سليانة: توقّعات بتراجع صابة حب الملوك في مكثر    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    سيف الله اللطيف ينتقل الى الدوري الهولندي الممتاز    نابل: اندلاع حريق بمخبر تحاليل طبية    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 17 ماي    اغتيال قائد في سلاح جو حزب الله بضربة للكيان الصهيوني    إتحاد الفلاحة : كتلة أجور موظفي إتحاد الفلاحة 6 مليارات و700 ألف دينار    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    مراسل قنوات بي إن سبورت "أحمد نوير" في ذمة الله    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    سيدي بوزيد: وفاة كهل وزوجته في حادث مرور    قابس: عدد الأضاحي تراجعت هذه السنة    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    الخارجية : نحو إبقرام إتفاقية مع الدول الإفريقية بخصوص المهاجرين .. التفاصيل    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    يصنعون ''مواد المسكرة محلية الصنع القرابا'' و يقومون ببيعها بمدينة أم العرائس    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    تونس : 80 % من الشباب ليس له مدخول    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    توقيع إتفاقية قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسّسة بنكية محلية لفائدة تمويل ميزانية الدولة لسنة 2024    تفكيك شبكة في صفاقس، تقوم ببيع محركات بحرية لمنظمي عمليات الإبحار خلسة    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخبار الحوض المنجمي ...مسيرة الغضب بالرديف

قامت زوجات المعتقلين وأبنائهم وبناتهم باعتصام يوم 27/07/2008 أمام مقر معتمديّة الرديف مطالبين بإطلاق سراح قادة الحركة الاحتجاجيّة وأبنائهم المُعطّلين عن العمل وقد حاولت الفرق الأمنيّة تفريقهم من خلال التعنيف الجسدي واللفظي والتهديد للنساء بالاعتقال خاصة السيدة جمعة زوجة عدنان حاجي، وسرعان ما تحوّل هذا الاعتصام إلى مسيرة سلميّة حاشدة، وقد رفع المحتجون لافتات كتب عليها الشعارات المطالبة باطلاق سراح المعتقلين ووقف الهجمة الشرسة ضد مدينة الرديف، وضرورة توفير الشغل والعيش الكريم للمواطنين، وجابت هذه المسيرة مدينة الرديف لتعترضها القوات الأمنيّة بغازات الأعصاب والغازات المسيلة للدموع، وقد طاردت قوات التدخّل البوليسي النساء والشبّان في الشوارع الفرعيّة.
وقد توافدت أعداد غفيرة من الحشود البوليسية على مدينة الرديف بعد منتصف النهار مصحوبة بخراطيم المياه وجرّافات الشوارع، وفي حدود الساعة الثانية اقتحمت قوات البوليس منزل المناضل عدنان حاجي لتعتقل السيّدة زكيّة الضيفاوي عن التكتّل من أجل العمل والحريات والتي كانت في زيارة مساندة لزوجات السجناء وكانت على موعد مع المسيرة الصباحيّة.
وقد باشرت القوات الأمنيّة حملة اعتقالات واسعة في صفوف الأهالي مساء اليوم الأحد 27/07/2008 ويُقدر عدد المعتقلين بأكثر من عشرين وهو عدد مُرشّح للزيادة، ومن بين المعتقلين: سالم بوصلاحي (أستاذ)، كمال خليفي(أستاذ)، فوزي بوصلاحي(عامل منجمي)، معمّر عميدي(معلم)..
1- تجنيد تحت التهديد
لم يكتف النظام الحاكم في تونس بترسانته البوليسيّة والأمنيّة من قوات التدخّل والبوليس السياسي والُمخبرين لقمع وترويع أهالي الرديف، فقد أقدمت الأجهزة الأمنيّة صحبة المعتمد على جمع عملة المناولات وطالبتهم بتبليغ القوى الأمنيّة عن تحرّكات المناضلين والمحتجّين وأمكنتهم، كما سلّمت هذه الفرق بعض أصحاب المحلاّت والمقاهي أرقام هواتف سريّة للتبليغ والإرشاد، وقد هدّدتهم بقطع أرزاقهم واعتقالهم إن لم يُنجزوا هذه المُهمّة.
