عاجل/ ليبيا: اشتباكات عنيفة في الزاوية.. وهذه حصيلة الضحايا    ذهاب نهائي ابطال افريقيا.. التشكيلة الاساسية للترجي والاهلي    منوبة: الاحتفاظ بصاحب كشك ومزوّده من أجل بيع حلوى تسبّبت في تسمم 11 تلميذا    قريبا: اقتناء 18 عربة قطار جديدة لشبكة تونس البحرية    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تدعو إلى عقد مجلس وطني للمنظمة خلال سبتمبر القادم    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    قابس: نقل 15 من تلاميذ المدرسة الاعدادية ابن رشد بغنوش بعد شعورهم بالاختناق والإغماء    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    عاجل/ القصرين: توقف الدروس بهذا المعهد بعد طعن موظّف بسكّين امام المؤسسة    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحقيق المصالحة الوطنية و الحوار الوطني:بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ


هل نحن ذاهبون نحو التصعيد و زيادة الاقصاء
أو الانفراج و المشاركة؟
كيف تحقيق المصالحة الوطنية و الحوار الوطني
"قل هذه سبيلي ادعو على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله"(سورة يوسف 108)
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ
احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
باريس في 2 جانفي 2008
كيف نتفادى التصعيد في الحياة السياسية .
في بداية السنة الادارية 2007 ابتليت البلاد بأحداث عرفت ب"احداث سليمان" التي وقعت في تعتيم اعلامي كبير وهو الذي طبعت بها المواجهات. مما فتح المجال للتنبؤ وللاشاعات مع الملاحظ بان عمل هذه المجموعات نال بالبحث من قبيل الكثيرمن المراقبين الاجانب لهذه المجموعات القتالية و هم يجمعون على ان هذه المجموعات الصغيرة في العدد تستعمل أحدث مناهج القتال ووسائله اضافة الى ذلك انها توسع تجاربها وخبرتها الفنية بفضل امتداداتها الدولية.
و مع نهاية السنة اصدرت المحكمة الابتدائية بتونس يوم 30 ديسمبر 2007 حكمها في حق "مجموعة سليمان" القضية رقم 75910- 10. احكام قاسية التي وصلت الى الاعدام في حقّ اثنين من 31 عنصر من هذه المجموعة و التي تتراوح اعماهم بين 24 و 36 سنة والمعتقلين في الفترة ما بين النصف الثاني من شهر ديسمبر 2006 و بداية شهر جانفي من سنة 2007.
ان بعض المصادر تقول أن هذه المجموعة ليست المجموعة الاولى ولكنها المجموعة التي بلغ خبرها للعموم والتي كادت ان تنفذ خططها . وهذا يعني ان هذه المجموعة نجحت في اختراق خط دفاعي امني كان من المفروض ان لا يخترق بحسب الخطة الامنية التي تعمل بها السلطة في تونس.
وهذا يعني كذلك ان مثل الامر قد يتكرر و يبدو ان السلطة مدركة لذلك، ولعل هذا ما يفسر توسيعها لمجالات الاعتقال وشدة التعذيب. والواضح ان السلطة مدركة ان المسالة مسالة وقت. ان هذه الاحداث التي ادت لموت 12عنصر من الشباب وكذلك عدد من قوات الجيش والامن بتكتّم كامل و دون أي تحقيق. وبعد عشر ايام من الاحداث اعلن النظام انه سيطر عليها وكأن موضوع هذه المجموعة قد انتهى.
ولقد شهدت هذه المحاكمة ولأول مرة في تاريخ القضاء التونسي الاعتداء بالضرب المبرح على المتهمين داخل قاعة الجلسة بأمر من رئيس الجلسة وأمام الجميع من محامين وأهالي المتهمين والمراقبين، لأن احد المحاكمين قد رفع صوته بالقاعة قائلا:" الله ولينا ولا ولي لكم".
ويؤكد معظم هؤلاء الشباب تعرّضهم لتعذيب وحشي بمقرات وزارة الداخلية حيث يجري استنطاق كل المتهمين بالإرهاب وفقا لقانون 10 ديسمبر 2003 الذي يحمل عنوان "دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال".
و قد اورد مراسل روترز ان القاضي محرز الهمامي اصدرحكمه باعدام اثنين من الاسلاميين هما صابر الرجوبي وعماد بن عامر بتهم الانضمام لتنظيم ارهابي وحث السكان على العصيان المسلح والقتل بالتراب التونسي.
