ليفربول يعلن رسميا خليفة كلوب    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    رئيس الاتحاد يشرف على اختتام الصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    تحويل ظرفي لحركة المرور على مستوى جسري الجمهورية والقرش الأكبر    مطالبة بتوفير 10 مليارات وحصد التتويجات: هيئة «السي. آس. آس» تحت الضّغط    الدّورة الثّالثة لمؤتمر مستقبل الطّيران المدني: وزيرة التّجهيز تقدّم رؤية تونس في مجال الطّيران المدني في أفق 2040    الثلاثاء: حالة الطّقس ودرجات الحرارة    المسابقة العالميّة الكبرى لجودة زيت الزيتون بنيويورك 26 ميداليّة لتونس    ما هي الدول التي أعلنت الحداد العام على رئيسي ومرافقيه؟    المهدية .. الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    سجن سنية الدهماني .. يتواصل    مع الشروق .. إدانة... بنصف الحقيقة    القيروان: انتشال جثة إمرأة من قاع فسقية ماء بجلولة    رقم مفزع/ من 27 جنسية: هذا عدد الأفارقة المتواجدين في تونس..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    الليلة: سحب عابرة ورياح قوية والحرارة تتراوح بين 16 و26 درجة    عاجل: وسائل إعلام رسمية: انتخابات الرئاسة في إيران ستجرى في 28 جوان    فقدان 23 تونسيا في'حَرْقة': ايقاف 5 متهمين من بينهم والدة المنظّم واحد المفقودين    مدير عام ديوان تربية الماشية: النحل يساهم في ثلث غذاء الإنسان    بنزرت تستعد لاستقبال أبناء الجالية المقيمين بالخارج    والي بن عروس: فخور ب"دخلة" جماهير الترجي وأحييهم ب"عاطفة جيّاشة"    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    النادي الصفاقسي : اصابة وضّاح الزّايدي تتطلب راحة باسبوعين    إضراب عن العمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالمظيلة    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    وزارة التربية: هذه هي الانشطة المسموح بها بالمؤسسات التربوية خارج أوقات التدريس    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    كيف قتل "رئيسي"..خطأ تقني أم ضباب أم حادث مدبر..؟    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    وزارة التشغيل تمدّد في آجال التسجيل في برنامج مساندة المؤسسات الصغرى المتعثرة إلى غاية يوم 16 جوان القادم    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني..من هو ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزيمة البطل سمير القنطار لن تلين أو تستكين
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 08 - 2008


العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

ما يفعله الصقور والمحافظين الجدد وحكام إسرائيل دليل على أنهم عصابات إجرام وإرهاب وقتل وتدمير.
وأكثر ما يحز في النفس, رؤية أحدهم رجلا كان أم امرأة, أن يكون له قرينة أو قرين يجمعهما أسرة أو بيت. فالحياة مع أمثال هؤلاء انتحار, وأشبه بمن يهجر حياة الكرامة والشرف والعز ليحيا حياة قوامها الذل والمهانة.
فحديثهم مقيت, وكلامهم ثرثرة, وابتسامتهم صفراء تقزز النفس, ومنطقهم أعوج, وأفعالهم يخجل من أن يقترفها طفل وليد, لصغر سنه, مازال غير بقادر على التمييز بين قطعة الجمر الملتهبة وبلح أشجار النخيل.
وكم هؤلاء الرموز مجرمين وتافهين, حين حكموا على الفتى سمير القنطار وهو بعمر الورود,وسنه لم تكمل السادسة عشر عاما, ولم يبلغ بعد سن الحلم, بالسجن بمدد تصل لخمسة قرون, ونظموا له إضبارة أو ملف برقم 578/79 سري للغاية.وهو لصغر سنه لا يدرك معانيها, وتركوه حبيس الزنزانة , يملئون نهاره وليله بكافة صنوف القهر والجور والتعذيب. و تركوا أسرته نهبا للحزن والغم, وهي لا تعرف شيئا مما يعانيه فتاها الصغير.