2- أم العرايس على خُطى الرديف
بعد أن فرغت الأجهزة الأمنيّة من مجزرة الرديف دهما واعتقالا وقتلا، توجّهت هذه القوات نحو مدينة أم العرايس لتبدأ سلسلة من المداهمات والاعتقالات بلغت أكثر من عشرة شبّان لا يزال مصيرهم مجهولا، علما وأنّ عدد المعتقلين مُرشّح للزيادة في الأيّام القادمة.
3- اختطاف
قامت فرقة خاصة باختطاف العيد بن عبد الستار بن علي وهو عامل بالسكك الحديد، دون معرفة مصيره، ويأتي هذا الاعتقال على خلفيّة مساندته للحركة الاحتجاجيّة بالرديف حول مطلب الشغل.
4- منع من السفر
مُنعت غزالة محمّدي (الحزب الديمقراطي التقدّمي) من السفر إلى المغرب يوم 24/07/2008 بمطار قرطاج لتُحرم من المشاركة في المنتدى الاجتماعي، وقد تم حجز جواز السفر والأموال التي بحوزتها دون تقديم أي تبرير سوى أنّها من قفصة وتحديدا من الحوض المنجمي.
5- تحقيق في السجون
تعرّض كل من المناضلين بشير العبيدي وعدنان حاجّي لتحقيق مطوّل من طرف لجنة أمنيّة مُختصّة داخل السجن المدني بالقصرين وهو ما يُعدّ سابقة خطيرة وتعدّ على أبسط الحقوق المدنيّة والقضائيّة، إذ لا مُبرّر لمثل هذا التحقيق والاستنطاق بعد عرضهما على حاكم تحقيق قفصة.
6- السجن والمنفى
إمعانا في التنكيل بالمعتقلين والأهالي تمّ نفي المناضلين بشير العبيدي وعدنان حاجّي إلى السجن المدني بالقصرين بشكل منفصل عن بعضهما، أمّا الطيب بنعثمان فقد رُحّل إلى السجن المدني بسيدي بوزيد وهو ما جعل أهاليهم يُعانون العذاب في زيارتهم لتفقد أحوالهم وحاجاتهم.
7- محاكمة الأطفال
طالت المحاكمات الأخيرة بقفصة أطفالا لم تتجاوز أعمارهم 16 سنة بتهم لا تتناسب مع سنّهم، وكانت الأحكام مُخزية وشديدة من قبل القاضي عبد الباسط الخالدي ، وقد أبدى المحامون استغرابهم من هذه الأحكام الصادرة عن دوائر غير قضائيّة
8- بوكدّوس وعمروسيّة في طي المجهول
انقطعت أخبار مناضل حزب العمال الشيوعي التونسي عمار عمروسيّة، ومراسل قناة الحوار التونسي الفاهم بوكدّوس منذ صدور مذكرة توقيف بحقّهما، وهو ما جعل أهاليهم في حيرة على مصيرهم نتيجة هذا الاختفاء ألقسري، وقد حمّل الأهالي السلطة المسؤوليّة على سلامتهم.
9- زيارة
قام المناضل الكبير علي بن سالم عن الجمعيّة التونسيّة لمناهضة التعذيب بزيارة لمدينة الرديف يوم الخميس 24/7/2008 ليطّلع على أحوال الأهالي ومعاناتهم من الحصار والقمع، وقد تفقّد عائلات المصابين بالرصاص، وزار عائلات المُعتقلين الذين حمّلوه رسائل تُصوّر حجم المعاناة التي يعيشونها.
10- زيارة ممنوعة
زارت المحامية الحقوقيّة راضية النصراوي السجن المدني بقفصة يوم 24/7/2008 لتطّلع على أحوال معتقلي الحركة الاحتجاجية بالحوض ألمنجمي صحبة المحامي الفاضل علي كلثوم، ثم توجّها نحو مدينة الرديف في زيارة لأهالي المعتقلين، لكنّ قوات البوليس والإرشاد السياسي وعلى رأسهم الجلاّد محمد اليوسفي كانوا قد أغلقوا عليهم الطريق عند مدخل أم العرايس ليمنعوهم من المرور، وقد تواصل هذا المنع لأكثر من 6 ساعات وهو ما جعل المحاميين يعودان إلى مدينة قفصة تحت رقابة أمنيّة مُشدّدة.
