الدار البيضاء - مع قرب قدوم شهر رمضان، تتعدد صور الفرح والترحاب به.. فهذا الرجل يَقتني مصحفا جديدا، وذاك الشاب يَتعهد بالإقلاع عن التدخين، وتلك المرأة تُرتِّب للتوفيق بين مشاغلها في البيت وحضور صلاة التراويح. لكن إحدى أجمل صور هذا الاحتفاء بالشهر الكريم تبقى في إقبال أهل المغرب على الاعتناء بالمساجد تنظيفا وتطييبا وتجديدا لمفروشاتها وطلائها.. وكأن رمضان ضيف سينزل ببيوت الله. فقد انكب عمار المساجد والكثير من الشباب والنساء والقائمون عليها طيلة أيام الأسبوع الأخير من شهر شعبان 1429 على تنظيف المساجد وتزيينها. كما تطوع العديد من المحسنين للتكفل بتجديد طلاء بعض المساجد واقتناء أثاث جديد لها أو حاويات جديدة للماء ومكبرات صوت جيدة؛ ليستمع المصلون في الساحات لترتيل القرآن في التراويح وتجويده في المسابقات. مسجد "الرضوان" بحي "لافيلات" في مدينة الدارالبيضاء أحد هذه المساجد التي شهدت اهتماما مع اقتراب موعد حلول الشهر؛ فقد أثنى "سعيد بنيس" خطيب المسجد على المتطوعين الذين أقدموا على هذا البذل، مطالبا بالمزيد من التطوع والإقبال على الخير لاستكمال إعداد المسجد ليكون في أبهى حلة وهو يستقبل الشهر الفضيل. وفي تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" قال "لحسن مطهر" إمام المسجد وأحد المشرفين على تطويره: "هذا النشاط من تنظيف وتطييب وتجديد، نجتهد دائما ليكون في أواخر شعبان حيث نستعد ونعد المسجد لاستقبال ضيف عزيز عندنا وهو رمضان، وذلك من أهم مظاهر فرحتنا بهذا الشهر الفضيل". وأوضح مطهر أن المسجد، وهو يستقبل رمضان 1429، شهد تجديد الصباغة، وشراء حصير جديد، وغسل الأفرشة، وتنظيف كل أركان ومرافق المسجد. وعن أسباب هذا السخاء، أشار إلى أن "الناس تكون أصلا قلوبهم أكثر سخاء للعطاء والإنفاق في هذه الأجواء، وبعضهم يخرج الزكاة في هذا الوقت، فكل ذلك يستفاد منه لإعداد المساجد لتكون في قمة رونقها وهي تستقبل هذا الشهر الكريم". إكرام الضيف من جانبها، أعربت السيدة "خديجة"، التي ساهمت في تنظيف وغسل سجاد مسجد "الحرمين" بمنطقة الحي المحمدي في الدارالبيضاء، عن سعادتها بتطوعها في تنظيف المسجد. وقالت في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت": "هذا العمل هو عبارة عن إكرامنا للضيف الكريم (رمضان)، فإذا كنا ننظف بيوتنا ونجملها عندما يحل هذا الشهر فمن باب أولى أن نزين بيت الله الذي يشهد الكثير من العبادات كالتراويح والدروس في رمضان". أما الشاب مصطفى الذي تطوع للمساعدة في حمل الأفرشة إلى سطح المسجد لتتعرض لأشعة الشمس، فاعتبر هذا العمل "من دلائل حب أهل المغرب للخير، ومن حقوق شهر رمضان علينا". أما "عبد الله عقبة"، الواعظ في مساجد الدارالبيضاء فقال في تصريح لإسلام أون لاين: "هذا النشاط الذي يعرفه المسجد عند حلول رمضان يمكن تشبيهه بأن رمضان ضيف ينزل عندنا وينبغي إكرام الضيف". وألمح إلى أن أهل المغرب يعتنون وينظفون المساجد بشكل دائم ودوري، لكن هذه العناية تتضاعف عند حلول شهر رمضان. مظاهر أخرى وإلى جانب الاهتمام بالمساجد، تشهد الحياة العامة والخاصة العديد من المظاهر الأخرى التي يعبر من خلالها أهل المغرب عن استقبالهم للشهر الكريم وفرحهم به؛ فالأسواق تعرف الكثير من النشاط التجاري المرتبط بالأطعمة المفضلة في هذا الشهر والتي من أهمها لوازم "الحريرة" (شوربة) و"سلو" (حلوى مغربية) أو "التقاوت" (حلوى). كما تشهد محلات بيع الألبسة التقليدية -"الجلابية" و"الجابدور" و"القفطان" و"البلغة"- نشاطا متزايدا خلال هذا الشهر ووصولا إلى العيد. وخلال الشهر يقبل الكثير من الشباب على الصلاة والحضور إلى الجماعات في المساجد؛ حيث تكتظ جنباتها بالمصلين من الرجال والنساء، كما تتخذ بعض الفتيات شهر رمضان مناسبة لارتداء الحجاب وحضور الدروس الدينية التي يزداد نشاطها وحجمها في لياليه المباركة. هذا ويترقب المغاربة أن تعلن وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية مساء اليوم الأحد نتائج رؤية هلال رمضان. عبد الرحمن خيزران الأحد. أغسطس. 31, 2008