لم تمر اجواء الاحتفال باليوم الوطني للصحافة بالمغرب دون ضجيج ملفات تؤرق العاملين بهذه المهنة يشاركهم عاطلون عن العمل وجدوها فرصة امام حشد الصحافيين للتذكير بمطالبهم للدولة بايجاد عمل يعتقدون انه مناسب لهم ومن حقهم القانوني. امام مسرح محمد الخامس بالرباط، مساء الاربعاء، حيث كان الاحتفال باليوم الوطني للصحافة والذي اصبح مرافقا للاعلان عن الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة، وقف العشرات من العاطلين عن العمل بعد انتقالهم من امام البرلمان في شارع محمد الخامس، حيث محجهم اليومي و'الهايد بارك المغربي' ليرددوا الهتافات ويحملون اليافطات وفي وسطهم كان الصحافي المغربي رشيد نيني مدير صحيفة 'المساء'، اوسع الصحف المغربية انتشارا، ومعه صحافيون جاؤوا للتضامن معه بعد تأكيد محكمة الاستئناف بالرباط حكم ادانته وأداء ستة ملايين و120 الف درهم (حوالي 850 الف دولار) لصالح اربعة وكلاء للملك (نائب عام) لدى المحكمة الابتدائية بمدينة القصر الكبير قال تقرير نشرته الصحيفة في تشرين الثاني/نوفمبر 2007 بأن احدهم كان حاضرا في سهرة للشواذ بالمدينة. واذا كان الحكم ضد صحيفة 'المساء' الذي اكد بداية الشهر الجاري، قد اثار موجة واسعة من الاستنكار في اوساط الصحافيين والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني فإن احتفال اليوم الوطني للصحافة كان فرصة ذهبية للمحتجين على الحكم تساندهم حشود العاطلين عن العمل، خاصة وان المحكمة سارعت إلى اصدار امر بالحجز على ممتلكات الشركة الناشرة ل'المساء' رغم ان الحكم صادر ضد رشيد نيني وليس ضد الشركة ولم ترد المحكمة حتى الان على مذكرة مستعجلة تطالب بوقف هذا الاجراء. وفي رسالة مفتوحة ابدت هيئة الدفاع عن نيني خشيتها وتخوفها من ان يكون مصير الدعاوى المستعجلة الرامية لرفع الحجز عن اموال الشركة كمصير ملفات اخرى تسهدف افلاس الشركة التي تصدر المساء وباقي منشوراتها. وبلغة الصحافة فإن افلاس الشركة يعني اعدام الصحيفة وهو ما تخشى الاوساط منه لانه مقدمة للهجوم على الصحافة المستقلة بالمغرب وهي الحديثة الولادة في اطار التراجع عن مكتسبات تحققت في ميدان حرية الصحافة الحريات العامة. في داخل مسرح محمد الخامس كانت تعلن أسماء الصحافيين الفائزين بجائزة الدورة السادسة للجائزة الوطنية للصحافة بحضور خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي وجد ايضا في المناسبة فرصة للرد على من يرددون هتافات خارج القاعة مشددا على أنه 'لن يحصل أي تراجع على كل ما يسير في اتجاه البناء الديمقراطي، بما في ذلك التوافقات التي تم التوصل إليها بين مختلف الفاعلين والشركاء في الحقل الإعلامي الوطني'. واعتبر الناصري أن جعل مهنة الصحافة، قبل كل شيء، محصنة من قبل ممارسيها القادرين على تنظيم شؤونهم بأنفسهم، يطرح إلى جانب إخراج القانون الجديد للصحافة في صيغة متقدمة تستوعب كل الإشكالات المطروحة، على أساس أوسع توافق بين كافة المتدخلين في القطاع، ضرورة بحث سبل التنظيم الذاتي للمهنة، وتقييم تجربة العقد البرنامج المتعلق بتأهيل المقاولات الصحافية والاتفاقية الجماعية المبرمة بين هيئتي الناشرين والصحافيين، وذلك في أفق تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للموارد البشرية العاملة بمختلف القطاعات الاعلامية. وجدد الدعوة إلى توفير الجو المناسب لتنظيم حوار وطني واسع، خلال الأسابيع المقبلة، حول مجمل القضايا المطروحة في ميدان الصحافة، بصراحة متناهية وفي منأى عن أي طابوهات، ومن دون إضاعة الوقت في مناقشة مستفيضة لما سبق وتم التوافق بشأنه. وأوضح الناصري أنه إلى جانب التعددية الإعلامية الكبيرة التي ينعم بها القطاع الإعلامي المغربي، وهو ما يعكسه على سبيل المثال في مجال الصحافة المكتوبة، الكم الهائل من الجرائد والمجلات والمنشورات ، الحزبية منها أو التي يصدرها الخواص، هناك ممارسة واسعة النطاق لحرية