11- عمدة زرّوق/قفصة على المكشوف
يبدو أنّ عمدة زروق من مدينة قفصة ترك مهامه المدنيّة لينجز مهامّا أمنيّّة، فقد هجر مكتبه وأوراقه وأصبح يطوف ليلا نهارا بمنازل الناشطين السياسيين والحقوقيين لينقل أخبارهم إلى مصالح الإرشاد السياسي، وهو ما جعل أهالي زرّوق يتشكّون من غياب خدماته الأصليّة.
12- أين ذهبت شركات المناولات
كان من مكاسب الحركة الاحتجاجية في الرديف تمكين أصحاب الشهائد العليا المُعطّلين من شركات مناولة، وكان من بين الحاصلين على هذا المكسب الحفناوي بنعثمان ورضوان بوزيّان، الذين تمّ اعتقالهما لكي تُمنح شركتيهما إلى المُتنفّذين ماليّا وحزبيّا، وبذلك تكون السلطة قد منحت بعض المكاسب الجزئيّة لفائدة المُحتجّين من أجل كسب الوقت لتقمع انتفاضة الفقراء وتتراجع عن كل ما أتّفق عليه مع لجنة المفاوضات، بل إنّ لجنة المفاوضات تقبع في السجون.
13- قوات بوليس أم عصابات سرقة ونهب
يبدو أنّ مسلسل النهب والسرقة أصبح سلوكا مُمنهجا لدى وزارة الداخليّة، فبعد عمليات السطو والسرقة للمحلاّت والممتلكات والتي عرضت قناة الحوار التونسي وقناة الجزيرة صورة من هذه العمليات امتدّت أياديهم للممتلكات الشخصيّة للمعتقلين في منطقة الشرطة بقفصة، ولم توضع ممتلكاتهم كودائع بل نفت منطقة الشرطة سرقتها لحاسوب محمول كان بحوزة المُعتقل الحفناوي بنعثمان ولا أموال المعتقلين أو هواتفهم الخلويّة، وقد عبّر المحامون عن سُخطهم من هذا السلوك الهمجي والمشين.
14- تهديد
حملة الترهيب التي تتعرّض لها مدينة الرديف طالت الأطفال والنساء، فقد اتصلت الفرق الأمنيّة المُختصّة بزوجات المُعتقلين وهدّدتهم بالاعتقال والعنف إن هُنّ تحرّكن من منازلهنّ، وقد طالبوهنّ بالصمت وعدم الاتصال أو الرد على وسائل الإعلام مهما كان نوعها.
15- أنت مطلوب؟
ليس هناك من حديث في مدينة الرديف هذه الأيّام سوى "قائمة المطلوبين" وأصبح الحديث اليومي للناس "هل اسمي موجود؟.. نزلت قائمة جديدة بها 99 مطلوبا..في القائمة نساء..."، وهي حالة من الرعب اليومي جعل المدينة تعيش حالة اختناق تُنذر بانفجار شديد..



انتفاضة الحوض المنجمي/لا بد للقيد أن ينكسر

ليس خافيا على أحد أن أحداث الحوض المنجمي التي انطلقت يوم 05 جانفي الفائت كان سببها المباشر الإعلان عن نتائج مناظرة الانتداب الخاصة بشركة فسفاط قفصة والتي كانت مخيبة للآمال بل عاكسة للدرجة والشكل الذي آلت إليه المناظرات بصفة عامة المرتبطة بشركة الفسفاط على وجه الخصوص والتي اتسمت بالمحسوبية والرشوة ما دامت هناك طغم تتحكم في آليات الانتداب تفرض منطق الاحتكار واللامبالاة تجاه المواطنين والمشاركين في هذه المناظرات. لقد عكست نتائج هذه المناظرة ضيق الأفق وتغليب منطق الاستحواذ الذي دأب عليه نقابيو المنجم فلا غرابة أن يتصدر أبناء نقابيي المناجم قائمة الناجحين في حين يستثنى منها أبناء الشعب من خاويي الجيوب ولا غرابة كذلك في أن تتحول حصة الوضعيات الاجتماعية إلى امتياز لنقابات المناجم فيفرضون أبناءهم معوضين الحالات الاجتماعية بأبناء النقابيين ما دامت الاتفاقيات تبرم بين هذه النقابات وإدارة شركة الفسفاط مقابل تنازلات ليست خافية على أحد.
