عاجل: مداهمة أمنية لدار المحامي وإيقاف سنية الدهماني    عاجل/ الاحتفاظ بسائق تاكسي "حوّل وجهة طفل ال12 سنة "..    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    المهدية.. إفتتاح "الدورة المغاربية للرياضة العمالية والسياحة العائلية"    النادي الإفريقي.. إصابة الشريفي على مستوى الأربطة الصليبية للركبة    سليانة.. يحول مستودع لتخزين الغلال الى مستودع لتجميع محركات السيارات    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتّجاه الأرض    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    وزير الخارجية يعقد جلسة عمل مع نظيره العراقي    غدا الاحد.. انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المناطق من ولاية المنستير    منذ بداية سنة 2024.. إعادة قرابة 2500 مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم    وزير الشؤون الدينية يصدر هذا القرار    عاجل : رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    عاجل: الاحتفاظ ب"انستغراموز" معروفة..وهذه التفاصيل..    عاجل/ السجن لموظف ببنك عمومي استولى على أموال..    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    يوم تاريخي في الأمم المتحدة: فلسطين تنتصر.. العالم يتحرر    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    عاجل/ الاحتفاظ برئيس بلدية سابق و موظف من أجل شبهة..    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    المهدية: هذا ما قرره القضاء في حق الأمّ التي عنّفت طفليها    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محامية صدام تكشف ما لم ينشر.. الأميركان أرادو إذلاله و رأيت دموعه مرتين
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 01 - 2011

- لصدام في عنقي جميلان, ورسالتي غيرت اتجاه نظرة الشارع العربي للرئيس صدام حسين
- القي القبض على صدام قبل يومين من إخراج سيناريو اعتقاله, وكلٌ يروي قصة اعتقال صدام على أهوائه!!
- أعجبت بصدام حسين كقائد عربي, واتهمت بعلاقة مع عدي
- قال لي صدام: أنا من هسة أعرف حكمهم
في الذكرى الرابعة لاعدامه .. أسرار جديدة ومثيرة عن الرئيس العراقي صدام حسين، وسيناريو اعتقاله، وإعدامه، وحياته في المعتقل ترويها المحامية بشرى خليل في حوار ننشره على حلقتين، أجرته جليلة اللهبي مديرة تحرير مجلة المرأة والتنمية الصادرة عن الاتحاد النسائي العربي. وينشرها موقع نبأ نيوز على حلقتين
كتبت وصيتها قبل أن تذهب للمدافعة عن صدام، محامية شيعية تطوعت من لبنان للدفاع عنه. ومثل معظم العرب فإن بشرى وهي لبنانية، ليست غريبة عن واقع الحكم المطلق. ولكن منذ شاهدت صدام في شبكة تلفزيون «الجزيرة» بعد القبض عليه، خصصت حياتها لضمان الإفراج عنه، وقد عرّضها عملها في فريق الدفاع عنه إلى انتقادات واسعة من الشيعة، إلا أن بشرى تعد عملها كمهمة بالنيابة عن «القومية العربية»، وهو الأمر الذي كان يؤيده صدام حسين خلال السنوات التي قضاها في السلطة. وتعتقد بشرى أن ذلك يقضي على الخلافات الدينية، وسؤال ما إذا كان صدام حسين زعيماً له قيمة.
• امرأة عربية تدافع عن رئيس دولة؟ حدثيني عن هذه التجربة؟
أنا أعرف القيادة العراقية كافة ما عدا الرئيس، كنا في لجنة المتابعة الدولية التي تضم عدداً من الشخصيات المهمة من عدة دول عربية وأجنبية ، هذه اللجنة تكونت للدفاع عن قضية العراق لأن هناك ظلم واقع على العراق وحصار جائر وتجني دولي كبير من الولايات المتحدة الأمريكية ، ونحن كبشر ليس فقط كعرب ومسلمين لا نستطيع تحمل كل هذا الظلم أن يقع على شعب ودولة ونقف متفرجين بدون القيام بأي عمل لصالح القضية.
وتضيف كنا نتكفل بتنقلاتنا ونسافر 16 ساعة من بيروت إلى العراق عبر الصحراء لم يكن الأمر سهلاً ولكن كنا نقوم به لإحساسنا بالظلم الواقع وإحساسنا بامتهان إنسانيتنا لما لدينا من حس قومي.