الصحافة. احداث الجائزة الوطنية للصحافة المغربية كان بقرار من الملك محمد السادس 2002، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، سعيا منه 'إلى تكريم الصحافيات والصحافيين المغاربة وتكريس قيم التباري الإيجابي المبني على روح الكفاءة المهنية والإبداع في الحقل الإعلامي الوطني.' وتمنح الجائزة للصحافيين المهنيين للعاملين في قطاعات التلفزة والإذاعة والوكالة والصحافة المكتوبة والالكترونية والصورة، بالإضافة إلى الجائزة التكريمية والجائزة التقديرية الخاصة بالصحافة المعتمدة بالمغرب. وهذه السنة في دورتها السادسة والتي تنافس على نيلها 156 عملا صحافيا منها 51 عن الصحافة المكتوبة والالكترونية و36 عن الإذاعة و30 عن التلفزة و19 عن وكالة المغرب العربي للأنباء و20 صورة صحافية منحت جائزة صنف 'التلفزة' مناصفة لكل من الصحافية سمية الدغوغي من القناة الثانية (دوزيم) عن تحقيق حول 'معاناة المغاربة المهجرين قصرا من الجزائر'، والصحافي محمد آيت لشكر من القناة التلفزية الأولى عن تحقيق 'فاس الإفريقية'، بينما فاز بجائزة 'الإذاعة' الصحافي محمد العوني عن برنامج 'ملفات' في موضوع 'بين التهريب الاجتماعي والتخريب الاقتصادي'. وعادت جائزة الصحافة المكتوبة والإلكترونية إلى الصحافي لحسن الياسميني من جريدة 'العلم' حول تحقيق في موضوع عملية تفويت عقار الحديقة الوطنية للحيوانات بالرباط. أما جائزة الوكالة فقد فاز بها الصحافي مصطفى اللويزي رئيس مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بورزازات عن تحقيق باللغة الفرنسية في موضوع 'عندما تدخل ماعز الألب الفرحة إلى دواوير ورزازات'. وآلت جائزة الصورة إلى المصور الصحافي عبد المجيد بزيوات من جريدة 'الصباح' عن صورة صحافية تعبر عن احتجاجات سكان مدينة سبتةالمحتلة ضد زيارة العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس. ومنحت الجائزة التكريمية للكاتب الصحافي عبد الله الستوكي، بينما نال الجائزة التقديرية للصحافة المعتمدة بالمغرب كل من الصحافي والكاتب الفلسطيني واصف منصور (صحيفة 'الحياة الجديدة' الفلسطينية)، والفرنسي جون بيير كوفل الكاتب الصحافي بعدد من المنابر الإعلامية المغربية ومنها على الخصوص جريدة 'البيان' وأسبوعية 'تيل كيل'. وقد اكد معنينو سجل رئيس لجنة التحكيم، أن تطوير الإعلام المغربي يمر عبر تشجيع صحافة التحقيق والعمل الميداني مع الاهتمام بمواضيع القرب وإبراز انشغالات الجمهور مشددا على ضرورة الاهتمام بالمادة التوثيقية المتعلقة بالقضايا الوطنية حفاظا على الذاكرة الوطنية الجماعية. ونوه معنينو بمستوى فئة الوكالة بالإنتاجات المتبارية التي تميزت بالوفرة والجودة كما أبانت عن ظهور أصناف جديدة من الروبورتاجات تهتم بقضايا القرب. ودعا المؤسسات الإعلامية إلى الرفع من مستوى الاهتمام بالجائزة وذلك من خلال جعل المشاركة محطة أساسية ضمن أدائها السنوي تقوم خلالها بحث مهنييها على الاستعداد والمشاركة بالإضافة إلى ضرورة وضع الإمكانيات لجعل هذه المشاركة جادة ومتميزة، مبرزا أن الإنتاجات المشاركة في هذه الجائزة يجب أن يتوفر لها ما يبرر جهدا مهنيا وإبداعيا فضلا على ما تحمله من رسالة إعلامية وما يكشف موضوعها من جدة وجودة. وضمت لجنة تحكيم الجائزة، إلى جانب الصديق معنينو كرئيس، في عضويتها كلاً من أحمد الطاهري (وكالة المغرب العربي للأنباء) ومحمد مماد (القناة الثانية) وعبد الله العمراني (القناة الأولى) وفهد يعتة (مدير أسبوعية 'لانوفيل تريبون') ومحتات الرقاص (صحيفة 'بيان اليوم') وإدريس أزضوض (أستاذ باحث) وميمون الإبراهيمي (أستاذ بالمعهد العالي للصحافة والاتصال) ورشيد الصباحي (الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة) ومحمد مالي (مصور صحافي رئيس تحرير مجلة 'فوتو-نيوز') وعتيقة أسرموح (رئيسة قسم البرمجة بالإذاعة والتلفزة). 14/11/2008 الرباط 'القدس العربي' من محمود معروف: