في خطوة عقلانية من شأنها أن تضع الأمور في إطارها الطبيعي بعيدا عن مثيري الفتن بين الأشقاء ، أعلنت قناة "الجزيرة الرياضية" يوم الإثنين الموافق 11 أكتوبر استعدادها لتقديم الأدلة التي تتعلق بعملية التشويش على مباريات كأس العالم لكرة القدم في جنوب إفريقيا للجنة تحقيق مستقلة . وجاء في رسالة في رسالة وجهتها إدارة القناة إلى الحكومة الأردنية "الجزيرة مستعدة لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بمشاركة الأردن ومسئول من الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) لبحث الأدلة حول مصدر التشويش على مباريات المونديال ومحاسبة المسئول عنه ". واللافت للانتباه أن التطور السابق جاء بعد أن قامت الحكومة الأردنية في 7 أكتوبر بتسليم قناة "الجزيرة" ردها حول الاتهامات الموجهة لعمان بأن مصدر التشويش على بث القناة خلال مباريات كاس العالم 2010 جاء من الأراضي الأردنية ، مطالبة "الجزيرة" بتزويدها بالتقارير والأدلة التي بحوزتها حول هذا "الادعاء". وكانت قناة "الجزيرة" أعلنت رسميا مساء الخميس الموافق 30 سبتمبر أن مصدر التشويش على مباريات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت مؤخرا في جنوب إفريقيا كان مصدره الأردن بالفعل . وجاء في بيان ل "الجزيرة " أن الحكومة الأردنية مطالبة بتقديم تفسير رسمي لعمليات التشويش الموثقة بالأدلة . وتابعت أنها تشعر بالأسف لأن التشويش على قنواتها الرياضية خلال بطولة كأس العالم جاء من داخل العالم العربي ، مشددة على أنها لن تتوانى عن ملاحقة المتورطين في الواقعة . وأضافت "الجزيرة" في بيانها أن تحقيقا أجرته فرق دولية مختصة قد توصل إلى أن التشويش الذي استهدف بث قناة الجزيرة الرياضية خلال كأس العالم قد صدر من موقع في الأردن ، قائلة :" إن تحقيقا موسعا أجرته فرق من المختصين الدوليين المستقلين في المجال التقني توصل إلى اكتشاف الموقع الذي كانت تصدر منه عمليات التشويش التي استهدفت بث قناة الجزيرة الرياضية لمباريات كأس العالم 2010 التي أقيمت في جنوب إفريقيا". واستطردت " التشويش الذي صدر من موقع في الأردن تعمد إعاقة إشارة بث الجزيرة الرياضية مما نتج عنه تشويش البث المباشر لعدد من مباريات كأس العالم ، وقد ترتب على ذلك معاناة الملايين من المشاهدين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، كأس العالم مناسبة يتداعى الناس لمشاهدتها والاستمتاع بها ولكن للأسف جاءت عملية التشويش المتعمد لتفسد على الملايين في المنطقة متعة مشاهدة هذا الحدث العالمي ومتابعته ، وقد ساءنا أن يكون مصدر هذا التشويش والتخريب من داخل العالم العربي ، وسوف نطالب الحكومة الأردنية بتفسير رسمي لتلك الواقعة الموثقة بالأدلة".
وتابع البيان " لجأت الجزيرة من باب القيام بمسئوليتها تجاه مشاهديها إلى إطلاق أكثر من 12 باقة إضافية على عدد من الأقمار الاصطناعية وذلك تمكينا للمشاهدين من متابعة الحدث الكروي الهام وتنويعا للخيارات أمامهم".
