عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    التونسيون يستهلكون 30 ألف طن من هذا المنتوج شهريا..    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كأس تونس لكرة اليد: برنامج مقابلات المؤجلة للدور ربع النهائي    الاعتداء على سائق 'تاكسي' وبتر أصابعه: معطيات جديدة تفنّد رواية 'البراكاج'    4 جرحى في اصطدام بين سيارتين بهذه المنطقة..    إطلاق النار على سكّان منزل في زرمدين: القبض على المتّهم الثاني    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. فيصل القاسم في اعترافات مثيرة : لا يوجد جهاز مخابرات لم اتهم بالعمالة
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 10 - 2008

نعم أتعمد استفزاز ضيوفي لإخرج كل ما لديهم بالإضافة لطبيعتي الجدلية
كان حلمي أن اعمل في إذاعة مدرسة بلدنا ولم اترك حرفة إلا عملت بها
كنت متجها للعمل في الفايننشال تايمز لكن اتصالا هاتفيا حولني للجزيرة
فكرة الاتجاه المعاكس لا تموت لكونها تقوم على الصراع الفكري الذي هو سنة الحياة
عمى أرسل لوالدي برقية يسخر منه يوم مولدي ثم تحققت نبوءته الساخرة
منذ بداياته مع الجزيرة وهو لامع ومتميز مهموم بحرية الأوطان وحقوق المواطنين، فبه ومن خلاله تغيرت نظرة الكثيرين منا إلى الحياة السياسية وتبدلت ثقافات وأبصرت عيون لم تكن تبصر في السابق حقيقة ما يدور بيننا ومن حولنا فهو صريح جرىء متهم برىء تأثر كثيرا بنشأته المتواضعة لكنه حولها إلى نجاح باهر وشهرة ذائعة وما بين الشهرة والبداية هناك فصول من الزمن لم يعرف الكثيرون ملامحها القاسية ولماذا لم يشأ أن يخفيها ككل المشاهير لماذا يصر على أن يبرزها ولا يخجل منها ربما ليكون قدوة للآخرين وربما لكونها الحقيقة التي يتمسك بها دائما، لم يخل مشواره المهني من الاتهامات والافتراءات التي اتهمته بالخيانة والعمالة والمتاجرة بقضايا الوطن وحول مشوار حياته ونشأته وتفاصيل البراءة والاتهام التقينا الدكتور فيصل القاسم مذيع قناة الجزيرة واحد أهم مشاهير الإعلام في العالم العربي.
* دكتور فيصل القاسم إذا كنت اليوم الاعلامى الأكثر شهرة في العالم العربي فماذا عن بداياتك الأولى في هذا المجال؟
-كنت مهووساً بالإعلام منذ الصغر، ربما لأنني وجدت فيه المنقذ لي من حياة الفقر والتهميش الاجتماعي التي عشتها في صغري. فقد كنت أحلم دائماً بأن انتقم من واقعي الاجتماعي القاسي، وخاصة من سكان قريتي الذين كانوا يسخرون مني ومن عائلتي بسبب وضعنا البائس. لقد كنت أشعر وقتها بالمرارة وضرورة أن يهتم سكان القرية بي بأي طريقة، فتعلمت العزف على الناي، "الشبابة" الشعبية كي أشارك في أعراس القرية لعل الناس يلتفتون إلي ويعيرونني بعض الاهتمام. وفعلاً اعتبر مشاركتي النشطة في الأعراس بداية طموحاتي الإعلامية. ومن شدة هوسي بالإعلام كنت إذا وجدت اسم "فيصل" في صحيفة أو مجلة أضيف إليه "القاسم" تزويراً. ولطالما راسلت الإذاعات كي أسمع اسمي يذكر على أثيرها. ناهيك عن أنني كنت أحلم دائماً بزيارة إذاعة دمشق. وأتذكر أن أول شيء أردت أن أراه عند أول زيارة لي إلى دمشق هو مبنى الإذاعة كي أتعرف على ذلك المكان الذي تصدر منه أصوات