أفادت مصادر تتابع ملف التفاوض مع خاطفي السائحين النمساويين في شمال مالي، منذ قرابة الشهرين، أن ثلاثة وسطاء بين حكومة النمسا وجماعة عبد الحميد أبو زيد قد تمت تصفيتهم جسديا، لما كانوا في مهام رسمية للقيام بالوساطة بوثائق تحمل أختام الحكومة المالية. وينحدر الثلاثة من التوارف وقد أدمجوا مؤخرا في الجيش المالي. كشف حسن فاغاغا، القائد العسكري للتحالف من أجل التغيير، ل''الخبر''، أمس، عن تفاصيل المفاوضات التي تجري حاليا بين الحكومة النمساوية وخاطفي الرهينتين، انطلاقا من العاصمة المالية باماكو. وذكر فاغاغا أن المفاوضات مع عبد الحميد أبو زيد انطلقت فعلا منذ أيام، ويقودها عارفون بخبايا منطقة الشمال، تجاوبا مع ''شروط يحي أبو عمار قائد المنطقة الصحراوية الذي اختار الوسطاء بنفسه''، وشارك فيها، على حد قوله، مندوبون ينحدرون من التحالف من أجل التغيير، كانوا أدمجوا في الجيش المالي وفق بنود نص عليها اتفاق الجزائر بين حكومة مالي والتوارف قبل عام. وقد جاءت رواية فاغاغا ل''الخبر'' لتكشف أهم تطورات ملف الرهينتين وولفغانغ إيبنر وأندريا كلويبر، حيث أفاد أن عبد الحميد أبو زيد اشترط، لمواصلة التفاوض، إرسال موفدين نحو موقع حدده في مكان غير بعيد عن تيغرغارت، وهي منطقة نزحت منها قوافل من عائلات التوارف قبل عامين، ولجأت إلى الحدود الليبية، وذلك بعد مقتل عناصر من ''التحالف الديمقراطي'' خلال اشتباك مع السلفية للدعوة والقتال في 24 أكتوبر 2006 واستقرار عناصر من أتباع ''البارا'' بها، أولهم أبو زيد. وذكر محدثنا أن هذا الأخير طلب أن يأتي موفدان اثنان عن كل من مدينة تمبوكتو، ومدينة كيدال وأخيرا مدينة غاو، ومن خلالهم تتم المراسلات بين أبو زيد والمسؤولين الثلاثة الذين يمثلون حكومة النمسا والمتواجدين في باماكو منذ قرابة الشهر ''ويقيمون على الأرجح في مقر السفارة الفرنسية''. وتابع فاغاغا قوله: ''لقد قتل لحد الآن ثلاثة وسطاء بين القاعدة والحكومة المالية وهم من التوارف''. ويذكر في هذا السياق كلا من الرائد بركة الشيخ والطالب محمد أغ موسى، اللذين قتلا لما كانا في مهمة رسمية للتوسط في إطلاق سراح النمساويين المحتجزين لدى جماعة عبد الحميد أبو زيد. وسألت ''الخبر'' حسن فاغاغا عن سبب مقتل الطالب محمد موسى الذي لم يكن متوجها لأداء دور الوساطة، فرد ''هذه قصة طويلة.. فالرائد بركة الشيخ كان أحد موفدي منطقة كيدال للتفاوض وكان يرافقه كسائق الطالب محمد موسى لكي يوصله فقط إلى حدود 15 كلم خارج كيدال ليعود بالسيارة تنفيذا لشروط الخاطفين''. وتابع ''ولكن الذين نفذوا العملية بلغتهم أول الأمر معلومات أن بركة الشيخ سيرافقه الكولونيل محمد ولد ميدو، فلما رأوا محمد موسى مع بركة الشيخ اعتقدوا أنه المطلوب الثاني''. وروى فاغاغا أن التصفية تمت ''عند بوابة كيدال، حيث طلب من الموفدين، قبل وصولهم إلى المكان المحدد للقاء الأربعة الآخرين، إظهار الأمر بالمهمة داخل خيمة مخصصة لذلك، وحينها تم ربطهما''. وأضاف ''وجهت 9 رصاصات إلى رأس بركة الشيخ لأنه برتبة رائد، والطالب محمد موسى وجهت إلى رأسه 14 رصاصة لاعتقادهم أنه الكولونيل محمد ولد ميدو''. وختم يقول ''إنه مخطط لتصفية قيادات الجيش المالي الذين ينحدرون من القبائل الترفية في الشمال، وأحدهم ولد ميدو الذي كان رفيقا لي في معاركنا ضد الجيش المالي قبل أشهر، قبل أن يدمج في المؤسسة العسكرية''. وتشير مصادر من التوارف أنه، لحد الساعة، قتل ثلاثة وسطاء كانوا يقومون بجهود التفاوض مع الخاطفين بعد أخذهم لإذن موقع من السلطات المالية، وتتهم مراجع قريبة من المتمردين التوارف الاستخبارات المالية التابعة للجيش بالوقوف وراء التصفية، مشيرة إلى أن رجل أعمال ترفيا، هو عبد السلام أغ الصلات، والصحفي بكاي حمد أحمد، نجيا من مخطط لاغتيالهما.