العبروقي: الانتخابات لن تتجاوز هذا التاريخ    مرتكزات الاستراتيجية الطاقيّة    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    بوكثير يؤكد ضرورة سن قوانين تهدف الى استغلال التراث الثقافي وتنظيم المتاحف    ذهاب نهائي كاس رابطة ابطال افريقيا – الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    صفاقس انقاذ 52 مجتازا وانتشال 5 جثث    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    قريبا: اقتناء 18 عربة قطار جديدة لشبكة تونس البحرية    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    عاجل/ مصر: رفع أبو تريكة من قوائم الإرهاب    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    ليبيا: اشتباكات مسلّحة في الزاوية ونداءات لإخلاء السكان    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تقدم بدون ضمان حرية التفكير والتعبير.. (الجزء3/5)
نشر في الفجر نيوز يوم 10 - 05 - 2008

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
بسم الله الرحمان الرّحيم
كيف الاحتفال بيوم الشغل والعمل بين ثقافة الانبطاح
و ثقافة الاصلاح على مرّ السنين
الحياة في ضلّ الهوية العربية الاسلامية والحريات الشخصية نعمة
و المحافظة عليها واجبة وضرورة
الحقّ في العمل و الشغل واجب و احترام الحقوق المنزوعة و المهدورة ضرورة
من وحي معاناة البطالة و الفقر و الخصاصة والحرمان و عجزالقطاع الفلاحي والنزوح وزحف العمران
لا تقدم بدون ضمان حرية التفكير والتعبير..
ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون حد ادني من التنمية السياسية..
(الجزء 3/5)
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم" (آل عمران 103)
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
باريس في 10 ماي 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
ضغوط صندوق النقد الدولي : فرغم مطالبة صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية، بإلغاء صندوق الدعم لتحسين مردود الاقتصاد التونسي وخفض العجز في الموازنة التونسية، الذي استقر في حدود3 في المائة منذ عدة سنوات، فإن الحكومة حرصت على التعامل مع هذا الملف بكثير من العقلانية وفق سياسة المراحل والتدرّج، لتجنيب البلاد هزّة اجتماعية كانت حصلت في العام 1984، فيما يعرف بثورة الخبز الشهيرة، التي جاءت إثر قرار الترفيع في سعر الخبز بما يزيد على100 بالمائة، للتقليل من تدخل صندوق الدعم..
وكان مسئولون في الحكومة التونسية، أعربوا في وقت سابق عن تخوفهم من الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الأولية والمنتجات الزراعية، وبخاصة الحبوب في الأسواق العالمية، نظرا لانعكاساتها الكبيرة على المالية العمومية، بالإضافة إلى تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
وتشير بيانات حكومية، إلى أن التونسيين ينفقون يوميا نحو مليون دينار اي ما يعادل833 ألف دولار، في استهلاك العجين بمختلف أنواعه، في مقدمتها الخبز.واللافت للنظر في هذا السياق، أن تونس تستورد ما قيمته360 مليون دينار اي ما يعادل 300 مليون دولار من القمح اللين بشكل سنوي، بغرض تلبية حاجيات الاستهلاك التونسي من الحبوب.
ويرى مراقبون، أن الحكومة مقبلة على فترة دقيقة في علاقة بملف الحبوب والمنتجات الزراعية، خاصة في صورة استمرار الارتفاع المسجل في أسعار هذه الموادّ في السوق العالمية، بما سوف يلقي بظلاله على المعيشة اليومية للمواطنين، الذين باتوا يتذمرون من ارتفاع الأسعار خلال المدة القليلة الماضية.
ارتفاع أسعار الأراضي في تونس : ان المتمعن في طريقة الحصول على المسكن و رحلة البحث على القروض لتمويله يمكن أن يجد مخرجا آخر لهذا التوصيف، حيث يفرض الحصول على مسكن، التضحية بكل "ملذات الدنيا"، و نذر النفس لتسديد قرض مقابل فوائض مجحفة قد تنتهي بك إلى القبر دون سدادها. السنة الماضية بمدينة الحمامات إلى أكثر من 600 دولار هذه السنة وأن الثمن الأدنى للمساكن ب800 دينارا للمتر أي ما يعادل 80 ألف دينارا لمساحة 100 مربع. وأن ارتفاع أسعار مواد البناء وإلى تراجع السكن الاجتماعي وإلى الصعوبات الجمة للحصول على سكن.
الاسباب مختلفة والنتيجة واحدة : ان المسكن في طبيعته مرتبط بالاستقرار، لكن سوق العقارات في تونس غير معنية بهذا الاستقرار، بل إن أسعار العقارات ما تفتأ ترتفع، بالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الأولية و الأراضي و اليد العاملة. كما تختلف أسعار العقارات بحسب الموقع و التهيئة.
يقول الباحث العقاري،جلال ادريس أن سعر العقار لم يتغير، بل إن سعر الأراضي هو الذي في ارتفاع جنوني. فعلى سبيل المثال كان سعر المتر المربع في مدينة الحمامات الساحلية السنة الماضية في حدود 300 دولار، في حين ارتفع هذه السنة إلى أكثر من 600 دولار".و حول السؤال عن الأسعار الدنيا للمساكن، يقول إدريس، إن سعر المسكن اللائق لا يقل حاليا عن 80 ألف دينار لمساحة 100 متر مكعب.
