غلاسكو القدس العربي - الفجر نيوز:من المتوقع ان تنظر محكمة اسكتلندية في السادس والعشرين من شهر شباط (فبراير) المقبل في قضية لوكربي مجددا، والطلب المقدم من السيد عبد الباسط المقرحي المواطن الليبي المدان بتهمة التورط في تفجير الطائرة الامريكية بان امريكان فوق هذه المقاطعة الاسكتلندية. السيد المقرحي يقضي حاليا عقوبة السجن المؤبد في احد سجون غلاسكو المدينة الاسكتلندية الاكبر بعد ادانته بتهمة التورط في هذه القضية من قبل محكمة دولية اقيمت في هولندا. ويعتقد الكثير من المراقبين ان المقرحي قد يغادر سجنه الي ليبيا قريبا بعد توقيع بريطانيا اتفاقية تبادل تسليم المحكومين بحيث يقضي باقي العقوبة في بلاده، وهو اجراء متبع بين الدول، والمثال الابرز هو سماح تشاد للمحكومين الفرنسيين بخطف حوالي مئة طفل تشادي ودارفوري بالعودة الي باريس واكمال مدة العقوبة في سجن فرنسي. القدس العربي زارت السيد المقرحي في سجنه الاسكتلندي الذي يقع علي بعد اربعين كيلومترا من غلاسكو. اجراءات دخول السجن كانت عادية، وكان الحراس في منتهي اللطف، حتي اننا لم نتعرض لاي تفتيش شخصي، وكان بصحبتنا السيد عبد الرحمن السويسي القنصل الليبي العام في اسكتلندا، والمحامي الجزائري سعد جبار. المقرحي دخل في الغرفة المخصصة لاستقبال الزوار يرتدي طاقية صوفية سميكة، وبنطالا من الجينز، وسترة صوفية ايضا، وبدا وقد زاد وزنه بشكل واضح من قلة الحركة. الكلمات التي ظل السيد المقرحي يكررها طوال الوقت هي لم اتلق محاكمة عادلة ويستطرد لقد اخفيت وثائق عديدة عن المحكمة ويفرد علي المنضدة ملفا مليئا بالفقرات التي جري طمسها بالكامل، بل ان صفحات كاملة قد جري تسويدها لاخفاء المعلومات عن القاضي تحت ذريعة الاسباب الامنية. ما يلفت نظر الزائر، ان معنويات السيد المقرحي عالية جدا، ويظهر صلابة غير عادية، وايمانا قويا ببراءته من كل المتهم التي ادين فيها، وكان يبتسم من حين لآخر، خاصة عندما يتحدث عن الرسائل التي تصل اليه من اسكتلنديين يهنئونه بالاعياد ويؤكدون علي براءته، ويظهرون تضامنا معه. يقول المقرحي: كتبت لي احدي اسر الضحايا تقول انها نيابة عن سكان اسكتلندا اتقدم اليك بكل التهاني بمناسبة اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، واتمني لك عاما سعيدا . نسأل السيد المقرحي: وماذا عن العرب؟ يجيب بأسي لم اتلق رسالة واحدة من اي عربي بينما تلقيت 27 رسالة من اسكتلنديين احدهم دس في احداها عشرة جنيهات.. وهذا مبلغ كبير اذا عرفنا ان الاسكتلنديين ليسوا مشهورين بالكرم! . وقال ان الدكتور سواير عميد اسر الضحايا زاره في السجن، كما زاره القسيس جوان ريف وعدة اشخاص آخرين، علاوة علي القنصل الليبي الذي لا ينقطع عن زيارته بشكل دوري. المقرحي يتابع احداث الوطن العربي عبر قناتي الجزيرة و العربية حيث تم السماح له بمشاهدتهما في زنزانته الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن مترين طولا ومتر ونصف المتر عرضا. وفي احدي المرات زاره سجين اسكتلندي وهو يتابع برنامج الاتجاه المعاكس والصراخ في ذروته، فسأله النزيل الاسكتلندي عما اذا كان يفهم الحوار فرد عليه اذا كنت تفهم اي شيء فأنا كذلك . يؤكد المقرحي ان اكثر شيء اثر فيه هو استشهاد الطفل محمد الدرة، ومحاولات والده اليائسة لحمايته، وقال ان صورة الطفل ووالده لا تفارقه مطلقا، وعندما سألناه، ماذا عن اطفالك، قال ان اكثر ما يؤلمه ان الحكومة الاسكتلندية رفضت السماح لهم بالاقامة بجواره. واضاف انه يتألم لفراقهم، ويشعر بحزن شديد خاصة عندما يسأله ابنه الصغير: متي ستعود يا والدي، لقد وعدتنا اكثر من مرة انك ستعود قريبا . يتحدث بحرارة واعجاب كبيرين عن الزعيم الافريقي نلسون مانديلا الذي زاره في السجن، ويقول ان مانديلا رفض ان يصاحبه اي مسؤول بريطاني عندما التقاه في سجنه في اسكتلندا. كما انه هاتفه عندما زار هولندا، اي مانديلا، لان مضيفيه الهولنديين ابلغوه انه لا يستطيع زيارته في السجن لان ذلك كسر للبروتوكول. يقول المقرحي انه كتب للعديد من الزعماء العرب يقول لهم انه يريد محاكمة عادلة ولكن لم يرد عليه اي منهم، ولو من قبيل المجاملة. سألنا القنصل عبد الرحمن عما اذا كان سيستمر في عمله في اسكتلندا في حال نقل المقرحي الي ليبيا مثلما هو متوقع، فقال انه لن يبقي يوما واحدا، لان القنصلية فتحت من اجل السهر علي رعايته وتقديم كل وسائل الراحة له. المحامي سعد جبار الذي حضر الزيارة قال ان الحكومة الليبية مارست ضغوطا كبيرة علي الحكومة البريطانية لاعادة محاكمته، او تسفيره الي بلاده، بما في ذلك تجميد الكثير من الاتفاقات التجارية، وتوقع ان يعود قريبا جدا. المقرحي قال انه سيعود الي ليبيا لانه في شوق لوطنه وأسرته، ولكنه لا يريد ان يعود كمدان وانما كإنسان بريء. وهو واثق ان اي محاكمة عادلة ستبرئه من التهم الموجهة اليه. واغرورقت عيناه بدموع القهر. نسأله وماذا عن الطعام. هل اشتقت الي البازين والمبكبكة والعصبان والكسكسي؟ قال: افتقدت الكثير منها، رغم ان القنصلية وفرت لي وجبات افطار يومية طوال شهر رمضان، ولكن المهم ليس الطعام وانما الحرية والبراءة.