في ظل أجواء مشحونة ومحتقنة غابت فيها معايير العدالة وضمانات النزاهة وأُهدرت فيها الحقوق، وعُطِّلت فيها القوانين، وفقدت فيها مؤسسات الدولة حيادها، وانحازت بصورة أو بأخرى لجماعات المصالح هنا وهناك بعيدًا عن مصالح الوطن، فكان ما كان من التزوير الفاضح الذي أساء إلى سمعة ومكانة هذا البلد العظيم.. تزوير شاركت فيه كل أذرع النظام المستبد الفاسد، من حماة الأمن "الداخلية" إلى الخطرين على الأمن "البلطجية" في رسالة واضحة ومحددة تؤكد رهان النظام على هذا النمط الوحيد للحصول على المقاعد.. رهانًا في ظل عدة عوامل مساعدة، منها: * الاستيعاب بل الترويض الأمني والحكومي لغالبية الأحزاب وبعض النخب الفكرية والإعلامية التي ترضى بالفتات لتستكمل له الشكل الديكوري الشرعي
* عدم شعور النظام بالتهديد الشعبي، فما زال يراهن على ذراعه الأمنية شديدة القسوة والمتغوِّلة في كل مؤسسات الدولة.
* الدعم الصهيوني والأمريكي الذي يرى أن النظام أهم وسائل الاستقرار المحقِّق لأمن ومصالح "إسرائيل" (راجع تصريحات قادة الكيان الصهيوني عن أهمية دعم النظام المصري).
مخاطر وتداعيات هذا النمط من التزوير الفاضح له العديد من النتائج الكارثية على واقع ومستقبل مصر، منها: * سيطرة المفسدين غير الأكفاء على مقاليد الحكم، وهو ما يعرِّض ما تبقَّى من ثروات مصر للنهب والسلب والتبديد.
* حرمان مصر من خيرة أبنائها الأكفاء من العلماء والمفكِّرين والسياسيين والأدباء والفنانين وغيرهم لأسباب سياسية.
* تغوُّل الجهاز الأمني في كل مؤسسات الدولة، وشلُّ قدرتها على الحركة واتخاذ القرار، وانتشار الوساطة والمحسوبية؛ ما ترتب عليه إهدار حقوق المصريين في المساواة.
* يأس غالبية الشباب الوطني المتحمِّس من كافة التيارات من التغيير السلمي، وهو ما قد يصيبه بالانطواء والانزواء أو طلب السلامة، والأخطر اللجوء إلى أساليب غير سلمية تهدِّد أمن الوطن والمواطن.
* ترسيخ مفاهيم وقيم اللا مبالاة والسلبية وضعف الانتماء؛ ما يهدِر جهود الملايين من المصريين في إصلاح الوطن وتنميته.
* عدم شرعية المجالس المحلية والشورية والشعبية بل الرئاسية؛ ما يهدر شرعية النظام الحاكم بل النظام السياسي بأثره.
مقاومة التزوير "وسائل وإجراءات" * المزيد من رفع الغطاء السياسي والأخلاقي عن المشاركين في هذه الجريمة القانونية إعلاميًّا وشعبيًّا بنشر صورهم وأسمائهم ووظائفهم وجرائمهم عبر النوافذ الإلكترونية.
* الملاحقة القانونية ضد كل من تجاوز وشارك في سرقة إرادة الشعب؛ "اللجنة العليا- الضباط والمخبرون- العمد والمشايخ- البلطجية- أعضاء الشورى الحاليون والمجالس المحلية.." عن طريق الجمعيات الحقوقية.
* دفع نواب الأمة الشرفاء في المساءلة البرلمانية للجهات المعنية؛ التي تخلَّت عن دورها أو شاركت في جريمة التزوير.
* إرسال خطابات ورسائل إلكترونية لمن شارك في هذه الجريمة، خاصةً كبار التنفيذيين، نذكِّرهم بما ارتكبوه من جرم قانوني وإثم شرعي، ونطالبهم بسرعة التوبة، وتصحيح الخطأ قبل فوات الأوان.
* مخاطبة دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية بطلب الفتوى في حكم المشاركة في تزوير الانتخابات، وتعليق هذه الفتوى في الأماكن العامة.
* التعبئة الشعبية غير النمطية لحماية إرادة الجماهير بأنفسهم سلميًّا؛ لتقف الأجساد البشرية حائط صدٍّ ضد سارقي إرادة الأمة.
* التوافق الشعبي والحزبي لاعتبار يوم الأول من يونيو من كل عام "يوم حماية إرادة الأمة"؛ تذكيرًا للجناة بجرمهم وللجماهير بواجبهم وحقوقهم.
* إحياء لجان التنسيق بين الأحزاب والنقابات والقوى الشعبية ومحاولة تكوين كيان معارض يجمع كل هذه التيارات على غرار تجربة اللقاء المشترك باليمن.
وأخيرًا.. قد يكون الأمر فيه بعض الصعوبة، وقد لا تتحقَّق بعض الطموحات، لكننا في أشدِّ الحاجة إلى التجارب الجديدة.. "الفشل ليس في عدم تحقق الأهداف، لكنه في عدم خوض التجارب". *مدير المركز المصري للدراسات والتنمية