غير أن شطحات أسعار العقارات في تونس، و نزواتها، ليست مقتصرة على سعر الأراضي، بل أن هناك من يعزو ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية و خاصة الحديد، حيث ارتفع سعر الطن من الحديد من 600 دولار سنة 2006، إلى 1000دولار حاليا، إلى جانب اليد العاملة المرتفعة و غياب اليد العملة المتخصصة.
تمت تحركات احتجاجية للمناداة بمطالب شرعية وقد كتب على اليافطات "فهاتوا لنا عملا أو فلا تلوموا إذا شنّها العاطلون" وكذلك "حق التشغيل لابن العامل والفقير". لكن التعامل من طرف السلطة مع المطالب الشرعية لشرائح كبيرة من أبناء الشعب التونسي لتعامل أمني و تبرير ارتفاع غلاء المعيشة في تونس بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، والسعي إلى تقديم صورة مزيفة عن حقيقة المعاناة اليومية للمواطن التونسي، كل ذلك لا يزيد الأمر إلا تعقيدا. فلا يعقل أن يكون الضحية الفقير مجرما، وليس هناك ظلما أكبر من أن يُحرم الشعب من التمتع بثروات بلاده إلى حدّ أن نسبة من شبابه يغامرون بالركوب في قوارب الموت بحثا عن لقمة العيش.
أن المواطن ضعيف الدخل لم يعد هو المتضرر الوحيد من هذا الغلاء، بل اكثر الشرائح في المجتمع التونسي بما في ذلك من الموظفين والإطارات تشتكي من ظاهرة الأسعار المشطة لمتطلبات الحياة اليومية. وأصبح ربّ العائلة يعيش في حيرة من أمره كيف يوفّر لقمة العيش لأفراد أسرته. وليس خافيا على أحد ما لهذا الضغط النفسي اليومي من تداعيات خطيرة على وضع الأسرة وتهديد استقرارها بسبب تراكم الديون وتصاعد حالة التوتر، يضاف إلى ذلك الشعور بحالة الكبت والحرمان والعجز عن القيام بمسؤولية الرعاية العائلية.
اغلب التونسيين مالكين لمسكنهم : التعداد الأخير للسكان و السكنى في تونس كشف أن 77,4 في المئة من التونسيين، يمتلكون مساكنهم، بينما تطور الرصيد العقاري في تونس حسب التعداد نفسه ليصل إلى 5ر2 مليون وحدة سكنية، أي بنسبة نمو سنوي تناهز 95ر2 في المئة منذ سنة 1994، في حين تطورت نسبة الأسر ب75ر1في المئة سنويا لتصل إلى 87ر1 مليون أسرة في الفترة نفسها.أما المساكن البدائية فقد أضحت في حدود 69ر0 في المئة سنة 2007 مقابل 8ر0 في المئة سنة 2004 ونحو 7ر2 في المئة سنة 1994 من مجمل الرصيد العقاري.
و مثلما لا يجب أن تحب الشجرة الغابة، فإن ارتفاع نسبة امتلاك التونسيين لمساكنهم، لا ينبغي أن يخفي، متاعب رحلة الحصول على هذا المسكن، بدءا بالبنوك، و وصولا إلى الباعث العقاري. إذ تشترط البنوك نسبة معينة من الادخار السكني لا تقل عن 30 في المئة من السعر الجملي للمسكن، مع فرض نسبة فوائض مرتفعة، قد تضاعف في أحيان عدة من سعر المسكن. هذا طبعا إذا كان المقترض من المثبتين في وظائفهم أو من أصحاب المشاريع التي يمكن أن تشكل ضمانا للبنك.
و أمام هذه الشروط المجحفة، فقد اختارت فئة من التونسيين إما البقاء في حضن العائلة و امتلاك الطابق العلوي، أو اقتناء قطعة أرض ثم بناءها حتى يتسنى لهم تصميم مساكنهم حسبما يرغبون و أينما يريدون، و بأقل التكاليف.
الوحدات السكنية في تونس : تواصل ارتفاع كلفة البناء وقلة الأراضي المهيأة لهذا الغرض وتراجع عدد المساكن الاجتماعية المعروضة للبيع وتواصل ارتفاع ضغط الطلب على المساكن الموجهة للفئات الاجتماعية محدودة الدخل داخل الأقطاب العمرانية المهمة، دفع الحكومة التونسية إلى تشجيع البناءات العمودية، وتم وضع شروط يخضع لها الباعثون العقاريون والمشرفون على عملية الانجاز كاحترام الطابع العربي الإسلامي عند تصميم العمارة في الشكل حتى يتمكّن الأجنبي من تمييز الطابع المعماري التونسي، والبناء بطريقة مقتصدة للطاقة وتهيئة الطرقات والتأكيد على اتساعها، وتوفير مأوى للسيارات.
