يوم غد السبت تكمل سوريا عامها العاشر تحت قيادة الرئيس بشار الأسد. ترى ما هي التغيرات الأساسية التي شهدتها سوريا على الصعيدين السياسي والاقتصادي؟ هذا السؤال يأخذ أهميته نظرا للوعود التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد في السنة الأولى من توليه زمام الحكم في السابع عشر من تموز- يوليو 1990.حسب تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش، صدر اليوم، فإن الرئيس السوري، لم يقم بالوفاء بوعوده في توسيع هامش الحريات وتحسين سجل حكومته في مجال حقوق الإنسان خلال عقد من الزمن قضاه في السلطة. ويشير تقرير المنظمة إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد عند توليه السلطة في 17 يوليو/ تموز 2000 حيث تحدث عن الحاجة إلى "التفكير الإبداعي"، و"الشفافية"، و"الديمقراطية". ومع ذلك، فإن فترة التسامح النسبي التي تلت وصول الأسد للسلطة لم تدم طويلاً، ومُلئت السجون السورية بسرعة مرة أخرى بسجناء سياسيين وصحافيين وناشطين حقوقيين. وعن المصادر التي اعتمدتها منظمة هيومن ووتش قال نديم حوري مدير مكتب المنظمة في بيروت في حديث للقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية: "ليس لدينا ممثلون في سوريا، ولكن هناك أشخاص نتواصل معهم للحصول على المعلومات داخل سوريا، كما اجتمعنا بسوريين خارج سوريا بعد أن غادروا بلدهم، بسبب حملة الاعتقالات التي استهدفتهم." واقع سيئ ويضيف حوري : "الواقع الحقوقي داخل سوريا سيئ جدا، ومع الأسف لم تتحقق الوعود التي أطلقها الرئيس بشار الأسد مع وصوله للسلطة قبل عشرة أعوام وبقيت حبرا على الورق. في مجال الحريات السياسية والحريات في مجال النشاط المدني فأن القوانين لم تعدّل، والقمع مازال موجودا، ومازالت المخابرات تعتقل النشطاء والمحامين في مجال حقوق الإنسان، وأفضل مثال على ذلك اعتقال أثنين من أكبر المحامين في مجال حقوق الإنسان في سوريا وهما السيد هيثم المالح وهو في الثامنة والسبعين من العمر والسيد مهند الحسني وقد تم الحكم عليهما بثلاث سنوات في السجن." كل الطرق تؤدي إلى السجن ولا ينفي حوري أن الوضع الراهن في سوريا أفضل من عقد الثمانينات، إلا أنه يؤكد على شكلانية مسيرة الإصلاحات: "لاشك في أن الوضع الآن أفضل من الثمانينات، حيث كان هناك قتل خارج القانون واخفاءات قسرية على صعيد واسع جدا، ولكن ما نراه اليوم هو أن سوريا بوضع أفضل شكليا وسطحيا ولكن لا تحسن على صعيد العمق، وقد ذكر لي أحد النشطاء السياسيين، إنه في الثمانينات كنا نسجن دون محاكمة، لكننا اليوم نحصل على محاكمة ولكننا نحبس على كل حال. سطحيا هناك تحسن مثل السماح لجريدتين تعتبران داخل سوريا مستقلتين، ولكن إحداهما يملكها رامي مخلوف وهو صهر الرئيس والصحيفة الثانية يملكها ابن أحد قادة الأجهزة المخابراتية، فليست هناك استقلالية حقيقية. شكليا أفضل وليس في العمق والمخابرات ما زالت تعمل دون أي رقابة على عملها، ولهذا السبب يتعرض الأشخاص للتعذيب والسجن للاعتقال على تهم تعتبر انتهاكا واضحا لحرية التعبير." خارج الحدود وعن دور منظمة هيومن رايتس في التحقق من الاتهامات الموجهة إلى دمشق حول علاقتها بانتهاكات خارج أراضيها، مثل الاتهامات العراقية حول الدعم الذي تقدمه المخابرات السورية لتنظيمات تمارس العنف ضد المدنيين، داخل العراق، وإيواء شخصيات وتنظيمات إرهابية يقول حوري :نحن معنيون بجميع انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن لم نوثق هذه المواضيع بعد لأنها معقدة ولا نملك مصادر كافية حول هذا الموضوع، ولكن يمكننا أن نقول في خصوص سجل سوريا خارج أراضيها أنه تم توثيق دورها في مجال الاخفاءات القسرية حينما كان لها وجود عسكري في لبنان، وقد أشار التقرير لهذا الموضوع. الإصلاح الاقتصادي أولا وحسب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش فان الرئيس بشار الأسد، برر في مقابلاته الافتقار لإصلاحات سياسية إما بالقول أن أولوياته هي الإصلاح الاقتصادي، أو بالقول إن الظروف الإقليمية تعارضت مع برنامجه الإصلاحي. . عن اقتصار مسيرة الإصلاح بالبعد الاقتصادي يكتب الكاتب والمعارض السوري ياسين الحاج صالح : "لقد أضحى من السهولة بمكان استخراج الوثائق اللازمة من أجل مشروع تجاري، لكن الحصول على ترخيص لجمعية مهتمة بالبيئة مثلا أو عقد اجتماع لمنظمة حقوقية مستحيل."
ويضيف الحاج صالح في دراسة حملت عنوان المعرفة الاقتصادية والسلطة السياسية: "بينما تعلن السلطات (السورية) في صحيفة عربية واسعة الانتشار أن أي "مسؤول سيقول: لا للمستثمر، سيفقد منصبه" وأن الحكومة "لم تعد تسمح، سواء عن سوء فهم أو عرقلة أو فساد، بعرقلة عملية الإصلاح وتدفق الاستثمارات"، فإن المبادرين إلى تشكيل جمعية غير ربحية قد يفقدون حريتهم". تقرير: إذاعة هولندا العالمية