المذيعين والمذيعات. وكنت أطلع كل ليلة إلى سطح المنزل الذي أقمت فيه كي أرى ذلك الضوء الأحمر على قمة جبل قاسيون في دمشق، وهو عامود الإرسال الإذاعي. ولا أنسى هوسي بجهاز التلفزيون عندما شاهدته لأول مرة، فكنت أجلس تحت نافذة ذلك البيت الذي كان صاحبه يمتلك جهاز تلفزيون يشغله على مولده، خاصة وأن الكهرباء لم تأت إلى قريتنا حتى عام 1979. وأتذكر أن صاحب البيت لمحني ذات مرة من النافذة فخرج مسرعاً كي يلقي القبض علي ظناً منه أنني كنت لصاً. وعندما صارحته بالحقيقة اصطحبني معه إلى داخل المنزل كي أشاهد التلفزيون مباشرة. لكن ذلك الهوس بالإعلام كان صعب التحقق بسبب الظروف الاجتماعية القاسية، فكيف لي أن ألتحق بذلك المجال وأنا لم أكن قادراً على تأمين أجرة السيارة من قريتي إلى المدينة للذهاب إلى المدرسة. لكن وبعد النجاح في الثانوية العامة بشق الأنفس التحقت بقسم الأدب الانجليزي بجامعة دمشق، وتمكنت رغم الظروف المعيشية القاهرة من أن أكون الأول على دفعتي، فأوفدتني الجامعة إلى بريطانيا لنيل درجة الدكتوراه، وهناك شاءت الأقدار أن تحقق حلمي بدخول الإذاعة البريطانية بالصدفة بعد أن التقيت ذات مرة برئيس الإذاعة أثناء حفلة عيد رأس السنة التي دعاني إليها أحد الأصدقاء، وأعجب المدير الانجليزي بلغتي الانجليزية وثقافتي العامة وقال لصديقي: لماذا لا تقنع فيصل بالانضمام إلينا، علماً أنني كنت أحلم بالعمل في إذاعة مدرسة قريتنا، فما بالك بهيئة الإذاعة البريطانية. وأمضيت في الإذاعة حوالي سبع سنوات، ومن ثم التحقت بتلفزيون البي بي سي العربي الذي دام بثه لسنتين فقط. وأتذكر أنه عندما استدعوني للعمل في التلفزيون كنت أعتقد أنها كذبة ابريل، كوني غير واثق من أنني مناسب للعمل في التلفزيون . لكن هي الأقدار.
* وهل كنت تتوقع هذه الشهرة وأنت تخطو خطواتك الأولى في الحقل الاعلامى؟
- يا سيدي كنت، كما أسلفت، أحلم بأن أعمل في إذاعة المدرسة، أو أن أقدم النشرة الجوية في أي تلفزيون. فهذا كان كافياً بالنسبة لشخص مثلي. لكن الله عز وجل أكرم من كل طموحاتنا.
* ما المحطات المهنية التي عملت بها في حياتك داخل المجال الاعلامى وخارجه؟
-طبعاً قبل العمل الإعلامي مارست معظم المهن كالنجارة والحدادة وتنظيف الشوارع والكهرباء كي أحصل على لقمة العيش. أما حياتي الأكاديمية فبدأتها معيداً في جامعة دمشق قبل إيفادي لبريطانيا. وخلال عملي في هيئة الإذاعة البريطانية تنقلت بين البرامج الموسيقية والثقافية والسياسية. وعملت معداً لبرنامج "أقوال الصحف" في الأم بي سي. وبعد إغلاق تلفزيون البي بي سي في لندن، كنت على وشك الالتحاق بتلفزيون الفايننشال تايمز في دبي، لكن اتصالاً من الأخ والصديق العزيز أبو جاسم محمد جاسم العلي مدير قناة الجزيرة السابق غير اتجاهي وجاء بي إلى الدوحة لأنضم إلى قناة الجزيرة التي أعطتني أكثر مما تمنيت بعشرات المرات من الشهرة والنجومية.
* من هي الشخصية التي استضفتها وتركت أثرا بداخلك؟
-ليست هناك شخصية واحدة بل شخصيات عدة استمتعت باستضافتها وتعلمت منها الكثير.
* ومن هي الشخصية التي تتمنى أن تستضيفها ولم يتحقق ذلك حتى الآن؟
-لم يعد عندي مثل هذا الحلم.