كما ينتظر أن تشهد فترة المخطط الحادي عشر للتنمية 2007، 2011 بناء حوالى 300 ألف وحدة سكنية منها 260 ألف وحدة سكنية لتلبية الطلبات الإضافية للسكن، و10 آلاف وحدة سكنية لتخفيف الازدحام، و30 ألف وحدة سكنية لتعويض المساكن القديمة. وسيتولى القطاع الخاص انجاز القسط الأوفر من المساكن وذلك ببناء 281 ألفاً و362 وحدة سكنية،منها أكثر من 70 في المئة موجهة للفئات الاجتماعية ذات الدخل المتواضع.
ويمكن أن تبلغ نسبة المساكن المنجزة من طرف القطاع الخاص أكثر من 25 في المئة مسجلة بذلك نموا بعشر نقاط مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.ويتطلب بناء هذه الوحدات السكنية توفير حوالى 5625 هكتارا من الأراضي الصالحة للبناء بالوسط الحضري، على أساس كثافة سكنية بنحو 40 مسكنا بالهكتار الخام باعتبار ما ستوفره عمليات التكثيف بالأحياء القائمة والتي ستمكن من تلبية حوالى 25 في المئة من احتياجات السكن، وسيتولى القطاع الخاص شركات وأفرادا توفير القسط الأوفر من الأراضي الصالحة للبناء.
مساكن لصغار الأجراء : أقرت الحكومة التونسية، إجراءات، تخص صغار الأجراء الذين تتراوح أجورهم ما بين 200 و 400 دولار، تتمثل في الحصول على مسكن اجتماعي دون شرط تسبقة الثلاثين في المائة من القيمة الجملية للمسكن. و حسب مسؤول من بنك الإسكان إن سعر المسكن من طراز" فوبرولوس1"، لا يتجاوز ال 25 ألف دولار، و يمكن للأجير أن يتمتع بمنحة من صندوق التضامن تصل إلى 3ألاف دولار وهو عبارة عن تمويل ذاتي. لكن في انتظار أن يقع تعميم هذه المساكن على الباعثين الخواص مع موفى 2009، ما يزال القطاع العام محتكرا لبناء المساكن الاجتماعية.
استثمارات خليجية ضخمة في تونس : سوق العقارات، بقيت أسهمه محلية و في حدود "معقولة" نسبيا في حدود السنوات القليلة الماضية، إلا أن هجمة الاستثمارات الخليجية التي فتحت تونس لها ذراعيها انطلاقا من السنتين الماضيتين، لن تؤثر في أسعار العقارات في تونس فحسب بل أنها و حسب المراقبين للشأن التونسي، سوف تغير شكل العاصمة التونسية و المناطق التي استقطبتها.
المواطن التونسي، الذي لم يتعود سماع وعد الألوف المؤلفة من المليارات المخصصة للبناء، أما الأبراج و المدن التي تنوي الشركات الخليجية إنشاءها في تونس، فتشبه أرقى المدن الأميركية و الأسيوية.
و في هذا السياق أعلنت،مؤخرا،شركة المعبر الإماراتية عن خطة لإنشاء أكبر مشروع لها في القارة الإفريقية من خلال تشييد مدينة على ضفاف الضاحية الشمالية للعاصمة تونس باستثمار يبلغ عشرة مليارات دولار.
وقال يوسف النويس عضو مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة في مؤتمر صحافي إن مشروع "مدينة بلاد الورد يمثل انجازا فريدا من نوعه في جنوب المتوسط بتطويره لمدينة متكاملة عصرية تحتوي على عناصر متعددة منها المدينة الصحية الدولية وممرات مائية ومنتجعات سياحية و الاقامات ."
كما أعلنت مجموعة "بوخاطر" الإماراتية أنها ستنفذ مشروعا لإقامة مدينة سكنية وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية باستثمارات قدّرت بنحو 5 مليارات دولار. غير أن أبرز وأهم المشاريع الاستثمارية الإماراتية في تونس، يبقى مشروع "تونس باب المتوسط" الذي يوصف في تونس بأنه "مشروع القرن"، الذي ستنفذه مؤسسة "سما دبي" باستثمارات قدّرت بنحو 14 مليار دولار.
و بخصوص هذا المشروع، يرجح المختصون، أن تسجل المساحات المربعة المبنية سنويا نموا ب 50 في المئة، و حال انتهاء أشغاله سيمكن مشروع باب المتوسط من استقطاب ما بين 300 و 500 ألف ساكن.
إلى ذلك، أعلن "بيت التمويل الخليجي" البحريني عن رصده نحو 3 مليارات دولار لبناء "مرفأ تونس المالي الدولي" في الضاحية الشمالية، والذي يضم مركزا للتداول وآخر خاصا بشركات التأمين وثالثا للبنوك غير المقيمة بالإضافة إلى مركز للشركات الاستشارية المالية.
