ناشد القضاة الشعبيين على مستوى ولاية قسنطينة الجهة الوصية و على راسها وزارة العدل و حفظ الأختام بحق التكوين في مجال القانون و هذا من شانه الوقوف على جل المشكلات من الناحية القانونية، و حقهم في الحماية القانونية و ضبط رزنامة في التنسيق بين وظائفهم الرسمية و هذه الأخيرة اي مهنة المحلف، باعتبار أن نظام القضاة الشعبيين هو جزء مهم من نظام القضاة الرسميين أو المهنيين.. يعتبر ملف القضاة الشعبيين من الملفات التي تدخل في دائرة الطابوهات و لا يحق لأي كان التطرق اليها و شرح مهامها ، سيما و القضايا التي يتم الفصل فيها تتعلق بمصير و سمعة و مستقبل أشخاص وضعتهم الظروف في قفص الإتهام ليحاكموا على أخطاء أو جرائم قد يكونوا ارتكبوها في حق الآخر و في حق النظام العام، وقد يكونون أبرياء منها ، وهنا يجد المحلف نفسه بين المطرقة و السندان، اي بين تطبيق القانون و تحكيم ضميره الإنساني أمام الله .. تطرقنا لهذا الملف، وكان لنا لقاءً مع القضاة الشعبيين أو كما يسمونهم ب: "المُحَلِّفِينْ" للوقوف على مهام المحلف و كيف يَنْظَمُّ هذا الأخير الى هذه المهمة و معرفة ما إذا كانت من اختياره ، وهل تشترط تكوينا خاصا أو تخصصا في المجال..؟ وتقتصر مهام المحلفين على المراقبة الدقيقة اثناء محاكمة المتهمين و الإستماع الدقيق لتفاصيل القضية و مرافعات دفاع الطرف المدني و دفاع المتهمين و رأي ممثل الحق العام في القضية، كما يشاركون في حضور المداولة مع القضاء الرسميين لإصدار الأحكام المناسبة على المتهمين ، و هو حضور إجباري للمحلفين مهما كانت ظروف عملهم، ولا يحق لأحدهم التغيب أو الإعتذار على حضور الجلسات ، كما يتعرض المحلفون الى العقوبة أو الإقصاء في حالة التغيب المستمر من الهيئة المخولة، لكن ما يميز المحلفين هو حضورهم في الجنايات دون الجنح كون الأول تسلط فيها أحكام قاسية في الكثير من الأحيان، كما يميز"الزي" الشعبي المحلفين عن باقي القضاة الرسميين أي أن هؤلاء غير ملزمين بارتداء اللباس الذي يرتديه القضاة أو المحامون..مع العلم أن عددهم يقارب ال 15 قاضيا شعبيا أو "مُحَلَّفًا"، على غرار كل الولايات، و هم ذوي مستويات متوسطة لا تتعدى الثالثة ثانوي ، وقد لاحظنا من خلال دردشتنا معهم أنهم يعملون في قطاعات أخرى و أغلبه متخصصون في مجالات أخرى ، منهم من كان يسير شركة ، و آخر إطار في مستشفى و آخرون بطالون و ما الى ذلك.. كما يشترط أن يكون شاهدا على جلسة المحاكمة محلفان إثنان فقط رفقة ثلاثة قضاة رسميين أو مهنيين، و هذا عن طريق إجراء عملية "القرعة" التي يجريها القاضي الرئيسي أو ريس الجلسة، واحد على اليمين و الثاني على اليسار و من يخرج في القرعة بعد أدائهم القسم بأن يشهدون بالحق بناء على التصريحات التي يسمعونها، بمقتضى ما تمليه عليهم ضمائرهم وقناعاتهم الشخصية بنزاهة,، و هم في هذه الحالة مطالبون بالبقاء حتى النطق بالحكم ، أما الباقون و الذين لا تأتي أسماؤهم في القرعة فهم محظوظون بتسريحهم من قبل الرئيس المسؤول على تسيير الجلسة حتى يذهبون الى مراكز وظائفهم الرئيسية.. ما لوحظ كذلك هو الفجوة الكبيرة بين المحلفين والقضاة الرسميين من حيث المعارف القانونية ، كما يصعب عليهم أن يبدوا آراءهم في المحاكمة، و ليس لهم الحق في طرح الأسئلة أمام الحضور ، ما يقومون به سوى الملاحظة..