* هل ترى أن هناك في الفضائيات العربية من البرامج ما هو أفضل من الاتجاه المعاكس؟
-أنا لست الشخص المناسب لتقييم برنامج الاتجاه المعاكس، فشهادتي به ستكون مجروحة. والحكم في هذه الأمور يبقى للمشاهدين الكرام. لكن أنا أسألك: ما هو البرنامج الحواري الذي ظهر بعد "الاتجاه المعاكس" وتفوق عليه، أو أحدث تغييراً كبيراً في الإعلام العربي؟ أكون لك من الشاكرين لو ذكرت لي اسم أي برنامج.
* من رشحك للجزيرة وكيف التحقت للعمل بها؟ هل تشعر بداخلك انك حقا أفضل مذيع عربي وما هو شعورك تجاه هذا الاختيار؟
-بعد إغلاق تلفزيون البي بي سي عام 1996 انتقل بعض العاملين فيه إلى الجزيرة التي كانت تحضر للانطلاق. وبصراحة لم يطلب مني أحد أن أنضم للجزيرة، ربما لأنني لم أرق لمن كان مسؤولا وقتها، فتم تجاهلي. لكن عندما تسلم الأستاذ محمد جاسم العلي إدارة الجزيرة تناهى إلى مسامعي أن الأساتذة المسؤولين عن التعيينات وقتها سألوا عني. واستفسر أحدهم عن ذلك المذيع المشاغب، وبعدها جرت اتصالات مع الإدارة الجديدة وعدلت عن الذهاب إلى تلفزيون الفيننشال تايمز في دبي والتحقت بالجزيرة التي وبصراحة لم أكن أعلق عليها الكثير من الآمال وقتها، ظناً مني أنها ستكون قناة عربية أخرى. أما بخصوص شعوري إزاء اختياري كأفضل مذيع عربي على مدى أكثر من عشرة أعوام، فهو ليس رأيي، بل نتيجة استفتاءات الصحف والمجلات العربية. طبعاً أشعر بالسعادة، لكني لا أريد أن أعلق على صواب هذا الاختيار أو عدم صوابه، فالأمر متروك مرة أخرى للمشاهدين. وكما يقول سيدنا علي بن أبي طالب: "أكبر الفخر أن لا تفخر".
* كيف تلقيت نتيجة الاستطلاع الذي أجراه مركز عالم المعرفة بتكليف من الجزيرة قبل فترة، وأظهر أن برنامج "الاتجاه المعاكس" لوحده يحظى تقريباً بنفس نسبة المشاهدة التي تحظى بها كل أخبار الجزيرة وبرامجها الإخبارية مجتمعة؟
-لاشك أنني شعرت بسعادة بالغة، خاصة وأن الاستطلاع قام به نخبة من أساتذة الإعلام والعلوم السياسية من تسع عشرة جامعة عربية من المحيط إلى الخليج. وحسب الاستطلاع حصدت الأخبار وبرامجها الإخبارية مجتمعة على 60.3 بينما كانت نسبة مشاهدي برنامج "الاتجاه المعاكس" وحده 55.4،. وكان عدد الأصوات التي حصلت عليها الأخبار والبرامج الإخبارية 348 صوتاً، وعدد الأصوات لبرنامج "الاتجاه المعاكس" منفردا 320 صوتاً. ويضم مركز استطلاعات الرأي الذي أشرف على الدراسة لجنة علمية مكونة من نخبة من أساتذة الجامعات العربية.
* اخترت من قبل مجلة أربيان بزنس واحدا من أهم مائة شخصية عربية في العالم وكذلك اختارتك مجلة شالانج الفرنسية المرموقة واحدا من أكثر عشرين شخصية تأثيرا على مستوى العالم فهل القي ذلك عليك مسؤولية اضافية أم أصابك بالغرور؟
- من نعم الله علي أكره الغرور والمغرورين كثيراً. وأنا في داخلي إنسان عبثي أسخر من أولئك الذين يبالغون في أخذ الحياة على محمل الجد، ويتبخترون في الأرض ويقولون: يا أرض اشتدي ما حدا قدي". طبعا لاشك أني سعيد باستفتاء مجلة شالانج الفرنسية، لكن وأيه يعني؟
* أيضا وصفتك مجله نورث اتلانتك انك أكثر الإعلاميين العرب إثارة للاحترام والكره في الوقت ذاته فبما تفسر ذلك؟
- أعتقد أن المجلة قصدت بذلك أنني أثير في الناس مشاعر متعاكسة، فمنهم، حسب المجلة، من يحترمني كثيراً ومنهم من يكرهني بشدة. وأنا سعيد بهذا الوضع. فليس المهم أن يحبك جميع الناس، المهم أنهم يهتمون بك وبما تقدمه.