وقد دفعت هذه الاستثمارات ، الحكومة التونسية إلى التخطيط لمشاريع جديدة خلال السنوات الخمس القادمة تتراوح كلفتها الإجمالية ما بين 50 و60 مليار دولار
الحملة ضد الفساد : طالب عدد من الناشطين وضع حدّ للفساد وإرجاع الحقوق إلى أصحابها بضمان احترام الدستور والقوانين وتغليب مصلحة الوطن. وقال الموقعون على اللائحة التي وصلتنا بعنوان "عريضة وطنيّة ضد الفساد" إنّ بعض الأشخاص يستغلون نفوذهم المستمد من القرابة العائلية لرئيس الدولة ويقومون بتكديسهم الثروات على حساب الأموال العامة ومصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة المواطنين.
كما أشارت اللائحة إلى تنامي ظاهرة الرشوة في عدة مجالات وإلى غياب مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والشفافية في الصفقات العمومية ومنح امتيازات غير قانونية للموالين بما جعل الولاء يحلّ محلّ الكفاءة ونشر الأحقاد والفوضى داخل الكثير من القطاعات والمؤسسات، حسب نص اللائحة التي نبّهت كذلك إلى "استعمال مؤسسات الدولة لتجويع المعارضين وقطع موارد رزقهم كتوظيف إدارة الجباية أو مضايقة الموظفين منهم".
كما عبّر الموقعون على العريضة عن انشغالهم من "تخلّي القضاء عن القيام بواجبه في حماية حقوق المواطنين وعدم وجود سلطة تضمن احترام القوانين وتشعر المواطنين بالأمان على أنفسهم وأملاكهم".
وقالت اللائحة إنّ تلك الأوضاع "لم يعد من المقبول السكوت عليها". وحذّرت "من الهزات التي قد تحصل جراء الاستبداد وغياب السلطة المضادة بما قد يؤدي بشباب تونس إلى الوقوع في اليأس من النضال السلمي والتوجه نحو الحلول المتطرفة".
وأكّد الموقعون على هذه العريضة "إصرارهم على التصدي بكلّ الوسائل السلمية والقانونية لهذه الممارسات حتى تتوقف نهائيا". وحثّوا ضحايا الفساد على "الخروج عن الصمت للمطالبة بحقوقهم وعلى تحدي الخوف بما يكرس ثقافة التصدي السلمي للاستبداد باعتبارها الطريق نحو التغيير الديمقراطي المنشود".
وحملت العريضة الوطنية ضد الفساد 73 توقيعا أوّليا قبل عرضها على العموم وقد أراد أصحاب المبادرة أن يقع نشرها بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال تونس. ونبّه المصدر ب"أنّ الفساد كان من جملة الأسباب التي أوصلت البلاد التونسية سنة 1881 للوقوع تحت الاستعمار الأجنبي، بعد الديون التي تراكمت بسبب فساد الملك في عهد الصادق باي وهو ما جعل دولا أجنبية تتدخل لفرض الوصاية على تونس".ويذكر أنّ تقرير منظمة الشفافية العالمية- الاتحاد العالمي لمكافحة الفساد الإداري - السنوي العام 2007، قد سجّل تراجعا في جهود مكافحة الفساد في تونس فتحولّت من المرتبة 52 سنة 2006 الى المرتبة 61 .
تونسة قوات الأمن الداخلي و الديوانة : إن تَونَسَة الأمن الوطني كانتَ رمزا قوي يكرس استقلال تونس وسيادتها الوطنية وإنجازا تاريخيا هاما انتقلت بموجبه مسؤولية أمن الشعب التونسي من أيد أجنبية كانت تستعمره إلى أيد تونسية من واجبها توفير الأمن له و تنفذ القوانين .
وبعد مضي 52 سنة على التونسة والنظام يحتفل بهذه الذكرى كالعادة ويضعها تحت شعار"الوفاء لصانع التغيير" وهذا الشعار دال بذاته على تحويل هذه المؤسسة الدستورية في ولاءها إلى شخص مفرد يراد له أن يختزل الوطن ويضع يده على جميع مؤسساته. فلا أحد ينكر الحاجة إلى المؤسسة الأمنية التي تتولى القيام بوظيفتها طبق القانون. كما لا يمكن لأحد أن ينكر الدور السامي الذي يقوم به العديد من عناصر الأمن في بلادنا سواء أكان ذلك في الحفاظ على امن المواطنين أو المحافظة على الثروة الوطنية.
غير أنّ ما لا يمكن تجاهله هو المنحدر الذي يتردى فيه بعض عناصر هذا الجهاز خاصة في العشرين سنة الأخيرة وعلى يد بعض العناصر من السلطة العليا و مصادرته لهذا الجهاز وتسييره "بالتعليمات" وتكليفه بمهام قمعية خارجة عن القانون لسيطرة المطلقة على البلاد ولقد كان لهذه التصرافات الأمنية عواقب وخيمة على المواطنين بصفة عامة اذ صاروا يعيشون في مناخ من الخوف والرعب يفقدهم كل إحساس بالأمان ويشعرهم بأنّهم يمكن أن يكونوا في أي لحظة ضحية تجاوز أمني الذي لا يحتمل مساءلة اوعقاب.
