تصدرت مسألة نشر التنصير في إفريقيا عموما، والسودان بشكل خاص، مناقشات سينودس الأساقفة الكاثوليك في الفاتيكان الذي يختتم أعماله اليوم الأحد، مطالبا بترجمة الإنجيل إلى اللغات المحلية السودانية كي "يلج إلى عقليتهم وقلوبهم". وخلال مناقشات عقدها السينودس (تجمع من الأساقفة الوافدين من أنحاء العالم) حول موضوع "كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها"، أرجع الأساقفة سبب صعوبة انتشار "كلمة الرب" في إفريقيا إلى النزاعات والحروب الأهلية التي تطحنها، وخصوصا في السودان، وقلة الكهنة، إضافة إلى صعوبة اتصال ما تيسر منهم بالمؤمنين في إقليم دارفور (جميع سكانه مسلمون)، وبالتالي حمل الكتاب المقدس إلى هذه المناطق. ووفقا لما نشرته إذاعة الفاتيكان على موقعها الإلكتروني، فقد اعتبر الأساقفة أن "مما يعيق انتشار المسيحية في السودان كثرة اللغات المحلية القبلية، وتمسك الكثيرين بتقاليدهم، مطالبين في هذا الصدد المنظمات ذات الإمكانيات المالية الكبيرة بترجمة الإنجيل إلى اللغات المحلية؛ "كي يلج الإنجيل إلى عقليتهم وقلوبهم". وأعربوا عن أملهم "بأن يأتي سينودس الأساقفة بثمار وافرة على سينودس أساقفة إفريقيا المقرر العام القادم، ويكون مرحلة ارتداد لإفريقيا؛ بمعنى أن تغوص إفريقيا في عقلية الإنجيل؛ كي تعيش حياتها على خطى رسل المسيح". وكانت السلطات السودانية قد اتهمت أكثر من مرة منظمات إغاثية أجنبية باستغلال الأحوال المعيشية المتردية للاجئين في السودان وأهالي دارفور بسبب النزاعات في نشر التنصير مقابل تقديم الغذاء والدواء والتعليم، وهو ما نفته هذه المنظمات. ورعى بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر اليوم الأحد ختام أعمال الجمعية العامة العادية الثانية عشرة لسينودس الأساقفة بقداس في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بمشاركة 253 من آباء السينودس، بينهم 51 من إفريقيا، و62 من أمريكا، و41 من آسيا، و90 من أوروبا. حوار بشروط وفي توصيات ختام أعمال سينودس الأساقفة الكاثوليك في الفاتيكان التي كشفوا عنها أمس السبت أكدوا "مواصلة الحوار مع الإسلام" الذي يشترك مع الكاثوليك في عبادة الله الواحد، غير أنهم اشترطوا أن يجري الحوار على أساس "المساواة بين الرجل والمرأة، وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية". وقال السينودس في اقتراحاته إلى بابا الفاتيكان إنه "يصر على أهمية أن يشمل الحوار احترام الحياة وحقوق الرجل والمرأة". وجاء رد الفاتيكان على لسان رئيس المجمع الثقافي الفاتيكاني المونسنيور جانفرانكو رافازي، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس السبت قائلا: "إن المسيحيين في كل بقعة من العالم مدعوون لرعاية الحوار مع الأديان الأخرى، وخاصة الإسلام". كما ضرب البطريرك الماروني اللبناني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، مثلا على نجاح الحوار الإسلامي المسيحي في الشرق بالتعايش المشترك في لبنان، وأرجع الاشتباكات التي تقع بين الحين والآخر بين الجانبين على خلفيات سياسية إلى "التدخلات الخارجية". غير أنه على صعيد منفصل، انتقد عدد من الأساقفة الناطقين بالإسبانية في اجتماع لهم خلال أعمال السينودس في 17 من الشهر الجاري موقف الإسلام من المرأة، متهمين إياه ب"انتهاك حقوقها" التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بحسب ما نشرته وكالة أنسا الإيطالية. وأوصى تقرير صدر عن هؤلاء "بالحذر في العلاقات الإسلامية المسيحية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى "نقاط مشتركة مهمة بين الديانتين، منها: مقاومة العلمانية والليبرالية، والدفاع عن الحياة البشرية، وتأكيد أهمية الدين في الحياة الاجتماعية". حرية "فعلية" وفي عصر الجمعة 24-10-2008 سلَّم الأساقفة البابا بنديكت السادس عشر نداء يدعو إلى نشر السلام في الشرق، خاصة لبنان والعراق والهند، مشيرين إلى أن السلام الذين يريدونه هو ثمرة العدالة، والعدالة تتضمن "حرية دينية فعلية" في هذه البلدان. ويشير الأساقفة في هذا إلى أعمال العنف التي نشبت بين مسيحيين وهندوس في ولاية أوريسا الهند؛ ردا على نشاط تنصيري بين الهندوس، وكذلك نزوح أكثر من 2000 مسيحي من مدينة الموصل العراقية بعد تلقيهم تهديدات. وفي سبيل نشر "كلمة الرب" في جميع أنحاء العالم دعوا إلى ترجمة الإنجيل إلى كل لغات الأرض المقروءة، والاستفادة من التكنولوجيا في توصيله بوسائل أخرى غير القراءة، مثل تسجيله على أسطوانات مدمجة، ونشره في الإذاعة والتلفزيون وأفلام السينما والأحداث الثقافية الجماهيرية. افتكار البنداري الأحد. أكتوبر. 26, 2008