دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    أخبار المال والأعمال    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    لوقف الحرب في غزّة .. هذه تفاصيل المقترح الأمريكي    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    إطلاق منصّة جبائية    رادس: محام يعتدي بالعنف الشديد على رئيس مركز    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    إختيار بلدية صفاقس كأنظف بلدية على مستوى جهوي    أمطار الليلة بهذه المناطق..    الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    بنزرت: وفاة أب غرقا ونجاة إبنيه في شاطئ سيدي سالم    كرة اليد: الترجي يحرز كأس تونس للمرة 30 ويتوج بالثنائي    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    غرق قارب بأفغانستان يودي بحياة 20 شخصا    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    بعد إغتيال 37 مترشحا : غدا المكسيك تجري الإنتخابات الاكثر دموية في العالم    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    حريق ضخم جنوب الجزائر    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي 'أكوا باور'    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدعوكم إلى العصيان: بقلم : طارق البشرى
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 05 - 2008

span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: navy; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: red; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ما يسبق تعديل الدستور أو ما يصاحب المطالبة به
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"1- مرة أخرى يثور الحديث عن تعديل الدستور. ويثور هذا الحديث فى هذه الأيام بشكل أكثر جدية مما ثار من قبل. لأنه يثور الآن بصدد اجتماعات الأحزاب وبرامجها وأهدافها الأمنية فى هذه المرحلة المعيشية. والحديث عن الدستور يقوم على التصريحات الرسمية وفى البيانات المشتركة وفى مشروعات المواثيق باعتباره رأس المطالب السياسية الواجب طرحها الآن ويسعى لتحقيقها.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لا اتكلم هنا عن العيوب القائمة فى دستور 1971 المعمول به حاليا، لأننى لا اختلف على من يطالبون بتعديله حول هذه العيوب، وعلى وجه الخصوص ما تضمنه هذا الدستور من سلطات بنسبة مطلقة لرئيس الجمهورية من حيث اختياره بالاستفتاء العام على مرشح وحيد دون منافس، ومن حيث ممارسته للسلطة التنفيذية ورسمه السياسات والإشراف على تنفيذها، ومن حيث إنه يجمع بين ذلك وبين كونه حكما بين السلطات بما يفيد نظريا وتطبيقيا تحكم رأس السلطة التنفيذية فى السلطات الأخرى بوصفه حكما بين جميع السلطات وأن النظم الدستورية والقانونية لا تطبق هذا التصور، تصور أن تجمع جهة واحدة بين أن تكون حكما وخصما فى ذات الوقت، ناهيك أن تكون هذه الجهة هى فرد واحد.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"كما أن النظام القانونى لا يطيق أن يكون فرد مختار لرئاسة الجمهورية يملك سلطات التنفيذ ورسم السياسات والإشراف على التنفيذ، ويملك التحكم فى أجهزة التنفيذ كلها دون أن يكون مسئولا أمام أية جهة دستورية إلا أن يعانى انتخابه بالاستفتاء العام بغير منافس له مرة كل ست سنوات، ودون حد أقصى لمرات الانتخاب وتولى الرئاسة، وعلى مدى كل من السنوات الست بين كل استفتاء منفرد واستفتاء منفرد تال له، على مدى كل هذه السنوات لا توجد جهة فى الدستور أو هيئة أو سلطة دستورية تملك أن تحاسبه أو تعترض على قرار له أو تراجعه فى قرار اتخذه.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"كما أننا لا نختلف فى أن هذ الوضع الدستورى هو واحد من أهم الأسباب التى أدت بنا إلى ما نحن فيه الآن من وهن شامل للبنية الوطنية والسياسية الاجتماعية لمصر كلها، لأن الشأن العام للدولة المصرية قد صار إلى أن يكون شأنا خاصا لمن يتربع على أريكة الحكم منفردا بها سنة فسنة وعقدا من السنين فعقدا آخر من السنين فعقدا ثالثا، بإرادة فردية شخصية نافذة لا تراجع إلا أن يكون ضغطا عليها يمارس من الخارج. وبهذا صار المسئول الوحيد فى الدولة المصرية هو غير المسئول الوحيد فيها.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"كل ذلك لا يحتاج إلى فصل حديث ولا إلى مزيد تذكر وبيان، إنما هو يحتاج إلى معالجة، والسؤال هو كيف تكون المعالجة؟ وهل تكون المعالجة الناتجة هى مجرد تعديل الدستور، أم أنها تحتاج إلى معالجات أخرى قبل تعديل الدستور، لأن هذه المعالجات المسبقة هى ما عليه المعول لضمان تعديل الدستور على الوجه المطلوب، ولأن ينتج هذا التعديل الآثار الطيبة المرجوة لحفظ كيان هذا البلد ولحمايته من مخاطر الخارج ولرعاية مستواه الحضارى الذى بلغه بشق الأنفس على مدى القرون، وبوجه خاص على مدى القرنين الماضيين.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"أقول ذلك لأن بلدنا مخنوق، هذا البلد بملايينه من البشر، وبزراعاته وصناعاته واقتصاده وبخبراته العلمية والفنية، والثقافية، ونظم إدارته الحديثة وأجهزته الإدارية والأمنية والسياسية وبمؤسساته وهيئاته وجامعاته ومدارسه، هذا البلد بهذه السعة وبهذا التعدد والتنوع وبهذا الشمول وبهذه الخبرات المتراكمة، كل ذلك جميعه ينحصر ويلملم لتمسك به قبضة رجل واحد، إن قبضة الرجل الواحد على رقبة هذا الجسم الكبير، لا تمسكه إنما هى تخنقه وتميته.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ولكن ما العمل، تعديل الدستور مطلوب جدا، ولكن ماذا قبل تعديله وماذا يصاحبه وماذا بعد؟.