وكم هؤلاء وحوش ضارية, حين لا يروي غليلهم إلا أن يسجنوا مئات الألوف من العرب والفلسطينيين والمسلمين, ويشبعون نهمهم العدواني والوحشي بإذاقة المعتقلين كل صنوف التعذيب التي يندى لها الجبين. وكم هم حمقى وأغبياء, حين تناسوا أو جهلوا وفاتهم, أنهم بمثل هذه الأفعال الإرهابية القبيحة والآثمة والخسيسة, دفعوا فتية وأطفال عرب وغير عرب ومسلمين ومسيحيين بعمر الورود, كالشهيدة دلال المغربي والشهيدة ثناء محيدلي, والبطل سمير القنطار وغيرهم الكثير, وكثير منهم لم يبلغ بعد سن الحلم أو سن الرشد,لأن يتطوعوا دفاعا عن وطنهم لبنان أو فلسطين أو العراق. بعد أن احتلت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978م, وأتبعته بعدوانها عامي 1982م وعام 2006م, وراح جنودها يتفننون بقتلهم اللبنانيين والفلسطينيين. ثم باصطيادها الآباء والأبناء والأمهات بقنابل وصواريخ الطائرات. وبحصارها للضفة وقطاع غزة. بحيث لم تبقى أسرة فلسطينية إلا وفيها شهيد وأسير أو معوق.وكذلك ما تمارسه القوات الأمريكية وحلفائها من إجرام وإرهاب , ومنهمكين في تطويره ليكون أكثر إجراما وإرهابا وإذلالا لم يتوصل إليه احد من بعد. وحتى أنهم راحوا يتحالفون مع عصابات المرتزقة والإجرام والإرهاب, لزهق أرواح أكثر من أبنائه ونسائه و كبار السن الأبرياء والعزل من السلاح. مما تسبب بقتل وموت أكثر من مليوني طفل عراقي, وأكثر من مليون ونصف عراقي. ناهيك عن ملايين المهجرين والمشردين من الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين. إضافة لمئات الآلاف من أسر يتموا أطفالها, بقتلهم الآباء أو الأمهات, أو الإثنان معا, وحتى الأوصياء. أو زجهم بسجون ومعتقلات موزعة في كل أرجاء المعمورة.
وكم هو مؤسف ومحزن ومخجل, حين نرى الشرعية الدولية والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان, لا تحرك ساكنا. وتهمل حقوق هؤلاء, و يغضون الطرف عن ما هو مسطر في مواثيقهم. أو لا يجرؤن حتى على محاسبة مثل هؤلاء الأوغاد على جرائمهم الإرهابية والإجرامية. فالشرعية وهذه المنظمات مطالبون بتكريم هؤلاء الفتية والصبايا والأطفال أولا. ومن ثم محاسبة هؤلاء الرموز الإجرامية رسميين وغير رسميين ومؤسسات وأفراد. لأنهم هم من يتحملون كامل المسئولية,عن اندفاع هؤلاء الأبطال بصدق وبراءة وإخلاص,لمقاومة هذا العدوان والإرهاب والإجرام, دفاعا عن الإنسانية جمعاء, وزودا عن حمى الأهل والأسرة والأوطان. ولو أن هذه المنظمات الدولية والإقليمية, ومعهم الأنظمة والحكومات, الذين يتشدقون بالتمسك والدفاع عن الشرعية والديمقراطية والحرية والعدالة والتحضر كما يدعون. لسارعوا إلى تكريم هؤلاء الشهداء والأبطال , ولمنحوهم شهادات تقدير,وأسمى النياشين والأوسمة على تضحيتهم بالنفس, والجود بالروح والدم, أو بشبابهم ليحظوا بالشهادة, أو ليقضوا جل حياتهم الدنيا في الأسر. يكتوون بنار السجون, وسعير المعتقلات دفاعا عن الإنسانية. ولو أنهم كما يدعون يدافعون عن حقوق الإنسان وحق الطفل والحرية والديمقراطية. لرفعوا الصوت عاليا , واتخذوا الإجراءات القانونية لزج المجرمين والقتلة والإرهابيين في السجون, وجرجوهم للمثول أمام محكم جرائم الإنسانية وجرائم الحروب , أو المحكمة الدولية على أقل تقدير. لأنهم بأعمالهم الإجرامية, هم من حرضوا ودفعوا