل قليل، لتنشيط الحراك العربي الساعي لإنجاز المصالحة الفلسطينية. والمملكة كان لها جهود مع بقية الدول الأخرى، وكنا نأمل أن تنجح هذه الجهود قبل القمة، أو تتوج في القمة، ولكن للأسف هذا لم يحصل. دعوة ناصر العمر هذا يقودنا لسؤالك عن زيارة سابقة لك للمملكة، التقيت فيها بعدد من رجال الدين السلفيين، ومن ضمنهم الشيخ ناصر العمر. ما هدف هذا اللقاء؟ عندما نذهب لأي دولة فإننا نلتقي المسؤولين فيها، ثم إن أي مجموعة من رجالات البلد، مهما كان انتماؤهم الديني أو السياسي، حين يدعوننا أو يستضيفوننا فإننا نرحب بذلك، لذا تجدنا نلتقي بمجموعات مختلفة، إسلامية، أو قومية، أو ناصرية، أو إعلاميين، وذلك يأتي في سياق شرح القضية الفلسطينية وآخر تطوراتها، وما يعانيه شعبنا. البعض قرأها أنها زيارة تطمين من خالد مشعل للتيار السلفي، من أن "حماس" لم تذهب بعيدا في علاقاتها الفارسية؟ للأسف، هنالك لغط كبير حول هذا الموضوع، وهو لغط لا مبرر له، ولكن هنالك من يحلو له أن ينفخ في هذه القضايا، لإثارة الضوضاء، وسعيا لتكريس الانقسام في هذه الأمة. ونحن لدينا موقف واضح نقوله عند كل الأطراف، إننا مع وحدة الأمة العربية والإسلامية، سواء كانوا شيعة أم سنة، دولا عربية أو غير عربية، فنحن مع وحدة الأمة، رغم إدراكنا للفروقات المذهبية والطائفية والعرقية، وإدراك الشيء لا يعني أن نخضع له أو نسعى لتعميقه في الأمة. الأمر الآخر، هذه الخلافات الحل لها هو الحوار، والتواصل، والتعايش، ثم التعاون في القواسم المشتركة على مواجهة الأعداء الحقيقيين للأمة. أنا لا أطلب من الناس أن تلغي هذه الفروق ، لأن هذا أمر واقع، لكن ينبغي أن يحترم كل طرف مصالح الآخر وخصوصياته. الأمر الثالث، نقول للجميع "حماس" ليست تابعة لأحد، وهي ليست جزءا من أي محاور إقليمية، إنما حركة فلسطينية لديها قضية، وهي تدعو العرب والمسلمين جميعا لأن يناصروها وأن يناصروا الشعب الفلسطيني. "القاعدة" في غزة هنالك حديث عن تغلغل لجماعات أصولية في قطاع غزة، أو امتدادات ل"القاعدة"، ما حقيقة هذا الأمر؟ الحديث عن امتدادات ل"القاعدة"، هو كلام مبالغ فيه وليس دقيقا، لكن وجود بعض المجموعات السلفية أمر صحيح، والساحة الفلسطينية ككل الساحات العربية والإسلامية، ساحة مفتوحة ولا حجر فيها على الأفكار، ومن حق الناس أن تتبنى أي أفكار لديها، وهذا حق طبيعي ضمن حرية الفكر والاعتقاد، وما نشدد عليه أمران، الأول هو أن ينضبط الجميع بالقانون، وعدم استخدام القوة إلا في وجه الاحتلال. والأمر الثاني، نحن في "حماس" ، باعتبارنا نتبنى الفكر الإسلامي الوسطي، نسعى لإشاعة الوسطية والاعتدال في الفكر، لأننا نعتقد أن ذلك هو ما يلتقي مع روح الإسلام، وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذا كله يتم بالحسنى والحوار والإقناع والوسائل السلمية. عمليات المقاومة أشرت إلى أن السلاح يتم توجيهه إلى إسرائيل، لكن سلطة "حماس" في غزة أوقفت قبل فترة مجموعة من "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، كانت متوجهة للقيام بعملية ضد جنود إسرائيليين، كيف تفسر ذلك؟ أولا، هذا الأمر تم توضيحه سواء من الحكومة في غزة، أو "حماس"، ومن الإخوة في حركة الجهاد الإسلامي، ولكنني هنا أثبت المبدأ، وهو أن حق المقاومة هو حق مشروع، طالما أن هنالك احتلالا. ولكن، من حق الإخوة في غزة ، سواء على مستوى الفصائل أو الحكومة، أن يتوافقوا على منهجية في إدارة المقاومة مع الاحتلال، خاصة أن وضع غزة مختلف عن وضع الضفة، حيث لا يوجد احتلال داخل غزة، ولا مستوطنات، إنما الاحتلال محيط بها، وهذا لا يسقط حق غزة في المقاومة، لأنها جزء من فلسطينالمحتلة، لكن الإنسان يمارس حقه تبعا للظرف. للأسف، هناك من يريدها فوضى، وهناك من يريد أن يمارس المقاومة من أجل إعطاء إسرائيل ذريعة لاجتياح غزة، لأنه يريد تقويض حكومة "حماس"، وبالتالي فمن حقنا أن نمارس المقاومة بطريقة تحقق الهدف ولا تحقق العكس. صواريخ غزة هذا يدفع للسؤال عن وجود هدنة غير معلنة مع إسرائيل، واتفاق مع الفصائل على وقف إطلاق الصواريخ؟ ليس هنالك من هدنة، لا معلنة، ولا غير معلنة، إنما هنالك سلوك ميداني تبعا للظرف، فإذا حصل تصعيد، فسيتم الرد عليه، أما فيما يتعلق بالصواريخ، فالناس لديها تقدير، خصوصا بعد الحرب الأخيرة على غزة، أنه يجب أن تستخدم ضمن سياقات معينة، وهذا أمر طبيعي. أنتم في "حماس" ما هو تقديركم لموضوع إطلاق الصواريخ؟ نحن مع ممارسة المقاومة بكل أشكالها، بما في ذلك إطلاق الصواريخ، لكن، كل شكل يمارس في توقيته الصحيح، وهنالك فرق بين أن تنظم سياقات المقاومة، وبين نزع سلاحها ومنعها وتجريمها، كما هو حاصل في الضفة الغربية، حيث التآمر مع رجال الأمن الصهاينة على رجال المقاومة، في "حماس"، و"فتح"، و"الجهاد"، وكل فصائل المقاومة. أسر الجنود الإسرائيليين تحدثت قبل فترة وجيزة، عن إمكانية أسر جنود إسرائيليين جدد من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين، هل أنتم قادرون عمليا على ذلك؟ من نجح في أسر جلعاد شاليت، لماذا لا ينجح في أسر غيره؟ وهو لم يكن أول المأسورين، وبالتالي لن يكون آخرهم، وأسر الجنود من الناحية العملية أمر ممكن، رغم صعوباته. ما الذي يلجئ المقاومة إلى ذلك؟ الجواب، هو السلوك الإسرائيلي. ويجب أن نلاحظ أن قضية المعتقلين هي قضية على رأس أجندة الشعب الفلسطيني، وعدد المعتقلين يصل أحيانا إلى 11 ألف معتقل، وفي هذه الأيام 8 آلاف معتقل، وهنالك أفواج تخرج وتدخل، وهكذا، بمعنى أن السجن الإسرائيلي طال مئات الألوف خلال العقود الماضية، وهذا أمر يمس كل بيت فلسطيني، وفيهم الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، ومن مضى عليهم 33 عاما كنائل البرغوثي، لذا فإن الفلسطينيين لا يملون من التفكير في كيفية استنقاذ هؤلاء الأسرى. ولاحظ أن الفلسطينيين لجؤوا إلى كل الوسائل لإطلاق سراح الأسرى، سواء عبر المفاوضات أو الاحتجاجات السلمية والتظاهرات، والوسائل الإعلامية، والتذكير بمعاهدة "جنيف" أو غيرها، إلا أن إسرائيل ضربت بكل ذلك عرض الحائط، ولم يبقَ أمامنا إلا أسر مزيد من الجنود. والصفقة الأخيرة عطلها نتنياهو، كما أن الإدارة الأمريكية طلبت من نتنياهو عدم تمرير الصفقة، حتى لا تقوي "حماس" وحتى لا تضعف (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس، وهذا ما قاله نعوم شاليت والد جلعاد شاليت، وقالته كذلك الصحافة الألمانية، لأن الوسيط الألماني هو من أدار المرحلة الأخيرة. هل هذا يعني الوصول لطريق مسدود في صفقة شاليت؟ حتى اللحظة الأمور جامدة. ألا توجد مفاوضات حاليا عبر الوسيط الألماني؟ حتى الآن لا جديد في الموضوع. تهويد القدس هنالك عملية تهويد جارية للقدس الشريف، كما هنالك قرار بترحيل زهاء 70 ألف فلسطيني من الضفة الغربية، كيف تواجهون سياسيا هذه التحركات الإسرائيلية؟ أنت تحدثت عن أكثر من موضوع. في موضوع القدس، وهو أمر بالغ الخطورة، عبر التهويد، وهدم الأحياء، وتغيير الديموجرافية، وترحيل عشرات الآلاف من سكان القدس، ومنع رخص البناء، وإجبار الناس على ترك بيوتهم، كل ذلك يأتي في سياق الرؤية الإسرائيلية التي تريد إحكام القبضة على القدس وإخراجها من التفاوض، وفرض أمر واقع يجعل الأمور محسومة سلفا، في قضية القدس، والاستيطان، وحدود 1967، وحق العودة، وهو الموقف الإسرائيلي الحقيقي، بمعنى حسم المفاوضات على الأرض، قبل حسمها على الطاولة، ويغريه في ذلك ضعف المفاوض الفلسطيني وافتقاره لأوراق القوة، وتقديمه خدمات مجانية عبر التنسيق الأمني مع الإسرائيليين باسم خارطة الطريق، يضاف إلى ذلك ضعف الموقف العربي، وعدم وجود ضغط دولي حقيقي، وحتى الضغط الأمريكي من (الرئيس باراك) أوباما تراجع في موضوع الاستيطان، مما يجعل الموقف الإسرائيلي يتطلع لأبعد من ذلك وهو أن يكون الوطن الحقيقي للفلسطينيين هو الوطن البديل في الأردن، وهو أمر بالغ الخطورة، ولذا قلت إنه يجب على العرب أن يعيدوا خياراتهم، لأن الضعفاء لا يصنعون سلاما، بل الأقوياء هم من يصنعون السلام. أما في موضوع تهجير السبعين ألف فلسطيني، وأكثر من ذلك العدد، فهو يأتي في عدة سياقات. السياق الأول، الموقف الإسرائيلي التقليدي الذي يريد أن يخلي الأرض من سكانها. والأمر الثاني، تريد أن تقول إسرائيل إنها الآمر والناهي، ولا وزن للسلطة في الضفة الغربية، رغم كل الخدمات التي تقدمها السلطة للإسرائيليين، ومع ذلك لا اعتبار لهم، فإسرائيل هي التي تقرر في الشأن الأمني. الأمر الثالث، محاولة لتكريس الانفصال بين الضفة وغزة، وكأن غزة ليست جزءا من فلسطين، وكأنهما كيانان منفصلان. والرد على ذلك، بأن نتوحد فلسطينيا، ونحقق المصالحة بشروطنا الداخلية، وليس بشروط أخرى، وأن نوقف التنسيق الأمني مع العدو، وأن نعيد النظر في خياراتنا، وأن نستجمع كل خيارات القوة. وأنا هنا لا أدعو العرب لإعلان الحرب مع إسرائيل، رغم أنها ستفرض عليهم يوما ما. العلاقة مع إيران هنالك مسألة يثيرها منتقدوكم، وهي أنكم تتلقون الدعم المالي من إيران، وبالتالي تخضعون لأجندتها، مما أوصل إيران إلى حدود مصر؟ البعض يريد أن يرد على التهمة الحقيقية التي هو غارق فيها بتهمة مصطنعة يريد لصقها بنا. نعم، إيران تدعمنا، وأنا أقول ذلك في الإعلام وللمسؤولين العرب، وهذا الدعم ليس مشروطا، ونحن لا نقبل أي دعم مشروط أتى من أي دولة أو طرف في العالم، ومن حقنا كشعب يعيش تحت الاحتلال وكمقاومة أن نطلب الدعم من كل دولنا العربية والإسلامية، ومن يدعمنا نقول له شكرا ولا نلومه، واللوم هو على من لا يؤدي واجبه. هنالك دول عربية تدعمنا، ونقول لها شكرا. والسؤال: عندما تتلقى "حماس" دعما من أطراف عديدة فهي خاضعة لأجندة من؟ و"حماس" مستقلة وهذا ما أؤكده. لكن البعض يعتبر "حماس"، و"حزب الله"، و"الجهاد الإسلامي"، رأس الحربة في المحور السوري الإيراني؟ نحن لسنا طرفا في محور ما، ونحن اخترنا أن نقاوم الاحتلال، و ألا نخضع لشروط خارجية، وأن لا نساوم على حقوقنا، وهذا هو مبدؤنا، ومن يقف معنا نقل له أهلا وسهلا. في ظل الخلاف الموجود بين بعض الدول العربية وإيران، "حماس" إلى صف من تقف؟ اليوم ، عندما تتلقى "حماس" دعما من هذه الدولة أو تلك يقولون إنها تابعة لها، والسؤال: لقد وقعنا اتفاق القاهرة عام 2005، فلماذا لم يقل البعض لقد خضعت "حماس" للرغبة المصرية، إذن هي تابعة لمصر؟ وعندما وقعنا اتفاق مكة 2007، لماذا لم نتهم بأننا أتباع للسعودية؟ وإذا اتبعنا مصر تارة، وأخرى السعودية، فما حال تبعيتنا المزعومة لإيران؟ هذا كلام في الحقيقة لا يستحق النقاش، ونحن مع الأمة جميعا. وبالنسبة لسؤالك، فأنا لا أعتبر أن هنالك خلافا على إطلاقه هكذا، وكأن هنالك كتلة عربية، وهنالك إيران، إنما هنالك لا شك خلافات، وحساسيات، وقضايا خلافية، وموقفنا منها هو معالجة هذه الخلافات بالحوار والتواصل والبحث عن قواسم مشتركة. وثانيا، أن يحترم الجميع مصالح الآخرين، فنحن لا نريد إيران أن تطغى على المنطقة، ولا نريد أن تفكر المنطقة بشيء سلبي ضد إيران، فنحن دول مسلمة، ومتجاورة، ودائما ما أشدد على تحقيق الصورة المتوازنة بين جميع الأطراف. وثالثا، يجب معالجة القضايا بعيدا عن التدخلات الخارجية، دون أن نستعدي الأطراف الخارجية لضرب إيران، كما أننا نريد توازنا في العلاقة بين إيران ودول الجوار، وحلها بأن ينهض العرب، ونريد أن يكون هنالك أقوياء في المنطقة يعملون لمصلحة شعوبهم دون تعارض في المنطقة، ويبقى عدونا الحقيقي هي إسرائيل التي تستهدف إيران وسوريا والسعودية ومصر، وكل البلاد العربية. صحيفة الوطن الأربعاء 14 جمادى الأولى 1431 28 أبريل 2010 العدد 3498