، وهو أكده لنا أحد المحلفين بأن هذه المهام لا تتطلب مستوى معينا أو تخصصا في المجال أو حتى الإطلاع على المواد القانونية ، بل يعتمدون على محتوى قرار الإحالة ، وعلى تصريحات المتهم ، و مرافعة ممثل الحق العام و ما يأتي به دفاع المتهمين و مقارنته مع دفاع الطرف المدني.. كما أن هذه المهام تشكل مخاطرة و مغامرة كبيرة خاصة إذا تعلق الأمر بإدانة شخص دون التأكد الكامل من تورطه في الجريمة، فكثيرا ما تكون شهادات شهود الإثبات أو النفي من الأسباب الرئيسية في تضليل القضاء ووقعه في الخطأ القضائي كون الشهود تعرضوا الى عمليات تهديد أو إغراء بالمال و هو ما يدفعهم الى تغيير شهادتهم، كذلك المتهم ففي كثير من الأحيان تكون تصريحاته متناقضة بين ما قاله أمام الضبطية القضائية و أمام مثوله في الجلسة ويصعب على المحلف من الجزم في القضية بخلاف القاضي الذي هو مجبر على تطبيق القانون ما إن توفرت الدلائل المادية التي تدين المتهم حتى و لو كان بريئ من الجريمة المرتكبة.. سألنا أحد المحلفين عن كيفية الإلتحاق بهذا النوع من المهام ، فأكد لنا أنهم يتلقون استدعاءً مباشرا من قبل الهيئة القضائية ، بعد إجراء عنهم تحقيقا أمنيا حول سيرتهم الذاتية و سمعتهم و أخلاقهم و تعاملهم مع الآخر، و لا يحق لهم رفض هذه الدعوة التي تعتبر في نظر الهيئة القضائية أمرا لابد من تنفيذه، و إن رفضوا الدعوة تتخذ ضدهم إجراءات يجهلون مصدرها، أين يجد المعنيون أنفسهم بين المطرقة و السندان بين رفض المهمة باعتبارها من اصعب المهام أو قبولها خوفا من تأنيب الضمير، سيما و هم لم يحضروا الحادثة و لا يعرفون الوقائع الحقيقية للجريمة التي سيحاكم عليها الجاني، أمام وسائل التاثير التي يستعملها دفاعه المتهم و اساليب الإقناع حتى يقنع هيئة المحكمة ببراءة موكله .. وعن المشاكل التي تصادف المحلفين قال أحدهم أن المشكل المطروخ يكمن في عدد التمثيل بحيث يعين محلفان مقابل 03 قضاء رسميين و هذا حسبه يعود الى غياب العامل الديمقراطي و التوزيع العادل، فقد كان فيما سبق اضاف محدثنا عدد المحلفين 04 اشخاص ثم تقلص عددهم الى غثنان، في حين يشرف على المداولة 03 قضاة، و هذه الطريق تختلف على ما هو معمول به في الدول المتقدمة و على راسها الولاياتالمتحدة، بحيث يوجد 14 محلفا يشارك جميعهم في جلسة المداولة، فضلا عن صعوبة التنسيق بين الوظيفتين والإلتحاق بمراكز وظائفهم خاصة في الأيام التي تناول فيها محكمة الجنايات قضايا عديدة في يوم واحاين يجد المحلفون أنفسهم مجبرون على البقاء و انتظار القضية التالية، حتى أولئك الذيم لم تأتي أسماؤهم في القرعة لحضور القضية الأولى... مهما اختلفت الآراء في نوع العمل الذي يقوم به المحلفون لكن يبقى السؤال المطروح حول جمع هؤلاء بين وظيفتين في وقت واحد في الوقت الذي يمنع فيه القانون العمل الموازي و يعرض صاحبه الى عقوبات من جهة ، و من جهة أخرى إذا ما كان المحلفون لهم نفس الحقوق التي يتمتع بها القاضي الرسمي باعتبار أن القضاة الشعبيين جزء من النظام القضائي..، وتجدر الإشارة أن الجزائر خلال سنة 2009 ستشهد تخرج أكثر من 1500 قاض، تأتي هذه الإجراءات في إطار القانون الجديد للإجراءات الجزائية الذي يدخل حيز التطبيق يوم 24افريل 2009 والذي يضم 1064مادة والذي يعتبر معدل للقانون المعتمد منذ سنة1966.. المصدر بريد الفجرنيوز