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"2- إن الدستور هو نظام قانونى، وهو يسبغ الشرعية على واقع قائم أو يحصر الشرعية عن واقع ضار، وهو ييسر وجود ما هو مطلوب ويعوق ظهور ما يراد تجنبه، وهو ينظم علاقات التعامل بين ما هو قائم فى الواقع من قوى اجتماعية ومؤسسات مشخصة لهذه القوى، ومن كيانات سياسية سواء كانت فى داخل هياكل سلطة الدولة أو خارجها. بمعنى أن الدستور ينظم ما هو قائم ويفسح أو يضيق ويثقل أو يخفف، ولكنه لا يوجد بذاته غير موجود ولا يقضى بذاته على ظاهرة يراد إنهاؤها، إنه فقط يتيح إمكانية وأن العمل السياسى والاجتماعى هو ما عليه المعول فى تحقق وجود أمر مطلوب أو نفى وجود ما لا رغبة فى بقائه.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن دستور 1923 مثلا أتاح قدرا من التداول فى السلطة، لا لأنه نظم ذلك فقط، ولكن لأن المجتمع كان فيه تعدد لقوى سياسية واجتماعية متبلورة فى تنظيمات وتكوينات مؤسسية، ولم يكن فى مكنة أى من هذه القوى أن تنفى الآخريات فى الواقع السياسى الاجتماعى.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ولم يكن التعدد معتمدا فقط على إتاحة الدستورية، إنما كان يعتمد على الوجود الواقعى الفعال، ولو لم يكن هذا الواقع التعددى قائما، لما صدر الدستور منظما للتداول فى السلطة، وحتى لو كانت نظم التداول بغير أن يوجد الواقع التعددى لما كان بقى هذا الدستور، أو لتغيرت طريقة تطبيقه بما لا يفضى إلى تداول واقعى.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن الأمر الواقع هو ما عليه المعول، أى الوجود الحقيقى والوجود الحى، ثم برر بعد ذلك أو يرد معه الجوانب الأخرى، شرعية هى أو تنظيمية. ونحن إذا اكتفينا بتعديل الدستور فى طريقة اختيار رئيس الجمهورية، وعدلنا بالدستور عن اختيار الرئيس بالاستفتاء المنفرد عليه إلى الاختيار بالانتخاب بين عديد من المتنافسين، إذا اكتفينا بهذا فإن الأمر على الأرجح سيؤول إلى تعدد صورى لمرشحين لايقوم بينهم تنافس حقيقى، كما حدث فى اليمن فى انتخابات الرئاسة السابقة هناك، ونكون بذلك أسهمنا فى تجميل صورة النظام ذاته. ونحن إذا اكتفينا بتعديل سلطات الرئيس بالدستور دون أن يكون ثمة قوى سياسية فعالة تواجه هيمنته نكون أبقينا الوضع على حاله واتحنا للرئيس أن يعبر عن مشيئته من خلال آخرين ذوى ارتباط وثيق به واعتماد كامل عليه. والمثال على ذلك الآن ما نراه من الامتثال الكامل للمجلس النيابى لمشيئة الرئيس فى مصر. وأنا اضرب الأمثال لأوضح أننى لا اتوهم أخطارا ولكننى أشير إلى أخطار متحققة فعلا فى حالات شبيهة.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن التوزيع القانونى والدستورى للسلطة يعتمد أول ما يعتمد على التوزيع الفعلى للقوى الاجتماعية السياسية ذات التعدد، والتى تكون متبلورة فى تكوينات تشخصها وتعبر عنها فى إطار إرادات سياسية ومشخصات مؤسسية، تظهر فى شكل تنظيمات أو أحزاب أو نقابات أو جمعيات أو كل هؤلاء. وأنا لا أتكلم هنا عما يكفله القانون من تشكيلات، ولكنى أشير وأقصد الإشارة إلى ما يكون موجودا فى الواقع الفعلى من تكوينات تجمع أناسا بوصفهم قوة سياسية اجتماعية وتعبر عن إرادة هؤلاء المجتمعين وتمتلك القدرة على تحريكهم الفعلى عندما ترى داعيا لذلك. وتكون إرادتها التى تبديها عند الضرورة وحركتها الفعلية التى تقوم بها عند اللزوم، يكون ذلك ذا فاعلية وتأثير فى الواقع المحسوس. أيا كانت درجته.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وعلى عكس هذا التصور الأخير، لا نجد فى مصر تكوينا سياسيا اجتماعيا ذا إرادة ماضية وذا قدرة على التحريك الفعال المؤثر، لا نجد من ذلك إلا جهاز الدولة المصرى وما يتمثل فيه من هيئات وما يتفرع عنه من فروع وما يسيطر عليه من تشكيلات العمل الأهلى التى استلم قيادها كلها تقريبا. والمشكلة لا تقتصر على هذا الوضع، وإنما جهاز الدولة ذاته صارت تسيطر عليه إرادة شخصية فردية واحدة لا يشاركها فى سيطرتها أحد من رجال هذا الجهاز ولا من مواطنى هذا البلد وهذا الوضع لا أظن أن له سوابق كثيرة بلغت إلى هذه الدرجة الشخصية الفردية المطلقة على مدى التاريخ الحديث. ولا محمد على كانت له هذه السلطة الفردية الخاصة إلا فى سنين متعددة
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن هذه السلطة الفردية عرفتها الدولة المصرية فى فترات كثيرة وعرفتها أكثر من النصف الثانى من القرن العشرين، ولكن ما كان يخفف من وطأتها أن كان ثمة مشروع سياسى اجتماعى يستهدف تحقيقه، وكان تحقيقه يمثل تحديا واقعيا بما يشعر القائم على الأمر فى الدولة بضرورة أن يراوح فى سياساته ويتخذ بدائل لها ويدرس الأمور ويتصدى لمشاكل البناء ويسأل ويشاور ويعدل من خياراته للرجال والمتخصصين ويلجأ للتجربة والخطأ والتصحيح.. أما الآن وما كان فى ربع القرن الأخير فلم يعد ثمة مشروع سياسى ولا مشروع اجتماعى اقتصادى يقتضى من القائمين على الدول تحريك سياساتهم، إنما صار حفظ الأمر الواقع وإبقاء الحال على ما هو عليه هو غاية المراد، فصارت الدولة لا تقوم إلا بواجب الحفظ والإبقاء بما سمى استقرارا. وبقى العاملون فى أعمالهم بأشخاصهم مددا تمتد إلى ما يجاوز العقد والعقدين من السنين فتشخصنت المناصب والوظائف وصارت الدولة شأنا خاصا لمن يتولون أمورها. والقائمون على الدولة من جماعة الحاكمين شديدة الضيق تخنق الدولة والدولة تخنق المجتمع.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: red; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"***
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: red; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"شخصنة الدولة
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: red; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"1