و كذلك على النخب المناضلة التي يمارس عليها البوليس السياسي شتى أنواع الاعتداءات بالعنف و زجهم ظلما بالسجن و الإضرار بممتلكاتهم و افتعال قضايا ضدهم أو مصادرة حقهم في التنقل داخل البلاد إلى تهديدهم في أبنائهم و ذويهم و منعهم من السفر إلى الخارج بدون وجه قانوني...
و على المعتقلين عامة وخاصة المتهمين بالإرهاب والانتماء إلى حزب أو جمعية وتمارس عليهم أبشع أساليب التعذيب وأشدها وحشية و تزوير محاضر البحث و تجاوز حدود اختصاصهم.
و على عناصر الأمن أنفسهم الذين يضيّق على أغلبهم في عيشهم ويتعمد إضعاف رواتبهم حتى يدفعوا إلى الارتشاء فيبقوا أداة طيّعة تنفّذ كل ما تؤمر به ولو كان مخالفا للأخلاق والضمير والشعور الوطني والذين يتعرض بعضهم إلى الاعتداء المذلّ من طرف أشخاص نافذين لا تقدر عليهم أجهزة العدالة... هذا فضلا عمّا يمكن توقّعه من سوء السمعة جراء الممارسات اللاأخلاقية التي يدفع عنصر الأمن إلى التورط فيها.
وأن المتضرر الأكبر من هذه التصرافات هو جهاز الأمن الوطني نفسه و مستقبل الوطن وسلمه الأهلية. فجهاز أمني ينحدر إلى ما ذكر من التصرافات الشاذة يفقده بالضرورة كل مصداقية وكل قدرة على مواجهة الأخطار التي صارت تهدد العالم وبلادنا من ضمنه.
التأمين على المرض: أنّ هذا الموضع يستدعي المراجعة واعادة النظر ويستدعي التصويب والتوضيح خدمة للناس وحرصا على تمتين علاقات التعامل بين جميع مكونات المجتمع أفرادا ومؤسسات وتنظيمات.. فلا يعني أننا نتجنّى على هذا أو ذاك أو نتجنّى على هذه المؤسسة أو تلك ولا يعني أيضا أننا ممّن بقلوبهم مرض أو ممّن يمكن أن تصحّ فيهم مقولة «يصطاد في الماء العكر». و لا نزايد على أحد ولا ندعي احتكار حب البلاد والعباد أكثر من أي مواطن من أي شريحة اجتماعية أخرى...
نحن الآن نجتاز أخطر مراحل التحول في السياسة الصحية منذ الاستقلال والحقبة الزمنية الممتدة على طيلة أكثر من نصف قرن بمفهوم واحد للسياسة الصحية تضع أمامنا اشارات حمراء لا يمكن تجاوزها الاّ متى فهم الناس بصورة واضحة وشاملة وشفافة النظام الجديد للتأمين على المرض لأنّ المسألة بكلّ تبسيط تتعلّق بحق أساسي جدّا في المنظومة الشاملة لحقوق الانسان.. ذلك أنّ الدولة مطالبة برعاية هذا الحق وحمايته وأنّ الدولة مطالبة بتوفير العلاج لكلّ مواطن...
المفهوم السائد هو أنّ نظام التأمين على المرض موجّه إلى الفئات المضمونة اجتماعيا لكن ماذا عن بقيّة الشرائح من عائلات معوزة من مثل الآلاف من المساجين السابقين والشباب العاطل عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة وحتى العمّال المسرحين؟
حسب محضر الاتفاق الممضى بين الأطراف المتدخلة في هذا النظام هناك اشارة الى أنّ الدولة تواصل التكفّل بهذه الشرائح... لكن بأي آليات وبأي قرارات وبأي وثائق.. تساؤلات أثارتها في نفسي حالة بعض من شاءت الأقدار أن تتوعّك صحة ابنه البالغ من العمر 21 سنة والعاطل بحكم انقطاعه عن الدراسة والذي لم يعد مضمونا اجتماعيا مع أفراد عائلته حيث شُطب اسمه من دفتر العلاج العائلي...
ماذا عن غير المضمونين اجتماعيا؟
نتمنّى على الأطراف المسؤولة العناية بغير المضمونين الاجتماعيين من العاطلين والمعوزين وغيرهم إلى الآليات والوثائق الكفيلة بقبولهم في المستشفيات العمومية ومعالجتهم ومن بينهم الآلاف من المساجين السياسيين السابقين وأفراد عائلاتهم وبذلك نكون قد أرسينا التحول المنشود في السياسة الصحية في البلاد بخطى ثابتة وعالجنا بعض المفاهيم والآليات من الحقوق والواجبات.
