كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة: اعداد خطة عمل بكافة الولايات لتفادي توسع انتشار الحشرة القرمزية ( فيديو )    انس جابر تغادر بطولة مدريد من الربع النهائي    اسقاط قائمتي التلمساني وتقية    عين دراهم: إصابات متفاوتة الخطورة في اصطدام سيارتين    الحكومة تبحث تقديم طلب عروض لانتاج 1700 ميغاواط من الطاقة النظيفة    تأخير النظر في قضية ما يعرف بملف رجل الأعمال فتحي دمّق ورفض الإفراج عنه    كمال دقّيش يُدشن مركز إقامة رياضيي النخبة في حلّته الجديدة    باقي رزنامة الموسم الرياضي للموسم الرياضي 2023-2024    القصرين: ايقافات وحجز بضاعة ومخدرات في عمل أمني موجه    تراجع عدد الحوادث المسجلة ولايات الجمهورية خلال الثلاثي الأول لسنة 2024 بنسبة 32 %    طلبة معهد الصحافة في اعتصام مفتوح    بمناسبة عيد الشغل: الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    على متنها 411 سائحا : باخرة سياحية أمريكية بميناء سوسة    نجلاء العبروقي: 'مجلس الهيئة سيعلن عن رزنامة الانتخابات الرئاسية إثر اجتماع يعقده قريبا'    القبض على شخص يتحوّز بمنزله على بندقية صيد بدون رخصة وظروف لسلاح ناري وأسلحة بيضاء    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    صفاقس: اضطراب وانقطاع في توزيع الماء بهذه المناطق    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    تحذير رسمي من الترجي التونسي لجمهوره...مالقصة ؟    الترجي الرياضي: نسق ماراطوني للمباريات في شهر ماي    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    بنزرت: حجز أكثر من طنين من اللحوم    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    سوسة: حجز كمية من مخدر القنب الهندي والإحتفاظ بنفرين..    أسعار لحم ''العلوش'' نار: وزارة التجارة تتدخّل    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    خبراء من الصحة العالمية يزورون تونس لتقييم الفرص المتاحة لضمان إنتاج محلي مستدام للقاحات فيها    اتصالات تونس تفوز بجائزة "Brands" للإشهار الرمضاني الأكثر التزاما..    عاجل/ تلميذ يعتدي على أستاذته بكرسي واصابتها بليغة..    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    الحماية المدنية: 18 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب "خطر إرهابي"..#خبر_عاجل    زيادة ب 14,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها الثلاثي الأول من سنة 2024    تونس: تفاصيل الزيادة في أسعار 300 دواء    هام/ هذا موعد اعادة فتح معبر رأس جدير..    تفاقم عدد الأفارقة في تونس ليصل أكثر من 100 ألف ..التفاصيل    بطولة إيطاليا: جنوى يفوز على كلياري ويضمن بقاءه في الدرجة الأولى    عاجل : الأساتذة النواب سيتوجّهون إلى رئاسة الجمهورية    هدنة غزة.. "عدة عوامل" تجعل إدارة بايدن متفائلة    مفاوضات الهدنة بين اسرائيل وحماس..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    توزر...الملتقى الجهوي للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد    صدر حديثا للأستاذ فخري الصميطي ...ليبيا التيارات السياسية والفكرية    في «الباك سبور» بمعهد أوتيك: أجواء احتفالية بحضور وجوه تربوية وإعلامية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب: شهادات جديدة حول ممارسة التعذيب في قضية الموقو
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 09 - 2008

الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب: شهادات جديدة حول ممارسة التعذيب في قضية الموقوفين في أحداث الحوض المنجمي
أكد جميع الموقوفين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية على البطالة والفقر والتهميش والمحسوبية والفساد، التي شهدتها منطقة الحوض المنجمي بقفصة على مدى الستة أشهر الأولى من العام الحالي أنهم كانوا عرضة للتعذيب بمختلف أشكاله المادية والمعنوية أثناء اعتقالهم من طرف البوليس السياسي وخصوصا في منطقة الأمن بقفصة التي نقلوا إليها بعد إيقافهم.
وتبيّن الشهادات التي قدمها الضحايا سواء لمحامييهم أو عائلاتهم أو أمام المحاكم (بالنسبة إلى الذين تمت محاكمتهم) والتي تنشر الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب دفعة جديدة منها، أن البوليس السياسي استعمل بشكل منهجي الضرب والتهديد والإهانة وسوء المعاملة. كما أنه لم يتورّع عن التحرش الجنسي بالمناضلة (زكية الضيفاوي) التي أوقفت في هذه القضية وتهديدها بالاغتصاب لإجبارها على التوقيع على محضر بحث لم تطلع عليه. كما أنه لم يتورّع عن استخدام العنف الجنسي أثناء استنطاق عدد من الشبان الموقوفين (إدخال "ماتراك" بالدبر، التهديد بالاعتداء، الضرب والضغط على الأعضاء التناسلية…).
ومن الواضح من خلال هذه الشهادات أن الهدف من ممارسة التعذيب لا يتمثل في اقتلاع اعترافات أو في إجبار الضحايا على التوقيع على محاضر جاهزة مسبقا وإنما يتعدى ذلك إلى الرغبة في الانتقام منهم وترهيبهم وكسر معنوياتهم وثنيهم عن ممارسة حقوقهم التي تكفلها لهم المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومن بينها الحق في التعبير والاحتجاج السلمي.
ومن الواضح أيضا أن ممارسة التعذيب في هذه القضية، كما في سائر القضايا ذات الطابع السياسي في بلادنا، ليست مجرد "تجاوز" قام به عون أو عدد من الأعوان في حق هذا الموقوف أو ذاك، دون علم من رؤسائهم أو من السلطات القضائية والسياسية، بل هي ممارسة ممنهجة، وتمثل جزءا لا يتجزأ من أسلوب حكم قائم على القهر، وذلك للأسباب التالية:
أولا: إن ممارسة التعذيب وفقا لتعريف الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، كانت عامة وشاملة إذ لم يفلت منها تقريبا أي من الموقوفين الذين تجاوز عددهم المائة.