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لم يعد ثمة وجود لقوى سياسية اجتماعية تجاوز إرادة الدولة وهيمنتها. وأدت شخصنة الدولة ومؤسساتها إلى أن النظام القانونى اندمج فى المؤسسات القائمة على التنفيذ والخاضعة للإرادة الشخصية المتوحدة على قمة الدولة وسادت فى هذا النظام التفسيرات والاجتهادات التى تدعم الوضع القائم وأفرغت الدلالات القانونية الخاصة بعمومية القاعدة القانونية وتجريدها، أفرغت من هذا المحتوى الموضوعى لتصير ذات مؤدى شخصى ومشخصن لصالح أفراد وأناس بعينهم ذوى علاقات شخصية برأس الدولة والمحيطين به.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG" نحن عندما نتحدث عن الأنشطة الأهلية أو المؤسسات والتكوينات الشعبية الأهلية ومدى إمكان قيامها قياما ذاتيا وشعبيا وأهليا بدون هيمنة عليها من الدولة، ومدى إمكان حركتها حركة ذاتية فعالة ومؤثرة فى المجتمع بدون قمع لها من الدولة، عندما نتحدث فى أمور كهذه يتعين ألا نستفتى المبادئ القانونية المجردة، ولا أن نستفتى القوانين الحاضرة فى نصوصها العامة المجردة، إنما يتعين أن ننظر إلى المفاد والمؤدى الواقعى الذى صارت مؤسسات الدولة تتبعه فى تطبيق هذه المبادئ والنظم والقوانين ونستدعى سوابق العمل الفعلى القائم، وبهذه النظرة ننتهى إلى أن ليس من وجود مشروع خارج إرادة الدولة المشخصنة ولا من حركة ذاتية لأى من التكوينات الأهلية تكون مشروعة وهى بعيدة أو معارضة لمشيئة الدولة المشخصنة. وينتج عن ذلك أى جهد يبذل لايجاد تكوين أهلى ذى إرادة ذاتية فاعلة، وأن أى تحريك ذاتى شعبى، إن أيا من ذلك سيقف بأصحابه فى دائرة العمل غير المشروع من وجهة نظر الدولة المشخصنة، وإن أى سعى فى هذا الشأن يكون سعيا فى مجال العصيان أى هو سعى يرى متجاوزا الضوابط والحدود التى تجمدت عندها إرادة الدول المشخصنة.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وذلك سواء كان هذا السعى يجرى فى إطار الأعمال الأهلية أم أنه يجرى فى إطار الدولة ذاتها ومن داخل مؤسساتها وبواسطة عمالها، والقائمين على هيئاتها فى غير مستويات القمة العليا. فنحن شئنا أم أبينا نقف على مشارف العصيان أو على أهبة العصيان، ولكن يتعين علينا أن نفهم الأمور على وجهها الصحيح ليكون للكلمات دلالاتها الصحيحة، يتعين أن نعرف من هو من يقف فى مجال العصيان، هل هم من تحولت الدولة على أيديهم إلى أن تكون شأنا خاصا لهم ولذويهم، أم من يريدون ويسعون إلى أن يردوا الدولة إلى صائب معناها وإلى وظائفها الحقيقية بأن تعود الدولة ممثلة للجماعة الوطنية ترعى الشأن العام للمواطن والشعب. إنما قصدت باستخدام لفظ العصيان أن أوضح أنه لم تعد ثمة شرعية واحدة تجمع بين الوجود الأهلى بتكويناته وبإرادته الذاتية وبفاعليته الحركية، وبين الإطار الذى تتواجد فيه وتعمل الدولة المتشخصنة فى أفراد جد معدودين يقفون على قمة الدولة، وعما قليل إن شاء الله سيظهر إن لم يعد ثمة نطاق شرعى واحد يجمع بين تلك القمة العليا الممسكة بزمام الدولة وبين الدولة ذاتها بهيئاتها وتشكيلاتها وعمالها واسعى الانتشار فى أجهزتها العسكرية والمدنية والمتنوعة، وإن من يتابع دلالات ما يحدث فى هذه الشهور الأخيرة يدرك أن ثمة انفصاما يجرى بين قمم بالدولة وبين حجمها الكلى. إنما ما قصدت أن أوضحه أن ليس تعديل الدستور ولا أى من أحكامه هو ما عليه المعول فى خروج الأمة والدولة من هذه المحنة التى تسد عليها آفاق الوجود الصحى الحميد، وإنما ما عليه مع تعديل الدستور وقبله وبعده هو السعى الحثيث لايجاد القوى السياسية الاجتماعية التى تستطيع أن توجد وتتحرك وجودا وحركة ذاتيتين، وألا ضمانة تتأتى من تعديل الدستور غير هذا الأمر. كما قصدت أن أقول إن هذا الايجاد والتحرك المستقلين لن يتأتيا إلا بالمجهودات العملية التى تعتبرها الدولة المشخصنة من أعمال العصيان، إن المطلوب هو إخراج الدولة عن تشخصنها، فكيف لا تعتبر هى ذلك من أعمال العصيان عليها؟.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"2
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"يتعين علينا أن نعرف ماهية الدولة المشخصنة، إنها دولة الحكم المطلق فالحكم المطلق كثير، وليست مجرد دولة الاستبداد فالاستبداد كثير أيضا، أقول ليست هذه ولا ذاك لأن الحكم المطلق أو الحكم المستبد قد يكون حكم جماعة مهما كانت جماعة ضيقة مثل حكم أسرة كالأسرة السعودية، أو حكم طبقة كالطبقة الرأسمالية العليا، أو حكم طائفة كأى طائفة تسيطر على حكم بلد ما. وكل هذه الأنواع من الحكومات المطلقة أو المستبدة يشعر الحاكم بأنه ينتمى إلى تكوين اجتماعى محدد ذى وجود مستقل عن الدولة، لأن الدولة لم تنشئه ولأنه سابق الوجود على السيطرة عليها، وذو إرادة تتشكل خارج إطار الدولة أو يشارك هذا الخارج فى تشكلها. فثمة انتماء ما يقوم من خارج أجهزة الحكم ويرد إليها وتتأثر هى به. وثمة ما يعتبر به رأس الدولة ذا علاقة تحكمه من خارج منصبه أو بالأقل تؤثر فيه وتنعكس مراعاتها أو وجهات نظرها فى قراراته. أما الدولة المتشخصنة، فإن القائم عليها لا تربطه عائلة قبلية ولا نقابة أو جماعة دينية ولا حزب سياسى أو طبقة اجتماعية، وهو يسيطر بذاته على مفاتيح السلطة، وتصير آلة الحكم وأجهزته كلها تحت إمرته، ولا يقيده إلا الإمكانات المادية للدولة وأجهزتها فى الحركة والنفوذ، وهو يتغلب على ضغط عمال الدولة عليه بأن يشخصن الفئة المحيطة به من العاملين معه بإبقائهم فى وظائفهم أطول مدة ممكنة بحيث تحل العلاقات الشخصية محل علاقات العمل الموضوعية، والمهم أنه لا يقوم من خارج إطار أجهزة الحكم ما يكون ذا تأثير عليه ولا تقوم آلية ما للتبادل والتأثير معه وهى خارج إطار السلطة والوظائف الرسمية. والدولة هنا فى آليات حركتها وتفاعلها تكون منغلقة من دون أية آلية لعلاقة بينها وبين أية قبيلة أو طبقة أو دين أو طائفة، لذلك قلت إنه نظام لا نجد له مثيلا فى نظم التاريخ الحديث، إلا ما ندر. النظام المتشخصن نظام منغلق، لا ينفتح على خارج ذاته، ولا تقوم آلية ما لإجراء أى تعديل فيه أو تجديد أو تغيير، وأى تعديل أو تنويع فيه إنما يرد بطريقة الاستنساخ السياسى، ونحن نعلم أن الاستنساخ البشرى إما يكون بتخليق خلايا من جسم حى لتكون جسما حيا آخر،المستنسخ السابق ولا يحمل فقط خصائصه وإنما هو أيضا يحمل عمره ومدى القدم الذى كان عليه الأصل حالة الاستنساخ، أى أن هذا المنشأ الجديد لا يكون صبيا ولا شابا وإنما يولد فى عمر من أخذت منه الخلية. ومن ثم فلا تقوم فى النظام المتشخصن أية قدرة ولا امكانية على التجديد الذاتى، إنما يشكل فقط حالة من حالات الاستبقاء، بأى ثمن وبأى مقابل. وإن واحدا من أسباب الشخصنة هو طول مكث الشخص فى قمة العمل العام بذات سلطاته وصلاحياته وبغير تحد يلقاه.