* وهل ترى بداخلك انك الأجدر والأحق بلقب أفضل مذيع عربي وهل يحزنك منافسة آخرين لك في هذا اللقب؟
- أرجو أن توجه هذا السؤال للمشاهدين وليس لي. أما المنافسة فهي التي تدفعك إلى الأمام وليس إلى الحزن.
* ما الفرق في العمل والأداء والانتشار بين عملك في هيئة الاذاعة البريطانية البى بى سى والجزيرة؟
-لاشك أنني ترعرعت في البي بي سي وتعلمت منها الكثير. لكن بصراحة لم أحقق طموحاتي الإعلامية هناك، ربما لأنني لم أحصل على الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك، وربما لأن فسحة الحرية كانت أقل بكثير مما توفر لنا في الجزيرة.
* ماذا يمثل لك الاتجاه المعاكس بين الايجابيات والمتاعب وبما تفسر نجاحه واستمراره كل هذه السنوات؟
- يكفي أن برنامج "الاتجاه المعاكس" وغيره من البرامج الحوارية خلقت وضعاً جديداً في العالم العربي، ألا وهو إخضاع كل شيء للمناقشة والحوار. فكما هو معلوم فإن النقاش كان محرماً في بلادنا في كل شيء تقريباً، فلم يكن بإمكانك التحدث حتى عن أسعار الفجل والطماطم بحجة أن ذلك يهدد الوحدة الوطنية والأمن القومي!! أما الآن وبفضل هذا البرنامج وغيره حتى المحرمات خضعت للمناقشة بالرأي والرأي الآخر. أما متاعب البرنامج فهي أيضاً كثيرة، فالكثير من الدول وضعني على القائمة السوداء، لا بل إن بلداً عربياً منع ذات مرة دخول صحيفة إلى أراضيه لمجرد أن اسمي مذكور فيها. وهكذا دواليك. أما استمرار البرنامج على مدى اثني عشر عاماً تقريباً فهو لأنه مازال قريباً من هموم الناس السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ناهيك عن أن طبيعة البرنامج لا تموت، فهو يقوم على الصراع الفكري. ونحن نعلم أن الصراع هو سنة الحياة والتاريخ. وعندما يتوقف الصراع تتوقف الحياة. والسلام الدائم شعار يصلح فقط لأبواب المقابر. وبهذا المعنى فإن صيغة البرنامج هي تجسيد لحركة الحياة والتاريخ. ناهيك عن أن كل القنوات الإخبارية الجديدة تقدم برامج على شاكلة "الاتجاه المعاكس". وقد قرأت قبل فترة أن أحد أصحاب القنوات الجديدة قال للمشرفين على المحطة إن أول برنامج يريد أن يراه على شاشته هو برنامج مشابه للاتجاه المعاكس. ولو نظرت إلى كل البرامج الحوارية العربية الآن لرأيت أن الكثير منهم يحاول تقليد صيغة "الاتجاه المعاكس" بطريقة أو بأخرى. وقد علق أحدهم ساخراً: ناقص يعملوا النشرة الجوية على طريقة فيصل القاسم.
