عمان شاكر الجوهري الفجرنيوز: دفعت زيارة الرئيس الفلسطيني للعاصمة السورية خيار الحوار الوطني الفلسطيني شوطا بعيدا للوراء، ليس لأنه امتنع عن لقاء خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، ولكن، وهذا هو الأهم، لأنه دفع بمشعل نفسه للتحفظ على امكانية التقائه مستقبلا، نظرا للشتائم التي وجهها عباس لمشعل خلال لقائه عددا من قادة الفصائل الفلسطينية الأخرى في دمشق، وكما هي العادة، وصلت الشتائم، إلى صاحبها. بكل بساطة نقل عدد من قادة الفصائل لمشعل أن عباس، حين فاتحوه بضرورة وأهمية بدء حوار وطني فلسطيني، وهو ما يتطلب التقائه مع مشعل، كون الخلاف يكاد ينحصر في الساحة الفلسطينية بين عباس ومشعل، أو بين حركتي "فتح"، و"حماس"، أجاب عباس "الوحدة الوطنية ومشعل على طيزي"..! مشعل اعتبر أن رجلا يتحدث بمثل هذه الألفاظ، غير جدير به أن يلتقيه بعد الآن، كما أبلغ عددا من مقربيه، وذلك بعد أن كان يغض النظر عن كل مواقف عباس، وتشدده في رفض التقائه. ووصل مشعل كذلك قول عباس ساخرا خلال التقائه قادة الفصائل الأخرى "خلّصنا من ولي فقيه لبنان (في إشارة إلى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله) طلع لنا ولي فقيه فلسطيني" في إشارة إلى مشعل· أما عباس، فقد امتنع عن التقاء مشعل لذات الأسباب التي كررها كثيرا في السر والعلن، وأضاف لها مجددا سببين رئيسين: الأول: ضرورة التزام مشعل و"حماس" أولا بشروط اللجنة الرباعية المعروفة. الثاني: الإساءة التي ألحقها مشعل به من خلال رسالة بعث بها لعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، وقال فيها إن مبادرة عباس للحوار الوطني، التي مضى أكثر من شهر على اعلانها دون أن تترجم على أرض الواقع، تهدف إلى تهيئة الظروف والمناخات من أجل قيام اسرائيل باجتياح قطاع غزة، أو قرب إعلان توصل الرئيس الفلسطيني إلى اتفاق إطار مع اسرائيل، ما يتطلب تحميل مسؤولية التوصل له للكل الفلسطيني. مصادر "حماس" تتفاوت معلوماتها بشأن رسالة مشعل، فمنها من ينفي أن يكون مشعل وجه مثل هذه الرسالة لموسى، ومنها من يؤكد، ومنها من يكشف عن أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح نفى خلال استقباله مشعل مؤخرا أن يكون سلم نسخة من رسالة وجهها مشعل له لعباس، خلال زيارته الأخيرة للعاصمة اليمنية..ويمكن من ذلك استنتاج أن مشعل بعث برسالة إلى الرئيس اليمني، الذي زود موسى بصفته أمينا عاما للجامعة العربية بصورة من رسالة مشعل، كي يضعها باعتباره وهو يتابع تطبيق قرار قمة دمشق الخاص بالعمل على تفعيل وتنفيذ إعلان صنعاء والمبادرة اليمنية. ومن موسى تم تسريب رسالة مشعل للرئيس صالح..أو أن يكون مشعل نفسه بعث بنسخة من رسالته لرئيس صالح إلى موسى. ولكن ما الذي قاله مشعل حقيقة في رسالته للرئيس اليمني..؟ "الفجرنيوز" حصلت على نص الرسالة، وهو كما يلي: فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله رئيس الجمهورية اليمنية الشقيقة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولكم خالص التحية والتقدير، وبعد، فنحن كما تعلمون أعلنا منذ البداية استعدادنا للحوار وحرصنا على المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتجاوبنا مع مختلف الجهود والوساطات الفلسطينية والعربية الساعية للمصالحة، ومنها مبادرتكم الكريمة ومساعيكم الخيرة للمصالحة الفلسطينية والتي تواصلت شهوراً طويلة· ورغم تجاوبنا مع الجهود والوساطات المختلفة الا انها اصطدمت بعقبة الفيتو الأميركي والفيتو الاسرائيلي، وهو ما بدا واضحاً اثر توقيع اتفاق صنعاء في بلدكم الكريم، اضافة الى عوائق اخرى نتجاوز الحديث عنها الآن، مما عطل جهود الحوار والمصالحة للأسف· واليوم، وبعد دعوة الاخ الرئيس محمود عباس للحوار الوطني، وترحيبنا بذلك على الرغم من عدم ظهور تغير جوهري في مضمون الدعوة وإن تغيرت لغتها بصورة افضل، وعلى الرغم مما رافق الدعوة من تصريحات سلبية لفريقه ومستشاريه، وما يبدو في الأفق من تفسيرات أو سياقات أو تساؤلات مثارة، فإننا مازلنا على ذات موقفنا المبدئي الداعي للحوار، والمرحب بالمصالحة والحريص عليها، والمتجاوب مع جهود معالجة الإنقسام الفلسطيني وتعزيز الصف الوطني في مواجهة الإحتلال· وبهذه المناسبة، وفي سياق رؤيتنا للحوار والمصالحة الوطنية، فإننا نود ان نوضح ونؤكد على ما يلي: اولاً: المطلوب اليوم هو حوار وطني فلسطيني حقيقي وجاد ينهي الإنقسام الراهن المؤسف، ويوحد الصف الوطني، ويعالج جوهر المشكلات واسباب الخلاف والانقسام، وفي مقدمتها اعادة بناء الاجهزة الامنية الفلسطينية على أسس وطنية ومهنية، ويبني على اتفاق القاهرة (2005)، وعلى وثيقة الوفاق الوطني المتفق عليها فلسطينياً (2006)، وعلى اتفاق مكة (2007)، كما يبنى على احترام القانون والخيار الديمقراطي والمؤسسات الشرعية، ويستكمل ترتيب البيت الفلسطيني في اطار سلطة فلسطينية واحدة من ناحية، وفي اطار اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية من ناحية اخرى، على ان يتم التوافق على جملة الخطوات العملية التي تنهي الانقسام وتعيد الاوضاع الفلسطينية الى ما قبل 14/6، وتعالج مختلف الاشكالات الناشئة عن ذلك الانقسام، وكيفية تشكيل حكومة توافق وطني، وبناء المؤسسات الوطنية والاجهزة الامنية، اضافة الى موضوع الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكيفية اجرائها وفق آليات ومواعيد يتفق عليها· ثانياً: توحيد الصف الوطني هو الخطوة الاساسية لحشد الجهود الوطنية كافة من اجل مواجهة الاحتلال الصهيوني ووقف العدوان وانهاء الحصار وانجاز الحقوق الوطنية.. أي ان المصالحة الفلسطينية ضرورة وطنية تحتاج الى جدية كاملة ومسؤولية صادقة من جميع الاطراف الفلسطينية المعنية، والا تكون في سياقات استخدامية اخرى كأن تكون لاعطاء غطاء لاتفاقات متوقعة لا تلبي الشروط والحقوق الوطنية المتفق عليها، او ان تكون ابراءً للذمة او خطوة اعتذارية تسبق اجتياحاً او عدواناً شاملاً متوقعاً علٌّى قطاع غزة لا سمح الله زادت نذره في الفترة الاخيرة· ثالثاً: حاجة الحوار والمصالحة الفلسطينية الى رعاية عربية كريمة تساعد على نجاحه ووصوله الى شاطئ الأمان بإذن الله· ونحن على استعداد كما كنا سابقاً للتعاون مع جهود فخامتكم، ومع جهودكم الكريمة في اليمن، ومع الجهود العربية كافة لأجل ذلك· وتفضلوا بقبول خالص التحية والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخوكم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي 11 حزيران/يونيو 2008م