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG" وقد أظهرت تجاربه أن المستنسخ الجديد لا يكون فقط على صورة ونحن نعرف أن الملكية الشخصية تعتبر فى القانون حقا دائما، لأنها لا تنحسر عن المالك بمحض فوات زمن معين، وإن واحدا من أهم ما يرتب نتائج هذا الحق لصاحبه هو ديمومته، التى يتفرع منها صلاحياته الواسعة فى التصرف فى الاستغلال واستعمال الشيء المملوك. وإن التأقيت يعنى فيما يعنى إفقاد صاحب الحق بعضا من أهم سلطاته على الشيء، لأنه يتعين عليه أن يسلمه إلى غيره بحلول أجل معين أو تحقق واقعة معينة، لذلك فإن فى التداول مشاركة عبر الزمان وتقييدا للسلطات بموجب التأقيت الذى تفرضه هذه المداولة. فإذا تولى شخص منصبا عاما واستمر فيه بغير نهاية محددة حسب المتعارف بين الناس، وإذا كان هذا الاستمرار مما يفيد الديمومة الفعلية، ولو فى التصور الفكرى للمتعاملين معه.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG" فقد صار كالمالك ملكية خاصة، ويكون المنصب والهيئة التى تولاها قد صارت شأنا خاصا لذى السلطان. ونحن نلحظ أن الركود فى العمل العام مما يفضى إلى الشخصنة وإلى دوام بقاء الناس فى أوضاعهم ولا يلحقهم فيها تغيير ولا تبديل، وهم باقون لأن تحديا لا يطرأ واحتياجا جديدا لا يظهر. ومشاكل مختلفة لا تحدث، ولا تظهر ضرورة ملجئة إلى تغيير ولا إلى تعديل، وهذا الركود عينه الذى يقدم سببا لظهور الشخصنة، إنما يقوم أيضا نتيجة للشخصنة، فهى تدعم قيامه واستمراره، لأن الأوضاع الجديدة تحتاج إلى رجل جديد أو رجال ذوى خبرة مختلفة من حيث القدرة على فهم المشاكل التى تجدد والقدرة على مواجهتها والتصدى لها، وإدراك الحلول المستحدثة، ومن ثم كان صفة لازمة للدولة المتشخصنة هى أن تسعى دائما إلى التثبيت للأمر الواقع ومقاومة التغيير حتى وإن ادعته.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"كما أنه من جهة أخرى فإن أخطر ما يهددها بالزوال هو الحركة لأن الحركة تستدعى تعديلات وتستدعى خبرات فنية وعناصر جديدة وتكاثرا فى الأشخاص وأموالهم، وهى فيما تستدعيه وتستصحبه تكشف الوهن والعجز لذلك فإن الدولة المتشخصنة ما خيرت قط بين بديلين أحدهما هو الجمود أو الثبات أو عدم التحرك إلا اختارت هذا الجمود أو الثبات أو عدم الحركة، حتى إن كان فيها ما يكشف عوارها.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لذلك لا نقول إن نظام مصر أيام محمد على كان نظام دولة متشخصنة ولا أنها كانت كذلك فى عهد جمال عبدالناصر، لأن كلا منهما، أيا كانت السلطات المطلقة التى ملكها فى اتخاذ القرارات السياسية، إلا أنه كان ذا مشروع سياسى بنائى وذا اسلوب حركى فى مواجهة مشاكل الداخل والخارج وفى التصدى للمخاطر فى عقر دارها، وكان ذا حرية وقدرة على التغيير والتعديل واستبدال الأشخاص وإعادة الخيارات.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"3
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"يكون تعديل الدستور هو المطلب الأساسى المباشر، فى حالة ما إذا كانت القوى السياسية والاجتماعية متبلورة على وجه يجعل لها من الحجم النسبى تجاه بعضها البعض، ومن القوة الذاتية لكل منها تجاه الأخريات، يجعل من ذلك ما يستوجب تعديل موازين القوى بين بعضها البعض وتعديل اسلوب التعامل المستمر بينها على النحو الذى يعبر عن التعديل الواقعى الذى جرى بالنسبة لقواها النسبية. قوى عمالية مثلا كانت ضعيفة وقويت بنقاباتها، أو اتحادات رأسمالية ظهرت وتبلورت وصار لها تعبير سياسى متماسك، أو جماعات دينية التفت حول عدد من المطالب وصارت ذات نفوذ شعبى يمكن لها من أن تكون مساهما فى التعبير عن مشاكل المجتمع وفى المشاركة فى تقرير أوضاع المجتمع. أو أن يكون جد فى الوضع السياسى حادث غزو أو حرب أو تهديد شديد للأمن القومى استدعى إعادة تصنيف الأولويات السياسية فى المجتمع بما يعدل من موازين القوى السياسية الاجتماعية وبما يدخل فى الحساب قوى جديدة كالجيش مثلا أو بعض من مؤسسات الدولة فى عمليات الحساب السياسى. وأحسب أن مشكلة نظام الحكم عندما لم تتبلور كاملة بعد فى مثل هذه الأوضاع، إننا إن جاز التعبير نعانى من مشكلة هى من مشاكل ما قبل تعديل النظام الدستورى، وهى مشكلة أن القوى السياسية والاجتماعية التى تتصدى للعمل العام ليست من النشاط الواقعى ولا من الفاعلية الحاصلة فى الحياة العملية بحيث تستطيع عندما تطالب بمطلب ما أن تحرسه وأن تضمن بقاءه طافيا على سطح الحياة السياسية وأن تحوطه بالحركية السياسية المناسبة فى طريق التحقق. إن ما ينقص مؤسساتنا السياسية القائمة هو الفعل المصاحب للمطلب، وما ينقصها هو الحركة المواكبة لما تطرح من أهداف. إن الفعل دائما مكلف للفاعل ويحتاج إلى نفقات.. والحركة دائما لها جانب مخاطرة، تصيب وتخطئ وتنجح وتفشل وتتقدم وتنتكس، ولا توجد إمكانيات فعل و حركة بغير احتمالات خطأ وفشل وانتكاس، ولا يوجد فعل بغير تكلفة تؤدى عنه، ولا حركة بغير نفقة تنفق، وإن النكوص عن ذلك فيه استدامة أوضاع من الشخصنة، احسب أن من شأن بقائها انهيار قوائم النظام الحضارى الذى تقوم عليه إدارة الدولة وإدارة المجتمع. ذلك أن الشخصنة هى آفة نظم الحكم والإدارة الحديثة، ويستحيل الإبقاء على حسن انتظام جماعة سياسية ترعى حقوقها وتحرس أمنها وتنمى نفسها علما وثقافة ومعيشة، يستحيل ذلك مع كل نظام حكم متشخصن، أو هكذا صار مستحيلا فى عصرنا الراهن، كما يستحيل حفظ أمن جماعة بمثل هذا النظام. ولذلك فإن الفعل حتمى للخروج من الطريق المسدود ومن حالة الاختناق الحاصلة أيا كانت تكلفته ونفقاته، وأيا كانت احتمالاته، ويظل أن الانتكاس هو احتمال فى حال الحركة، ولكنه مع التدهور والانحطاط هو حتمى فى حالة عدم الحركة..