* وهل جلب لك الاتجاه المعاكس عداءات شخصية مع بعض ضيوفك ممن لا يروق لهم اسلوب الطرح والحوار؟
- معظم ضيوف البرنامج أصبحوا أصدقاء لي. أما الذين عادوني فعددهم قليل جداً. والسبب أنني أحرجتهم على الهواء ليس لأنني أهوى الإحراج بل لأن بعض الضيوف جاء إلى البرنامج ومن ثم غير رأيه على الهواء مما وضعني في موقف حرج مع الجهة التي كان من المفترض من الضيف أن يمثلها. فماذا تقول للإسلاميين مثلاً عندما يأتي شخص للتحدث باسمهم، ومن ثم يراوغ أو لا يدافع بالشكل المطلوب؟ البعض قد يعتقد أنني جئت بذلك الضيف المراوغ لأنني أريد أن أظهر الإسلاميين في صورة ضعيفة. وهذا ليس صحيحاً أبداً. فقبل فترة مثلاً أتيت بضيف للدفاع عن المساجين العرب مقابل لواء في الشرطة، لكن الضيف كان ضعيفاً بشكل مخز، مما جعلني أسخر منه على الهواء، وكنت أقصد من السخرية تحريضه على الكلام والانطلاق، لكنه للأسف ازداد تلبكاً وضعفاً. ثم خرج وراح يقول إنني متواطئ مع ضابط الشرطة ضد المساجين العرب. شيء مضحك فعلاً. تصور أن يكون فيصل القاسم الممنوع من دخول الكثير من الدول العربية متواطئاً مع الشرطة.
* هل تعمدك استفزاز ضيوفك أمر تقتضيه طبيعة المهنة أم انه من خواص فيصل القاسم؟
- طبعاً أتعمد استفزاز الضيوف، لكن ليس لمجرد الاستفزاز، بل لأن الاستفزاز هو الطريقة الأمثل لاستخلاص الأجوبة الحقيقية والسريعة من الضيوف. ومن دون الاستفزاز قد يراوغ الضيف ويتملص لساعات وساعات دون أن تأخذ منه حقاً أو باطلاً. ناهيك عن أن طبيعة البرنامج تقتضي ذلك. زد على ذلك أن طبيعتي جدلية استفزازية.
* البعض يصفك بأنك تتعمد تضخيم الأحداث تجاه بعض الدول فيما تتجنب عددا من الأحداث الهامة تجاه البعض الآخر بما فيها سوريا موطنك الاصلى؟
- للذين يقولون إنني أهادن وطني سوريا في برنامجي، أود منهم فقط أن يعودوا إلى الحلقات التي عالجت الشأن السوري قبل أن يطلقوا تلك الاتهامات على عواهنها. لقد كنت قاسياً مع الضيوف السوريين أكثر بكثير مما كنت مع بقية الضيوف، بل إن البعض يتهمني في سوريا بأنني أبالغ في الهجوم على سوريا لإعطاء الانطباع بأنني محايد. لكن للأمانة فإن الحكومة السورية كانت أقل الحكومات تذمراً وشكوى من البرنامج، بينما كانت بعض الدول العربية تسحب سفراءها أو تغلق مكاتب الجزيرة بعد حلقة من برنامج الاتجاه المعاكس.
* يقال إن بعض الدول تضع على فيصل القاسم علامات استفهام كثيرة.. لماذا؟
- الكل يضع علامات استفهام. ولا أعتقد أن هناك إعلامياً تعرض للتجريح والتشكيك مثلي، فمرة كانوا يتهمونني بأنني عميل لصدام حسين، وبعدها لأسامة بن لادن، ومرة للصهاينة والموساد، ومرة أنا ماسوني، ومرة أنا عميل أمريكي. ومرة أنا أصولي. ولم يبق جهاز أمن في العالم إلا واتهموني بالعمل لصالحه
* يدعى البعض من الناس انك كنت على علاقة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين فما طبيعة تلك العلاقة إن وجدت؟
- قابلت الرئيس الراحل صدام حسين مرة واحدة في حياتي أثناء تقديمي حلقة من برنامج الاتجاه المعاكس في بغداد. وهذه كل القصة. لكني كنت دائماً متعاطفاً مع مأساة الشعب العراقي أثناء الحصار وبعد الغزو.
* البعض الآخر من المنصفين يقول إن الجزيرة هي التي رفعت سقف الحرية الاعلاميه في العالم العربي وطورت فن الخطاب الاعلامى وفيصل القاسم من أهم رواد هذا التحديث والتغيير فبما ترد على ذلك؟
- لا أحد يستطيع أن ينكر أنه لولا سقف الحرية العالي الذي قدمته لنا قناة الجزيرة لما استطعنا أن نحلق عالياً. لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الجزيرة لم تقدم الحرية لشخص دون آخر، بل قدمتها للجميع دون استثناء، فمنهم من استغل عشرة بالمائة من الحرية والبعض عشرين، والبعض الآخر خمسين. أما أنا فقد استغللتها أحياناً أكثر من مائة بالمائة، مما استدعى إنزال رأسي تحت السقف. لا فائدة من الحرية إذا لم تكن حراً في داخلك. ولا قيمة للحرية أبداً من دون إعلاميين أحرار.