بالطبع نشأت علاقة بيني وبين القيادة العراقية خاصة الأستاذ طارق عزيز لأنه كان رئيس لجنة المتابعة التي كنا أعضاءً فيها وكنا نلتقي بالسيد طه يس رمضان وعدد من القادة، الوحيد الذي لم أكن أعرفه هو صدام حسين، كنا متفاعلين مع وضع العراق، إلى أن حدث ما نعرفه وألقي القبض على الرئيس صدام حسين!!
• كيف كان وقع الخبر على مسمعك؟
يومها كنت عائدة من الدوام وصلت إلى البيت وكنت بانتظار وجبة الغداء، ذهبت لأفتح التلفاز لأشاهد من خلال قناة الجزيرة ما يحدث بالعراق – منذ سنتين أول خبر نتابعه كان ما يحث في العراق- سمعت المذيع يقول: مصرح عن مسؤول عراقي نعتقد أنه تم إلقاء القبض على الرئيس صدام حسين!! كان الخبر مثل الصاعقة خاصة أني صرت من المقاومة العراقية ، متفاعلة معهم ونحاول التواصل لتقديم الخدمات ، نعرف أن الرئيس صدام حين هو الذي يقود المقاومة وكان قبله طه يس الذي وقع بالأسر أيضاً، فكانت الضربات تتابع، أما الرئيس صدام حسين يوقع بالأسر؟!! خبر صاااااعق، ثم تابعت حتى عرضوا الرئيس بذلك المظهر الشهير.
• كيف كان شعورك عندما رأيته في الأسر؟
بالطبع كان المظهر مؤلماً جداً, فقد رأيته وأدركت أن الأمريكان درسوا عملية إظهار صدام حسين بهذا المنظر، في غرفة تحت الأرض، ضعيف، متلاشي، يحركوه بأيديهم مثل الآلة لا يقوى على الحركة، كانت غايتهم أن يذلوا صدام حسين أمام الشارع العربي، كثيرون كانوا متفاعلون مع قضية العراق والرئيس صدام حسين، وعندما يظهروه بهذه الصورة. كانت غايتهم بعد أن يرى الشارع العربي هذه الصورة أنهم سوف يحتقرون صدام حسين.
عندما كنت أشاهد صدام بهذا الحال شعرت أن الناس سوف تتوزع بين مشاعر متناقضة، منهم سيقول هو الذي جنى على نفسه وأوصلها إلى هنا، مع أنه صدام الأسطورة الذي كان إذا مشى انهدت الأرض تحت قدميه, اليوم أوصل نفسه إلى هذا المطاف، ومنهم من سيقول أنه بطل عربي واجهه العدوان على بلده ووصل إلى آخر لحظة.
• بعد هذه المشاعر تجاه الموقف ماذا كانت ردة فعلك؟
حينها شعرت أن كلمة واحدة باستطاعتها تغيير اتجاه الريح ، فوراً كتبت للجزيرة الرسالة التالية "لهذا الرجل في عنقي جميل" فقالوا لي ضروري أن تذكري موقف مهم، فقلت لهم الجميل الأول: أنه رفض أن يتنحى– بالطبع أخذ موضوع التنحي جدلاً كبيراً عند الناس وظنوه معلق بالكرسي- لأنه لو تنحى لقدمت الأمة العربية على طبق من ذهب للأمريكان فبعدم تنحيه حمى الأمة العربية وبقرار المواجهة جعل المعركة تتجه اتجاهاً آخر وإلا لكانت أمريكا احتلت العراق وصوبت اهتمامها فورا باتجاه سوريا ولبنان.
الجميل الثاني: أطلق شرارة المقاومة التي ستحرر العراق والتي حمت سوريا وحزب الله بلبنان والمقاومة, لهذه الأسباب أنا أتقدم للتطوع للدفاع عنه.المحامية بشرى خليل
الجزيرة تسلمت الرسالة وأصبحت تبثها بشكل متواصل، ومن هنا أصبح الناس يرون صدام حسين ذلك البطل الذي رفض أن يتنحى والذي أطلق شرارة المقاومة بعدها اتصلت بي العائلة وشكلت هيئة دفاع وقتها وبدأنا نتواصل مع الموضوع.
وتعلق: الشيء المميز في الموضوع أنني كنت شيعية، وكانت أحدى جرائمه أن صدام حسين السني قتل الشيعة وهذه جريمة ضد الإنسانية كل عناصرها متوفرة لأنه قام بالقتل لأسباب عرقية أو دينية.