الصحافيين في تونس: ان الارتقاء بالمشهد الاعلامي فضلا عن أنّه يجسّد ارادة سياسية واعية تتماشى مع الواقع الاعلامي والقفزة النوعية في كثير المجالات ولا سيما الأمنية والتي هي محل اشادة من طرف المهتمين بالشأن التونسي. فهو يمثّل حاجة أساسية يفرضها الواقع الاعلامي الحالي
الذي وإن اتخذت عديد الاجراءات الايجابية لصالحه فانه يبقى مرآة غير صادقة للنهضة والتطور اللذان يميزان الشعب التونسي عن غيره من دول القارة. ولعل من الخطوات الايجابية جدا التي ستسارع في تحقيق المنشود من الطرفين الحكومي والصحفي هو تأسيس نقابة للصحفيين التونسيين تمثل الوريثة الشرعية لجمعية الصحفيين في مجال النضال من اجل ابناء القطاع، ولكن محدودية مجالات تدخّلها فرضت ميلاد هذا الهيكل الجديد الذي ننتظر منه الكثير، لا سيما في ظل تنوع تركيبته وثرائها بمختلف الحساسيات الصحفية والتي من المفروض ان تعكس المناخ الديمقراطي الشفاف الذي تشهد به الانتخابات في موعدها.
وما يجدر التأكيد عليه منذ البداية هو أهمية الاحساس المشترك بين أعضائها ومنخرطيها والاطراف الأخرى أي المؤسسات العمومية و الخاصة مع التأكيد على كون المرحلة القادمة ليست مرحلة تصادم او حرب بين الصحفيين والمؤسسات التابعين لها، بل هي مرحلة بناء وتقريب وجهات النظر والاشتراك في تقاسم المسؤولية من اجل تحقيق الرفاه المطلوب للجميع .
لا يمكن لمؤسسة صحفية عامة كانت او خاصة أن تطبّق ما تنص عليه الاتفاقية المشتركة وأن ترتقي بالوضع المادي لصحفيّيها حتى يرتقوا بدورهم بآدائهم ويعصّروا أساليب عملهم وما لم ينجح الصحفيون انفسهم في المساهمة من جانبهم وعبر جودة انتاجاتهم وجرأتها وحرفيتها في تحقيق الربح المادي للمؤسسات التي ينتمون اليها،حيث أنه لا يخفى على احد محدودية سوق الاشهار في بلادنا والذي تتقاسمه مئات وسائل الاعلام ولكن بدرجات متفاوتة، لذلك فان المنافسة المحتدمة التي يشهدها القطاع تفرض توحيد جهود كل الاطراف من أجل النجاح في كسبها.
وحيث ان المؤسسة الاعلامية التي تتمكّن من تحقيق التوازن المالي للمؤسسة والنهوض المادي للصحفيين بتزويدهم باحدث الوسائل المتطورة للعمل مع ضرورة نقل شواغل الشعوب بكل موضوغية و جرأة و نزاهة بحيث يعكس مبدأ الاعلام الحر والمسؤول مع احترام التعددية ولا أحد يستطيع أن ينكر هشاشة وضع الكثير من الصحافيين و تعرّضهم لنتهاكات لا يمثّل ممارسوها الا استثناء لكن انفتاح البلاد على العالم يجعلها أمام الجودة وهو يطرح مسائل جوهرية التكوين الصحفي للافراد و تطوير العمل للمؤسسات كمّا و كيفا من اجل تحقيق النجاح في الارتقاء بالاعلام الى مستوى البلدان النامية اذ ان الاعلام هو مرآة تعكس تقدّم الشعوب والأمم.
ومن أجل وضع حد لألام التونسيين في سنة 2008 وإطفاء فتيل الكراهية بين أبناء الشعب التونسي في هذه الايام نطالب بسن قانون عفو عام والتعويض للسجناء الرأي والسياسيين. وحيث أن الهدف من العمل السياسي هو الخروج من التخلف وبناء المستقبل الأفضل للشعب التونسي ولإن بوجوده يتحقق عامل الإستقراروالرخاء والأمان في البلاد.
قصص من وحي المعاناة في.تونس : نعم أقول هذا وأنا أتذكر الدكتور الفاضل صادق شورو ورفاقه المجاهدين القابعين وراء القضبان منذ ما يقارب العقدين وأتحدى أيا كان إذا وجد في تاريخنا أطول من هذا السجن. ومن المنطق السليم أننا اصاحب حق ومعنا الحق ويوم يعلى صوت الحق في الخضراء سنقاضي من يريد قتل الحق , وإلى ذاك الزمان المنظور سنصارع البؤس والحرمان والظلم مع إخواننا الصّادق شورو وأخوه عباس شورو و حمادي الجبالي و الدكتور منصف المرزوقي و احمد نجيب الشابي و الدكتور مصطفى بن جعفر ، ومنجي الخماسي، ، مع كثير من أبناء تونس الخضراء. نعم أقول هذا وأنا أتذكر معاناة الدكتور منصف بن سالم و الصحافيين حمادي الجبالي و سليم بوخذير والسجين السياسي رضا بوكادي وبقية إخوانه داخل السجون والمنافي ولا سيما الحالات الخاصة مثل وضع الصحافي عبدالله الزواري.