والشعوب تفرض عليها المغارم أحيانا، تفرضها حركة المجتمع أحيانا وتفرضها مراحل التاريخ أحيانا أخرى، وهى مغارم تفرض رغم أنها كره لأصحابها وذويها. وذلك مثل جسم الإنسان، يفرض عليه العلاج بالجراحة أحيانا إذا لم يكن ثمة بديل عنها ليبرأ مما يعانى، وإذا كان ظهر إن لم يعد للمعالجات الباطنة جدوى. ونحن هنا لا نتكلم عن المجتمع فقط، ولا عن الشعب أو الجماهير أوالأهالي فحسب، إنما نتكلم عن الدولة وتنظيماتها وهياكل بنائها والعاملين فيها، وشعب مصر لم يقدم لبلده أحسن ولا أكثر كفاءة ولا أرقى تقدما فى مضمار التحضر من أجهزة هذه الدولة وهيئاتها ومؤسساتها، من جيشها وشرطتها وإدارة ريها وزراعتها وهيئات خدماتها وقضائها. ورغم ما هو معروف من وجود نقص وخلل فى هذا البناء، فإنه فى النهاية أكمل ما بنى المصريون فى عصرهم الحديث بقدر ما اسعفتهم قدراتهم وظروفهم الصعبة وتعمد تدمير ما يبنون وإفساد ما يمهدون فى صنعه، وذلك على مراحل تاريخهم الحديث ذاته، من جانب القوى الخارجية والداخلية التى لا تريد خيرا للمصريين والعرب بعامة. إن شخصنة الدولة، وهى آفة انتظام الجماعة وآفة الدولة ونظامها وفاعليتها وكونها المهدد الأساسى لاستمرار كفاءتها والمسبب الأساسى من بعد لانهيار قوائمها والأسس التى يقوم عليها صرحها.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"هذه شخصنة الدولة من أوصافها أنها لا تحصر نطاق الحكم فى مجموعة من الأفراد جد ضيقة، صحيح أن معهم مفاتيح السلطة والمراكز الحساسة بها، ولكن الشخصنة تحتم على من يليها أن يكونوا ضيقى النطاق معزولين عن الصفوف التالية، وأن يؤدى بهم طول المكث فى أعمالهم إلى اعتياد الركود والنظرة الضيقة وحل المشاكل فى إطار مجموعة قليلة من القائمين على الأمر وحصر نطاق خبرات التعامل فى هذا الحيز الصغير ذى العلاقات القديمة غير المتجددة. وكل ذلك يجعل الفعل الحركى أكثر مواتاة لأهدافه الوطنية والشعبية إذا أمكن أن يتصف بالصبر وطول نفس وتحمل التكاليف والنفقات.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"الجزء الثالث والأخير من الدراسة فى العدد المقبل
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: red; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"***
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; COLOR: red; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"أدعوكم إلى العصيان
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"من الملاحظ أنه كلما ضاقت دائرة الأفراد الممسكين بزمام الدولة زاد التضييق على خصومهم السياسيين، وزاد ميلهم لاستخدام العنف مع الخصوم. وأن شخصنة الدولة هى آخر درجات ضيق نطاق المسيطرين على الدولة، ذلك أن الشخصنة تكون القيادة فيها قد آلت إلى أفراد معدودين، لم يعد الأمر فى يد شريحة طبقية أو طائفية أو قبلية أو غير ذلك، إنما صارت إلى أفراد، وهنا تضيق المصلحة المحمية من الدولة لأنها تكون اقتصرت على مصالح أفراد
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"كما يضيق التأييد الاجتماعى المستمد من الجماعات، سواء خارج الدولة أو من بين العاملين بالدولة ومن داخلها، كما تضيق الحجج والمحاذير التى تساق لتبرير السياسات والأوضاع، فيزيد عدم الاحتمال ويزيد الميل إلى اسباغ نوع من القداسة على الفرد الذى يعتبر رأس الدولة المشخصنة، ويزيد احتمال استخدام آلة الدولة الأمنية لقمع أى حركة مخالفة فى مهدها. واستخدام عنف الدولة هنا هو الحل الجاهز دائما والسريع لمواجهة أى تحرك أو أى تجمع ولو فى مهده، لإجهاض ما يتكون ولردع ما هو فى طريق التكوين.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وهذا ما يواجه به أى فعل حركى فورا، وهو ما ينتظره أى فعل حركى، وهو ما يتعين أن يكون فى الحساب دائما، أقول ذلك لأنه يتعين أن يكون فى الحساب أيضا لا توقع عنف الدولة فقط، ولكن الإعداد للقدرة على مواجهة هذا العنف بعدم العنف، أى بالتلقى والتقبل لعنف الدولة دون أى رد عنيف، ذلك أن العنف الذى يمارس هنا إنما تمارسه الدولة وأجهزتها قياما بواجبها ووظيفتها الأساسية وهى حفظ الأمن ومنع الاضطرابات، وهى أجهزة ليست سياسية ولا تصدر عن تقويم سياسى تقوم به أو يقوم به قادتها، وإنما تصدر عن إرادة سياسية وقرار سياسى تملكه أجهزة التقرير فى قمة الدولة المشخصنة، وليس ثمة خصومة تقوم مع أجهزة الدولة ولا مع العاملين فيها، والأمر يقتضى من أصحاب الحركة الشعبية قدرا كبيرا من ضبط النفس ومن الاحتمال ومن الاستعداد لتقبل العنف دون رد عليه إلا بالتصميم على الحركة وعلى استبقائها مستمرة وعلى استبقائها غير عنيفة، وأن يكون تحمل عنف الدولة دون رد عليه مع الاستمرار فى الحركة السلمية غير العنيفة، أن يكون ذلك هو التكلفة والنفقة التى تؤدى لله وللوطن من أجل الخروج من الطريق المسدود الذى يظهر أنه لا خروج منه إلا بالحركة.