وتستطرد: أنا شيعية من جنوب لبنان، خالي المرجع الأعلى للشيعة ومن المراجع الكبار بالعالم، عائلتي من العائلات الدينية على مستوى العالم وليس على مستوى لبنان فقط، فتأتي من بنت من هذه العائلة ومن جنوب لبنان ومن عائلة ارستقراطية وعائلة والدي من العائلات القيادية السياسية ومحامية مشهورة في لبنان، تقف إلى جانب صدام في قضية متهم بها أنه قتل شيعة، هنا سقط نص الادعاء لأننا لا يمكننا القول أنه قام بقتل شيعة.
هنا حدثت ضجة كبيرة بالعراق، ولبنان أيضاً, عائلة الحكيم كانوا يوميا يتصلوا بعائلتي لإقناعي بالانسحاب من القضية.ومن هنا ظهرت في كل الوسائل الإعلامية العربية والأجنبية وإذا كانت لدي مقابلة في البيت أجلس تحت صورة خالي المرجع الأعلى للشيعة، إذ أنني استفدت من هذه الوضعية لخدمة قضية صدام.
وتضيف بتنهيدة حارة: بعدما حدث إلي حدث بالعراق بدأنا الترافع عن صدام وتكونت لجنة الدفاع, كنا خمسة تقريبا من تونس والعراق ومصر والأردن وقطر وأنا من لبنان، شكلت المحكمة قرارها في 11/12/ 2003م قبل يومين من إلقاء القبض على صدام هذا يعني أنهم القوا القبض عليه قبل يومين من عرضة على التلفاز بتاريخ 13/12/2003م ، وبدؤوا بالتحقيق لدى قاضي التحقيق قبل المحكمة.
• حدثينا عن أول لقاء، شعورك، أول جملة قالها؟صدام حسين في المحكمة
كنا نصل قبل انعقاد المحكمة بيومين و قبل نقل صدام من مكان اعتقاله إلى المحكمة بيوم ، كنا نؤخذ من المطار لنقابله وكنا نستمر من 5- 8 ساعات.
أول يوم التقيت به كان قبل المحكمة بيوم واحد لأن اليوم الذي سبقه كانت توجد عوائق تحول دون الوصل إلى بغداد- بالطبع عوائق أمريكية- فحضرنا قبل المحكمة بيوم واحد وكان قد نقل من مقر إقامته إلى مبنى المحكمة وجلسنا معه 3 ساعات فقط, وكانت أول مرة في حياتي أرى فيها صدام كان حدث تاريخي بالنسبة لي.
• أتذكرين أول جملة؟
أنا أتذكر كل يوم اللحظات لحظة بلحظة، أول ما دخلنا على صالة الانتظار وأبلغونا بتعليمات عدم مصافحته، وافق المحامون إلا أنا قلت لهم لا أستطيع السيطرة على انفعالاتي في هذه اللحظة ، استوقفهم موقفي طويلاً وصاروا يذهبون ويرجعون وسين جين ....الخ.
• وقلت باستغراب: لمصافحة فقط؟!!!
نعم نعم مصافحة فقط، ربما من ناحية أمنية بالنسبة له، كنت مصرة لأني بالفعل لم أكن أتوقع ما الذي سوف أفعله عندما أراه، وبعد مرور ثلث ساعة ربما سألوه ووافق.
بعد ذلك تصف لنا المشهد بقولها: كانت القاعة كبيرة طولها 17 متر وعرضها 7 أمتار ووضعوا فيها طاولة مربعة متر ×متر وأمامها طاولة أخرى متر ونصف × متر ، وهو سوف يجلس على الطاولة الأكبر وتوجد مسافة بين الطاولتين ونحن المحامون سنتوزع على الطاولة الثانية.
أول شيء فعلته أني قمت بإلصاق الطاولتين ببعضهما لكي تكون المسافة للمرور قريبة وجلست في أول كرسي مقابل للباب الذي سوف يدخل منه, كنا قد دخلنا من باب في جهة الشمال وهو سيدخل من باب من جهة الجنوب،القاعة لها بابان والنصف الأعلى من كل باب زجاج يقف عليه الجنود الأمريكان.
جلست على الكرسي وعيناي تترقبا الباب، لم أعد أعي ما يدور حولي ولم أعد أسمع ما يقال، وفتح الباب وحانت لحظة اللقاء.