أما السبب العميق هو حالة الغبن والفقر والإهمال والبطالة المتراكمة التي صارت تعيشها مناطق الحوض المنجمي منذ زمن رغم ما تزخر به من خيرات وما تساهم به من إنتاج في الدورة الإقتصادية العامة للبلاد.تظافر العاملان أو السببان فكانت النتيجة حتمية فانفجرت الأوضاع في منطقة الحوض المنجمي وإن بدرجات متفاوتة كان أعمقها وأكثرها تجذرا بمدينة الرديف وذلك لسببين على الأقل:
أولا لوجود قيادة نقابية تضم كذلك بعض الوجوه الديمقراطية المناضلة بهذه المنطقة حاولت تأطير التحركات منذ انطلاقها، وثانيا لأن منطقة الرديف تعودت نقاباتها المناضلة على مناصرة ومساندة كل التحركات حتى وإن كانت فردية.فلا غرابة أن تتميز الحركة في الرديف بالعمق والتأثير اللازمين دون أن يفوتنا التنويه بالتحركات التي تمت في كل مدن الحوض المنجمي.
لقد أكد مؤطرو تحركات الرديف منذ انطلاقها على ثوابت هذه الاحتجاجات من حيث أنها حركة اجتماعية مطلبية وسلمية.أكدوا على ذلك أكثر من مرة سواء في تدخلات رموز الحركة أثناء الاجتماعات الجماهيرية التي كانت تعقد بدار الإتحاد المحلي للشغل بالرديف أو من خلال وسائل الإعلام المرئية والمقروءة التي أجرت اتصالات مع بعض قياديي الحركة. وإذ نؤكد على هذه الأبعاد فإننا نرى لزاما التعريج عليها وشرحها وإن باقتضاب:
-البعد الاجتماعي: يظهر البعد الإجتماعي للحركة الاحتجاجية بالرديف من خلال تركيبة المحتجين حيث أنها لم تقتصر على المعطلين عن العمل وإنما في صيرورة الحركة صارت مكوناتها تضم كذلك معلمين وأساتذة وعمال مناجم وعاملين بقطاعات أخرى ولم يقتصر التحرك على فئة دون أخرى بل ضمت كذلك فئات عمرية مختلفة ولأول مرة كان للمرأة دور متميز في هذا الحراك الإجتماعي وما الاعتصامات المنجزة يومي 08و09 أفريل أمام مقر معتمدية الرديف إلا دليل على ذلك.حتى أبناء المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية كان لهم فضل وتأثير بارز في الحركة. ومرد ذلك بسيط حيث أن الأسباب التي أدت إلى تفجر الوضع وكذلك الأهداف المرسومة للتحرك كانت تمس الجميع بلا استثناء ولو أننا تأملنا قائمة الموقوفين والمختبئين للاحظنا أنهم من قطاعات وفئات مختلفة تعكس الطابع الجماعي والجماهيري لهذه الحركة.