وصدر الحكم بالمؤبد على ثمانية اخرين و هم الصحبي النصري وفتحي الصالحي ووائل العمامي ومحمد باللطيفة وعلي العرفاوي ورمزي العيفي واسامة عبادي ومخلص عمارو بالسجن لمدة 30 عاما على سبعة متهمين بينما حكم على بقية المجموعة بالسجن فترات بين20 وخمسةأعوام.
وبعد النطق بالحكم قال المتهمون "الحمد لله" قبل ان يسجدوا على الارض. مع العلم ان الكثيرمن المراقبين الاجانب لهؤلاء الشباب من المجموعات القتالية يجمعون على ان هذه المجموعات الصغيرة في العدد تستعمل أحدث مناهج القتال ووسائله اضافة الى انها توسع تجاربها وخبرتها الفنية بفضل امتداداتها الدولية. هذا في ما يخص القدرة الفنية للشباب الذي واجه القوات التونسية.
حمل رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي السلطات الرسمية جزءا من مسؤولية ظهور هذه الجماعات المتطرفة من خلال عدم فتحها باب المشاركة السياسية، وقال: "مما أسهم في تأجيج هذا الفكر المتطرف هو الانغلاق السياسي الذي تتميز به تونس الذي لا يؤدي في النهاية إلا لمثل هذه الأعمال الإرهابية، وقد نبهنا إلى ذلك منذ سنوات، وقلنا بأن الشباب عندما لا يجد إمكانية للتعبير فإنه قد يلجأ إلى هذه الأعمال غير المبررة بكل المقاييس"، على حد تعبيره.
الا ان بعض المصادر تقول أن هذه المجموعة ليست المجموعة الاولى ولكنها المجموعة التي بلغ خبرها للعموم والتي كادت ان تنفذ خططها الا بمبادرة السلطة في الدخول معها في مواجهة مسلحة. وهذا يعني ان هذه المجموعة نجحت في اختراق خط دفاعي امني كان من المفروض ان لا يخترق بحسب الخطة الامنية التي تعمل بها السلطة في تونس.
وهذا يعني كذلك ان مثل الامر قد يتكرر و يبدو ان السلطة مدركة لذلك، ولعل هذا ما يفسر توسيعها لمجالات الاعتقال وشدة التعذيب. والواضح ان السلطة مدركة ان المسالة مسالة وقت. ان هذه الاحداث التي ادت لموت 12عنصر من الشباب وكذلك عدد من قوات الجيش والامن بتكتّم كامل و دون أي تحقيق. وبعد عشر ايام من الاحداث اعلن النظام انه سيطر عليها وكأن موضوع هذه المجموعة انتهى وكتم الاخبار عن عمليات الدفن وهوية المشاركين فيها وضحاياها.
رفع التضييقات على الرّابطة
وقد أعلن الاستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ان لقاءات وقعت بين الهيئة العليا لحقوق الإنسان ومختار الطريفي وان السلطات التونسية رفعت الحصار عن مقرها الرئيسي في العاصمة في بادرة قد تنهي أزمة أثارت اهتمام منظمات حقوقية في العالم منذ اندلاعها في سبتمبر/أيلول 2005.
وصرّحت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان لها ان اللقاءات تجددت بين المنصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان ومختار الطريفي رئيس الرابطة، وأعلم الرويسي رئيس الرابطة بأنه يمكنه استغلال المقر المركزي من دون قيود. و نحن اذ نستبشر بمثل هذا الخبرالا اننا نأمل ان لا يتكررّ مثل هذا مستقبلا.
متى ترفع التضييقات على بقية المنظمات المحظورة
مع بداية العام الاداري الجديد 2008 لا يحلو لنا الاحتفال ولا الاكل والشرب واخوان لنا في غياهب السّجون. نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر أسماء المساجين الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العقدين و هم السادة: الصادق شورو- ابراهيم الدريدي - رضا البوكادي - نورالدين العرباوي - عبدالكريم بعلوش - منذر البجاوي - الياس بن رمضان - عبدالنبئ بن رابح - الهادي الغالي - حسين الغضبان - كمال الغضبان - منير الحناشي - بشير اللواتي - محمد نجيب اللواتي - الشاذلي النقاش - وحيد السرايري - بوراوي مخلوف - وصفي الزغلامي - عبدالباسط الصليعي - لطفي الداسي - رضا عيسى - الصادق العكاري - هشام بنور – منير غيث – بشير رمضان نسأل الله لهم ولجميع مساجين الرأي فرجا عاجلا قريبا.
