القاهرة وكالات: طالبت منظمة العفو الدولية 'امنستي انترناشونال' امس الاثنين السلطات المصرية باجراء 'تحقيق فوري وشامل ومستقل' في مقتل مواطن على يد قوات الشرطة في مدينة الاسكندرية على البحر المتوسط.وكان المواطن خالد سعيد لقي مصرعه جراء التعذيب على ايدي قوات الشرطة في السادس من الشهر الجاري، ونشرت المدونات والمواقع الاخبارية والصحف صورا له وهو مهشم الفكين ومتدلي الشفاه وتظهر عليه آثار ضرب مبرح. وقالت امنستي، في بيان تلقت 'يونايتد برس انترناشونال' نسخة منه، إن 'الصور المرعبة دليل صادم على الانتهاكات الجارية في مصر والتي تأتي في تناقض واضح للصورة التي يروج لها المسؤولون المصريون لدى مجلس حقوق الانسان بالاممالمتحدة، وتعنتهم في الاعتراف ببعض الانتهاكات الصغيرة'. وتابعت ان 'هذه الصور هي اشارة نادرة ومباشرة للاستخدام الروتيني للقوة الوحشية من قبل قوات الامن المصرية، التي تتوقع ان تعمل في مناخ من عدم المساءلة، والحصانة'. واضافت امنستي انها تدعو الى تحقيق يجري على اساس المعايير الدولية، مثل معايير ومبادئ الاممالمتحدة. وقالت المنظمة ان 'قانون الطوارئ يوفر المظلة لانتهاكات قوات الامن الروتينية التي نادرا ما تتم المعاقبة عليها. واضافت ان المسؤولين عنها يقدمون للعدالة في مناسبات قليلة للغاية'. وقال البيان 'يجب على السلطات المصرية ان تستجيب فورا لهذا الضرب الوحشي والقتل، باسرع السبل. واذا لم تفعل فانها سترسل مجددا اشارة على ان هذه الانتهاكات قد تستمر بضمان عدم مساءلة مرتكبيها'. وكان خالد سعيد، وفق بيان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مقهى إنترنت في حي 'كليوباترا' التابع لقسم شرطة 'محرم بك' بالإسكندرية حين دخل بعض المخبرين المقهى وبدأوا في تفتيش رواده بغلظة وخشونة. وحين أبدى خالد اعتراضه على المعاملة المهينة، بدأوا في سبه وضربه بعنف، وحين سقط مغشياً عليه، اصطحبوه إلى مقر قسم الشرطة، ثم عادوا به بعد دقائق، وألقوا بجثته أمام المقهى، بعد أن تكسرت جمجمته وعظام رأسه وتوفي على الفور. لكن وزارة الداخلية اعلنت في بيان أن 'وفاة خالد سعيد جاءت بعد تعاطيه لفافة مخدرة'، مؤكدة ان 'الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق نتيجة انسداد القصبة الهوائية باللفافة التي حاول ابتلاعها'. وأضاف بيان الداخلية أن المذكور كان مطلوباً لتنفيذ حكمين بالحبس صادرين في قضيتي سرقة، والأخرى لحيازة سلاح أبيض، وأنه سبق ضبطه في أربع قضايا سرقات وحيازة سلاح. وتقول المنظمة المصرية لحقوق الانسان إن التعذيب بات أمرا شائعا داخل اقسام الشرطة والسجون في مصر وان بعض الحالات التعذيب تقع وسط الشارع وفي وضح النهار وفي منازل المواطنين 'في انتهاك واضح لكرامتهم وحريتهم المكفولة بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان'. وتحول خالد محمد سعيد (28 عاما) الذي يعتقد ان الشرطة ضربته حتى الموت في الاسكندرية قبل ايام الى رمز لعنف قوى الامن تجاه المدافعين عن حقوق الانسان المصريين، وذلك بفضل الانترنت على الاخص. ورفع ناشطون في تظاهرات لافتات تحمل صور الشاب قبل مقتله، فيما تم تداول صور فظيعة على الانترنت لوجه جثة هامدة مثخن بالجروح نتيجة التعرض للضرب المبرح. وفتحت صفحات في ذكراه على موقع 'فيسبوك' الاجتماعي احداها حملت عنوان 'اسمي خالد محمد سعيد' وضمت امس الاثنين 130 الف عضو. ووضع ناشطون حقوقيون مصريون صورته مكان الصورة التي تعرف عنهم في فيسبوك، كما جرى امر مشابه على موقع تويتر. واوقف حوالى 30 شخصا مساء الاحد في تظاهرة للترحم عليه في القاهرة. ونددت صحيفة موالية للحكومة بسرقة صور التقطت كما قالت بعد تشريح الجثة. وافاد شهود ان الشاب اقتيد خارج مقهى للانترنت في الاسكندرية (شمالا) في الاسبوع الفائت بعد رفضه الخضوع لتفتيش عناصر شرطة مدنيين، ثم تعرض للضرب المبرح في الشارع. ووافق شهود على التحدث الى التلفزيون وهو امر نادر الحدوث. وروى شاهد عبر قناة فضائية مصرية 'لم يتوقفوا عن ضربه. حاول الدفاع عن نفسه لكنهم واصلوا ضرب راسه بالحائط'. وتابع 'عندما سقط (ارضا)، ضربوه على المعدة والوجه حتى سالت الدماء من فمه. حاولنا ان نقول لهم انه مات، لكنهم زعموا انه يدعي الموت'. واكد مركز النديم لحقوق الانسان 'جروه بالقوة الى خارج المقهى حيث ضرب في الشارع حتى الموت'. ووصف بعض الجيران خالد محمد سعيد بانه 'شاب عادي' يمضي اغلبية وقته في الاستماع الى الموسيقى وتصفح الانترنت. واعلنت وزارة الداخلية المصرية السبت ان الشاب توفي بعد ابتلاعه المخدرات قبيل توجه الشرطة اليه، مما أزال المسؤولية عن الشرطيين بالكامل. لكن النائب العام عبد المجيد محمود طلب الاحد تحقيقا كاملا في القضية. وانعشت القضية الانتقادات حول حالة لطوارئ المعلنة في مصر منذ حوالى 30 عاما وتم تجديدها لعامين في ايار/مايو، بالرغم من وعد السلطات بحصر تطبيقها في مكافحة الارهاب والمخدرات. وشنت صحيفة 'الجمهورية' الحكومية الاثنين هجوما مضادا متهمة من يستخدم تلك الصور، ولا سيما عبر الانترنت، بالسعي الى 'الإساءة لأوضاع حقوق الإنسان في مصر والاستقواء باجهزة الاعلام الاجنبية'. وتابعت الصحيفة في افتتاحية ان 'نشر الصورة ليس دليلا على ان الشرطة مارست ضده وحشية بالغة. ولكنه دليل على انه تعرض لتشريح لمعرفة سبب الوفاة'، مؤكدة ان الناشطين استخدموا صور ما بعد التشريح للتنديد بعمليات تعذيب.