الدار البيضاء- نظمت نقابة الصحافة بالمغرب اليوم السبت وقفة احتجاجية أمام مقر صحيفة "المساء" اليومية الخاصة؛ تنديدا بما وصفته ب"الحرب التي تشنها السلطة ضد الصحافة" بعد تعدد أحكام الحبس والغرامات بحق صحف وصحفيين. وتصاعدت في الأونة الأخيرة حدة التوتر بين صحفيين ومدافعين عن حرية الرأى من جهة والسلطة والقضاء من جهة أخرى، بعد الحكم بتغريم مدير تحرير "المساء"، رشيد نيني، ب696 ألف دولار؛ بتهمة قذف وسب أربعة قضاة. طالع أيضا: "أساليب ملتوية" لإسكات الصحفيين ب10 دول عربية
وتزامنت الوقفة الاحتجاجية مع احتفال المغرب باليوم الوطنى للإعلام، الذي يوافق 15 نوفمبر من كل عام، وهو اليوم الذي اعتمدت الرباط فيه لوائح للحريات العامة تنظم حرية الصحافة وعمل الإعلام. ويرى مدافعون عن حرية الرأى أن القضاء المغربي يصدر أحكاما ب"إعدام" صحف بطرق مختلفة، منها الحكم بغرامات مالية ضخمة في حق هذه الصحف أو صحفيين يعملون فيها، كما حدث مع جريدة "لوجورنال إيبدومادير"، أو المنع من مزاولة المهنة كالحكم على الصحفي علي المرابط بالمنع 10 سنوات، أو الحبس كالحكم على الصحفي مصطفى حرمة الله بالسجن 7 أشهر. التأقلم بين السلطة والصحافة وتعليقا على التوتر الحالي بين السلطة والإعلام، قال الباحث المغربي في قضايا الإعلام، عمر إحرشان، إن: "هناك عدد من الخلفيات وراء هذا التوتر، أبرزها التطور الذي يشهده المجال الإعلامي بعد ظهور الصحف الخاصة الجديدة، والتي تجاوزت الخطوط الحمراء؛ مما أتاح ظهور جيل جديد من الصحفيين تشبعوا بالرسالة الحقيقية للإعلام كسلطة موازية". وأضاف إحرشان في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين. نت" أن "التوتر زاد بعد فشل السلطة في التأقلم مع الوافد الجديد فى مجال الإعلام، فالسلطة تخشى وسائل الإعلام التي تقوم بوظيفتها الحقيقية من تحري وإخبار وتوضيح". واعتبر أن "إيجاد صيغة مشتركة بين نظرة السلطة ورؤية الصحافة للوظيفة الإعلامية أمراً صعبا،ً خاصة أن السلطة في المغرب لم تغير طبيعتها لتتلاءم مع تغيرات المجتمع، وهذا ما يفسر عرقلتها صدور قانون جيد للصحافة يحمي الصحفيين من العقوبات المتجاوزة، ويضمن لهم الحق في الوصول إلى المعلومة وحماية مصادرهم". وشدد إحرشان على "ضرورة إصدار ميثاق لأخلاقيات المهنة، وإيجاد هيئة مستقلة لحماية هذه الأخلاقيات لتجنب الصحافة متاهات الاحتكام إلى قضاء غير مستقل"، على حد تعبيره. بينما يرى وزير الاتصال المغربي، خالد الناصري، أن "هامش الحرية اتسع خلال السنوات الأخيرة، غير أن بعض الصحف ووسائل الإعلام الأخرى تسيء توظيف هذا الهامش وتقدم صورة متحاملة وغير موضوعية عن البلد". احتجاج.. احتفال ولعل أبرز شاهد على توتر العلاقة بين السلطة والصحافة هو الوقفة الاحتجاجية، التي نظمها إعلاميون وحقوقيون أمام مسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط يوم الأربعاء الماضي بينما كان يشهد مراسم حفل توزيع الجائزة الوطنية للصحافة، والذي حضره عدد من الوزراء والإعلاميين والفنانين، في اليوم السنوي للإعلام. واستنكر مدير تحرير "المساء"، رشيد نيني، هذا الاحتفال موجها حديثه للمحتفلين بالقول في عموده يوم الأربعاء الماضي: "إذا كنتم تحتفلون بالعيد، فنحن نعيش هذه الأيام، نجاكم الله، ما يشبه المأتم (..) وعوض أن تبعثوا إلينا دعوة لحضور حفل توزيع الجوائز كان الأليق بكم أن تبعثوا إلينا رسالة تعزية ومواساة". 696 ألف دولار وكانت محكمة الاستئناف بالرباط أيدت في نهاية الشهر الماضي حكم ابتدائي بتغريم نيني بمبلغ 696 ألف دولار؛ بعد إدانته بتهمة القذف في حق أربعة من نواب المدعي العام في المحكمة الابتدائية بمدينة القصر الكبير شمالي المغرب. وتعود القضية إلى فبراير الماضي عندما رفع النواب الأربعة شكوى ضد الصحيفة على خلفية نشرها لمعلومات تفيد بمشاركة نائب للمدعي العام في عرس أواخر العام الماضي تردد أنه لشواذ جنسيين. وحذر إعلاميون ومحامون من "حرب تشنها السلطة ضد الصحافة المستقلة، موظفة القضاء من خلال أحكام بالحبس والغرامات الخيالية في هذه المعركة". عبد الرحمن خيزران إسلام أون لاين.نت