ثانيا: إن هذه الممارسة تمت وتتم بمشاركة أو تحت إشراف مسؤولين أمنيين كبار بالجهة. ومن الملاحظ أن اسم كل من محمد اليوسفي، رئيس فرقة الإرشاد بقفصة وبلقاسم الرابحي رئيس الفرقة الثانية المختصة بقفصة يترددان كثيرا في شهادات الموقوفين لضلوعه المباشر في تعذيبهم. وقد أكدت زكية الضيفاوي الموقوفة على إثر مسيرة 27 جويلية التضامنية مع المساجين أن محمد اليوسفي تحرّش بها جنسيا وهددها بالاغتصاب. وقد كان حاضرا في قاعة الجلسة يوم 1 أوت في حركة استفزازية لضحاياه ولعائلاتهم ومحامييهم.
ثالثا: إن جهاز القضاء يتستر على ممارسة التعذيب ويوفر الحماية للجلادين. فقد يرفض في مختلف المراحل عرض الضحايا على الفحص الطبي. كما رفض فتح أبحاث جدية في ممارسة التعذيب على قاعدة تصريحات الضحايا رغم ما فيها من تفاصيل دقيقة حول هذه الممارسة وحول الأماكن التي تتم فيها والأعوان الذين يقومون بها أو يشرفون عليها بل رغم الآثار البادية على أجساد الضحايا. وقد رفض القضاة في أكثر من مرة حتى تسجيل تصريحات هؤلاء حول ما عانوه من تعذيب. ويرجح المحامون أن تشديد العقاب على زكية الضيفاوي يعود إلى اتهامها علنا رئيس فرقة الإرشاد محمد اليوسفي بالتحرش الجنسي بها وتهديدها بالاغتصاب. وفي ذلك إشارة إلى بقية الموقوفين حتى يرتدعوا عن التعرض للجلادين بالاسم في جلسات المحكمة ويكفّوا عن التشهير بهم. وبالإضافة إلى ذلك فقد صرح أحد الضحايا، حفناوي بن عثمان، في شهادته أن محمد اليوسفي وأعوانه الذين تولوا تعذيبه جاؤوا أمام مكتب حاكم التحقيق يوم استنطاقه بهدف تخويفه والإشارة إليه بأنهم "هنا" وبأنهم قادرون على إرجاعه إلى محلات التعذيب من جديد إذا شهّر بهم وبأفعالهم الشنيعة أمام حاكم التحقيق والمحامين. ومن الملاحظ أن حاكم التحقيق لم يتدخل لحماية الضحايا وإبعاد أعوان البوليس السياسي..
رابعا: إن ممارسة التعذيب تتم بحماية من السلطة السياسية. فالتقارير التي تتحدث عما تعرض له الموقوفون من تعذيب، والصادرة عن هيئات حقوقية هي كثيرة وقد وجهت إلى السلطات ومع ذلك فإنها لم تحرّك ساكنا لوضع حدّ لهذه الممارسة ومحاسبة الضالعين فيها، بل إنها تواصلت بشكل واضح مما يدل على أن الجلادين ينفّذون أوامر عليا ويتمتعون نتيجة ذلك بالحماية اللاّزمة. وقد لاحظ المتتبعون للشأن العام أن رئيس الدولة الذي أشرف يوم 14 جويلية على المجلس الجهوي الممتاز لولاية قفصة أدان المشاركين في الاحتجاجات السلمية بمنطقة الحوض المنجمي واتّهمهم ب"الفوضى" و"الإخلال بالأمن العام" و"الاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة" ولكنه لم يتعرّض إطلاقا لأعمال النهب والتّنكيل الجماعي التي سلّطتها قوّات البوليس على الأهالي (اعتداءات، تخريب وسرقة ممتلكات، تحرّش بالنساء…) كما أنه لم يتعرض للتعذيب الذي سلّط على الموقوفين وللانتهاكات الفظيعة للقانون التي ارتكبت أثناء استنطاقهم (تزوير تواريخ الإيقاف، إجبار الموقوفين على التوقيع على محاضر جاهزة دون الاطّلاع عليها…)، ممّا يعني ضمنيا تشريعا لهذه الممارسات وحماية للقائمين بها.
إن "الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب" وهي تنشر هذه الشهادات:
1 – تؤكد مجدّدا ضرورة تكثيف الجهود محلّيا ودوليّا من أجل إلزام السلطات التونسية باحترام تعهّداتها الدولية ووضع حدّ لممارسة التعذيب وظاهرة الإفلات من العقاب.
2 – تناشد كل الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية والثقافية في تونس بالوقوف إلى جانب أهالي الحوض المنجمي من أجل:
أ- إطلاق سراح كافة المعتقلين، الموقوفين والمحاكمين، دون قيد أو شرط ووضع حدّ للتّتبعات ضدّ الملاحقين وفتح تحقيق حول ما تعرّضوا له من تعذيب وسوء معاملة، بمحلات البوليس وبالسجون. ب – فتح تحقيق حول أعمال النهب والتنكيل والقتل (حفناوي المغزاوي، هشام بن جدو…) التي تعرّض لها الأهالي على أيدي قوات البوليس ومعاقبة المسؤولين عن ذلك أمرا وتنفيذا والتعويض لمدن الرديف وأم العرائس والمظيلة والمتلوي عمّا لحقها ولحق سكانها من أضرار مادية ومعنوية.