هل من منجد لهؤلاءالأموات بلا أكفان و بلا قبور؟
هؤلاء الصامدون المحتسبون الصابرون طوال السنين الطوال‘ نسال الله العلي القدير ان يفرّج عليهم قريبا‘ انه سميع عليم‘ ولا ننسى بقية اخواننا المسرّحين الممنوعين من العمل و من السفر‘ ولا ننسى المشردون في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘.
هذا الوضع الذي وصلنا اليه في تونس الحبيبة هو نتيجة اخطاء ارتكبها بعض الفاعلين في الساحة السياسية التونسية وبعض الاطراف من الوسط الاسلامي غرورا منهم من جهة. وبعض الاطراف من داخل السلطة الذين دفعوا نحوتحويل مقاليد الدولة الى ادارة القمع البوليسي الذي لا يعتمد على الحوارو لا الوفاق بين الفرقاء والشركاء في الوطن.
حتّى ان ننسى لابدّ من التذكير لاصحاب الذاكرة الضعيفة ان تصرّف النظام الجديد في نوفمبر1987 كان قد تصرّف بشكل جيّد مع الاسلاميين وهو ما دفع الاستاذ راشد الغنوشي للإطناب في مدحه. اذ سرّح النظام حوالي 2000 من المساجين السياسيين من بينهم الاستاذ راشد الغنوشي المحكوم عليه بالمؤبّد، و حفظ ما يسمى بقضية "المجموعة الأمنية" او "مجموعة الانقاض الوطني" مثلما يحلو للبعض تسميتها و هي في الحقيقة محاولة انقلابية أقدمت عليها بعض العناصر القريبة من الحركة الإسلامية.
ثم أعلن عفوًا عامًا، ظهر فيما بعد أنه انتقائي، و أعاد المساجين المسرحين إلى وظائفهم و أعمالهم السابقة . و عوّض للمحكومين بالبراءة منهم، ثم منح رخصة قانونية للإتحاد العام التونسي للطلبة و سمي الاستاذ عبد الفتاح مورو، الرجل الثاني في النهضة آنذاك في المجلس الإسلامي الأعلى، و أشرك الاستاذ نورالدين البحيري، في صياغة و التوقيع على الميثاق الوطني الى جانب الأحزاب السياسية القانونية و سمح بالمشاركة بقوائم مستقلة في الانتخابات التشريعية لسنة 1989، و رخص للسيّد حمادي الجبالي لإصدار صحيفة أسبوعية "الفجر" القريبة من الحركة الاسلامية. كل هذه الخطوات كانت ايجابية من الواجب عدم تغافلها او نسيانها.
ولكن في سنة 1990 مع احتلال القوات العراقية لدولة الكويت هذا الموقف الذي سانده الاستاذ راشد الغنوشي ،هو موقف نشاز و لا يقبل به عاقل في صلب الحركة الاسلامية تزامن مع بداية قمع الاسلاميين بشاركة مع و مساعدة و مساندة وقتها من العديد من "الزعماء الديمقراطيين" و "المناضلين الحقوقيين" المعارضين حاليًا وهذا امر لا يجب اغفاله او نسيانه.
وللحقيقة لانّ الحقّ مرّ كما قيل و " قل الحقّ ولو على نفسك" و الاعتراف بالحقّ فضيلة و بصراحة و للتاريخ على قيادة النهضة آنذاك،أن لا تنسى مسؤوليتها السياسية و الاخلاقية في مبادرتها بمواجهة النظام ، وضمنيّا في مأساة المساجين السياسيين. و صدق الله العظيم اذ قال في سورة فصلت " من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد" (فصلت 46) و قال تعالى في سورة الانعام " .. ولا تكسب كلّ نفس الا عليها و لا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ الى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون " (الانعام 164) .
و على كل حال، يمكن أن نتفهّم ان من حق النظام أن يدافع عن نفسه و عن المجتمع الذي يتحمّل مسؤولية امنه وضمان الاستقرارفيه. و لكن في إطار الاحترام لحقوق الإنسان، و دون نظام العقوبات الجماعية و تعميم القمع الى الأسر بأكملها وانتهاءا بتدمير المجتمع بأكمله.
و للحقيقة التاريخية ايضا ان النظام لم ينجح فقط في دوام حكمه طيلة عشرين عاما فحسب بل نجح ان يحقّق الاستقرار الاجتماعي. في الوقت الذي فشل خصومه ان يزيحوه او ان يشكّلوا قوّة ضغط ذات بال تجبره على اخذ مطالبهم بعين الاعتبار. وهذا ينطبق على من كانت في الثمانينات القوّة الثانية في البلاد. ان قيادة هذا التنظيم الذي فقد ما كان له عزّ و ريادة و ما بقي له الا تعداد المصابين والمرضى و المعاقين و العاطلين عن العمل. " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا" (سورة الاحزاب 15- 16).
في حديث صريح" السبيل أونلاين نت " مع الأستاذ شرطاني بتاريخ 25 ديسمبر المنصرم جوابا لسؤال حول وجوب اجراء اصلاحات من داخل جهاز الحركة الاسلامية من حيث الطاقم القيادي بحيث ضرورة ارجاع القيادة الى دّاخل القطر والعناية بالمسألة التربوية و تغيير الخطاب السياسي تجاه السلطة.
أجاب الاستاذ شرطاني أن الموضوع شائك والحديث فيه يطول ... بخصوص حركة النهضة ومشاكلها فإن الأمر في الحقيقة يقتضي إلماما كاملا بكل مشاكله. و الحديث عن الإصلاح يبدو ممكنا من خلال مشاكل الداخل.
أما عن مسألة القيادة،يقول الاستاذ الشرطاني مسألة الشرعية تبقى مهمة فهل أن القيادة بالمهجر تتمتع وفق القوانين المعمول بها داخل الحركة بالشرعية الكاملة فالسؤال مطروح.
وهو يقرّ باحتشام ان القيادة في المهجر يمكن أن يكون مقدوحا في مشروعيتها من الناحية القانونية ، وكيف يمكن أن يكون وضع قيادة الازمة في الداخل في ظروف مازال لم يتوفر فيها الحد الأدنى من أسباب التواصل بين العناصر الفاعلة وبين القواعد التي أصبحنا لا نعلم على وجه اليقين من مازال مع هذه الحركة ومن انقلب عليها .
وإن كان الأصل في القيادة أن تكون بالداخل، إلا أن الوضع مازال لا يسمح بذلك، ولا بد من تهيئة الأوضاع بالداخل حتى يصبح قادرا على إفراز قيادة تتمتع بالحد الأدنى من شرعية التمثيل القاعدي على الأقل.
وهنا يتهرّب من الجزم، فهو يقول فإنه يمكن للقيادة أن تظل بالمهجر حتى تتم تهيئة الظروف المناسبة ليتم تسليم القيادة بسلاسة للداخل، و لكنه لا يقدّم أي سند قانوني لهذه الشرعية المزعومة.
وهنا نختلف معه لاننا نرى وجوب الدعوة لمؤتمر خارق للعادة للحركة بالدّاخل و حتى ذلك الحين فلا يحقّ للقيادة في المهجر الحسم في أي موضوع او عقد أي حلف مع أي جهة سياسية ايا كانت و ليس ثمة أكثر إلحاحا من الملف التربوي الذي لابد من البحث الجاد والسريع في ما يلزم من استعداد وإعداد له .
فلا بد من اعداد العناصر المناسبة في التربية والتكوين، وفي تشييد صرح المجتمع المسلم المنشود وكذلك لابد من الإسراع في ضبط الآليات والوسائل والإمكانيات والعناصر اللازمة للإهتمام بالملف التربوي أولا، وهو الذي من خلاله يطرح الملف الإجتماعي .
وفي الأثناء يجب أن نحافظ على مستوى منخفض من العناية بالملف السياسي والإعلامي ونبتعد عن الإستفزازات بخطاب متوازن مسؤول على قاعدة نحن قوم نقول:"للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت"-
كما هو مروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -، مع التمسك بكل الثوابت التي اقرتها مؤسسات الحركة في داخل القطر و هي من ثوابت ديننا، ومع ملازمة الحذر عن أن نفتن عن بعض ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .ّ
مع العلم انني لا الوم الاخوة الذين خرجوا من البلاد هروبا بدينهم و عوائلهم و انما لومي ينحصر على الطاقم القيادي فقط لا غير. هذا الطاقم الذي اختار تأبيد القيادة في المهجر مسؤوليته عظيمة امام الله اولا ثمّ مسؤوليته امام الاجيال اعظم . هذه القيادة ان كانت تتوهّم انها سوف تعود للبلاد غانمة نسيت او تناست ان النضال لا يكون بالوكالة من وراء البحار بل الساحة و مشاركة شعوبهم الآلام و الآمال والجوع والحرمان.
