في أعتقادي إن الإدارة الأمريكية في أرتباك وفي ورطة كذلك بسبب تسارع الأحداث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا,فماذا تريده منطقتنا وماهو السقف المسموح به في واشنطن؟ من الواضح أن شعوب منطقتنا تململت وأستفاقت إلى واقع مريع,فقر يشتد,حريات تقيد,ومال القلة الحاكمة ومن معها يتزايد.لقد بدأنا ننتفض ونردد الشعب يريد إسقاط النظام,لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو ثم ماذا؟ هل حقا سقط النظام في تونس وفي مصر؟ وهل الطريق أصبح أو بات الآن مفتوحا لرفع الظلم والتقليل من الفقر وتحقيق عدالة إجتماعية بإعادة توزيع الثروة؟ هل من معترض؟ الصورة حتى الآن لازالت ضبابية,فبنعلي وحسني قد طُرِدا,والقذافي قد حشر في باب العزيزية,لكن الجيش ورجال الإدارة والسياسة والأعمال وغيرهم من أدوات النظام السابق-الحالي لازالت قابعة هناك , تشرف على مايسمى بالمرحلة الإنتقالية وماهي إلا مرحلة تمويهية. وسر بقاء هاته الأدوات الإستبدادية يكمن في من وضعها هناك ,من ساعدها في التمكن من السلطة لتقوم بمهمة ضمان حماية مصالح صانعها,الغرب,ولها أن تعتلف ماشاءت وتسرق ماشاءت مادامت ساهرة على المهمة. نعم إن الغرب صانع هاته الأدوات الحاكمة ,وبحكم تقدمه وقوته ,هو من يتولى عجلة القيادة في منطقتنا وفي عدة مناطق أخرى من العالم وذلك إلى إشعار آخر,هذا الغرب جرب علينا حتى الآن جيلين من أدوات الحكم,الإستعمار المباشر ثم الإستعمار الغير مباشر بالأدوات المحلية الإستبدادية,حكامنا, وهو مقبل على تجريب الجيل الجديد الذي أطلق عليه إسم الديمقراطية الشرق أوسطية من خلال الثورة الشعبية,ديمقراطية لا تفني الغنم العربية ولا تجوع الذئب الأمريكي. هل ولى إلى غير رجعة الوقت الذي كنا نسمع فيه البيان رقم واحد؟ 1-ثلة من أبناء الوطن المخلصين تحتم عليها أن تقوم بتصحيح مسار البلد الذي أنحرف به بعض المغامرين. يعلن قيام حالة طواريء وستحترم كل حقوق المواطنين. 2 -بعد عودة الإستقرار وعودة الحياة الطبيعية وعودة الأمن سترفع حالة الطواريء وتعوض بقوانين إستثنائية وسيتم تعديل الدستور كذلك. 3-نندد بتدخل أصدقائنا الغربيين وبعض الجمعيات الحقوقية المشبوهة والتي مهمتها إثارة الفوضى والتدخل في الشؤون الداخلية للوطن,فنحن لا نحتاج دروسا من أحد. 4-أُنشئت عدة لجان لحماية الثورة ولدراسة طرق تصحيح السياسة الإقتصادية,كتحرير التجارة الخارجية وخصصخصة الشركات المفلسة مما ينتج عنه ترشيد الإقتصاد و حل مشاكل البطالة وزيادة الإنتاج. 5-حرية التعبير والنشاط الحزبي والنقابي والإعلامي كلها مضمونة,وسنعمل تدريجيا على تحقيقها. 6-نندد بالعصابات الظلامية التي تمارس الإرهاب والتهريب,وهي مرتبطة بالقاعدة ولها أجاندات تغرير بالشباب ,وستعمل كل قوى الأمن على تنقية الوطن من هؤلاء المجرمين. 