الحوار نت\تعتبر الهجرة غير الشرعية (أو السرية) ظاهرة عالمية موجودة في كثير من دول العالمخاصة المتقدم، لكن الهجرة إلى أوروبا أصبحت إحدى القضايا المزعجة، التي تحظىباهتمام كبير في السنوات الأخيرة، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن الدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. و مهما تكن الأسباب فقد حاولت الدّول الأوروبية معالجة هذه الظاهرة بجملة من الإجراءات وسن القوانين التي تحدّ من تدفّق المهاجرين السرّيين والتي طغى عليها الجانب الأمني في كثير منها ،وقد حاولت كل دولة أن تعالج الظاهرة بصفة منفردة ، غير أنها لم تفلح في ذلك فقد تنوعت طبيعة الإجتماعات مع دول الجنوب والمطلّة على البحر الأبيض المتوسط ،وكان تجاوب هذه الأخيرة متفاوتا وغير موحّدة. فقد اختارت تونس أن تعالجها بطريقة أمنية وموغلة في السرّيّة مع الدول الأوروبية وكما ذكر الباحث التونسي مهدي بن مبروك في حديث للجزيرة نت"وزارة الداخلية تحجب المعلومات المتعلقة بالهجرة السرية" وأن " نوعا من الرهاب والخوف من وزارة الداخلية التونسية ،وكأنها تعتقد نفسها هي المسؤولة عن الهجرة السريّة " وبالتالي تعطي لنفسها الأولوية والحق في معالجة هذه الظاهرة بطريقتها الخاصة. وأما ليبيا فقد ترواح تعاملها مع الظاهرة بين السعي إلى حراسة حدودها سواء المطلّة على مصر أو المتاخمة لتونس وبين الإبتزاز للدول الأوروبية عبر التفاوض المباشر . وفي هذا الإطار "طالبت ليبيا الاتحاد الأوروبي بخمسة مليارات يورو سنويا لوقف نزيف الهجرة غير الشرعية انطلاقا من سواحلها. وتطالب طرابلس بأموال وتجهيزات فعالة لمراقبة حدودها البحرية والبرية التي يستخدمها المهاجرون غير الشرعيين القادمين من أفريقيا ودول المغرب للمرور إلى أوروبا." كما ذكرت قناة فرنسا 24 . غير أن المفوضية الأوروبية لم تقبل إلاّ بتقديم "50 مليون أورو لفترة 2011-2013 " ولا تختلف الجزائر والمغرب كثيرا عما تقوم به ليبيا أو تونس حيث لم تتجاوز المعالجة الأمنية إلى ضرورة البحث عن جذور تفشي هذه الظاهرة حيث، تشهد الدّول المصدّرة للمهاجرين- غالبًا - افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلّة فرص العمل، وانخفاضالأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيديالعاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين، فالفوارق الاقتصادية بين بلدان الشّمالوبلدان الجنوب، وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في العديد من مناطق الجنوببعد أن تعثرت مشاريع التنمية، وازداد البؤس، وتواجد أنظمة ديكتاتورية، وقضايا أقلياتونزاعات إقليمية، إلى جانب انتشار الفقر والبطالة وحدوث الكثير من الكوارث الطبيعيةالمتمثلة في الزلازل والفيضانات والجفاف. كل هذه الأسباب وغيرها لم تلتفت إليها الدول المستقبلة ولا الدول المصدرة وبقيت ترواح مكانها من حيث المعالجة . فهل ستنكفئ دول الشمال "المتقدمة" والأخرى "النامية" على البحث الجدّي في أسباب ودوافع هذه الظاهرة أم أن العوامل السياسية والمصالح الأمنية القطرية ستبقى هي الفاعل الأساسي للتصدي لها؟