و هنا اذكّر بما حصل في الندوة التي عقدها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يوم الأربعاء 26/12/2007 تحت عنوان "وثيقة ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم: قراءة من الداخل"([1]) و قد كانت ندوة ساخنة ومثيرة، و لا سيما عندما قدم ضياء رشوان -رئيس برنامج دراسات الحركات الإسلامية بالمركز- شابا من المنتسبين إلى الجماعة ليحكي تجربته؛ حيث دخل السجن وعمره (14) عاما وأمضى في السجن (16) عاما دون محاكمة مدنية أو عسكرية ليخرج. وقد تجاوز عمره الثلاثين وليواجه المجتمع وضغوطه، وكيف أن المجتمع يخاف من التعامل معه؟، كما أنه لم يعرف فكرة التكفير حتى على الرغم من الأهوال التي تعرض لها في سجنه هو والآلاف من المعتقلين الذين بلغ عددهم ما يقرب من ثلاثين ألف معتقل لم يقدموا إلى أي نوع من المحاكمة وقضت المحاكم بصرف تعويضات عن فترة سجنهم الطويلة. و كذلك تقديم ضياء رشوان لتجربة الشاب في نهاية الندوة التي امتدت لما يقرب ست ساعات يحمل دلالات ثلاث:
الأولى: أن بعض الاتجاهات العلمانية واليسارية، التي تعترض على مراجعة الجهاديين ولا ترى فيها أي قيمة، لا يعرفون شيئا حقيقيا عن هؤلاء الجهاديين وأفكارهم وكيفية تنشئتهم والمظالم والأهوال التي تعرضوا لها في سجنهم، ناهيك عن تأثير الواقع على ظهور أفكارهم، ومن ثم فتلك الاتجاهات تتحدث عن الجهاديين ولسان حالها ينطق بعدم المعرفة من جانب، وبرغبتهم في إبقاء الحالة الإسلامية التي تتمدد في المجتمعات العربية وخاصة مصر في مربع لا تفارقه وهو مربع الإرهاب والعنف لأن ذلك يعطي شرعية للأنظمة المستبدة في قمعها وفي مواجهة الإسلاميين بشتى تنويعاتهم.
الثانية: أن هؤلاء الجهاديين سواء من الجماعة الإسلامية أو تيار الجهاد الذين بلغ عدد معتقليهم أكثر من (30) ألفا ولم يخضعوا لأي محاكمة وقضت المحاكم بصرف تعويضات لهم، تعرضوا لمظالم كبرى تستحق المراجعة من النظام السياسي وقواه الأمنية التي اعتقلت البشر على ما يُشتم من عقولهم ومظهرهم أنهم يحملون أفكارا دينية، دون أن يرتكبوا فعلا يجرمه القانون.
الثالثة: أن هناك دورا مجتمعيا وحكوميا مفقودا في رعاية هؤلاء الجهاديين العائدين للمجتمعات بعدما قضوا زهرة أعمارهم في السجون، سواء في دمجهم وقبولهم مجتمعيا أو توفير فرص عمل ورعاية اقتصادية لهم، حتى لا يدفعهم الواقع إلى الإحباط وإلى ما هو أبعد مما اتهموا به من عنف أيديولوجي.
كيف الخروج من حالة الركودو الجمود
ان الوضع في تونس لا يبشر بانفراج قريب بل ان السلطة لا تزداد الا تصلبا وهروبا الى الامام فهي لا تتصرف تصرف المطمئن لوضعه الواثق من سياسته بل هي تسلك في الناس سلوك الذي ظهره للجدار ولا منجا له ولا امل له الا الخوض في الناس ودوس أنوفهم في التراب ووطئ احلامهم واعراضهم.
ان السلطة لا تحاوراحدا داخل البلاد ومخاطبها الوحيد هي الجهات الدولية التي عليها تعتمد في مواصلة حكمها وفي ضمان استمراره اما عن المعارضة فهي في مازق حقيقي لا تحسد عليه. هذه جملة من المسائل الكثيرة التي تطرح حول الحل لما نعانيه من سجن ونفي وإقصاء. نريد أن تنتهي هذه المرحلة من الركود والجمود.