-البعد المطلبي: منذ انطلاق الأحداث تكشفت الحركة الاحتجاجية بالرديف على طابعها المطلبي الإجتماعي الصرف حيث أن المحتجين كانوا يطالبون بحقهم في الشغل الكريم وفي نصيب معقول من التنمية ليس إلا .بدليل أنه بعد أسبوع فقط من الاعتصام وإضراب الجوع الذي شنه العاطلون منذ يوم05 جانفي وبعد الوصول إلى اتفاق وإن كان شفويا مع معتمد الرديف بعد تدخل فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بقفصة لدى والي قفصة أخلى المعتصمون دار الإتحاد المحلي حيث وقع الاتفاق على تمكين المحتجين من 17 موطن شغل بشركة فسفاط قفصة وتمكين مجموعة أخرى من شغل في قطاعات أخرى يتم البحث فيها لاحقا.ورغم أن هذه الإحداثات لا تفي بالحاجة ولا تغطي عدد المعتصمين والمضربين عن الطعام إلا أنهم بروح المسؤولية آثروا العودة إلى بيوتهم وتعليق تحركهم في انتظار أمل قد يكون قابلا للتحقيق، ليلتها لم يرق لبعض الأطراف الوصول للاتفاق، لم يكن حزب الدولة طرفا في تحقيقه، فانطلقت مواجهات ليلية مع قوات البوليس بتحريض وتنظيم من هذه الأطراف،بل إنها بدأت من الغد في نصب أول خيمة على السكة الحديدية ووفرت لأصحابها الدعم المالي والمعنوي،ولكن السحر انقلب على الساحر فعمد أغلب العاطلين الذين لم يحتجوا بدار الاتحاد المحلي للشغل بالرديف إلى نصب خيام على امتداد السكة الحديدية معطلين بذلك دورة الإنتاج على أمل الحصول على شغل أو حل بعض المشاكل الشخصية إلى درجة أن أحدا لم يعد قادرا على السيطرة عليها.فصارت الأطراف التي أشعلت الشرارة هي نفسها بإيعاز من السلطة تدفع في اتجاه رفع الخيام دون جدوى إلى أن تم بمدينة الرديف رفعها بالقوة.
نؤكد الطابع المطلبي الاجتماعي المتمحور حول حق الشغل والتنمية الحقيقية للجهة، لأنه كان هو الشعار الرئيسي لحركة الرديف، والذي كشفت عنه الشعارات المرفوعة في التظاهرات وعبر عنه المتدخلون في الاجتماعات التي تقام بدار الاتحاد المحلي ولم يزد سقف المطالب عن هذا الحد سوى عن محاسبة الأطراف التي ألحقت الأذى بالمنطقة وكانت وراء الحيف والظلم الذي عاشته وتعيشه.أضف إلى ذلك أنه في كل مرة تتم فيها جلسة تفاوض بين لجنة التفاوض باسم المحتجين وأحد أطراف السلطة وظهرت خلالها بعض الإمكانيات والحلول إلا وسارت الأمور نحو الهدوء.غير أن الأطراف التي تجذب إلى الوراء ويسوؤها أي انفراج في الأزمة على المستويين المحلي الجهوي خاصة هي ذاتها التي تحاول تشويه الأحتجاجات فتلبسها طورا طابع الإرهاب وتصبغها طورا آخر بطابع السياسوية والتوظيف للمصالح الخاصة حتى تسد أي أفق أمامها..
-البعد السلمي: المؤشرات التي ظهرت وكشفت عنها الحركة الاحتجاجية بالرديف كانت دائما تجنح كي تكون سلمية بدليل أن قادة الحركة كانوا في كل مرة يظهرون من المرونة ما يجعل الحركة تبدو كذلك،فقد عمدوا أولا بعد الاتفاق الأول والذي أشرنا إليه سابقا (إتفاق17 +إحداثات أخرى) إلى التحدث مع المحتجين حتى أن بعضهم دفعوا في اتجاه تثمين هذا الاتفاق فأفرز تعليق الاحتجاج، ثانيا عمد قادة الحركة إلى تعليق الإضراب العام المزمع تنفيذه على خلفية تجميد عضوية المناضل النقابي عدنان الحاجي من طرف الكاتب العم للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة.ثالثا. الدخول في هدنة وتهدئة الأوضاع ورفع مظاهر الاحتفال بطلب من السلطة المحلية حتى تدرس الأوضاع وتبحث في إمكانيات إيجاد حلول،فدامت هذه التهدئة 15 يوما وقام منظمو الحركة الاحتجاجية بتمديدها رغبة منهم في أن يجري تلامذة المدارس الإعدادية والثانوية امتحانات الأسبوع المغلق التي سبقت عطلة الربيع.رابعا. عمد مؤطرو الحركة على الأقل في مناسبتين إلى محاولة إخلاء المدينة من سكانها لما استفحلت انتهاكات البوليس وتعاظمت اعتداءاته على كل أهالي الرديف دون استثناء إلى درجة أن بعض مواطني الرديف تجمعوا في خضم الحركة خارج المدينة وبالتحديد قرب المعهد الثانوي 02 مارس وأفرغوها من سكانها تجنبا لأي احتكاك مع البوليس ونأيا بالحركة عن بعض المنزلقات التي قد تكون نتائجها وخيمة.ثم إننا لم نسجل بعد حادثة قتل الشهيد حفناوي بن رضا أي تصعيد وغابت تقريبا مظاهر الاحتجاج تحت وطأة الحضور الأمني الكثيف إلى حين انطلاق حملة المداهمات والاعتقالات التي طالت تقريبا جزء هاما من مواطني الرديف ولا سيما قادة الحركة.