I – شهادات موقوفين في القضية التحقيقية عدد 15537 لدى حاكم التحقيق الأول بمكتب التحقيق الثالث
1 - شهادة حفناوي بن عثمان
حفناوي بن العيد بن الطاهر بن عثمان، من مواليد الرديف في 29 أكتوبر 1973. طالب بالمرحلة الثالثة بكلية العلوم الإنسانية بتونس (كلية 9 أفريل) وصاحب شركة مناولة بالرديف، جاء في شهادته ما يلي:
"تمّ إيقافي مساء 16 جوان 2008 عندما كنت عائدا مع شقيقي من القيروان، على مستوى مدخل معتمدية بئر الحفيّ (ولاية سيدي بوزيد) من قبل محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بمنطقة الأمن بقفصة مصحوبا بأربعة أعوان بالزي المدني وحافلة ملآى بأعوان من فرقة التدخل. تم إنزالنا من سيارة الأجرة وإركابنا سيارة شرطة دون أي توضيح ونقلونا إلى منطقة الأمن بقفصة حيث أخلي سبيل شقيقي أما أنا فقد أخذوني إلى مكتب بلقاسم الرابحي رئيس الفرقة الثانية المختصة الذي بادر بافتكاك هاتفي الجوال وتصفح لائحة الأسماء المسجلة فيه مستفسرا عن كل اسم من هذه الأسماء. ثم استجوبني عن آخر مكالمة أجريتها مع عدنان الحاجي مقارنا كلامي بمحتوى فاكس من اتصالات تونس يسجل مكالماتي المذكورة كلمة كلمة. ثم تواصل استجوابي بمكتب آخر بمشاركة عدد من أعوان البوليس السياسي القادمين على ما يبدو من تونس العاصمة يسمى أحدهم "الشاف" والآخر "جونيور" إضافة إلى أحد أبطال تونس في التايكواندو، حيث قدموا لي هيكلة افتراضية للحركة الاحتجاجية بالرديف وطالبوني بوضع الأسماء في كل لجنة من اللجان التي اختلقوها لتأثيث هذه الهيكلة وإعطائها صبغة "العصابة" حتى تناسب التهمة. وحين كذّبت هذا الاختلاق حملوني إلى مكتب سمّوه "البئر" يحتوي مكتبين وحنفيّة وحوض ماء وعدد من الهراوات والعصيّ المتنوّعة وبقايا ملابس ممزقة ومتّسخة بالدماء. جرّدوني من جميع ملابسي بما في ذلك الداخلية ووضعوني في وضعيّة الدجاجة المصليّة (الفرّوج) واستعملوا قميصي في تقييد يديّ، وانهال ثلاثة من الجلاّدين على رجليّ بهراوة "حرشاء" كان يطلق على أحدهم اسم "الزّو" طويل القامة، قويّ البنية ومحلوق الرأس. أمّا الآخر فيميل لونه إلى الحمرة وله "شامة" كبيرة على خده الأيمن. وقد دام ضربي حوالي نصف ساعة بشكل منتظم وعنيف مصحوبا بسبّ وشتم وكلام بذيء وأسئلة مختلفة وسريعة ولم يتوقّفوا إلاّ حين فقدت وعيي. أنزلوني وسكبوا عليّ سطل ماء بارد. ولما حاولوا إيقافي على ساقيّ لم أقو وسقطت. وفي نفس هذا المكتب استجوبوني عن استعمالي للأنترنيت وعن مراسلاتي وخاصة عن عنواني الإلكتروني وحين رفضت كبّلوا يديّ إلى الخلف وانهالوا على ظهري بالهراوات ولم يتوقفوا إلا حين مكّنتهم من ذلك. أرجعوني إلى بلقاسم الرابحي الذي واصل التحقيق معي في مختلف جوانب الحركة الاحتجاجية والتضامنية والذي كان كلّما لم يقتنع بإجابتي يرسلني إلى حصص تعذيب إضافية. وقد تواصل تعذيبي على مدى الأيام 16 و17 و18 و19 جوان 2008. وكانت الحصّة اليومية من التعذيب والاستجواب تقسم إلى قسمين: قسم أول يتواصل من التاسعة صباحا إلى منتصف النهار تقريبا وقسم ثان يبدأ من الثالثة مساء ويتواصل إلى العاشرة أو الحادية عشرة ليلا وأحيانا يتواصل التعذيب صباحا مساء دون توقّف… لقد افتكّوا منّي حافظة أوراقي وسجائري وهددوني بالإعاقة وبإدخال عصى في دبري واغتصاب أمّي وخطيبتي أمامي، بل مرّوا إلى حرق ذكري باستعمال ولاعة مما سبب لي آلاما لا تطاق… تصوّروا لقد لاحقوني حتّى في المحكمة. فصباح الجمعة 20 جوان وحين كنت أهمّ بدخول مكتب قاضي التحقيق وجدت محمد اليوسفي وجماعته أمام المكتب وهم ينظرون إليّ بحدّة في إشارة إلى أنّهم لن يتركوني وشأني وأنّني مطالب بالصمت وتأكيد ما سجّلوه إذا رمت النّجاة بنفسي واجتناب حصص تعذيب جديدة. وأنهم سيجبرونني على السّكوت، لكنني أكّدت أمام قاضي التحقيق أنّهم زوّروا تاريخ إيقافي ذلك أنني أوقفت يوم 16 جوان وليس 19 منه، وأنني استجوبت بمنطقة الأمن بقفصة وليس بالمتلوي، وأنني أجبرت على الإمضاء على محضر بحث لم أطلع عليه تحت وطأة التعذيب وقد سجّل بعض الآثار التي لازلت أحملها خاصة وأن كتفي مازال يعاني من "خلع" وعلامات الضرب ظاهرة على مستوى الرجلين وخاصة في أسفل الركبة مع كدمات في الفخذ ورضوض في الكتف الأيمن، عاينها كذلك طبيب السجن المدني بزروق".
وعن ظروف الاعتقال قال حفناوي بن عثمان: "الاكتظاظ على أشده في الزنزانة التي أقيم فيها والتي تكاد تنعدم فيها شروط النظافة والتهوئة. وحين طالبت باجتياز دورة "الكاباس" (شهادة الكفاءة للتدريس بالثانوي) رفضوا تمكيني من هذا الحق في سيناريو التنكيل المبرمج سلفا".