ولكن لما لا يكون الاستضعاف الذي يُوقَََعُ بنا ونحن نقاومه بأبداننا وقلوبنا وأموالنا هو طريق النصر والتمكين وكم نصر الله من مستضعفين. قال تعالى: ((وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (الأنفال 26). نحن مطالبون بالعمل بما تبقى لنا من جهد وعمر من أجل آخرتنا ومصلحة الإسلام والمسلمين في بلادنا. ونحن لا ننسى ما لحق بنا وبدعوتنا مع أنا نحتسب ذلك عند الله.
لقد طالت المحنة التي لم تنته المحنة بقضاء العقوبة بل اتبعتهم عقوبات اخرى اشدّ على النفس في خارج السجن اذ تتعدد الإنتهاكات والاعتداءات الى ما بعد السجن بداية بالحدّ من حرية التنقل و الحرمان من الشغل و قطع الأرزاق و المراقبة الإدارية و تكثيف المتابعة الأمنية .
و رغم هذه المعانات التي لا يتحمّلها الكثير من البشر دون السقوط في ردود الفعل اليائسة هي دليل على طبيعة الحركة الدعوية الرّافضة للعنف.
هل يمكن للسلطة أن تسترد ثقة العامة والنخب فيها وفي خطابها ووعودها بالغد الأفضل في الوقت الذي تتردد في إتخاذ خطوات حاسمة وجريئة لا تكلفها شيئا تنقذ بها حياة الكثيرين من الموت البطيئ الذي يتهددهم في كل لحظة وتضع بها حدا لما يعاني منه اللآلاف من أبناء هذا الوطن من تمييز وشعور بالإضطهاد الدافع للإحباط واليأس وتحمي بها البلاد من الإنقسام والإنشطار ومن العواصف والهزات والمنزلقات وتؤهلها لمواجهة تحديات المرحلة ؟
وهل يمكن للمعارضة الوطنية وهيآت المجتمع المدني وفعالياته أن تعيد للنخب والعامة الثقة في جديتها و قدرتها على الفعل وأن تحيي فيهم الأمل في إمكانية الخروج مما هم فيه بما يهيئ الظروف الملائمة لإنخراط جماعي في المعركة من أجل تحقيق الحريات والديمقراطية؟
و لله درّ الدكتور خلد التراولي اذ قال "المعارضة مراكمة لفعل جاد ونظر جريء من أجل الصّالح العام، لا تعرف استراحة ولا ترجّلا، لأن من ترجّل مات، ومن استراح نام ولم يستيقظ، ترتوي من عين العطاء والإيثار من أجل صلاح فرد ومجموعة، في ظل منظومة من القيم، تحدد إطار حراكها وتدفع بها إلى مصاف الفعل الواعي والرشيد."
أليس من المشروع التساؤل حول جدية السلطة للإستجابة لمطالب شعبنا المشروعة في الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية وهي تصر على حبس المئات من أبناء هذا الشعب وشبابه لأسباب سياسية رغم أنه مر على إحتجاز بعضهم أكثر من ثمانية عشر عاما كاملة.
تعهد الرئيس التونسي في مناسبة دخول العام الجديد 2008 بتعميق مناخ الحوار والتعاون والتضامن في تونس، بهدف ترسيخ "المسار الديمقراطي التعددي في البلاد". وقال إن "هذا المناخ شاركت فيه كل الأطراف السياسية والمهنية والإجتماعية وسائر مكونات المجتمع المدني،ما مكن تونس من تحقيق عدة مكاسب وإنجازات في مختلف المجالات رغم صعوبة الظروف العالمية وتحدياتها الجسيمة" . متى ترفع التضييقات على بقية المنظمات المحظورة.
وأشار الرئيس التونسي إلى أن بلاده ستعمل خلال العام 2008 على إستكمال تنفيذ والشروع في تنفيذ عدة مشاريع جديدة طموحة تغطي كل القطاعات وتؤسس لمرحلة أخرى حاسمة من المسيرة التنموية الشاملة في البلاد.
إن قناعتنا في السعي للانفراج السياسي ليست صفقة مع النظام ولاهدنة ظرفية ولا مقايضة محتملة و انّما هو تمشّ سياسي تمليه التحديات الدّاخلية والخارجية المطروحة على البلاد كما تمليه تراكمات الماضي النضالية والتجارب السابقة ويبرره مشروعنا السياسي الإصلاحي. " و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل..." (الانعام 153)
باريس في 2 جانفي 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ،
احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
[1] - (المصدر: موقع "إسلام أونلاين.نت " بتاريخ 27 ديسمبر2007
--------------------------------------------------------------------------------
المصدر:بريد الفجر نيوز.نت بتاريخ 02 .01 .08


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.