وتصف بذهول شخصية صدام : كان طوله 187 تقريباً ، قامته منتصبة ، ظهره جامد، وهذا شيء غريب على رجل بلغ عمره 70 عاماً ومر بكل هذه الهموم والمشاكل؛ العمر، الأسر، قتل أولاده ،قطع نسله، انهيار عرشه, كل هذه الأسباب تحني الظهر, لكن صدام مرفوع الرأس ودقنه زاوية قائمة ولا ينظر إلى الأرض وهذه من صفات القائد، الذي لفت نظري مشيته- أنا أحب علم النفس كثيراً- تنبهت لمشيته لأن الإنسان عندما يمشي يتحرك الجزء الأسفل من جسده قبل الأعلى وعندما يكبر في السن يحدث العكس، وتفسر: لأن الحركة تصبح أثقل ولا يكون الشخص قادراً على التحكم بركبتيه وجسمه ورجليه وساقيه وعضلاته، صدام كان شاباً عمره 25 سنه يتحرك الجزء الأسفل من جسمه قبل الأعلى، وهذا لعدة أسباب :لأنه رياضي وإنسان ما زال قوياً معنوياً، كان عندما يمشي عصب رجليه مشدود، هذا كله يعني أنه إنسان يؤمن كثيراً بما فعله ومقتنع تماماً بذلك.
وتقول أنا اندهشت عندما رأيته.. كنت أراقب هذا الإنسان وأحلله, هذه الخطوات الواثقة وهذه الوقفة المنتصبة والعصب المشدود والظهر المستقيم والجبين المرفوع , وتوصلت إلى أن هذا الشخص مرتاح كل الارتياح ومقتنع بالذي قام به وكأنه لم يُأسر ولم ينكسر بعد.
أُعجبت به كقائد عربي، ونحن كعرب نرى الشخصيات والقيادات التاريخية بشيء من الرومانسية، واليوم شاهدت واحداً منهم، كان حقيقة وليس مجر صورة, لم أكن أعرف ما هي المشاعر التي كانت تتضارب داخلي، وقبل أن يقترب قفزت من فوق الطاولة والكرسي باتجاهه لأصل إليه وصافحته وحضنت يده بكلتا يديَّ، هو كان ينظر إليَّ بحنية وعاطفة ، وهو بالمناسبة عاطفي جداً!!.
• أول ما سمعتيه من صدام لحظة لقائك به؟
بدأنا الكلام وعرفته بنفسي، بالطبع كان يتابع الأخبار وكان يعرف أن بشرى الخليل امرأة تطوعت للترافع عنه، ولكني قلت له أنا يا سيادة الرئيس أريد أن أعرفك بنفسي، خالي المرجع الشيعي الشيخ محمد تقي الفقيه، وكان قريباً جداً من محسن الحكيم الذي وكله الأخير كوصيّ على أولاده باقر الحكيم عبد العزيز الحكيم وكان أيضاً المرجع الشيعي الشيخ محمد تقي الفقيه أستاذاً في النجف الأشرف, وتتلمذ على يديه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السابق الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والمرجع الشيعي في لبنان الشيخ محمد حسين فضل الله ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، نظر إليَّ وانشرح صدره كأنه ارتاح من شيء يضيق به صدره، لوجود شخص شيعي يؤمن به وقال : أنا قلت لهم هذا.
وتشرح: بالطبع أنا فهمت ما يريد قوله، بعد ذلك دارت عدد من الأحاديث استمرت ل 3 ساعات.
• هل سألته عن ظروف اعتقاله وعن الحفرة التي وجد بها؟بشرى خليل
لم اسأله عن ذلك، ربما لأنهم سألوه قبل أن أحضر أنا لأني حضرت بعد شهور من المحكمة ولا أحب تكرير السؤال، وقد أكون مخطئة لعدم سؤالي له لأنه كان يجدر بي أن لا أثق بما يقال لأن كلا يروي القصة على شاكلته، ولكن الذي أعرفه أنه لم يكن تحت الأرض أبداً.