2 - شهادة محمود الردادي
محمود بن محمد الإمام ردادي من مواليد الرديف في 05 أكتوبر 1968. المهنة مصوّر عمومي. تحدّث عن عملية اعتقاله وظروفها فقال:
"اعتقلت صبيحة الاثنين 9 جوان 2008 وليس 17 جوان كما سجل البوليس بمحاضر البحث أي أنني طيلة 8 أيام كنت في حكم الاختفاء القسري معرضا لشتى الانتهاكات. كنت لحظة إيقافي خارجا من بيتي لقضاء بعض الشؤون الخاصة. داهمتني سيارة شرطة يركبها بلقاسم الرابحي رئيس الفرقة الثانية المختصة بقفصة ومجموعة من أعوانه. هاجمني اثنان منهم ورمياني بالسيارة وبادرا في الحين بضربي على مختلف أنحاء الجسم ونقلاني مباشرة إلى منطقة الشرطة بقفصة. وطيلة المسافة الفاصلة أنزلوا رأسي إلى أسفل ووضع أحدهم ساقه على عنقي إلى درجة أنني ظننت أنني أصبت بشلل علاوة على أنني كنت أتنفس بصعوبة بالغة. وبمجرد وصولي سلموني إلى أعوان تابعين لأمن الدولة قدموا من تونس العاصمة حسبما تناهى إلى مسامعنا ونحن بمنطقة الأمن. وقد تولى هؤلاء طيلة 6 أيام استجوابي منطلقين من هيكلة للحركة الاحتجاجية من صنع خيالهم: سألوا عن كل من يؤمّ مقهى الاتحاد، وعن مكالماتي الهاتفية التي يحتفظون بسجل كُتب فيه محتواها حرفيا، وعن علاقتي بوسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وعن قادة الحركة الاحتجاجية و ناشطيها، وعن التصوير والإنزال في الأقراص المضغوطة وتواصل التعذيب بعد هذه الفترة. كانت حصة التعذيب تبدأ عادة مع التاسعة صباحا وتتواصل أحيانا إلى منتصف الليل دون انقطاع وكان أحد الأعوان كثيرا ما يدخل إصبعه في دبري ويتلاعب بجهازي التناسلي ويضغط بشدة على خصيتي مما سبب لي آلاما فظيعة لا يمكن أن أنساها أو أنسى مسبّبيها طوال حياتي. كنت طيلة تلك الفترة أُعَرَّى من ملابسي وأُحْرَمُ أحيانا من النوم ومن التدخين. وكان أغلب الضرب ينصبّ على رأسي ممّا سبّب لي آلاما متواصلة وجعلني في كثير من المرات أتمنّى أن أُرمَى في السجن خاصة وأنني كنت مريضا بالقلب، وقلبي لا يقوى على كل هذا التعذيب والإجهاد والضغط المتواصل".
وأكد محمود الردّادي أن البوليس السياسي احتجز هاتفه الجوّال وأموالا تابعة له وحافظة أوراق وأنه داهم مقر عمله في الوقت الذي كان معتقلا فيه وصادر كل أدوات عمله ووثائقه بما فيها الشخصية.
وأوضح أنه منذ اليوم الأول لإيقافه أجبر على الإمضاء على محاضر بحث لم يطلع عليها وأنه أمضى على عدد كبير من محاضر بحث مختلفة في ثلاثة أيام فقط ذاكرا أنه في أكثر من مرة كان البوليس يوقظه من النوم ليوقّع على محاضر جاهزة دون تمكينه من الاطلاع عليها كما ينصّ على ذلك القانون.
3 - شهادة طارق حليّمي
طارق بن محمد الصالح بن بوبكر حليّمي من مواليد الرديف في 16 نوفمبر 1965 عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالرديف.
أكد أنه سلّم نفسه لرئيس منطقة الحرس بالمتلوي يوم 30 جوان وليس 2 جويلية كما سجل البوليس السياسي في محاضره. يقول في شهادته:
"حتى قبل إصدار منشور تفتيش في شأني كان بيتي محاصرا بأعوان البوليس في إطار التصعيد الذي اختارته السلطة بالخصوص منذ يوم 6 جوان للقضاء على الاحتجاجات الاجتماعية بالمنطقة. وقد شمل الحصار أيضا أصهاري وعائلتي وجيراني وأقاربي الذين صاروا عرضة للضغط والاستجواب والتهديد والاستفزاز والتنكيل إلى درجة أنهم أصبحوا في حالة رعب دائم وغير قادرين على النوم وصارت حياتهم لا تطاق. فكان أن قررت تجنيبهم المزيد من الضغط والتنكيل وسلمت نفسي".
وقد صرّح طارق حليّمي أن بقاءه بمنطقة الحرس بالمتلوي كان قصيرا واقتصر على بعض الاستجوابات الشفاهية حيث نقل إلى منطقة الشرطة بقفصة وبالتحديد إلى مكاتب الفرقة الثانية المختصة التي يقودها بلقاسم الرابحي ثم استجوب حتى الثالثة صباحا في علاقة بالحركة الاحتجاجية ونشطائها بلهجة يغلب عليها التهديد والوعيد حتى أنّ أحدهم صرخ في وجهه: "احْكِ، أنا القتل عندي حاجة عادية وما نخاف من حدّ. لا وكيل الجمهورية ولا غيرو يقدر يعملي حاجة".