المقاومة الوطنية للفساد : نظرا لكوننا جزء لا يتجزء من الشعب التونسي الذي هو صاحب السيادة وانطلاقا من شعورنا بالمسؤولية ومن قيم الوطنية التي تعني فيما تعنيه التضامن بين أبناء الوطن الواحد وانطلاقا من الغيرة على مصلحة الوطن ووقاية له من الهزات التي قد تحصل جراء الاستبداد وتحصينا للشباب من الوقوع في اليأس من النضال السلمي والتوجه نحو الحلول المتطرفة ونظرا لكون الشعب هو المتضرّر من الفساد ونتائجه
فإنّنا ننبه للأوضاع التي لم يعد المقبول السكوت عليها و هي استغلال بعض الأشخاص لنفوذهم وتكديسهم للثروات على حساب الأموال العامة ومصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة المواطنين. وانتشار ظاهرة الرشوة في الإدارة و في اكثرّ المجالات بما في ذلك في الانتدابات التي يتطلع إليها الشبان العاطلون عن العمل الذين ارتفع عددهم بشكل يدعو إلى الفزع. وندعوالى نشر مبدأ المساواة وتكافئ الفرص والشفافية في الصفقات العمومية وعمليات الخوصصة المشبوهة.
فإنّنا ننبه لاستعمال مؤسسات الدولة للتجويع والمحاصرة اقتصاديا وقطع موارد الرزق للمعارضين كتوظيف سياسي لإدارة الجباية أو مضايقة الموظفين منهم بتسليط النقل التعسفية عليهم وغير ذلك من الأساليب.
وندعوالى الكف عن منح الامتيازات الغير قانونية لغاية سياسية كتوزيع الإعلانات الرسمية على الصحف الموالية وشراء ذمم أصحاب الأقلام المأجورة والتدخل في توزيع قضايا المؤسسات العمومية والشركات التي تساهم فيها الدولة وغيرها على بعض المحامين وهي السياسة المتبعة في بعض القطاعات التي جعلت الولاء يحلّ محلّ الكفاءة ونشرت الأحقاد والفوضى داخل الكثير من المؤسسات.
عزوف الشباب عن العمل السياسي : تشير الإحصائيات الصادرة عن المرصد الوطني للشباب أنّ قرابة 17 بالمائة من الشباب التونسي يهتمون بالسياسة([1]). وأنّ 27 بالمائة منهم يشاركون في المواعيد الانتخابية وأنّ 64 بالمائة منهم لا تعنيهم انتخابات الجمعيات والمنظمات الوطنية.
ولا شك أنّ عزوف الشاب عن الشأن الوطني مقلق في وقت تسعى فيه مختلف أجهزة الدولة إلى التواصل بين الشباب والعمل السياسي والجمعياتي. وأنّ هذه القطيعة لها انعكاسات سلبية على مستقبل العملية السياسية لا سيما وأنّ القلب النابض للمجتمع وهي الفئة الشبابية التي فقدت ثقتها في العمل السياسي لاعتبارات شتّى وفي مختلف تعبيراته الفكرية والإيديولوجية.
أنّ للشباب في تونس مشاغل أخرى تشدّ انتباهه وتشدّ طاقاته وأهم هذه المشاغل هي مشكلة البطالة التي تمسّ أساسا الشباب المتعلم حيث تؤثر هذه المشكلة في توجهه السياسي. فالشباب الذي يمتلك كلّ مقومات المشاركة السياسية من حيث الثقافة والتكوين المعرفي يجد نفسه أسير البحث عن عمل والاستقرارالاجتماعي والبحث عن الاستقلالية الاقتصادية وأسير الضغوط الاجتماعية المتعددة.
أما الأحزاب السياسية والمعارضة منها خصوصا، فهي لا تملك برامج وإيديولوجية قادرة على الاستقطاب للشباب. كما أنّ المشاكل الداخلية للأحزاب والتباس مفهوم المعارضة لديها جعلها غير قادرة على ممارسة فعل الاستقطاب. فليس في جعبتها السياسية ما يدفع الشباب للانخراط فيها باستثناء الشباب الاسلامي. وحتى على مستوى مقاربتها لقضايا الوضع العربي فثمة مفارقة حقيقية بين ما يسمح به من تظاهرات يمكن من خلالها للشباب أن يعبّر عن رأيه وبين عمق المشاكل في المنطقة العربية مثل العراق ولبنان وفلسطين.
فعدم قدرة هذه الأحزاب على تحقيق توازن فعلي بين الخطاب السياسي والممارسة السياسية ونشر هذا التوازن بين الجمهور يجعلها غير قادرة على جذب الشباب إليها.
الى جانب غياب قيادات حزبية التي ليس لدينا قيادات قادرة أن تكون قوة جذب بين الشباب وقضاياه لذلك يمكن القول إنّ الشباب يعيش اليوم في أكبر أزمة يعيشها. وبشكل عام فإنّ الناس أصبح لهم يأس من السياسة خاصة في ما يتعلق بالوضعية العربية.
