رفح/ أحمد إبراهيم - عبد الحليم العقيلي عاد مِعبر رفح للواجهة السياسيّة والإعلاميّة؛ مثيرًا للجدل، إثر سقوط عددٍ من القتلى والجرحى في الهجوم الصهيوني الغاشم، الّذي تعرضت له سفن "أسطول الحرية" الأسبوع الماضي، وسط مطالبات لمصر بفتح المعبر بشكلٍ دائم ومستمر، شريطة توافر رغبة حقيقة في رفع الحصار عن الشعبِ الفلسطيني. ورغم وجود ستة معابر أخرى تُحيط بقطاع غزة المُحاصر؛ يبدو معبر رفح الأبرز والأهم، كونه الوحيد الّذي يربط القطاع مع دولة عربية هي مصر، فيما تبقى المعابر الأخرى تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الصهيوني، وهي معبر المنطار ويعرف إسرائيليًا باسم (كارني)، ومعبر بيت حانون، والعودة، والشجاعية، ومعبر كرْم أبو سالم، ومعبر القرارة ويعرف إسرائيليًا باسم (كيسوفيم). ويقع معبر رفح جنوب القطاع، ويُستخدم المعبر وفقًا لاتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في نوفمبر2005، لعبور كل فلسطيني يحمل هوية فلسطينية، كما يُستخدم لتصدير البضائع الفلسطينية. وينص الاتفاق، على أن تشرف السلطة الوطنية الفلسطينية على معبر رفح من جهة قطاع غزة، ويشرف على مرور الفلسطينيين مراقبون من الاتحاد الأوروبي، تتولى سلطات الاحتلال نقلهم إلى المعبر وإعادتهم منه. وتشترط مصر أن تنطبق على العابرين من وإلى القطاع شروط خاصة؛ إما "عالقين أو طلاب، أو مرضى بتحويلات طبية رسمية، أو أصحاب إقامات"، وبالتالي يُحرم بقية الشعب الفلسطيني في غزة من حقهم الطبيعي في العبور. وكان الاتحاد الأوروبي يحتفظ بفريق مراقبة صغير عند معبر رفح في الفترة بين 2005 و2007، إلا أنّ هذا الفريق انسحب بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة، ومنذ ذلك التاريخ تُصر السلطات المصرية على إغلاق المعبر، باستثناء فترات محدودة للسماح بمرور مرضى أو حجاج، بينما تُعاني قوافل الإمداد الإنسانية الّتي تصل المعبر عبر مدينة العريش المصرية عراقيل أمنيًة ورسمية، والتي تسببت في بعض الأحيان في إفساد صلاحية المواد الغذائية المقدمة لسكان القطاع. وخلال يناير من العام الجاري اندلعت مواجهات بين الشرطة المصرية وناشطي قافلة شريان الحياة، الّتي نظمها النائب البريطاني جورج جالاوي، وتألفت من نحو 200 مركبة تحمل أغذية ومواد إغاثة، وبسبب إجراءات الدخول الّتي طالبت بها السلطات المصرية ثار خلاف مع القاهرة حول الطريق التي يجب أن تسلكه لإيصال المساعدات لغزة، وجرت اشتباكات بين الجانبين وسقط عدد من الجرحى بين الناشطين. وتقول مصر أنّها تخشى من أن فتح حدودها مع قطاع غزة دون قيود سيجعل إسرائيل تغلق حدودها مع القطاع، وهو ما سيُجبر مصر على تحمل المسؤولية عنه وعن سكانه الذين يبلغ عددهم 1.5 مليون نسمة، في الوقت الّذي تطالب فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بفتح المعبر دون قيد أو شرط.. كما سبق أن طالبت حماس بأنّ يتحول المعبر لإدارة فلسطينية مصرية خالصة، تديره بمشاركة السلطة الفلسطينية مع مصر، دون وجود للمراقبين الأوروبيين أو الطرف الإسرائيلي، لكن القاهرة حسب قولها تتمسك باتفاقية 2005 الّتي تعطي السلطة حق السيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر، تحت إدارة أوروبية ومراقبة أمنية إسرائيلية. معاناة الغزيين إزاء هذا الوضع الشائك؛ ظل المعبر مثيرًا للجدل تارة، ومثيرًا لتظاهرات