وأضاف طارق حليّمي قائلا:
"في الغد أي يوم 1 جويلية بدأوا في استجوابي مع الساعة الثامنة صباحا ونقلوني بين المكاتب كلما اغتاظوا من إجاباتي. وقد تولى التحقيق معي مجموعة من أعوان أمن الدولة بتونس العاصمة وقد صفعني أحدهم على وجهي مما أفقدني توازني وتولى آخر ضربي على رجلي ويديّ ب"كاوتشو" حتى أدماها. كانوا خمسة في المكتب، وقد أشار أحدهم إلى عصى وهددني بإدخالها في مؤخرتي وباغتصاب أمي وزوجتي بحضوري إن لم أصرّح بأشياء أنا لا علم لي بها من بينها تمويل الحركة الاحتجاجية. وقد دام التعذيب ثلاثة أيام ذقت خلالها الويلات وأمضيت مكرها على محاضر عديدة كانت تقدم إلي في كل مرة دون أن أتمكن من الاطلاع عليها. وقد بقيت آثار التعذيب ظاهرة حتى ساعة مثولي أمام حاكم التحقيق الذي سجل بعضها بركبتي اليسرى ويديّ".
4 - شهادة مظفر العبيدي
مظفر بن البشير بن محمد العبيدي من مواليد الرديف في 11 ماي 1985. تلميذ بمعهد خاص. تحدث عن ظروف اعتقاله فقال:
"أوقفت صحبة والدي بشير العبيدي النقابي بالرديف يوم غرة جويلية وليس 2 جويلية 2008 كما جاء بمحاضر البوليس السياسي. كانت السيارة التي نقلتنا من الرديف إلى قفصة محاطة ب7 سيارات أمنية ودراجتين ناريتين. ومنذ وصولنا أمر بلقاسم الرابحي، رئيس الفرقة المختصة الثانية، بالشروع مباشرة في تعذيبنا قائلا: "هاتوهم نعدّو بيهم النهار ونسهرو بيهم". ثم أخذوني إلى مكتب آخر حيث تداول الجلاّدون على شتمي وتهديدي: "انخرجوك معاق من هنا"… ناولوني ورقة وقلم وأمروني بتسجيل "اعترافاتي" على أساس أن أتقدم إلى وكيل الجمهورية ك"متعاون" ف"يخفف عليّ". ولما رفضت تولى أربعة جلادين ضربي على كامل أنحاء جسمي وأنا مكبّل من يديّ إلى الخلف، ثم أسقطوني على ركبتيّ وواصلوا ضربي بشكل متواصل حوالي ربع ساعة، حتى صاح أحدهم: "هذا يرفض الكلام جيبوا باباه وعرّوه قدّامو..". كما لوّحوا بإحضار أمّي وأختي وأخي، ثم ربطوني بالكبّالات على أحد الكراسي وأخذ أحدهم "ماتراك" وضربني بها على رأسي ويداي وظهري ورجليّ قائلا: "مانيش مسيّبك حيّ اليوم"… ولما لاحظوا تدهور صحّتي وسيلان الدّم من بعض أنحاء جسمي كفّوا عن الضّرب وأنزلوني فلم أقدر لا على الجلوس ولا على النّوم. ومع الثامنة أو التاسعة صباحا من الغد أي يوم 2 جويلية أعادوا سيناريو الأمس باستعمال "ماتراك" أسود وعصيّ غليظة (سيقان طاولة) ثم أخذوني من جديد إلى مكتب بلقاسم الرباحي الذي كافحني بأبي وعندما نفيت تصريحاته أخرج والدي وبصق في وجهي ونزع حذاءه وضربني به عدّة مرات على وجهي صائحا: "يا كلب ماكش راجل" وأمر أربعة جلاّدين بتعذيبي. أخذوني إلى مكتب آخر وجرّدوني من ملابسي بما في ذلك الداخلية وعلّقوني في وضع "الدّجاجة المصلية" وأدخل أحدهم عصا (متراك أسود) في دبري. واستمر التعذيب طويلا ضربا على رجليّ وعلى بقية جسمي… بعد ذلك أنزلوني وأخذوني إلى قبو الإيقاف. وقد أجبروني على إمضاء محاضر بحث دون الاطّلاع عليها.
في المساء أرجعوني مرة أخرى للتعذيب. جرّدوني من كل ملابسي وهددوني بإحضار أبي عاريا إن لم أخبرهم بكل ما أعرفه عن احتجاجات الحوض المنجمي. وحين رفضت بدؤوا مرة أخرى في ضربي ضربا مبرحا ثم أرجعوني إلى قبو الإيقاف ثم حملوني مجددا للبحث حين اعتقلوا عادل الجيّار. ضربوني بكل وحشيّة، أسمعوني كلاما بذيئا وسبّا و شتما شمل كل أفراد عائلتي".
في ليلة الجمعة 4 جويلية جاءت فرقة جديدة أدخلني أعوانها أحد المكاتب ووضعوا الكبّالات في يدي وأخذوا في ضربي دون أن يطرحوا عليّ أسئلة محدّدة وكأنّهم لا يريدون غير الانتقام والتشفّي. بعد ذلك أجبروني على إمضاء محضر بحث. أحدهم كان طويل القامة ويطلقون عليه اسم "فهمي" والثاني ينادونه "عبد الكريم".
يوم الأحد 6 جويلية استجوبني أعوان الفرقة الّذين بحثوني في الأيام الأولى. طلبوا مني أن أحكي "كل ما أعرف". سألوني مثلا عمّا سمّوه "حادثة اقتحام مركز الحرس بالرديّف" فأنكرت علمي بها فادّعوا أنهم رأوني في ذلك الوقت أمام منزلي صحبة والدي وسامي عميدي وميلود ابن عمّتي وغسّان شقيقي، وهذا الكلام غير صحيح بالمرة والغاية منه هو تلفيق وتركيب رواية معيّنة وإجباري على الإمضاء عليها لتجريمي والزجّ بي في السجن لمدّة سنوات.