7-أخيرا بعد إستقرار النظام وعودة الأمن ستجرى إنتخابات حرة ونزيهة لتمكين المواطن من مما رسة حقوقه الكاملة. إنتهت بيانات القيادةالرشيدة الجديدة, وتمر الأيام والشهور والأعوام,وينقشع الغبار وتتبخر الأحلام,ويفيق المواطن العربي المسكين بعد أن تحيط به الحقرة والتهميش والفقر والبطالة,ليكتشف أن البيان رقم واحد لم يكن في الحقيقة إلا صرخة وفرحة عصابة أشرار تمكنت من التموقع في مكان عصابة المغامرين التي كانت قبلها! ويكتشف المواطن كذلك أن حالة الطواريء لم تكن سوى الغطاء الأمني الضروري للنهب والسلب في أمان,وأن الخوصصة وتحرير التجارة لم تكن تعني إلا تسريح آلاف العمال وبيع اامؤسسات العمومية بثمن بخس وفتح الأبواب لنفابات الصين لتحطم الصناعات المحلية الناشئة. ويكتشف المواطن المغبون أن الحريات الفردية الموعودة قد ولدت مشوهة,برلمان ومجالس ديكورية إعتلافية,حكومة معينة,صحافة مدجنة,نقابات مرهبة ومرغبة وأحزاب مجهرية.ووو...لاداعي للإكمال لأنني أصيبت بالقرف . و آه ,أنا أسمع إطلاق رصاص وصرخات في التلفاز أتية من تونس ومصرو اليمن وليبيا والبحرين... ,من يدري فقد تكون عصابات أشرار جديدة تريد أن تتموقع كذلك.وفي إنتظار البيان رقم واحد . في السنة قبل الماضية,وفي تجمع في فيلادلفيا في أمريكا,تناول الكلمة السيد بيل كلينتون,زوج الوزيرة هيلاري والرئيس السابق لأمريكا,في كلمته حذر السيد كلينتون من طرق التغيير السياسي في الشرق الأوسط ووجوبية تطابقها مع مصالح بلاده,وضرب مثلا بالإنتخابات الفلسطينية التي جاءت الى الحكم بشريك غير مرغوب فيه وغير مؤتمن على مصالح أمريكا وإسرائيل,وهو حكومة حماس. فورطة الغرب وأمريكا إذا هي أيجاد الشريك الذي يحمي مصالحهم أولا, وفي نفس الوقت يستطيع أن يحكمنا دون أن نقوم ونصيح في وجهه يسقط النظام أو إرحل! فالغرب يعرف أن القوى الإسلامية هي التي تشكل المعارضة الأكثر شعبية والأكثر تنظيما وبالتالي ستكون الأقدر على حفظ الإستقرار الداخلي,لكن هاته القوى من جهة أخرى هي مشحونة بالكراهية لإسرائيل وللحرب على العراق وأفغانستان وللهيمنة الغربية بصفة عامة, وهذا هو الحذر الذي أشار إليه كلينتون ولا أظن أن شريكة حياته هيلاري ستختلف عنه,فهم كلهم أبناء مؤسسة سياسية تتحكم فيها الشركات والبنوك اليهودية والمحافظة الكبرى التي تهيمن على العالم والتي إستعملت كل الحروب للإبقاء على هيمنتها ومصالحها.فالرأي السائد في الغرب نعم لنوع من الديمقراطية للعرب لكي يتنفسوا الإستبداد,لكن لا لكل ديمقراطية تشكل خطرا على مصالحه الحيوية. وخلاصة القول أن أمريكا مع تغيير قواعد اللعبة ولكن ضد تغيير اللعبة نفسها,لعبة المصالح,فعلى العرب أن تعي أننا في عالم القيادة فيه ستكون للأقوى علميا وأقتصاديا وليست تاريخيا أو حضاريا فقط,فسيكون أمامنا جبلا شاهقا للتسلق ولا يجب أن نبقى نتغنى بمجد أجدادنا,كما أنه لايجب أن نبقى أبد الدهر بين الحفر