بهؤلاء الشباب من فتيان وفتيات وأطفال لسلوك دروب المقاومة والجهاد والعمليات الإستشهادية. فهؤلاء الشهداء والأسرى والمعتقلون الأبطال الذين ضحوا بالغالي والنفيس دفاعا عن الأوطان هم من يستحقون التكريم, ويستحقون أن تزين صورهم وأحاديثهم محطات المذياع وشاشات التلفزة, ويمنحوا الشهادات الفخرية من الجامعات, ويقلدوا كل نيشان وسام ووشاح. لأنهم سطروا ملاحم الشرف والبطولة والكرامة والعز, غير آبهين بجاه أو سلطة أو مال. وكل همهم إرضاء الله رب العباد,وأن تحيا أوطانهم وشعوبهم بحرية وكرامة وعز وفخار, وأن تبقى الإنسانية بأمان. ولا يسعنا في هذا المجال إلا أن نتوجه بالشكر للبنان الشعبي والرسمي, وللرئيس ميشال سليمان وحزب الله, ولسوريا قيادة ومواطنين, على حسن استقبالهم للأسرى وجثامين الشهداء. مع شكرنا لكل عربي وغير عربي وطني وحر في شتى أرجاء المعمورة على فرحته الغامرة بهذا التحرير والانتصار. مع تقديرنا لسماحة السيد حسن نصر الله على جهوده في تحرير الأسرى,وعلى رأسهم عميد الأسرى سمير القنطار, وإعادته لجثامين الشهداء إلى ذويهم بعد طول غياب. فهو من أحيا آمال الشعوب التي تعاني القهر والاضطهاد, وذكرهم بأن نصر الله قريب . وهذا ما وعدهم به الله العلي العظيم, والله لا يخلف الميعاد.فتحرير الأسرى يحمل من المعاني ما يعجز عن وصفها القلم واللسان. ومنها على سبيل المثال:
1.قهر إرادة الغاصب والمحتل: فعقب عملية أسر الجنديين الإسرائيليين, عقد السيد حسن نصر الله مؤتمرا صحفيا بتاريخ 13/7/2006م قال فيه, الأسرى الموجودين لدينا لن يعودوا إلى الديار إلا بوسيلة وحيدة تفاوض غير مباشر وتبادل. ولا يمكن لأحد في هذا الكون أن يردهم إلى ديارهم إلا بالتفاوض غير المباشر والتبادل, وإذا فكر الإسرائيلي بأي عمل عسكري هدفه إستعادة الأسيرين فهو واهم واهم واهم حتى ينقطع النفس. وجرب أولمرت وجنرالاته إسترادهم بعدوان وحرب 2006م, فحاقت بهم الهزيمة والخزي والعار, وتبين للإسرائيليين ولأنفسهم بأنهم كانوا واهمين. ورضخوا لكل كلمة قالها السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحفي, وأنصاعوا لجميع شروطه مرغمين.
2.عزم حزب الله والمقاومة اللبنانية على فل عزيمة أعدائه ولو كانت بقساوة الحديد: فلم تفلح تهديدات الادارة الأميركية والأنظمة الحليفة لها. ولا صبيانية بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي في إجبار حزب الله على إطلاق سراح الجنديين, واضطرت حكومة أولمرت أن تقلع شوكها بيديها, والقناعة لديها أن الوقت تغيير وسيتغير أكثر وأكثر, ولن يعد بعد اليوم في صالحها. وأن دعم حلفائها و الادارة الأميركية, لن يكون بعد الآن أكثر من صخب وضجيج أطفال الشارع حين يمارسون لهوهم في الأزقة.
3.وتحرير سمير القنطار جاء صفعة لكل من عقد معاهدات سلام مع إسرائيل: فلبنان حرر أسراه وطوى هذه الصفحة مع العدو الصهيوني , بينما لم تفلح هذه الأنظمة في حل هذا الموضوع مع إسرائيل. رغم ما وقع فيما بينهم من معاهدات واتفاقيات ,وإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل سفراء وتطبيع وزيارات.
4.ويوم الرضوان دحض كل إتهام يفبركه الخونة والعملاء ضد حزب الله: فحزب الله حرر أسرى عرب وغير عرب مع أسراه من اللبنانيين. ومعظمهم من أحزاب وتنظيمات أخرى لا علاقة لها بحزب الله.