حين أحلت على حاكم التحقيق كانت آثار التعذيب بادية على ظهري وكتفي وركبتي اليمنى وذراعي الأيمن وكانت عيني اليمنى زرقاء وأذني اليمنى موجوعة وحمراء خاصة وأنّ التركيّز قد تمّ على هذه المناطق من جسدي وقد سجّل قاضي التحقيق بعضا من تلك الآثار دون أن يحيل الملف إلى النيابة لتقرر فتح بحث في الموضوع أو أن يأذن بعرضي على الفحص الطبي.
أوضاعي في السجن سيّئة بصفة عامة إقامة وأكلا ونظافة وصحّة… وعند النوم أشعر بالاختناق…"
5 - شهادة غانم شريطي غانم بن جمعة بن النوّي شريّطي من مواليد الرّديف في 22 أفريل 1983، طالب بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بقفصة. ذكر في شهادته ما يلي:
"تمّ إيقافي يوم 29 جوان وليس يوم 30 جوان كما نصّ على ذلك باحث البداية. نُقلت إلى مركز الحرس بالرديف حيث جرّدوني من كل ملابسي بما في ذلك الداخلية وتداولوا على ضربي وسؤالي عن بقية "الفارّين" ثم اقتادوني إلى منطقة الأمن بقفصة أين قضّيت 6 أيام من التعذيب والإذلال: الضرب والتعليق في وضع "الدجاجة المصلية" مع التهديد باغتصاب خطيبتي أمامي. كما أخذوا "ساطور" من فوق إحدى الطاولات وقالوا إنّهم سيقتلونني به. وصرخ آخر "خذوه إلى الكهف ولن يسمع به أحد بعد اليوم"… الاستجوابات كانت تتمّ في كل الأوقات ليلا ونهارا. وقد كان بلقاسم الرّابحي أو مجموعة من البوليس السياسي القادمين من تونس العاصمة يروون لي "وقائع" و"أحداث" مخالفة للواقع ويطلبون منّي إعادتها. كما كانوا يفرضون عليّ قول أشياء لا أساس لها من الصحة كادّعائهم أن قادة الحركة قد حرّضوني على فعل كذا وكذا… أمّا حصص التعذيب فتدوم في المعدّل حوالي ساعة وتنتهي عادة بفقدان الوعي حيث تستعمل الصفعات واللكمات والعصيّ والهراوات والقصبات البلاستيكية لتحطيمي حتى أنه في إحدى المرات التي كنت فيها معلّقا في وضع "الدجاجة المصلية" أدخلوا عصى سوداء من "الكاوتشو" المقوّى (ماتراك) في دبري وتمادوا في ضربي على بقية أنحاء جسمي مواصلين في نفس الوقت استجوابي… كانت أيام التعذيب أيام رعب حقيقية حتى أنني لم أتصور أنني سأخرج منها حيا وخاصة الثلاثة أيام الأولى التي حرموني طوالها من الأكل والنوم. وقد بقيت آثار التعذيب مدة طويلة ظاهرة في أنحاء جسمي. كما سبّبت لي تلك الفضاعات التهابا في أذني اليسرى وآلاما حادة في جانبي الأيسر حرمتني من النوم عدة أيام.
ظروف الاعتقال في السجن رديئة للغاية. أقيم في زنزانة ضيقة جدا صحبة أكثر من 80 سجينا وأنام على الأرض رفقة أكثر من ثلاثين سجينا. ومع ارتفاع درجات الحرارة وكثرة التدخين يصبح الجو داخل الغرفة لا يطاق إلى درجة أشعر معها بالاختناق".
6 - شهادة الطيب بن عثمان
الطيب بن عبد الرحمان الأسود بن عثمان من مواليد الرديف في 6 جوان 1970، معلم تطبيق، عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالرديف. تحدّث قائلا:
"سلمت نفسي إلى الفرقة المختصة بمنطقة الحرس بالمتلوي في التاسعة ليلا من مساء الخميس 3 جويلية 2008. وليس يوم 05 جويلية كما جاء في محاضر البحث. لقد أقدمت على تسليم نفسي رغبة مني في وضع حدّ للضغوط المتواصلة المسلطة على عائلتي وأقاربي وأجواري الذين كانوا عرضة لشتى المداهمات والمضايقات والتنكيل حتى أنه في إحدى تلك المداهمات تعرّض ابني "ناظم" إلى حروق على مستوى ظهره.
تم نقلي مباشرة إلى منطقة الشرطة بقفصة حيث تولّى أعوان البوليس السياسي تعريتي من كامل ثيابي وضربي على كامل جسمي. وقد تركز الضّرب على رأسي مما أضرّ بأذني. وقد أجبرت تحت التعذيب والتهديد على إمضاء حوالي 10 محاضر بحث دون أن أتمكّن من الاطّلاع عليها. وقد فزع طبيب السجن من آثار التعذيب البادية على جسمي ناهيك أنه طلب مني التوقيع على وثيقة تفيد بتعرّضي للاعتداء بمنطقة الأمن بقفصة وليس في السجن وذلك تحسّبا لأي تدهور لحالتي الصحية.
وقع وضعي تعسفا بالسجن المدني بسيدي بوزيد لمزيد التضييق عليّ وعلى عائلتي وعلى المحامين الذين منع بعضهم من زيارتي.
كما أنني أؤكّد أنه لحظة اعتقالي سرق أعوان الأمن من منزلي أكثر من 700 دينار، وحجزوا أرشيفا نقابيا ووثائق تخص منظمة العفو الدولية إضافة إلى قصص للأطفال ومطبوعات تخصّ دراستي بالمعهد الأعلى للتربية والتّكوين المستمرّ. وقد رفض البوليس السياسي التّنصيص على هذه المحجوزات بالمحضر".
