سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي أتقدّم بين يديك ببلاغ شكوى ضدّ الإقصائيين والإستئصاليين الّذين حرموني من بلادي طيلة ما يقارب العقدين وأجبروني على الهجرة القسرية و شرّدوا الكثير من بني وطني وسجنوا وعذّبوا حتّى الموت واستباحوا الأعراض والحرمات ودنّسوا المقدّسات وروّعوا الأهالي ونهبوا الأموال وجوّعوا النّاس ولم يرقبوا فينا إلاّ ولا ذمّة... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي قبل أن تقول كلمتك الفصل يوم 14 جانفي 2011 لقد سخر هؤلاء البغاة من آلامنا وصادروا كلّ حقوقنا وجعلونا أدمغة وعضلات تشتغل وتحترق ليسعدوا هم ويشبعوا جشعهم اللاّمتناهي ونهمهم الفبيح... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي مات من أهلنا من مات ولم نستطع حتّى إلقاء نظرة الوداع على جثمانه بسبب سجن أو هجرة قسريّة كما أقيمت الأعراس والأفراح في أهالينا وكبر الصّغار ولم نتمتّع بالعيش في أمان في كنف عائلاتنا وأسرنا... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي حياتنا مكابدة وألم والشّوق إلى أرض الوطن يصبّحنا ويمسينا ويعصف بوجداننا فنصبر ونصابر ونتناسى ولكنّه الوطن، جزء من الذّات لا يمكن تناسيه ولا يمكن الإستغناء عنه ... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي حرمونا دون حقّ أن نخدم بلدنا ونساهم في رقيّه وازدهاره بل وسعوا لإظهارنا كمجرمين عسى أن ينبذنا المحيط الّذي لجأنا إليه والمجتمعات التي آوتنا. أرسلوا جلاوزتهم وسماسرتهم يكذبون ويلفّقون التّهم ويشترون الأقلام والذّمم بأموال الشّعب للنّيل منّا ولكنّ الله أبطل كيدهم وردّه في نحورهم ... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي كلّ هذا تحمّلناه ولا نبالي، من أجلك نضحّي بالغالي والنّفيس ونجود بالأرواح ... ينظر الواحد منّا في جرحه، يتلمّسه و يعتصره ثمّ يتبسّم ويمضي ساخرا من سخافة هؤلاء الحاقدين وكلّه أمل في عدالة إلاهية قريبة ... دعونا وتمنّينا ووو وفينا حتّى من ظنّ بك الظّنون ويئس منك!!! فلا تؤاخذنا ولا تغضب... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي هديّتك الّتي أهديتنا يوم 14 جانفي 2011 أنستنا كلّ ألم ونصب ووصب فشكرا شكرا شكرا على هذه الهدية المفاجئة الرّائعة لقد رفعت رؤوسنا وجعلت الواحد منّا يمشي سوي الهامة يفيض افتخارا بالإنتماء والإنتساب إليك... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي لديّ خشية أودّ أن أهمسها في أذنك : لقد رحل رأس العصابة ولكن جذورها ما تزال تنخر هنا وهناك تمتصّ دمك وعرقك وتكيد لتركيعك وافتكاك انتصارك الثّمين وإهدار إنجازك غير المسبوق ... هم مضطربون ويبحثون عن سند "قانوني" لمواصلة ذبحك وابتزازك ... يتربّصون بك لإقصاء رجالك وبناتك الأوفياء والإستفراد بمقاليد الأمور لمواصلة جرّك نحو الهاوية... فاحذر سيّدي القاضي. عصابتهم هنا وهناك تروّع أبناءك وبناتك وتحرق وتنهب وتزرع الفوضى فعليك بهم سيّدي القاضي ولا شفقة ولا رحمة ومن تاب تاب الله عليه. سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي لولا العظمة الّتي تجلّت في هبّتك الأخيرة والثّقة التي بعثتها في نفسي واليقين الّذي ترسّخ بقدرتك على الحسم العادل ما كنت لأتقدّم بين يديك بشكواي هذه ... لست أشتكي ممّا مضى بقدر ما أريد أن أعبّر لك عن خشيتي ممّا يمكن أن يحصل في المستقبل القريب ونحن نرى خصومك وأعداءك يتآمرون ليل نهار في السّر والعلن لإقصاء أبناءك الأبرار المخلصين وحرمانهم من حقوقهم المشروعة فانتبه سيّدي القاضي لمكرهم وكيدهم ولا تدعهم يفعلوا ولا تسلم أحدا من أبناءك وبناتك للظّلمة والمتعفّنين إيديولوجيّا... انتبه سيّدي القاضي وليظل سيف عدلك مشروعا فوق كلّ الرّؤوس ولا تتردّد في الإطاحة بمن يتطاول عليك ولا تسلم أمورك إلاّ للأقوياء الأمناء... سيّدي القاضي، أيّها الشّعب التّونسي في انتظار حكمك النّهائي العادل تقبّل منّي سيّدي القاضي روحي ودمي قربانا خالصا متى شئت وعشت حرّا سيّدا. محبّك العربي القاسمي / سويسرا نوشاتيل في 17 جانفي 2011