* مقالك الذي كتبته بعنوان متخلفون حضاريا مهزومون رياضيا أليس فيه شيء من المبالغة؟
- لا أعتقد أن هناك مبالغة، فقد أردت أن أقول باختصار إنه لا ريادة رياضية من دون ريادة حضارية شاملة، فلا يمكن أن تتفوق رياضياً وتكون متأخراً صناعياً وتكنولوجياً وثقافياً واجتماعياً. انظر إلى الصين فكل المجالات تتقدم يداً بيد.
* هل ترى أن الجزيرة ظهرت في الوقت المناسب وان الشارع العربي كان مؤهلا لهذا النوع من الخطاب الاعلامى أم أن ظهورها تأخر كثيرا؟
- من الأفضل أن تأتي متأخراً على أن لا تأتي أبداً.
* ماذا أضفت للجزيرة وماذا أضافت لك؟
- طبعاً لا أستطيع أن أنكر أبداً أن كل نجوميتي وشهرتي وأحلامي الإعلامية تحققت في الجزيرة وبفضلها. ولا شك أن أهم سنوات حياتي قضيتها في قطر. أما ماذا أضفت أنا للجزيرة فأرجو أن تحيل هذا السؤال للمشاهدين.
* ما رأيك في القنوات الاخبارية المتخصصة التي تلت الجزيرة في الظهور وهل كان وجودها لحاجة المجتمع الحقيقية لهذه النوعية من الفضائيات أم أنها ظهرت لتنافس الجزيرة وترد عليها؟
- للأسف الشديد ليس هناك حتى الآن منافس حقيقي للجزيرة. فمعظم القنوات التي تلت الجزيرة كانت عبارة عن مشاريع سياسية ودعائية مفضوحة. وأقول هذا الكلام ليس تعجرفاً بل حزناً، فما أحوجنا للمنافسين الحقيقيين، أولاً لأن ذلك يدفعنا إلى تقديم المزيد والأفضل، وثانياً لأنه يفسح أمام الإعلاميين حرية الحركة، ولا يسجنهم في مكان جيد واحد.
* هل هناك مؤلفات جديدة لفيصل القاسم في طريقها للنشر؟
- أعمل بما توافر لدي من وقت قليل لجمع مقالاتي التي أنشرها أسبوعياً في الشرق في سلسلة كتب تحت عناوين مختلفة، إعلامية وديمقراطية ودينية وثقافية.
* يقال إن عمك يوم مولدك أرسل برقية إلى والدك يخبره أن زوجته وضعت غلاما والق بيانا في مجلس الشعب وكان ذلك من قبيل السخرية ثم تحققت تلك النبوءة فما حقيقة ذلك؟
- هذا السؤال يثير بي شجوناً كثيرة. فعلاً فقد كان لدي عم ساخر اسمه أبو مزيد صايل القاسم. وكان دائماً يسخر من والدي العامل الفقير ويعيره بفقره وقلة حيلته ووضعه الاجتماعي البائس. وذات يوم أرسل عمي الساخر لوالدي رسالة عندما كان يعمل في لبنان يخبره فيها بالحرف الواحد بأن زوجته، أي أمي "أنجبت ولداً، أسميناه "فيصل". وعلى سبيل السخرية والتهكم أضاف عمي في رسالته لوالدي قائلاً: اسمع هذه النكتة:ابنك فيصل تتردد أخباره في الراديو، وهو يخطب ويزبد ويرغي ويهدد ويزعج الدول. أضحك يا أخي ولا تزعل"، على اعتبار أن ذلك من المستحيلات طبعاً بالنسبة لعمي. وأكثر ما يحز في قلبي أن عمي الساخر أبو مزيد انتقل إلى رحمة الله قبل أن أبدأ العمل في الجزيرة. وليته عاش! رحمة الله عليه.
الشرق
الشرق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.