II - تصريحات الموقوفين في مسيرة 27 جويلية بالرديف حول التعذيب أمام المحكمة (جلسة 14 أوت 2008)
شهادة زكية ضيفاوي
زكية بنت صالح بن علي الضّيفاوي مولودة بالقصور بالشراردة في 12 فيفري 1966، أستاذة تعليم ثانوي وعضو الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب. تحدّثت عن ملابسات اعتقالها واستنطاقها للمحامين وأمام المحكمة فقالت:
"جئت صباح الأحد 27 جويلية إلى مدينة الرديف لإنجاز عمل صحفي. لاحظت بالمصادفة تجمّعا سلميّا أمام معتمدية المكان وسمعت شعارات تنادي بإطلاق سراح مساجين الحركة الاحتجاجية واصطحبت السيدة جمعة الجلابي زوجة عدنان الحاجي إلى منزل والديها. وبعد فترة قصيرة اقتحم حوالي 6 أعوان من البوليس السياسي المنزل واقتادوني إلى مركز الحرس بالرديف حيث أمطروني بوابل من الكلام النابي. ودون أي استجواب أو استنطاق كان كل الأعوان يأخذون نصيبهم في شتمي وسبي. بعد ذلك أخذوني إلى منطقة الشرطة بقفصة أين بادرني محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة (أسمر، أسود العينين، له شوارب) بالضرب والتعنيف. ولمزيد ترهيبي وتخويفي تولىّ ستّة أعوان تمريري على كلّ المكاتب الموجودة هناك لإسماعي أقذع الألفاظ وأندى العبارات. وطيلة ال48 ساعة التي قضيتها في الإيقاف بمنطقة الشرطة كان محمد اليوسفي ملازما لي حيث كان يسمعني باستمرار أقسى عبارات التخويف والإذلال والتهديد بالاغتصاب كان كثيرا ما يلوّح بنزع سروالي والاعتداء عليّ. كما لمسني من فخذي بمحضر العديد من الأعوان (حوالي 12 عونا). وقد أمضيت على محضر مفبرك تحت التهديد بالاعتداء الجنسي. كما تعرّض للضّرب أحد الموقوفين معي لإجباره على الشّهادة ضدّي".
وقد كرّرت زكية الضّيفاوي هذه الاتّهامات بالتحرّش الجنسي والتّهديد بالاغتصاب في جلسة أولى انعقدت يوم 1 أوت 2008 إلاّ أنّ القاضي لم يدوّن تلك الاتّهامات وقطع الجلسة وأجّلها إلى يوم 14 أوت 2008 مع العلم أن محمد اليوسفي كان حضر الجلسة في تحدّ للمتهمة وعائلتها ومحامييها ولكافة الموقوفين الذين أشرف على تعذيبهم. وقد حكم على زكية الضيفاوي ابتدائيا ب8 أشهر سجنا أي بزيادة شهرين مقارنة ببقية المتهمين معها عقابا لها على تشهيرها برئيس فرقة الإرشاد بقفصة المدعو محمد اليوسفي.
شهادة فوزي الألماس
فوزي بن الطاهر بن محمد الألماس من مواليد الرديف في 8 جوان 1969، موظف بشركة فسفاط قفصة ومنخرط بالاتحاد العام التونسي للشغل، صرّح أمام المحكمة في جلسة 14 أوت 2008 أنه كان يوم 27 جويلية 2008 أي يوم الواقعة موضوع القضية، موجودا بتوزر. وحوالي الساعة الثانية والنصف بعد الزوال خاطبه رئيس مركز الحرس الوطني بالرديف طالبا منه الحضور لديه. وبمجرد وصوله نزع الأعوان نظّاراته الطبّية وملابسه وركّعوه (أي أجلسوه على ركبتيه). وتليت عليه جملة أفعال نسبت إليه وطلب منه المصادقة عليها. ثم ألبسوه ثيابه وكبّلوا يديه إلى الخلف ونقلوه في سيارة إلى قفصة. عندما وصل وجّه إليه مسؤول أمني وهو رئيس الفرقة العدلية لكمة على فكّيه أدّت إلى فقدانه أحد أضراسه. و في الطابق الأول من مقر المنطقة أجبروه على نزع ثيابه وانهالوا عليه ضربا. كانوا يضربونه ويكتبون ما يشاؤون. أخذوا منه اسمه والمهنة فقط. أما الباقي فحرّروه بمفردهم. ولمّا طلب الاطّلاع على المحضر وجه إليه أحد الأعوان لكمة على عينه. وذكر أن الأعوان وعدوه بإطلاق سراحه في حالة الإمضاء على المحضر كما هو. وأكد أنه لم يطلع على محضر البحث إلاّ في السجن عن طريق المحامين. في السجن أيضا عالجه طبيبان من آثار اللكمة على فكّه. وأكّد أنّه لولا العلاج الذي تلقّاه لما استطاع حضور الجلسة بسبب الآلام".
وقد استغرب فوزي التهم الموجهة إليه وخصوصا ما ورد في محاضر الأبحاث من شعارات بذيئة زعم البوليس أن المتظاهرين الذين كان أغلبهم من النساء، ردّدوها. وتساءل: "هل يعقل أن يردّد، شخص مثلي، على فرض أنني شاركت في المسيرة، مثل ذلك الكلام". وأكد أنه لا يعرف زكية الضّيفاوي وأنه لم يلتق بها إطلاقا. وعلى هذا الأساس اعتبر أن التهم الموجهة إليه باطلة.
شهادة محمد عميدي
محمد بن صالح بن مبارك عميّدي من مواليد الرديّف في 28 جويلية 1964، معلم تطبيق.
ذكر أنه كان في تونس العاصمة التي عاد منها إلى الرديّف يوم 25 جويلية 2008. وفي يوم 27 جويلية أي يوم المسيرة كان المنزل بصدد الإعداد لزواج شقيقته وحوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال داهم أعوان البوليس المنزل وأخذوه إلى المركز حيث انهالوا عليه ضربا وركلا. ثم نقل إلى منطقة الشرطة بقفصة حيث تعرض للصفع والركل والضرب على كامل الجسم مع الشتم والإهانة. جاءه الأعوان وهو بغرفة الإيقاف وتثبتوا من هويته التي أضيفت إلى محضر بحث كان جاهزا مسبقا علما وأن المعني ذكر أنه لم يسأل عن أي شيء ولم يقع استنطاقه. ولما رفض الإمضاء على المحضر ضربه الأعوان على رأسه وهددوه. فاضطر إلى التوقيع على أشياء لم يطلع عليها.