5.وفي يوم الرضوان هرولت الموالاة لتسبق المعارضة في استقبال الأسرى المحررون. وبذلك اجتمعت قوى الموالاة والمعارضة وتلاقت وتبادلت أطراف الحديث بعد قطيعة دامت أكثر من ثلاثة أعوام. وهذا إقرار ممن يعادي قوى المقاومة بأنه خاطئ في فهمه ونهجه وسلوكه, وعاق لوطنه, وضال أو مضلل على ما سار أو يسير عليه. فالمقاومة وسلاحها عامل قوة وحوار, وشرط للحفاظ على الهوية الوطنية.
6.وفي يوم الرضوان سقطت كثير من المقولات : حيث ثبت أن قوة لبنان في مقاومته لا في ضعفه, وضمان استقلال لبنان بالحفاظ على مقاومته لا بالتحالف مع القوى الكبرى والتكتلات الدولية والإقليمية. وتحرير الأسرى وتراب الوطن, يتم بجهود فصائل المقاومة, لا بانتظار صدور قرارات دولية لن تسمح الإدارات الأمريكية وقوى الاستعمار لها أن ترى النور, والعلاقات المميزة مع سوريا إنما هي تعبيرا عن أواصر القربى ووشائج الرحم بين المواطنين في كل من البلدين. ودور ومستقبل لبنان إنما يتحدد من خلال انصهار لبنان في محيطه, والتفاف بنيه حول فصائل المقاومة الوطنية, لا إلى ما يلجأ إليه البعض, من جثوا على أقدام المستعمرين والغزاة بذل ما بعده ذل. فالنفس البشرية طبعت على احترام وتقدير الرجال والأبطال والشجعان, والاستهزاء بالجبناء وأنصاف الرجال.واحترام دولة ما يكون بمدى عزيمة ونضال جماهيرها على صون وحدتها الوطنية واستقلال وطنها, وتنمية روح النضال والمقاومة والصمود في نفوس الأبناء لا على تسول المنح والقروض والمساعدات.
7.وفي يوم الرضوان ترسخت قناعة بأن المقاومة هي الأمل والخلاص: ففي هذا اليوم ثبت بأن ما حققته المقاومة عجزت عن تحقيقه الأنظمة والحكومات وأمول النفط وجامعة عمرو موسى, والعلاقات الحميمية لبعض الدول العربية والإسلامية مع الادارة الأمريكية,وعلاقتهم العلنية والخفية مع إسرائيل.
8.وفي هذا اليوم دخل العدو الصهيوني بمجتمعه وحكومته ومؤسساته وحتى مع حلفائه بمهاترات: حيث بات المراقب يلحظ بوضوح حجم الشروخ والتصدعات التي سببتها هزيمة إسرائيل عام 2006م للمجتمع الإسرائيلي, ولكافة بنى ومؤسسات الكيان الصهيوني, وحجم الشقاق والخلاف بين إسرائيل وحلفائها, بما فيهم حليفتها الإستراتيجية. والتي جهد العدو الصهيوني وحلفائه على إخفائها والتستر عليها. والتي راحت تكشفها التصريحات .والتي يلقي كل منهم فيها باللوم على الآخر.وباتوا كمجانين في حمام قطع عنه الماء. فهذا يعتبر إطلاق سراح سمير القنطار خطأ وجريمة, وذاك يعتبرها هزيمة, و آخر يرى فيه انتصار. وكلهم يصبون جام غضبهم على حزب الله وسمير القنطار. وهذا بعض منها:
فالرئيس شمعون بيريز يقول: أن الانتصار المعنوي الكبير هو لإسرائيل. في حين يكذبه الآخرون ومنهم أريئيل أتياس حين قال: أنه يوم حزين وقاس للأمة الإسرائيلية. ويؤيده في ذلك تساحي هانفبي رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست حين قال: ليس من بلد في العالم يجيز استبدال الإرهابيين بالجثث,إنه نذير ضعف من جهتنا, وكشفت عن ضعف القيادات الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي.