أنّ الرؤية لدى الشباب تجعل من العمل السياسي مرادفا لعدم الاستقرار الاجتماعي. فممارسة العمل السياسي قد تنجر عنه تبعات اجتماعية وتسلط على عائلاتهم ضغطا مما يجعل الابتعاد عن الشأن السياسي أسلم طريق للنأي بالذات .والعامل الآخر يمكن اختزاله في أنّ الأحزاب والجمعيات لم تنتج خطابا يقترب أو يلامس مشاغل وهموم الشباب اليوم. فالخطاب الثقافي يحتاج الى تجديد حتى يلامس تطلعات الشباب التونسي كما أنه لا بدّ من التفكير في تطوير أساليب عمل دور الثقافة والشباب لتستقطب الشباب بعيدا عن التوظيف السياسي.
أما عضوة المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدّم فاتن الشرقاوي فهي ترى الحاجة لمصارحة وطنية وإنه لا يمكن معالجة أيّ ظاهرة قبل تشخيص واقعيّ وموضوعيّ وصريح لها. وإن طغى على السّاحة السياسيّة الحديث عن ما سميّ بعزوف الشباب عن الممارسة والمشاركة السياسيّة فلا بدّ الاعتراف بادئ ذي بدء أنّ هذه الظاهرة أصبحت متفشّية منذ عديد السنوات وذلك بفعل عوامل متعدّدة.
وأصبح من البديهيّ أيضا الاعتراف بأنّ الأحزاب السياسيّة والمجتمع المدنيّ عموما يتحمّلون مسؤوليّة في هذا الجانب على اعتبار أنّ الفئة الشبابيّة لا تؤمن بجدوى الالتحاق بهذه التنظيمات السياسيّة، خاصّة وإنّ كان هذا الانخراط رهين ظرفيّة انتخابية .
وبالتالي فأمام هذه الجفوة تجاه المؤسّسات والتنظيمات السياسيّة والحزبيّة وحتّى الجمعياتيّة نبقى في حاجة إلى مزيد تعميق حسّ المواطنة وترسيخ مفاهيم المشاركة الديمقراطيّة ودعم التعدّديّة. كما يتوجّب على هذه الأحزاب إعادة صياغة خطابها المتآكل والعاجز عن مواكبة التطوّرات والمتغيّرات العالميّة المتسارعة.
ونحن نعيش أفول الإيديولوجيا اليسارية التي أجّجت حماسة الطلاّب في السبعينات والثمانينات لمّا كانت الجامعة مضطلعة بدورها الطلائعيّ، ليس فقط في تونس بل في معظم البلدان المغاربيّة والعربيّة، وأمام لجوء بعض الفئات إمّا للإنغلاق على الذّات أو إلى التطرّف أو الإنحراف و اللامبالاة وهي طرق مختلفة لتعبير الشباب عن رفضهم لحالة التهميش والفراغ ومنطق الإقصاء.
أنّنا نعيش شعور باللاطمانينة جرّاء الإضطرابات وعدم الإستقرار في العديد من بلدان المعمورة ونشوء أنواع جديدة من التمييز والعنصريّة الطاغية في الغرب. وبالحديث عن الوضع الدوليّ، فلا يمكننا غضّ النظر عن حقيقة أنّ الجيل الجديد يحسّ بنوع من الإستهداف لقيمه ومبادئه وحضارته نتيجة الحروب والصراعات التي تعصف خاصّة بفلسطين والعراق ولبنان والصومال وغيرها من البلدان العربيّة الشقيقة.
ومن الأسباب المؤديّة أيضا ولو بصفة ضمنيّة للقطيعة بين الشباب والعمل السياسي يمكننا الذكر لا الحصر العائلة التي تهيمن فيها فكرة التجنيب من المشاركة السياسيّة والخوف من عواقب الإنضمام للتنظيمات وخاصّة السياسيّة منها و يوجد تقصير في إقناع الناشئة بقيم حبّ الوطن والإعتزاز بالهويّة وتعميق الشعور بالإنتماء وغياب الحريات العامة. وان تسويق صورة تونس في الخارج هي مهمّة كلّ النّخب و الأحزاب السياسية ولكن كيفّ المشاركة السياسيّة والخوف من عواقب الإنضمام للتنظيمات السياسيّة و في غيإب قيم حبّ الوطن والإعتزاز بالهويّة و في غيإب الشعور بالإنتماء وغياب الحريات العامة.
إن المطلوب اليوم تجاوز الخلافات السياسية في طابعها العدائي من أجل تفعيل قيمة التضامن الوطني باتجاه الاستيعاب الناجع للمشاكل والتحكم الأكثر نجاعة وسيطرة على القضايا والمعضلات المزمنة والمستفحلة
المطلوب، الكف عن مصادرة حق الفئات الاجتماعية المتضررة من ديناميكيات التجويع العالمية بتعزيز السياسة الاجتماعية وتطوير آلياتها التضامنية وتوسيع مظلتها الحمائية وتنويع أشكالها بالقطع مع الخطاب الحزبوي لأنه لا يليق بشعب يحب الحياة ولنفتح المجال لخطاب تضامني يصالح بين المجتمع والدولة ويجمع الطاقات في مواجهة التحديات.و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" (آل عمران 104) و قال تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل:97).
(وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله وهو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه )
باريس في 10 ماي 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - المصدر: صحيفة "الصباح الأسبوعي" (أسبوعية - تونس)، الصادرة يوم 24 مارس 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.