كان بالمنزل الذي في مدينة الدور, ولكن هذه الحفرة جهزت للجوء إليها في حال قدوم الأمريكيين، الحفرة موجودة في أكثر من مزرعة لكن وقت قدوم الأمريكيين لم يكن فيها، وقبضوا عليه بسبب وشاية، كان يتنقل ويشارك في مناسبات ومرّ في حاجز أمريكي مرتين، وهو يقود سيارة بيك آب، دون التعرّف عليه.. وأضافت: عرفوا من الواشي أنه كان يتهيأ لصلاة المغرب. حينها سمع هدير سيارات وطائرات، فنشروا غازاً يسبب شللاً مؤقتاً ولم يستطع التحرك، وكان يصلي في المزرعة.
• ولكن العالم كله شاهد عمليه اعتقاله وأخذه من غرفة تحت الأرض؟؟
لا أدري كيف أُخرج هذا السيناريو ولا يمكنك الوثوق بشيء يقدمه الأمريكان، عندما كانوا يفحصوه كان واضحاً أنه مخدر لأنه شخص من الصعب أن يستسلم.
وتعلق: من أول يوم رأيته فيه أدركت أنه ذاهب إلى المشنقة لا محالة بقدميه وباختياره، وأنه لن يساوم على الخروج من السجن، وقالت: اكتشفت أنه متأثر كثيراُ بشخصية الإمام الحسين, ويرى أنه وقع في نفس الظرف التاريخي الذي واجهه الإمام الحسين الذي لم يكن أمامه من خيار سوى الموت، رفض الاستسلام أو المساومة إذ أن الأمريكيين عرضوا عليه إخراجه إلى أي بلد آخر يختاره وأن يعيش مع أسرته وعائلته ويقدموا له أموالاً بشرط أن يدعو المقاومة إلى توقيف نشاطها وإلقاء السلاح. ونقلت عن الشهادة بالنص "ساومني أحد الجنرالات الأمريكان على حياتي مقابل أن أخون نفسي لا سمح الله فأدعو الشعب إلى إلقاء السلاح بلا شروط، وقد أخزيت نواياهم وأعليت راية شعبي وجيشي وأمتي عندما رفضت ذلك الطلب الخسيس".
حينها قلت إنه لن يخرج إلا إلى مكانين: إما كرسي الرئاسة في حالة انسحاب الأمريكان وهو ما يزال على قيد الحياة، أو إلى المشنقة في حالة وجود الأمريكان.....
• هل كان لديه الأمل في الذهاب إلى مكان آخر غير المشنقة؟
ترد: خلال أحاديثنا قال لي: "أنا من هسه أعرف حكمهن شو هو، وأنا ما يهمني حكم المحكمة بقدر ما يهمني حكم الشعب شو بدو يحكم علي"....
فكنت دائماً أكتب له ملخصاً صغيراً عن وضع الشارع العربي وتفاعله مع المحكمة وعن الوضع الداخلي في العراق والوضع العربي والإقليمي وحريصة أيضاً أن أنقل له مشاعر الشعب العربي حيال اعتقاله، فكنت عندما أمشي في الشوارع العربية يستوقفني المواطنون ويحملوني رسائل لصدام، كنت بتونس وأخذت له كيساً من الرسائل وغلاف جوال يحمل صورته، وقرأت له نماذج منها ، كان يسمعني وعيناه تلمع من التأثر، وكنت أحكي له مواقف أخرى، مثلا بليبيا التقيت بشخص من موريتانيا قال لي: منذ أيام سجل الطفل رقم 4000 باسم صدام، وأم عربية أخرى ترقد في غيبوبة وعندما تفيق لا تسأل سوى عن صدام وماذا حل به؟! تحس كل أم عربية أنها الأم وأنت ابنها،- فلمعت عيناه مباشرة للمرة الثانية- وهذا آخر حملني السلام أمانة وهو يبكي- البعض منهم محتفظ بالرسائل حتى الآن- كان صدام سعيداً بهذه الأخبار وكان يقول لي: "هذا هو الشعب حكم وخلص هذا هو حكم الشعب"، لم يكن يأبه لحكم المحكمة ولا للموت، كان يأبه للعراق وشعب العراق.
لم يكن مشهداً سهلاً أن تري دموع صدام ، رأيت دموعه مرتين!! فهو إنسان عاطفي يتأثر ويتفاعل مع تلك المواقف.
وتضيف: قال لي لو لم يكن هناك إعلام لما حضرت المحكمة ،كان يحضر ليتواصل مع الشعب ولتحفيز الشعب العربي تجاه المقاومة ورفض الاستعمار من خلال المحكمة ، هذا كان هدفه ، كان يوجه رسائل للشعبين العراقي والعربي.
(دي برس)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.