"العمال الشيوعي " يؤكد : مقومات الهوية التونسية عربية إسلامية وحداثية بدات "إشكالية العلاقة بين الإسلام والعلمانية" تاخذ حيزاً معتبراً في الفضاء الفكري والسياسي التونسي، فحالة الجدل القائم حول طبيعة الهوية الوطنية المطروحة الان تثيرها مجموعات من السياسيين والمفكرين وجدوا في الفصل الاول من دستور 1959 منطلقا لطرح اشكاليات وتقديم حجج. ولكن في المقابل افكار واثباتات تاريخية تؤكد على سلامة تمشي الهوية الوطنية والتي لم تكن مطروحة قط في الاوساط السياسية والفكرية قبل الثورة وحتى منذ تشكيل النص الدستوري للبلاد التونسية فهل بات الأمر اليوم أشبه بالعودة إلى "عقدة تاريخية " على حد تعبير احدهم؟ وهل تتحمل هذه الفترة من التحول التاريخي للبلاد طرح اشكاليات تبدو محسومة اصلا ؟ هل أن لهوية البلاد ثوابت ومحصنات وطابوهات لا يمكن حتى مجرد النقاش فيها؟ لماذا الخوف من طرق هذه الابواب؟ وما مدى صحة القول أن هذا الطرح هو مجرد التفاف على شرعية الثورة ؟ وهل يعني القول بالهوية الاسلامية الانغلاق على الذات ورفض الاخر؟ أما أن الطرح هو محاولة بائسة من قبل البعض لتاجيل انتصار الشعب التونسي لما حققه من سير نحو الديمقراطية الحقيقية؟ في ردها على جملة الاسئلة المقدمة اعتبرت حركة النهضة "أن محصلة التجربة التاريخية توجت وانتهت باعتبار الثوابت الوطنية ترتكز على مقومين اساسيين هما العروبة والاسلام وهو ما يؤكده الشعب التونسي من خلال تمسكه بهذه الثوابت سواء كان خلال امتداد المستعمر الفرنسي المباشر أو من خلال النص الدستوري أو وثيقة الميثاق الوطني وايضا عبر العهد الديمقراطي الذي امضته مكونات هيئة 18 اكتوبر." وقال نورالدين البحيري عضو المكتب السياسي للحركة أن القول بالهوية العربية الاسلامية للشعب لا تعني الانغلاق ورفض الاخر وحرمان من يخالفها الراي بالادلاء بموقفه تجاه القضايا القائمة." واعتبر البحيري أن من يطرحون هذه الاشكاليات انما هم يحاولون التشكيك في هوية الشعب و يدفعون بالبلاد نحو فتنة داخلية من شانها أن تعطل وتعرقل تحقيق الانتقال الديمقراطي والانقلاب على الثورة والحيلولة دون ممارسة الشعب لسيادته في اقرب الاجال." واستنتج البحيري " أن هذا الطرح الجديد لا علاقة له بالفكر والقناعات بل هو هدف سياسي يرمي من ورائه اصحابه ادخال تونس في جو من الفوضى قد يعطل اجراء انتخابات حرة وشفافة في اقرب الاجال." وتساءل البحيري " اين كان اصحاب هذا الطرح حين كان نظام المخلوع قائما على صدور الناس أو عندما بدأت الثورة التي خرجت بشعارات موحدة؟" اسئلة اخرى طرحها الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي حمة الهمامي حيث تساءل عن الغرض من طرح هذه الاشكاليات في وقت يؤكد فيه الجميع على انتماء الشعب التونسي إلى الفضاء العربي الاسلامي ؟ كما تساءل الهمامي " عن توقيت هذا الطرح واغراضه هل هو للحفاظ على الانتماء والتصدي للمحاولات الاستعمارية لتذويب الشخصية الوطنية مثل ما حصل في العهد الاستعماري وما يحصل الان في اطار العولمة الراسمالية بكل ابعادها ؟ ام أن الغرض من ذلك حصر الانتماء في الماضي ونفي الحاضر والمستقبل؟ واعتبر الهمامي "أن الهوية في تونس هي ذات مقومات عربية اسلامية وحداثية ايضا ذلك أن الهوية مشروع يثرى و يتطور عبر التاريخ وكل جيل من الاجيال يطبعه بما يصبغه من اضافات." وقال الناطق الرسمي باسم حزب العمال أن هيئة 18 اكتوبر تمكنت من بلورة اجابة على هذه الاسئلة وهي أن هوية الشعب سيرورة تاريخية وتتشكل من مقومات حضارية عربية واسلامية وحداثية فاقرارها هو بهدف تطوير الشخصية التونسية وحمايتها من التفسخ دون أن يعني ذلك اعتمادها ذريعة لضرب الحريات الفردية والعامة ." مستنتجا " انه لا تطور للشخصية الوطنية دون حرية بمعناها الشامل." ومن جهتها اعتبرت الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات بشرى بالحاج حميدة أنه من الواجب اليوم وضع النقاط على الحروف فالدين مقدس والمقدس لا يمكن له أن يدخل في لعبة السياسية ذلك انه اذا ما لامس هذا المجال فانه يتحول إلى مشروع وموقف سياسي وهنا من حقي مناقشته. واوضحت بالحاج حميدة أن التيارات الاسلامية تحولت إلى مشاريع تبحث عن اكثر ما يمكن من اصوات من خلال استغلال الشعور الديني للمواطن قصد تمرير خطاب سياسي مقنع. واضافت المتحدثة أن الاعتبار القائم الان يقوم على اعتماد القول بان الفكر العلماني هو فكر صادر عن جهات خارجية وهو امر يحمل في طياته تناقضا على اعتبار أن الافكار المعتمدة من الاسلاميين هي في ذاتها افكار وافدة من الخارج ايضا. وعن مدى صحة القول بالانفتاح وحرية الاخر في الادلاء برايه اعتبرت بالحاج حميدة " أن هذا الموقف يحمل في طياته تناقضا تاما وذلك بالنظر إلى التصرفات التي ياتيها بعض من يحملون هذه الرؤية." ويذكر أن التاريخ سجل قبل اكثر من خمسين سنة جدلا حادا حول الفصل الاول من الدستور لكن سرعان ما حسم الامر لفائدة " اغلبية " اخذت بعين الاعتبار الوازع الديني عند اغلب التونسيين و " سلطة " المؤسسة الدينية وقتها ( كبار الشيوخ) مقابل " اقلية " من دعاة الفكر الحداثي ممن اتموا تعليمهم العالي بفرنسا. ويذكر أن "الصباح" اشارت في عددها امس إلى عسر المخاض الذي تشكل في طياته الفصل الاول من دستور 1959. خليل الحناشي