واختتم قائلا :"لقد قامت الجزيرة بتحريات واسعة، بالتنسيق المباشر مع عربسات وظفت فيها عددا من الفرق الدولية ضمت خبراء ذوي معرفة تقنية عالية ، وبعد تحليل الرصد الدقيق الذي تم أثناء التشويش على بث الجزيرة استطاع الخبراء تحديد الموقع الذي انطلق منه التشويش في موقع قريب من مدينة السلط الأردنية ، الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) كان عبر عن وقوفه إلى جانب الجزيرة في سعيها لتحديد موقع التشويش، ومساندتها فيما يمكن أن تتخذه من إجراءات قانونية ضد الفاعلين". مفاجأة الجارديان
وكانت صحيفة الجارديان البريطانية ذكرت الأربعاء الموافق 29 سبتمبر أنها حصلت على وثائق سرية تكشف عن مكان التشويش على بث الجزيرة الرياضية خلال نقلها فعاليات كأس العالم لكرة القدم الأخيرة التي جرت في جنوب إفريقيا. وأضافت "الجارديان" أن التشويش انطلق من الأردن وأن خبراء استبعدوا وقوعه من دون علم السلطات الأردنية ، وربطت الصحيفة بطريقة غير مباشرة بين التشويش وانهيار مفاوضات الأردن مع الجزيرة الرياضية لنقل مباريات كأس العالم للمشاهدين الأردنيين. وحسب "الجارديان" أيضا ، فإن التشويش انطلق من مكان قريب من مدينة السلط الأردنية وتحديدا خارج الضواحي الشمالية للمدينة وتم بمعدات متطورة جدا. وفي أول تعليق لها على ماسبق ، نفت مصادر رسمية أردنية مزاعم صحيفة "الجارديان" البريطانية بشأن مصدر التشويش الذي حدث على قنوات الجزيرة الرياضية خلال تغطيتها لكأس العالم الأخيرة . وأكدت المصادر ذاتها أنها لن تنظر إلى اتهامات صحيفة "الجارديان" مالم تصدر من جهات رسمية ، مشيرة إلى أن تلك الاتهامات مسيسة ولا يوجد عليها أي دليل . وأضافت أن الحكومة الأردنية على استعداد للتعاون مع أي جهة تحقيق فني محايد والوصول إلى نتيجة أو نهاية لتلك المسألة. وتساءلت المصادر ذاتها أيضا عن سر طرح هذا الموضوع بعد مرور ثلاث شهور على انتهاء المونديال ، مؤكدة أنه ليس من سياسية الأردن التشويش على أي محطة تلفزة عربية أو أجنبية لأنه يؤمن بحرية الإعلام في الداخل والخارج. واختتمت المصادر السابقة تصريحاتها بنفي ما تردد بشأن طلب المملكة من قناة "الجزيرة الرياضية" بث مباريات كأس العالم مجانا ، مشيرة إلى أنه تم تقديم عرض مالي للقناة إلا أنه لم يناسبها . وإلى حين تتضح أبعاد الأمر بالكامل بعد تشكيل لجنة التحقيق المستقلة ، فإن قناة "الجزيرة " يبدو أنها استفادت من الخطأ الذي وقعت فيه بالبداية عندما ألمح البعض فيها لتورط الحكومة المصرية والتراجع فيما بعد عن مثل هذا الاتهام. فهي لم تلمح هذه المرة من قريب أو بعيد لاتهام الحكومة الأردنية واكتفت بالتركيز على الإشارة إلى أن مصدر التشويش مصدره الأردن وبالنظر إلى أن التشويش تم بمعدات متطورة جدا حسبما جاء في "الجارديان"، فإن هناك من لم يستبعد تورط إسرائيل بشكل أو بآخر ولذا اتخذت "الجزيرة" الخطوة السليمة بشأن تشكيل لجنة التحقيق المستقلة . سوابق إسرائيلية
أسطول الحرية فمعروف أن إسرائيل لها سوابق في التشويش على الأقمار العربية وهذا ما ظهر خلال الحرب الأخيرة على غزة عندما كانت تشوش ليل نهار على قناة "الأقصى" الفضائية ، هذا بجانب ما أكده نشطاء أسطول الحرية حول قيام القوات الإسرائيلية بالتشويش على الاتصالات بين سفن الأسطول . وتبقى شهادات خبراء الاتصالات هي الأهم في هذا الصدد ، حيث أكد الخبير في مجال الاتصالات الفضائية المهندس عمر شوتر في اتصال مع "الجزيرة" من دمشق إبان تفجر واقعة التشويش أن التشويش الذي حدث تشويش متعمد وقد استمر طوال الشوط الأول من مباراة الافتتاح بين منتخبي جنوب إفريقيا والمكسيك في بطولة كأس العالم لكرة القدم ولم يتمكن الفنيون من معالجته ، قائلا :" التشويش عمل إرادي من طرف جهة كانت تعرف تماما ماذا تفعل" ، وأكد حينها أيضا أن القمر الصناعي المصري "نايل سات" لا يمكن أن يقوم بالتشويش على نفسه ، داعيا إلى اتخاذ إجراءات بشكل عاجل لمعرفة الجهة المسئولة عن التشويش. ورغم أن بعض وسائل الإعلام المسمومة ربطت في البداية بين قرار "الجزيرة" بث المباريات التي اشترتها مصر مسبقا على قناتها الرياضية المفتوحة وبين ما حدث من تشويش ، إلا أن خبراء الاتصالات أكدوا حينها أيضا أن عملية التشويش تحتاج لإمكانيات تقنية كبيرة ولا يمكن أن تتم في ساعات وهو ما يؤكد أن إسرائيل خططت قبل فترة لهذا الأمر ، فقرار "الجزيرة" بث مباراة الافتتاح على قناتها المفتوحة كان مفاجئا وقبل انطلاق المباراة بوقت قصير ، وهو ما يبطل تماما مزاعم الانتقام .
والخلاصة أن التشويش لم يخدم المشاهد العربي في شيء بل إنه كان مقصودا في حد ذاته للنيل من أي تجربة عربية ناجحة في هذا الصدد وهو ما يؤكد أهمية الخطوات التي اتخذتها الحكومة الأردنية و"الجزيرة" لكشف أبعاد الموضوع ومحاسبة المسئول عنه . مصدر الخبر : محيط a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=10646&t="تشويش" كأس العالم .. برافو الأردن و"الجزيرة" &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"