وقد تساءل المعني عن سبب إيقافه ومغزاه، مؤكدا عدم مشاركته في المسيرة وعدم معرفته بزكية الضيفاوي.
شهادة عبد العزيز بن سلطان
عبد العزيز بن عمار بن عمر بن سلطان من مواليد الرديّف في 6 أوت 1973، أستاذ تعليم ثانوي.
ذكر أمام المحكمة أنه حضر بعض الوقت قرب مكان التجمع. وكان ذلك من باب الفضول. ثم غادر المكان لما انطلقت المسيرة. وعاد إلى منزله. ثم توجه إلى منزل صديق له للاحتفال بمراسم زواجه. وهناك علم أن أعوان البوليس بصدد البحث عنه ولما لم يجدوه بالمنزل أوقفوا شقيقه بدلا عنه، وأشاروا إلى والده بأنه لن يطلق سراحه إلا إذا سلم عبد العزيز نفسه. وهو ما فعله. وقد سئل في الرديّف عن المسيرة ثم نقل إلى منطقة الأمن بقفصة حيث تعرض للضرب على كافة أجزاء جسده. كما تعرّض للإهانة والسب والشتم والسخرية والاستهزاء. ولما كان بغرفة الإيقاف جاءه أعوان البوليس السياسي بمحضر بحث جاهز وأجبروه بالعنف على التوقيع عليه. وقد نفى عبد العزيز بن سلطان التهم الموجهة إليه وتساءل عن المغزى من إسناد مثل ذلك الكلام البذيء الوارد في المحاضر إليه وإلى الموقوفين معه مشددا على أن مربيا مثله لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصدر عنه ذلك الكلام في شكل شعارات تردد أمام العموم.
تصريحات عبد السلام الذّوّادي
عبد السلام بن مسعود بن ابراهيم الذّوّادي من مواليد الرديف في 2ديسمبر 1972، أستاذ تعليم ثانوي.
ذكر أنه توجه يوم الواقعة أي يوم المسيرة على الساعة العاشرة والنصف صباحا إلى مركز التكوين الذي يعمل به، فسمع هتافات. خرج لاستطلاع الأمر. شاهد مظاهرة نسائية ثم عاد إلى العمل. حوالي الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر خاطبه رئيس المركز عن طريق الهاتف، فذهب إليه. ركّعه أعوان ليسوا من الجهة على ركبتيه وانهالوا عليه ضربا وركلا وأسمعوه وابلا من الكلام البذيء والإهانات. ثم نقل إلى منطقة الشرطة بقفصة حيث تم تعذيبه. جلد على ساقيه، وضرب على ركبته وكافة أنحاء جسمه. وأكد عبد السلام الذوادي أن البوليس السياسي فتح الأجهزة الإعلامية لمعرفة محتوياتها واتهم ب"شراء مسروق". كما ذكر أن الأعوان رفضوا تمكينه من قراءة محضر البحث وأجبروه بالقوة على التوقيع عليه.
تصريحات نزار شبيل
نزار بن عبد الله بن أحمد شبيل من مواليد الرديف في 29 أوت 1977، عامل يومي.
ذكر أنه شاهد مسيرة نسائية من بعيد ولم يشارك فيها. وكل ما فعله هو أن متظاهرة طلبت منه قارورة ماء فأمدها بها. وبعد ذلك أعلمه والده أن البوليس يفتش عنه فتحول بنفسه إلى مركز الشرطة بالرديف. وهناك اتهموه بالمشاركة في المسيرة ونقلوه إلى منطقة الأمن بقفصة حيث تم تعذيبه. وقد ذكر نزار أن جلاديه ضربوه ضربا مبرحا على كامل جسمه حتى أنه فقد الوعي. كما أنهم عمدوا إلى إطفاء السجائر في مؤخرة رأسه وتحديدا في مكان به حرق قديم تعرض له الضحية في صغره (حرق بالزيت) وكانوا يقولون "هانا لقينا Cendrier (مطفأة سجائر) جديدة". أكد الضحية للمحكمة أن جلاديه أجبروه بالضرب على الرأس على الإمضاء على محضر البحث الذي لم يسمح له بقراءته مؤكدا أنه لا يعرف أحدا من بقية الموقوفين.
تصريحات كمال بن عثمان
صرّح بأنه شاهد بالفعل التجمع النسائي وسمع شعارات تطالب بالإفراج عن معتقلي الرديف. وبعد ذلك عاد إلى منزله. وعند الظهيرة داهم عدد من أعوان البوليس المنزل وخلعوا الباب الخارجي وأعلموا العائلة بأنهم يبحثون عنه فخرج إليهم وأخذوه إلى مركز الشرطة بالرديف. وحال وصوله صفعه أحد الأعوان ثم أدخل إلى أحد المكاتب الذي كان يوجد به عدد من الأعوان تولوا ضربه وسألوه عن هويته. وبعد ذلك نقل إلى منطقة الشرطة بقفصة، حيث تعرض للضرب والسب والشتم. وذكر الضحية أنه كان يعتقد أن العون الجالس أمام جهاز الكمبيوتر كان يكتب ما يصرح به هو، لكن اتضح أنه كان يكتب كلاما آخر لم يصرح به إطلاقا. وفي النهاية أجبر على الإمضاء على تصريحات لم يقم بها.
تونس في 24 سبتمبر 2008
عن الجمعية
الكاتب العام
منذر الشارني
للاتصال بالجمعية:
(216) 97524669- (00)
(216) 98351584 -(00)
(216) 21029582 -(00)
(216) 98339960 -(00)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.