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن من صفات الدولة وعمالها وأجهزتها، أنها تمارس أعمالها بوصفين متباينين، فهى تميل إلى العمل بوصفها حكما وراعيا للصالح العام أو لصالح من يكون له حاجة لأن ذلك من وظائفها الرئيسية، من إدارة المرافق والخدمات وكفالتها لمستحقيها، ولابد لأى إنسان أو أى جهاز أن يقدم بقدر ما من وظائفه الرئيسية التى وجد من أجلها لكى تبقى له القدرة على الاستمرار والمبرر المعنوى والمادى لوجوده وقيمته الاجتماعية.. ومن جهة أخرى فإن هذه الدولة ذاتها وعمالها وأجهزتها يمارسون العمل الحصافى الحاد لمن يقف فى طريقهم أو يبدى لهم الخصام. ونحن نلحظ أنه حتى فى الأعمال الرتيبة للنشاط العادى لأجهزة الدولة المختلفة، يختلف اسلوب تناول أى مطلب لأى مواطن، ويتوقف الاختلاف حول ما إذا كان صاحب الطلب استدعى حاكمية الجهاز المعنى أم استدعى خصومته. واحتمالات الاستجابة له فى الحالة الأولى تكون قائمة، أما فى الحالة الثانية حال استدعاء الخصومة فلا احتمال قط للنظر المنصف حتى لو كان الطالب غير مشكوك فى حقه. وبصرف النظر عن الصواب والخطأ فهكذا تعمل آلة الدولة عندنا.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لغاندى تعبير دقيق وجميل يصف به هذا الأمر، فهو يقول إن الحاكم عندما يواجه الحركة الشعبية السلمية بالعنف يكون كمن يضرب الماء بسيفه ليقطعه، فالعنف لا يهزم الحركة السلمية مهما آذى رجالها، وللأديب الأمريكى يوجين اونيل مسرحية باسم الامبراطورجونز، أذكر من وقائعها عندما قرأتها من نحو ثلاثين سنة، أن امبراطورا فى بلد إفريقى انسحب مواطنوه من البلدة وذهبوا إلى الغابة وبقوا يدقون الطبول على نحو رتيب، أى انصرف عنه شعبه، ولكنه كان انصرافا منظما وجماعيا ويستهدف عملا احتجاجيا مقاوما، لم يكن الانصراف عملا سلبيا، كان هو صميم العمل الايجابى، ولم يكن هروبا بل كان هو عين المواجهة. وتصف المسرحية اضطراب الحاكم وقتها.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لابد للحاكم من الشرعية، مهما كان ذا سلطات مطلقة، والشرعية بالمعنى المقصود منها هنا هى التقبل العام الذى يمكن له من أن يطاع وأن تنفذ أوامره، ونواهيه بين الناس فيصالح غالبيتهم إليها، وأن تنفذ هذه الأوامر والنواهى بين عمال الدولة وأجهزتها فيتحركون لإفضائها بين الناس. ويستحيل للحاكم أن يحكم شعبا إلا بتوافر درجة معتبرة من التقبل والانصياع له بين الناس، ويستحيل عليه أن تمضى قراراته بين عمال دولته إلا بدرجة أقوى من التقبل تدفع عماله إلى الحركة لإمضاء قراراته بغير تراخ ولا تسويف ولا اهمال إن من أولى مشاكل أى رئيس فى أى موقع من مواقع العمل والإدارة، هى كيف يدفع مرءوسيه إلى مده بالمعلومات والخبرات الخاصة بالعمل بكفاءة وصدقية، وكيف يدفعهم لأن ينفذوا قراراته بالضبط اللازم لإنتاج أثرها، ولو فرض إن كان المرءوس شخصا وحدا وهذا طبعا لا يحدث قط لكان الرئيس أحوج إلى مرؤوسيه الوحيد من احتياج المرؤوس إلى رئيسه.. يبدو ذلك جليا إذا لوحظت غلافة أى رئيس جديد بمرءوسيه يكاد فى الأيام الأولى له معهم علاقة يستجدى تقبلهم له، إن لم يكن ذا علاقة سابقة بهم. هذا من حيث علاقة الرئيس بمن دونه.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ويلحظ أن علاقة الحاكم بمحكومه أشد احتياجا، لأنه لن يكون حاكما بغير طاعة المحكوم، وإذا أردنا أن نوضح مدى احتياج كل من الجانبين للآخر، فيمكن القول بأنه لا أمن ولا انتظام للمحكوم بغير الحاكم، ولكن فى المقابل فإنه لا وجود أصلا للحاكم بغير المحكوم. ولا أقصد بذلك الوجود المادى ولكن أقصد وجود الحاكم بوصفه طرفا فى علاقة لا تقوم ولا تنشأ إلا بمحكوم لديه الحد الأدنى للتقبل والانصياع، بحيث إنه إذا أزاح التقبل والانصياع، أو خفضهما إلى ما دون الحد الأدنى، فلا يبقى حاكم على كرسيه، والمسألة هنا ليست مسألة إزاحة مادية، إنما هى إزاحة للتقبل وهى ليست إطاحة مادية ولكنها إطاحة للانصياع وللخضوع.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"نحن نعرف من تجربة الهند أن الانجليز ما كانوا يستطيعون أن يحكموها بغير تعاون الهنود وخضوعهم، وهذا ما أدركه غاندى وعمل على إنهاء هذا التعاون فما لبث الحكم الإنجليزى أن انتهى، رغم أنه كان يعتمد على جيوش واساطيل انجليزية وكان جهاز الدولة الهندى يتشكل فى قياداته من الإنجليز. أقصد أن أقول إن هذا الاسلوب كان ناجحا ضد حكام أجانب وضد آلة حرب أجنبية وضد جهاز دولة يشكله ويشرف عليه ويشترك فى أنشطته الوسطى أجانب، فما بالك بأثره الكبير إذا لم يوجد أجنبى فى حكم أو فى آلة حرب أو فى أجهزة دولة. ولغاندى كلمة ذكية فى هذا الشأن، فهو يقول سوف نتوقف عن لعب دور المحكوم، وأن الإنجليز مهما اعملوا العنف فنحن نعرف أنكم لن تستطيعوا أن تتحركوا خطوة واحدة للأمام وإذا كان هذا ما قاله غاندى بوصفه محكوما، فهو عينه تقريبا ما قاله هتلر بوصفه حاكما وطاغية، فهو يقول فى كتاب كفاحى إنه لا يمكن الاحتفاظ بأجهزة الحكومة عن طريق القوة وحدها. وميكيافيللى يؤكد الظاهرة ذاتها فى كتابه الأمير على اعتبار أن القسوة كلما زادت ازداد نظام الحكم ضعفا وأنه إذا لم يكن من سبيل أمام الحاكم لانتزاع الطاعة إلا بالعنف فإن النظام يكون آخذا فى الزوال، وعلينا أن نعى جيدا درسا فى السياسة يتفق على إدراك ظواهره وعلى استخلاص عبرته، يتفق على ذلك غاندى فى أقصى الحركة الشعبية السلمية الأخلاقية وهتلر فى قمة سلطة العدوان المسلح العنيف غير الأخلاقى وميكيافيللى فى قلب العمل السياسى الذى لا يعرف من المبادئ إلا مصلحة الحاكم والدولة.