كشفت تقارير الكيان، أمس، اعترافاً متبجّحاً لرئيس وزرائه بنيامين نتنياهو بأنه هو الذي دمّر اتفاق أوسلو، وبأنه يحرّك أمريكا كيفما يشاء . وجاء كشف الشريط الذي سجل لنتنياهو، فيما كان يعتقد أن آلات التصوير مطفأة، بالتزامن مع وصول المبعوث الأمريكي جورج ميتشل للمنطقة في محاولة لإطلاق المفاوضات المباشرة، رغم تشاؤم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، في وقت ذهب الاحتلال بعيداً في حقن المشهد الفلسطيني بالكثير من الكآبة والسوداوية، فغزة تواجه وضعاً كارثياً على الصعيد الصحي وتطالب بالمزيد من سفن “الأمل”، والقدس شطب الاحتلال نوابها من السجل المدني، والضفة تواجه مزيداً من مصادرة الأراضي وهدم المنازل، والسلطة الفلسطينية لا تجد ما تفعله سوى أن تشكو همّها للأمريكيين. وطلب كبير مفاوضي منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، من المبعوث الأمريكي ميتشل، التدخل لوقف بناء حي استيطاني جديد بالإضافة لاستمرار هدم المنازل في القدس، ولم يكن قد تناهى لعريقات خبر المصادرات والهدم في الخليل. لكن واشنطن لم يعد لها هم في هذه المرحلة سوى المفاوضات المباشرة باعتبارها مطلباً “إسرائيلياً” صرفاً . وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي أن الولاياتالمتحدة “شديدة الثقة” بأن المفاوضات المباشرة ستستأنف . لكنّه أضاف “لا أعتقد أنه يمكننا تحديد ما إذا كان هذا الأمر مسألة أيام أو أسابيع” . التحرك الأمريكي الجديد تزامن أو تصادف مع بث شريط التُقط سراً ويتضمن ازدراء بواشنطن التي وصفها كمن يحركها كيفما شاء . نتنياهو الذي كان يتحدث، ظناً منه أن عدسات التصوير مطفأة، خلال زيارة لمستوطنة عوفرا شرق رام الله سنة ،2001 تبجّح بأنه هو الذي أوقف تنفيذ اتفاقات أوسلو . وعرضت القناة العاشرة في التلفزيون “الإسرائيلي” وجه نتنياهو الحقيقي (والمحتال)، حسب وصف الكاتب جدعون ليفي في صحيفة “هآرتس” التي نشرت التقرير بعنوان “محتالياهو” . وتساءل ليفي عن موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما فيما لو شاهد الشريط، وهو الذي أبدى الأسبوع الماضي ثقته بقدرة نتنياهو على “المجازفة من أجل السلام” . ورأى أن نتنياهو تفوّق على كل زعماء “إسرائيل” السابقين في “الخداع وتضليل أمريكا وبلبلة الفلسطينيين وتضليلنا جميعاً”، مضيفاً أن الشخص الذي يظهر في الشريط (نتنياهو) يشهد على نفسه بكلامه أنه محتال . وأضاف “دعوكم من خطبة بار إيلان، انسوا الإنجازات الموهومة في زيارته الأخيرة لأمريكا، هذا هو نتنياهو الحقيقي” . واعتبر ليفي أن هذا الشريط يشكّل نهاية مزاعم أن الفلسطينيين مذنبون في إخفاق اتفاقات أوسلو، حيث كشف نتنياهو أمام مستضيفيه في “عوفرا” عن الحقيقة العارية: فهو قد قضى بيديه وبأفعاله على اتفاقات أوسلو، بل يفخر بذلك . بعد سنين حاولوا فيها إفهامنا أن الفلسطينيين مذنبون، كشفت الحقيقة من فم صاحب الشأن . وكيف فعل هذا؟ روى أنه اشترط توقيعه على اتفاق الخليل بموافقة أمريكية على ألا تقع انسحابات من “مواقع عسكرية محددة”، وأنه سيقرر ما هي هذه المواقع، مثل غور الأردن كله . ويتباهى نتنياهو “إنني وقفت منذ ذلك الحين ضد اتفاقات أوسلو” . وفي استصغار من شأن حليفته قال نتنياهو في الشريط “أنا أعلم ما هي أمريكا، أمريكا شيء يمكن تحريكه بسهولة” . وقال عن الفلسطينيين “إنهم يريدون رمينا في البحر” . ويعقّب ليفي “لا يستطيع أحد إقناعنا بأنه (نتنياهو) متجه إلى تسوية مع اعتقاد بدائي كهذا” .