ثم إن حركة تمتد طيلة أكثر من 05أشهر راوحت أثناءها بين مختلف أشكال النضال من إضرابات ومظاهرات اعتصامات واجتماعات عامة ومزجت أحيانا بين شكلين أو ثلاثة في يوم واحد دون أن يسجل ضدها أي تجاوز من قبل أي طرف فلم يتم أثناءها سوى التعريف بمطالب الحركة وأهدافها دون أن تتجاوز ذلك محافظة على ممتلكات الناس الخاصة والعامة لا يمكن إلا أن نقول وأن نجزم بأنها سلمية بامتياز.
المنعرج:
المنعرج التراجيدي الذي شهدته الحركة الاحتجاجية بالرديف بدأ يوم اتخذ النظام قرار استئصال الحركة بالقوة حيث حشدت السلطة أكثر من 5000 عون بوليس بمختلف أصنافهم وغرقهم داخل المدينة وعلى مشارفها مدججين بأعتى أنواع الأسلحة والغازات الخانقة وتمت فبركة حادثة الاعتداء على مركز الشرطة بالرديف لإطلاق العنان أمام حملة الاعتقالات التي طالت رموز الحركة وبعض المشاركين فيها،وإننا إذ نؤكد على الطابع التلفيقي الكيدي لهذه الحادثة فإننا نطرح تساؤلين وندعو مهندسي هذه التعلة إلى الإجابة عنها وهما كالآتي:
*كيف تسحب قوات الأمن من أمام مركز شرطة الرديف ويمكث فيه فقط أقل من 08 أعوان في حين هيئوا للمدينة الصامدة جحافل تضاهي ما أعد لغزة عند حصارها؟؟
*ثم كيف لم يتعرف أعوان الأمن على أي شخص ممن شاركوا في الهجوم المزعوم على المركز؟؟
اعتقل عدد كبير من محتجي الرديف وقع التنكيل بهم شر تنكيل في دولة حقوق الإنسان والحريات حتى أن بعضهم استدعت حالاتهم الصحية الخطيرة إلى عيادة الأطباء حال الإفراج عنهم بعد 04 أيام ونذكر منهم لسبيل الذكر:عدنان حاجي وبشير العبيدي والطيب بنعثمان و بوجمعة الشرايطي، وعادل جيار... رغم ذلك عادت الحركة إلى سالف نشاطها وإن اقتصرت في أغلب الأحيان على التفاوض رغم ما كنا نسجله أحيانا ليليا من مظاهرات وصدامات مع قوات البوليس بسبب التجاوزات التي كان هذا الأخير يمارسها.التصعيد الثاني الذي عمدت إليه السلطة كان متمظهرا في حادثة اغتيال لشهيد الحركة الأول المعتصم مع مجموعة من رفاقه في محطة للتيار الكهربائي بمنطقة تبديت حيث عمد معتمد الرديف ومن معه إلى إرجاع التيار الكهربائي إلى المحطة والشباب يمسكون ببعض الأسلاك أو هم قريبون منها.عشيتها فوجئ أهالي الرديف بالتحول الفجئي في سلوك أعوان البوليس الذين على شاكلة الأمريكان طبقوا إستراتيجية –الضربة الأستباقية- فما كان منهم عشية استشهاد الشاب هشام بنجدو إلا أن بدؤوا فجأة في توجيه بنادقهم المحملة غازات خانقة إلى جموع الجالسين بمقهى الاتحاد المحلي للشغل بالرديف.كان هدفهم واضحا هو السيطرة على المدينة ومحاصرتها والحد من كل ردة فعل على موت الشاب هشام بنجدو فأطلق العنان للبوليس كي يروع الأهالي وذكر في هذه الأثناء حادثة وقعت بأحد أحياء المدينة حيث دخلت مجموعة من - رجال البوب- إلى مأتم كان أهل التوفي يعدون عشاء الميت ونكلوا بهم ثم قاموا بتكسير سيارة كانت رابضة بالقرب من بيت المتوفى وقد تنقل المتضررون إلى مركز الحرس وسجلوا قضية في الحادثة.