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ونحن نذكر مثلا، فى ثورة 1919 فى مصر أن كان طابعها العصيان وعدم التعاون، وكانا بما هو جدير بها أن يكونا فاعلين، من حيث السعة الشعبية والشمول، وهذا ما جعل اللورد اللنبى المندوب السامى البريطانى فى مصر يصف لحكومته الوضع قائلا: لقد صارت الحكومة مستحيلة فى مصر فى ربيع 1919، وهذا بالذات وضع استحالة الحكومة هو ما اضطر الحكومة البريطانية الاستعمارية إلى تقديم التنازلات للمصريين بالاعتراف باستقلال مصر وسقوط الحماية البريطانية عنها، والبدء فى التعامل مع قوى الثورة المصرية، وتعرف فى السودان حركة 1964 التى خرج فيها شعب السودان إلى الشوارع فى حركة احتجاج شعبى منظم ومصمم حتى انتهى سلميا نظام إبراهيم عبود الذى كان بدأ فى 1958 واستمر حتى 1964، وتعرف أيضا بدايات الثورة الإيرانية، تحرك الناس بجمعهم كل حركة سلمية احتجاجية تعبر عن الرفض الشامل لحكم الشاه، وبقى تحركهم شاملا وسلميا رغم ما لاقوه من عنف الدولة وأجهزة القمع فيها، ولكن الإصرار على الفعل الاجتماعى السلمى المثابر فى شمول ما لبث مع مضى الوقت أن نصل بين قيادة الدولة صاحبة القرار وبين أجهزة التنفيذ والضغط فانحل وثاق الدولة وكان امتناع أجهزة القمع عن إطاعة الأوامر بالضرب هو فى ذاته إنهاء للنظام السياسى. كما كان إضراب المواطنين فى مصر فى 1919 إيذانا بانتهاء نظام للحكم استمر سبعا وثلاثين سنة سابقة منذ 1882 وإيذانا ببداية نظام جديد استمر ثلاثا وثلاثين سنة حتى 1952. إن الفعل السلمى المنتج يستوجب حركة جامعة وشاملة كأوسع ما تكون، أو بعبارة أدق فإنه بقدر سعتها وشمولها بقدر ما تكون منتجة، وبقدر ما تكون أسرع فى الإنتاج وبقدر ما تكون أعمق فى أثرها الطيب المرجو. كما أن هذا الفعل المنتج يستوجب صبرا على الشدائد التى سيواجه بها حتما، لأن الحكم المشخصن لابد أن يستخدم العنف فى البداية، وهو لا يوجه أزماته إلا بالمزيد من التسلط وقلة الحيلة والقمع كما أن هذا الفعل المنتج يقتضى طول النفس، وأن الصبر وطول النفس واستبقاء السلمية فى التعبير رغم تحمل الصعاب أن ذلك يزيد من فاعلية ومن اتساع جامعته ونمو شموله.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وأصعب ما فى هذه المستوجبات هو أولها، لأن نظام الدولة القابضة الذى انبنى فى بلادنا، وما اتصفت به وظائفها من شمولية وتسلط، وما خضعت له
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG" من مركزية شديدة، وما عانت منه فى العقود الأخيرة من فردية وتشخصن، كل ذلك أدى إلى انفراط فى التجمعات الشعبية انفراط لا يظهر لى أنه بلغ هذا المدى البعيد فى أى مرحلة من مراحل تاريخنا الحديث المرئى، إن تجمعات الماضى كالمذاهب والطرق الصوفية ونقابات الحرفيين وتجمعات الطوائف والملل والقبائل، قد انتهت أو أن ما بقى منها صار شكلا بغير محتوى قادر على فعل التجميع المنتج.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وأن تجمعات الحاضر ذات التشكيلات الحديثة، مثل نقابات العمال والنقابات المهنية واتحادات الطلبة وغير ذلك، كلها آلت إلى أن تكون تكوينات شبه مفرغة من القدرة على التحريك الشعبى، بعضها تحت الهيمنة الرسمية للحكومة، مثل الجمعيات والجمعيات التعاونية التى تخضع للإشراف وللوصاية من جانب الحكومة على أعمالها، ومثل النقابات العمالية التى صارت تحت الهيمنة الفعلية لأجهزة الدولة العمالية والأمنية، ومن خلال وزارات العمل ووزارات الداخلية، ومثل اتحادات الطلبة التى آلت إلى هذه السيطرة ويبقى النقابات المهنية والأحزاب والنقابات المهنية أحاطت بها الحكومة وإن لم تستطع أن تخضعها بعد لسيطرتها الكاملة، ولكنها أمكنها الإحاطة بإرادتها الانتخابية وبحركيتها بين جماهيرها، وكذلك الأحزاب ولا أريد أن استطرد فى تفاصيل هذا الأمر حتى لا أقطع سياق الحديث المقصود.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"والمهم أن المواطنين صاروا مبعثرين أفرادا لا يجتمع الغالب منهم فى تجمعات منتظمة ولا يحيون معا بين ذويهم من أهل المهن أو الحرف أو الأقاليم أو المذاهب أو الملل أو العشائر، وأقصد بالتجمع المنتظم والحياة هذا التواجد الإنسانى الجماعى الذى يقوم به الشعور بالتجمع والاتصال بجماعة ما. وأشير إلى أن الدولة المركزية فى بلادنا بما ضربت به التجمعات الأهلية والجماعات الفرعية إنما قصدت إلى أمرين أولهما القضاء على الشعور بالجماعية أيا كانت سياسية أو اجتماعية أو مذهبية أو اقليمية أو مهنية، وثانيهما القضاء على التعبير السياسى أو الاجتماعى خارج الغرف المغلقة، بالحركة الشعبية السلمية فى أماكن العمل وفى الشوارع والميادين وغير ذلك، وأن الفعل الحركى السلمى المطلوب لابد أن يتجاوز ما تحرص الدولة المركزية على منعه فى هذين الأمرين، وما اعتاد الناس عليه بموجب منع الدولة أزمانا طويلة. وذلك بإحياء عوائد العيش فى ظل الانتماءات الجماعية وبإحياء عوائد التعبير الجماعى السلمى عن الموقف وسائل التعبير الجهير خارج الغرف والقاعات المغلقة.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"المواطنون فى شتات داخل أوطانهم وفى عقر بلادهم، ولابد من الخروج من هذا الشتات، ولا مخرج من حالة الشتات إلا بتجاوز أوامر قيادة الدولة المشخصنة، دولة الفرد الواحد. وهذا التجاوز لا يتأتى بالمطالبات وبالتوجه لهذه القيادة المشخصنة بما يطالب به الناس من تجمع، إنما يرد بالممارسة، وفى مثل هذا الأمر على الجماعات الوطنية أن تدرك أن الشرعية فى التصرف والفعل الحركى لا ترد من قيادة فردية ولا من قراراتها، وإنما ترد من نظم المجتمع وما يكفله الدستور من رخص وحريات وتحرى ممارسة الأفعال وحقوق الإنسان بموجب الإقرار الجماعى بقيام هذه الرخص وإتاحة هذه الحريات، وتجرى النظر إلى سياسات القيادات الفردية وقراراتها التى تمنع هذه الأمور، يجرى النظر إليها بحسبانها من العقبات المادية الواجب تفاديها، والمهم فى ذلك هو الممارسة والنظر إلى العقبات بروح التذليل لما يقبل التذليل والتفادى لما لا يجدى معه إلا التفادى وكل ذلك فى إطار صارم من السلمية فى النشاط والعمل. ومع تحمل نتائج العقبات المادية والصبر على نتائجها. ويحدث ذلك بالقليل المتتابع الذى يصير كثيرا مستمرا بإذن الله تعالى.