وعمليات اقتحام تارة، لاسيما وأنّ أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يقطنون غزة يعانون ويلات الحصار للعام الرابع على التوالي، ويُعد المعبر هو نافذة الهواء الوحيدة المتاحة لهم للحصول على البضائع ومواد التموين والبناء والأدوية وغيرها من المستلزمات الحياتية. تقول سيدة فلسطينية تدعى "أم رامز": إنّها تحمل تحويلاً طبيًا رسميًا من وزارة الصحة في غزة، وبالتالي تمكنت من عبور المعبر، بينما أُعيد كل من يحمل تحويلات من مستشفيات خاصة أو المرضى ممن لا يحملون تحويلات، ويبغون العلاج على نفقتهم بالخارج، ولذلك فهذه المعاناة المستمرة تزيد من شدة الحصار على غزة، وهو أمر لا بد من إعادة النظر فيه من جانب مصر. محمد جلال، شاب فلسطيني، يقول ل"الإسلام اليوم": إنّه يحمل أمتعته متجهًا إلى المعبر ليمكث أكثر من 5 ساعات، من أجل إتمام إجراءات العبور، فضلاً عن وجود إجراءات مُعقدة للدخول، وهناك من يعود لعدم اكتمال الإجراءات من الجانب المصري، وهو أمر بات صعبًا، ولا بد من تحرك جدي من قبل السلطات المصرية لتيسير إجراءات الدخول والخروج من وإلى القطاع. ويأمل الفلسطينيون في استمرار سريان القرار المصري، الذي اتخذه الرئيس حسني مبارك مؤخرًا بفتح المعبر أمام المعونات الإنسانية، ردًا على المجزرة الّتي ارتُكبت بحق نشطاء سفن الحرية، وتفعيل القرار بشكلٍ كامل دون التفاف. قوافل تتحدى الحصار وتقود العديد من المنظمات والهيئات المدنية في مصر والعالم، حركة الإمداد الإنساني لقطاع غزة، حيث تتوافد العديد من قوافل الإغاثة باتجاه المعبر، منها قوافل شريان الحياة، وما سيرته مؤخرًا لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب (مقرها القاهرة)، من معونات بمئات الأطنان تشمل: 100 طن أدوية، و1000 طن مواد غذائية، و5 مليون طن أسمنت وحديد، كما تمكنت اللجنة بدعم إماراتي من إدخال 5 سيارات "إسعاف وخدمات طبية" جديدة لقطاع غزة، مع أجهزة متطورة لوحدات العناية المركزة، وكميات من الأدوية وحليب الأطفال . ويأتي على رأس الهيئات المصرية الداعمة للشعب الفلسطيني، الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية، وهي من أكبر الجمعيات الخيرية في مصر والعالم الإسلامي، وقدمت حسب تأكيدات سابقة لرئيسها الدكتور محمد المختار المهدي أكثر من 50 مليون جنيه مصري للفلسطينيين، عبارة عن أدوية وأجهزة طبية وسيارات إسعاف، كما تقدم الجمعية بمستشفياتها المختلفة كافة الخدمات العلاجية للمرضى والجرحى الفلسطينيين. يقول الدكتور غازي حمد رئيس هيئة المعابر: إنّ هناك جهودًا بالتنسيق مع الجانب المصري من أجل فتح المعبر أمام جميع الفئات، كما هو متبع في السابق، ويجب تفعيل القرار المصري بفتح المعبر لكسر الحصار بشكلٍ فعلي من خلال إدخال المواد الغذائية وغيرها من المواد مباشرة من مصر لغزة، بدلاً من إدخالها من المعابر الّتي يسيطر عليها الكيان الصهيوني. ويُحذَّر مصطفى محمد التايه، منسق الإغاثة الفلسطينية باتحاد الأطباء العرب، من تقنين فتح المعبر أو تشغيله لفئات معينة، ما يفقد القرار المصري بفتح المعبر جدواه، ويفرغه من مضمونه، ولذلك والكلام على لسانه فنحن بالفعل في حاجة إلى موافقات لإدخال مواد بناء أسمنت وحديد، ومواد غذائية مباشرة للقطاع دون تعطيل. الاسلام اليوم الاثنين 24 جمادى الآخرة 1431 الموافق 07 يونيو 2010