والناطق الرسمي لأولمرت مارك ريغيف يقول: سمير القنطار قاتل أطفال همجي وكل من يحتفل به كبطل يدوس الأخلاقيات الإنسانية الأساسية. بينما يتجاهل عشرات الألوف من أطفال فلسطين ولبنان وسوريا ومصر, والذين سحقتهم طائرات وقنابل وصواريخ بلاده وقنابلها العنقودية, ناهيك عن مجازر آبائه وأقرانه في فلسطين من عام 1948م وحتى الآن. ومنها مجازر دير ياسين وقانا 1 وقانا 2 ومدن الضفة وغزة ومخيم جنين, والقائمة نطول.
وأسحق هرتزوغ وزير الشؤون الاجتماعية يقول :احتفالات لبنان بعودة قاتل حقير سحق جمجمة فتاة في الرابعة ,يكشف الفارق في القيم بين إسرائيل ولبنان. بينما يتجاهل أن إسرائيل هي من تكرم القتلة والمجرمين وتنصبهم وزراء ورؤساء دولة وحكومة, كبيرس وشامير ودايان وشارون وباراك وموفاز. وأن الحقراء هم حكام إسرائيل الملطخ تاريخهم بالدماء.
آوجدعون عزرا وزير البيئة يقول: مل أن يدرك العالم طبيعة العدو الذي نتعامل معه,إنه عدو وحشي يعذب عائلات جنودنا , ولكن علينا إعادتهم إلى الوطن أيا يكن الثمن, وهذا ما فعلناه. وهذا الإرهابي يتجاهل كم خربت بلاده بيئة الأراضي العربية باعتداءاتها الهمجية والتي استخدمت فيها الأسلحة المحرمة, وكم عانت الأسر العربية من همجية كيانه الصهيوني والتي جميعها جرائم حرب وأعمال إرهابية.
وبنيامين نتنياهو يدلي بدلوه ويقول: ويل لشعب تحتفل عصابات فيه بإطلاق سراح قاتل. وهذا الإرهابي يتجاهل ما فعلته عصابة أرسلها بأمر منه لاغتيال خالد مشعل في عمان.
وحاخام كريات موتسكين ديفيد دور كمان بعدما التقى أسرة وذوي ريغيف في منزلهم قال: أنه اليوم الأكثر سواد, لا أتمنى ذلك لألد أعدائي,إنها نهاية مأسوية.وكم هو هذا الحاخام منافق وكذاب ودجال ,وهو يعلم أن ما تقوم به حكومته من إجرام وإرهاب بات على كل شفة ولسان.
وعامي أيالون وزير دولة في حكومة أولمرت يقول: أنه يوم حزين لكل البلاد ,لكن استعادة رفات الجنديين تثير ارتياحا لدينا,إنها مسؤوليتنا الأخلاقية حيال الجنود الذين نرسلهم للقتال.
ووزير الحرب باراك, قال في تشييع الجنديين إيهود غولد فاسر والدادا ريغيف: إسرائيل تشعر بحسرة بالغة ودفعت ثمنا فادحا بإفراجها عن خمسة مقاتلين شاركوا في هجمات قاتلة على إسرائيليين في مقابل جثتين أعيدتا في نعشين أسودين .
وقال أيضا : هذا هو الزمان والمكان للقول إننا لم ولن نتوقف في المستقبل أيضا عن بذل جهود من أجل إعادة جلعاد شاليط سالما معافى إلى البلاد. وهذا المجرم يتباهى بأنه قتل من العرب أكثر من غيره.
وعاموس جلعاد رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع يقول: الاستخبارات الإسرائيلية قامت بعمل رائع ,ولكن توجب إقرار الصفقة لإقناع عائلتي الجنديين الأسيرين بأنهما ميتان. ويتجاهل هذا الأحمق والمجرم أن عشرات الآلاف من العائلات العربية, مازالت تجهل مصير أبنائها المعتقلين أو المختطفين من قبل جنوده وأجهزة أمنه المجرمون.