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن المشكلة أن الإنسان وهو فرد يستصحبه الشعور بالضعف وعدم الأهمية ويستبعد أن يكون رأيه أو فعله ذا أثر فى غيره. ويكون متمثلا قول الشاعر صلاح عبدالصبور أريد.. أريد.. ولكننى.. أخاف الطريق لأنى وحيد وأنا اشتغلت طول عمرى فى القضاء الإدارى، فى هذا الجانب من المشاكل القانونية التى تثور بين الأفراد وبين الدولة، وأدرك يقينا حال الفرد الأعزل الوحيد وهو يواجه سلطة مؤسسة تتكون من جماعة منظمة ذات تشكيل هرمى يخضع لإمرة رجل واحد.. وأعرف هذا الفرد الوحيد فى يتمه وقهره. والقانون ذاته يحاول أن يقف بجانبه فى استيفاء الأوراق وعرض المسائل، لأنه فى صدد تحقيق العدالة لا يمكن التغافل عن عدم التوازن المطلق فى موازين القوى بين ضعف هذا الفرد وبين قوة هذه السلطة، وأحسب أنه يمكن القول بأنه مع انحياز القانون لصف هذا الطرف الضعيف يندر أن تتحقق درجة التوازن المطلوب دائما.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لذلك لابد من الخروج من هذه الحال. ولابد من التجمع، لن يشعر الفرد بقوته وبأثره إلا وهو فى جماعة فاعلة. وأن قوة الجماعة هى أضعاف أضعاف مجموع أفرادها فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين صدق الله العظيم الأنفال66.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن الطغيان لا يبقى قويا مدعوما إلا بقدر ما يكون الناس متفرقين وهو يعرف جيدا من أول درس استوعبه فى علم الطغيان أن مصدرا مهما لقوته عليهم هو الشتات الذى يحيون فيه لذلك لابد من تجاوز الشتات، شتات المواطنين فى وطنهم، ولا يبدأ هذا التجاوز إلا بالممارسة الفعلية فهى ما عليه المعول، ولا يظن صاحب عقل رشيد أن الحاكم سيعطى المواطن ما يقوى به المواطن على الحاكم.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن القمع الذى يواجه به فعل التجمع الشعبى فى مجالاته المتعددة والمتنوعة، ومادام بقى الفعل الشعبى ممارسا بتتابع واستمرار، ومع تحمل التكاليف المترتبة على ذلك، ومع التصميم على الالتزام بالممارسات السلمية الخالصة، فإن القمع هنا ما يلبث أن يؤدى إلى عكس النتائج المتوقعة منه، لأنه خليق به أن يعزل عامة الشعب عن أفعال القمع، وأن يفكك من تماسك أجهزة القمع ذاتها فيزداد التماسك الشعبى والتجمع الشعبى من جهة، ويزداد التفكك ويضعف الترابط بين إرادة الحكم وبين أجهزة التنفيذ، وبه يزيد المعارضة ويزداد عدم التعاون فى العلاقة بين الحكم وبين الآخرين.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وأنا اتصور طبعا، أن الحال الحاضر ليس مرضيا عنه ولا مقبولا من كثيرين داخل أجهزة الدولة، لأن الحال وصل إلى حدود لا يقبلها ذوو النظر السليم للأمور من وطنيين ومهنيين وأصحاب فكر جاد وخلق مستقيم، من هؤلاء الآلاف الذين تضمهم أجهزة دولة واسعة الانتشار واسعة العمل ذات تاريخ وذات خبرات متراكمة فى أمور الإنتاج والخدمات والأمن وحكومة الناس.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"والحال غير المرضى عنه هنا فيما احسب، يتوزع على مجالات عديدة، وأولها طبعا وأهمها موضوع الأمن القومى، وضعف مصر المتتابع الحلقات خلال العقدين أو العقود الثلاثة الأخيرة، ضعفها إزاء القوة المتنامية لإسرائيل عند حدودها الشمالية الشرقية وامتلاكها السلاح النووى وضربها المتتابع لرفح فى حدود مصر فضلا عما يبيت للسودان الذى يجيء مصر منه مصدرها المائى الوحيد الذى تقوم عليه حياة المصريين كلها. فضلا عن ضعف متتابع الحلقات لمكانة مصر العربية والدولية، حتى صارت تنزل منزلة دول الخليج فى الأهمية الإقليمية. والأحوال التالية لذلك تتعلق بما هو معروف ومشتهر من تدهور فى الطاقة الإنتاجية الصناعية لمصر حتى فى صناعاتها التقليدية التى اشتهرت بها من قديم مثل الغزل والنسيج، وكذلك زيادة اعتماد مصر الزراعية على الخارج فى استيراد أغذيتها الضرورية وأهمها القمح. وكذلك ما نعرفه من بقاء حالة الطوارئ ثلاثا وعشرين سنة مع قيام المعتقلات على النحو الحادث، ثم السلطة الفردية الشخصية وما يثور الآن من إمكان توريث منصب رئيس الجمهورية بالإعداد السريع لهذا الأمر.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وأظن أن موضوع التوريث لا يمكن أن يكون محل رضاء الجادين فى دولة كالدولة المصرية، إلا أن يكون سكوتهم ناتجا عن عدم الاستطاعة، ومن الواضح أن عدم الاستطاعة يعكس تقديرا ما لموازين القوى فى قمة دولة حكمت بطريق شخصى فردى متتابع العقود، وأن قمة أجهزة الحكم فى تركيباتها المتوازنة بما يلائم فردية السلطة القابضة على رأس الدولة، تفضى إلى نوع من التوازن السلبى الذى ينتج الوهن وعدم القدرة على الحركة، وقد ينتج أيضا عدم القدرة على التوقع والحساب وكل ذلك يشل الفاعلية.
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ولا يرد ما يحرك هذا الجمود وهذا الماء الآسن، إلا بفعل شعبى يرد من خارج الإطار الرسمى المرسوم من غير توقع ولا حساب، فيرجح كفة على كفة أو يمسك هو بزمام الأمر حتى يقضى الله سبحانه أمرا كان مفعولا. ورحم الله من قال:
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"إن وقت البذر غير وقت النبات
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"يبذر البذر ويبقى النبات موقوفا على مجيء سحابة ماطرة
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"فتخرج الأرض ما كان فيها كامنا
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"وكذلك
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"تبقى الودائع مطوية فى صدور العباد حتى يحين أوانها
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"ثم قال رحمه الله:
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"لا حجاب إلا الوقت
span lang="AR-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: "Arabic Transparent"; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-hansi-font-family: 'Times New Roman'; mso-bidi-language: AR-EG"والحمد لله.

التحرير كل الشكر والتقدير لمرسل المقال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.