تونس - صالح عطية :ناشد عدد من الكوادر النقابية في تونس، جميع العمال والنقابيين التحرك من أجل أن يستعيد اتحاد العمال التونسي، (المنظمة الشغلية الوحيدة في تونس)، حجمه ودوره الوطني الذي افتقده خلال السنوات الماضية. وجاء هذا النداء، بمناسبة اليوم العالمي للشغل الذي يحتفل به التونسيون مثل سائر شعوب العالم، في سياق انتقادات شديدة وجهها النقابيون لمنظمة الشغيلة، عبر عرائض متعددة وقع عليها مسؤولون نقابيون لأول مرة منذ سنوات عديدة. وأهاب عشرات الكوادر النقابية، بالعمال في جميع الهياكل والقطاعات، لتجاوز خلافاتهم و"التجنّد لإنقاذ اتحاد العمال من الانهيار والتلاشي" على حدّ وصفهم. وجاء في هذه العريضة، التي حصلت الشرق على نسخة منها، أن "الاتحاد يمرّ منذ سنوات بأزمة هيكلية وقيميّة مزمنة، أصبحت تهدد كيانه بعد أن أفقدته الكثير من مصداقيته ونجاعته"، سواء في علاقته بالفئات الكادحة التي تواجه تحديات معاشية كبيرة، أو في "القيام بدوره الوطني في القضايا الأساسية". واعتبر هؤلاء، أن هذا الوضع انعكس على مستوى "الانخفاض الحاصل في عدد المنخرطين في الاتحاد، واضمحلال عديد القطاعات المهنية، إلى درجة أن تمثيليته باتت منحصرة في بعض فئات الوظيفة العمومية". ولم يخف المسؤولون النقابيون، ما وصفوه ب "عجز القيادة النقابية على تطوير الإرث النضالي للاتحاد"، و"عدم تصديها لتداعيات العولمة في جانبها الاجتماعي"، منتقدين "غياب البعد الاستراتيجي لرؤية المنظمة"، و"عدم قدرتها على التسيير اليومي العادي للعمال والنقابيين"، على حدّ تعبيرهم. أزمة بنيوية من جهته، اعتبر الحبيب غيزة، رئيس الجامعة التونسية للعمل (منظمة موازية لاتحاد العمال)، أن الحركة النقابية التونسية، تعيش اليوم "أزمة" وصفها ب "البنيوية"، وتتسم بحالة من العطالة وانسداد الأفق، نتيجة تراكم السلبيات خلال تجربتها التاريخية التي تحكمها "ثقافة نقابية لم تخرج عن دائرة الفكر المحافظ". وشهد مقر اتحاد العمال التونسي أمس، تجمهر نحو مائتين من الكوادر النقابية للتنديد بقيادة اتحاد العمال، والمطالبة بحوار مباشر مع المسؤولين على المنظمة، لكن قيادة اتحاد العمال اختارت عدم مواجهة النقابيين، قبل أن يتم تفريق النقابيين من طرف أعوان الأمن التونسي بهدوء. وقال الحبيب بسباس، الأمين العام السابق للاتحاد النقابي المغاربي في تصريح ل الشرق، أن المنظمة النقابية تعاني مما وصفه ب "عملية اغتصاب"، وهو ما يستوجب تحريرها من هذه المجموعات التي لا صلة لها بالعمل النقابي"، على حدّ تعبيره. ودعا بسباس إلى تحويل هذه الجهود إلى "جبهة نقابية"، تدافع على بديل نقابي يقود لخلاص المنظمة، واستئناف الديمقراطية صلبها، إلى جانب تعصير أسلوبها النضالي الاجتماعي. وعلمت الشرق من جهة أخرى، أن عددا من النقابيين أعلنوا أمس عن إنشاء "مرصد وطني للحقوق والحريات النقابية"، مستقل عن اتحاد العمال. وتقرر أن يتولى المرصد رصد التجاوزات والانتهاكات ضد النقابيين والعمال من دون استثناء، إلى جانب مساندة جميع النضالات العمالية. ويمر اتحاد العمال التونسي، الذي يعدّ أول منظمة نقابية في العالم العربي وإفريقيا، بفترة حرجة نتيجة الانتقادات التي توجه لقيادته، وحالة الضعف والوهن التي يمر بها منذ فترة طويلة، مما أثر على أداء النقابات في مواجهة القطاع الخاص.