وفي هذا اليوم افتضح الدور المشبوه لليبراليين وبعض الأنظمة وفصائل المعارضة والموالاة: وخاصة حين تعمدوا عدم تغطية عملية إطلاق الأسرى في وسائط الإعلام. كي لا يجرحوا مشاعر الإسرائيليين والمحافظين الجدد وإدارة الرئيس جورج بوش وصقورها. أو حين استمروا في عهرهم بمهاجمة سلاح حزب الله وفصائل المقاومة. أو حين يؤولون الحدث على انه صفقة مشبوهة مع إيران. وكم هو مكر وخديعة ونفاق حين يحصرون دفاعهم عن الخونة والعملاء, بعد أن يلحقوا معهم من هو معتقل من سلطات بلاده للتمويه والخداع, ولا يشملون من تعتقلهم إسرائيل والإدارة الأمريكية وقوى الاستعمار.
وهذا اليوم المجيد هو من أجبر إسرائيل على إطلاق سراح بعض الأسرى والمعتقلين : فإسرائيل باتت هي ومحمود عباس والأنظمة التي وقعت معها اتفاقيات سلام في حرج كبير. وخاصة حين أهملت هذه الأنظمة وأبو مازن موضوع الأسرى والمعتقلين وجثامين الشهداء. ولحفظ ماء وجه هؤلاء, قررت إسرائيل أن تطلق سراح عدد ضئيل. والفضل حتى في ذلك للسيد حسن نصر الله حفظه الله ورعاه.
عندما ألتحق البطل سمير القنطار عميد الأسرى بمنظمة فدائية فلسطينية كان عمره لا يتجاوز الرابعة عشر من عمره. وحين قرر أن يشارك بعملية أسمها جمال عبد الناصر للإنتقام من عدو صهيوني داس كل المحرمات, لم يكن سمير قد أتم السادسة عشرة من عمره, وكان قد مر على وفاة الرئيس جمل عبد الناصر ثماني سنوات. وحين استشهدت عروس الجنوب سناء محيدلي بتاريخ 9/5/1985م لم تكن قد تجاوزت السابعة عشر ربيعا من العمر, فولادتها كما هو مدون في السجلات الرسمية ,صيدا 14/8/1985م. لكن هؤلاء الأبطال اكتووا بنار العدوان الإسرائيلي, والعهر الأميركي , وازدواجية المعايير, والإرهاب المبرمج لآلتي الحرب الأميركية والإسرائيلية. ثم الأسير هاني بدوي جابر الذي اعتقلته إسرائيل عام 1985م وعمره 22 عام وزوجته حامل, وحكمت عليه بالمؤبد بجرم انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي . وولدت زوجته بنتا , وتزوجت البنت وهي لا تعرف أباها إلا من خلال الصورة فقط. ثم من ينسى الشهيدة دلال المغربي وغالية فرحات , والأسير يحيى سكاف؟ ولا حاجة لذكر باقي المعتقلين الذين يربوا عددهم حاليا عن ال12000 أسير ومعتقل وبعض منهم أطفال رضع وخدج. ناهيك عن مئات الألوف من المعتقلين في العراق, وأكثر من مليون عراقي قتلوا على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي.
حين نفذ المقاومون الأبطال كسمير القنطار ورفاقه عملياتهم الفدائية, كان لبنان منقسم إلى قسمان يتناحران ويتحاوران بالسلاح والنار. قسم يعتبر الوجود الفلسطيني وسلاحه خطر عليه, وأنه سلاح غير لبناني .وقسم يصر على عروبة لبنان ويقف مع المقاومة الفلسطينية لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى ثاني القبلتين.
وحين حررا من أسرهما وجدا لبنان منقسم أيضا إلى قسمان: معارضة وموالاة. قسم يعيد تكرار وتقمص دور الانعزاليين الأول وعلى نحو أسوأ, حين راح يعتبر حتى سلاح المقاومة اللبنانية و حزب الله خطر عليه, ويطالب بتفكيكها ونزع سلاحها, وهذا القسم يضم زعماء ورموز نفس القسم الأول الذي أشعل الحرب الأهلية وراح يقتل على الهوية ويخرب ويدمر لبنان بحجة حماية أستقلال لبنان ووحدة أراضيه. وقسم يعتبر المقاومة ضرورية لحماية لبنان والحفاظ على عروبة واستقلال لبنان وحمايته من مطامع الأعداء. مع فارق واحد في الحالة الثانية, أن القسمين اتفقا وشاركا معا وتوحدا على استقبال وتكريم الأسرى وأستقبال الجثامين الطاهرة واحترام وطنيتهم بحفاوة قل لها نظير. ليشاركوا العرب واللبنانيين والأحرار فرحة هذا العرس الكبير. وتكريم الجميع وخاصة البطل عميد الأسرى سمير القنطار وصحبه الكرام الميامين. وهذه إدانة لفريق الموالاة من نفس فريق الموالاة حين صفق مع العالم والعرب مسيحيين ومسلمين ومختلف الأعراق والجنسيات والقوميات. لقوى المقاومة ولحزب الله, على تحريرهم جنوب لبنان وهزيمة إسرائيل, وتحرير الأسرى وجثامين الشهداء الأبرار والأطهار.