تواصل إطلاق العنان لقوات البوليس كي تفعل فعلتها بأهالي المدينة فانتقموا من أهلها واعتدوا بالعنف على العديد من شبابها وصارت الرديف مسرحا لانتهاك حرمة المنازل والأشخاص. ولما كانت ردود فعل المواطنين على هذه الانتهاكات تتم من قبل مجموعات من الشباب دفاعا عن ذواتهم وحماية لمدينتهم ليلا تقرر أخيرا في سابقة لم تحدث منذ انتفاضة جانفي 1984 استعمال الرصاص المطاطي والحي في يوم يذكرنا بما يحدث كل ما أرادت القوات الإسرائيلية اجتياح إحدى المدن أو القرى الفلسطينية نتج عن ذلك كما هو معلوم استشهاد الشاب حفناوي بن رضا مغزاوي وإصابة أكثر من عشرين شابا يرقد الآن أحدهم في غرفة العناية المركزة بإحدى مستشفيات مدينة صفاقس في حالة تنبئ باستشهاده في كل لحظة.فاستعانت السلطة بالجيش الذي حال دون أهالي الرديف والأمن وتمركز في أهم نقاط المدينة وانطلقت حملة الاعتقالات لتطال أغلب من شاركوا في الحركة الاحتجاجية وتطال رموزها أيضا الذين يقبعون الآن في سجون السلطة بعد أن تعرضوا إلى تعذيب وحشي خلف عند أغلبهم آثارا سجلها المحامون وبعض أعضاء الرابطة التونسية لحقوق الإنسان.
المحصلة:
الدرس الأول:يكشف نظام 7 نوفمبر عن طابعه الوحشي مرة أخرى عندما يتعامل مع حركة مطلبية لا يزيد سقفها عن حق الشغل والتنمية المتوازنة بهذا العنف والصلف والهمجية فلم يكتف بإسقاط الشهداء والجرحى وإنما يعمد إلى التنكيل بأهالي الرديف وتعذيبهم في مخافره حتى يركع منطقة رفضت الذل والمهانة والبطالة.


الدرس الثاني:بالقدر الذي تعرض له أهالي الرديف من اعتداءات وانتهاكات لا تزال حد اللحظة متواصلة حيث ما تزال الفرق المختصة تعتقل وتبحث عمن ما زال فارا فإنهم مازالوا متمسكين بحركتهم ولن تثنيهم عصا الجلاد عن مواصلة النضال.
الدرس الثالث:على نظام الحكم أن يطلق فورا سراح المعتقلين وعليه أن يوقف التتبعات في حقهم والكف عن ملاحقة الفارين لسبب بسيط هو أن قوات الأمن المرابطة بالرديف منذ05 جانفي لن تبقى إلى الأبد هناك وأهالي الرديف الصامدة لن يستكينوا في الدفاع عن حقوقهم والنضال في سبيل أبنائهم فما هي إلا استراحة المحارب والنزالات قادمة لا محالة.
التحايا:
نوجه أولها لأهالي الرديف المناضلة ولأبنائهم الصامدين في سجون النظام مرفوعي الهامة يسطرون ملاحم الصمود والبطولة.الثانية نوجهها لأهلنا في منطقة الحوض المنجمي الصامدين والمساجين بكل مدن المنطقة:بأم العرائس ،بالمتلوي،بالمظيلة.
والثالثة لكل المناضلين الصادقين والذين ساندوا حركة الحوض المنجمي: للجنة الوطنية..للجنة النقابية الوطنية التي تشكلت مؤخرا ..وللنقابيين الأحرار..للمحامين الأحرار..ولكل من وقف ولا يزال في سبيل إطلاق سراح الموقفين داخل البلاد وخارجها من جاليتنا الأبية-
نقول لكل هؤلاء نشكركم –ولا بد للقيد أن ينكسر—
المصدر: بريد الفجرنيوز: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.