مهما قيل وسيقال عن هذا اليوم المجيد فإننا نلخص باختصار ما بدا جليا لكل عين لم تصاب بالعمى أو الرمد:
استطاعت قوى المقاومة الوطنية المدعومة من سوريا بفضل نضال نصف قرن, أن تفكك إسرائيل, وتدحر جيشها , وتدفع بالمجتمع الإسرائيلي إلى أزمة عميقة ومستعصية الحل.
واستطاعت قوى المقاومة أن تستنهض الشعب العربي وبقية الشعوب والوطنيين والأحرار لرفع وتيرة النضال, والاستمرار بالمقاومة, وأعتبارها الطريق والحل لما تعانيه الشعوب.
ويلاحظ التفاف الأحرار والوطنيين والعرب حول المقاومة بوتيرة أكبر بكثير من ذي قبل.
وافتضح الدور المشبوه لبعض الأنظمة والقوى, والتي تصر على نزع سلاح المقاومة.
وأن صمود سوريا وفصائل المقاومة, أسقط المشروع الأمريكي , وسقط معه بوش وأولمرت.
وكم هو سمير القنطار بطل ومناضل كبير. وهو يصر رغم ما عاناه من بطش العدو الصهيوني, على أن يستمر في النضال والمقاومة ضد العدو الصهيوني حتى تحرير كامل التراب اللبناني, وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.أو أن يظفر بالشهادة وهو راض عن نهجه, وربه عنه راض. فثلاثون عاما من السجن والتعذيب, لم تهن في عزيمته, ولم تزحزحه قيد أنملة عن إيمانه بسلوك درب المقاومة والنضال, حتى تحرير كامل الأرض المغتصبة والانتصار لبني جلدته الذين سامهم العدو سوء العذاب. ويؤكد على أن سوريا بشعبها وقيادتها كانت ومازالت الحاضن والحامي لقوى المقاومة الوطنية, والملاذ لكل الأحرار والوطنيين.فالعدو لا يفهم سوى لغة القوة. وتحرير الأرض والحفاظ على الوحدة الوطنية والاستقلال لا يكون إلا بالمقاومة. وأن من يقول غير ذلك, فهو إما مخطأ وضال, أو خائن وعميل. والرئيس جمال عبد الناصر الذي ودعنا وودعناه. لكن أرثه الغني باق وسوف يبقى. وأنه لن ينسى كيف أن سجانيه دفنوا قطة وهي حية, وكل جريمتها أن الأسرى العرب في السجن كانوا يتبادلون الرسائل من خلالها.فالمقاومة ليست مهنة, ولاهي ترف, ولا هي فلسفة موت وأنتحار. وإنما هي مناعة شعب ضد مختلف الأخطار, كما هي المناعة التي حباها الله لجسم الإنسان ضد مختلف الأوبئة والأمراض. وكم هو غبي وأحمق ذاك الذي يسعى لهتك هذه المناعة أو إلغائها ,لأنه يراها خطرا عليه!!!!!
وكم هو مبدع وفيلسوف ومؤمن البطل سمير القنطار حين ودعنا وهو مازال على مقاعد الدراسة في مدرسة بلدته, ليلتحق بالمقاومة ولم يكمل دراسته بعد. وعاد إلينا بعد غياب ثلاثون عاما, وقد أتم تحصيله الجامعي في مدارس ومعاهد وجامعات العدو, وهو أكثر إيمانا وعزما على سلوك نهج المقاومة رغم كل الأخطار.
الخميس: 21/ 8/2008م
العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.