الدكتور عثمان قدري مكانسي قالت بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد إن النظام الحاكم في سورية اتخذ قرارات هامة. فما هي هذه القرارات الهامة التي تداعى لها النظام الحاكم في سورية بعد جريمته الدموية في المدن السورية ولا سيما درعا المصابرة؟ لقد كان من بينها : 1- دراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ بشكل عاجل. 2- وضع آليات جديدة لمحاربة الفساد 3- إصدار قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية , 4- قانون جديد للإعلام . 5- زيادة رواتب العاملين في الدولة . 6- وإيجاد التمويل اللازم للضمان الصحي. 7- وتمكين الموارد اللازمة لتوفير وظائف جديدة للعاطلين عن العمل. وتتخذ القيادة الحاكمة في سورية هذه القرارات السريعة بينما شيع أهالي درعا قتلاهم وسط هتافات تطالب بالثأر لهم والحرية لسوريا. ويتزامن ذلك مع دعوة وجهها ناشطون إلى تنظيم مظاهرات في كل أنحاء سوريا يوم غد الجمعة في إطار ما سموه "جمعة الكرامة". وقالت شعبان إن القيادة القطرية قررت تشكيل لجنة قيادية عليا للاتصال بمواطني المدينة لمعرفة ملابسات الأحداث ومحاسبة المقصرين والمتسببين بالتصعيد. أما ذكاء المتحدثة بثينة شعبان فقد تجلى في اكتشافها الخطير لاختيار المتظاهرين مدينة درعا مسرحاً لمظاهراتهم لقربها من الحدود وسهولة تصدير السلاح لها. وهذا اتهام خطير غير مباشر للجارة الجنوبية ( المملكة الأردنية ) في أنها تدعم المتظاهرين بالسلاح !! أو أن الأردن يسهل عملية التظاهر ضد القتلة في سورية المصابرة . وتناست شعبان أن سلاح المتظاهرين – وقد قتل منهم حتى كتابة هذا المقال العشرات من الأبرياء – هي الكلمة الحرة التي تؤرق الظالمين وهتافاتهم المنادية بحقوقهم الأصيلة التي سلبها النظام المتسلط على مقدرات الشعب السوري منذ أكثر من أربعة عقود . وأن السلاح حمله القتلة المفسدون من سدنة النظام وزبانيته ، هذا السلاح الذي لم تطلق منه رصاصة واحدة إلى الجبهة السورية في الجولان ضد الدولة العبرية ، يصوبه الحاكم المستبد في دمشق إلى صدور أبنائه ، فكان هذا النظام الدموي مجرماً بامتياز . ولنعد إلى هذه القرارات التي أعلنتها بثينة شعبان المتحدثة باسم النظام القاتل لشعبه في سورية لنجد المهزلة بعينها تتجدد كلما شعر حكام دمشق بالخوف من ثورة الشعب الصامد ، فقانون الطوارئ الذي دمّر به النظامُ الأمة حين أصدره منذ أكثر من أربعين سنة لا يحتاج في إعادته لدراسة . فكما فعّله انقلابيو آذار بجرة قلم أمضاه زعيم عصابتهم آنذاك يعود بجرة قلم كذلك . وهل يحتاج قرار الحرية إلى انتظام عقد الظالمين ودراسة ضوء الشمس وفتح أبواب النسائم الطيبة التي حجزها السجّانون عن الأمة الصامدة ؟! أم إنه عبارة عن سخرية بالشعب وكذب عليه كما فعل قبل خمسة أعوام حين أعلن النظام أنه يدرس تشكيل الأحزاب في سورية ، فنامت لجان دراسته نومة أهل الكهف أو قل لم تتشكل ابتداء . وتصور الفاسدين الذين خربوا البلاد بفسادهم يضعون آليات جديدة لمحاربة الفساد ، واضحك من غبائهم الذي جعلهم يظنون أنه يستهبلون به المواطنين الذي يعلمون علم اليقين أن حاكم سورية وعصابته هم أصل البلاء فيها . واضحك مرة ثانية من نظام يعترف أنه كان يسكت عن الفساد المستشري في سورية ، وحين خاف من الحساب ادّعى أنه يضع آليات جديدة لمحاربة الفساد . واسأل النظام الحاكم في سورية : لماذا الآن وفي هذه الأيام يقرر زيادة رواتب العاملين في الدولة ؟ وأين هذه الزيادات قبل هذه الثورة التي خاف منها النظام فسعى إلى التخفيف من حدتها؟ وأين ثروة سورية التي شفطها الحاكم وأقاربه ، وأزلامه ، وما يزالون؟ ألم يشعر المسؤولون بضرورة رفع الرواتب والتأمين الصحي للمساكين وتأمين العمل للعاطلين إلا حين زكمت مفاسدهم الأنوف وخافوا من رياح التغيير التي بدأت تعصف بهم ؟ ! وتصور معي أخي القارئ أن النظام لا يدري سبب هذه المظاهرات التي عمت الوطن ، فهو يشكل أو سيشكل لجنة قيادية عليا للاتصال بمواطني المدينة لمعرفة ملابسات الأحداث ومحاسبة المقصرين والمتسببين بالتصعيد. أليس هذا الأمر مضحكاً بقدر ما هو مؤلم ؟! وكيف يحاسب المقصرين والمتسببين بما حدث من مجازر تقشعر لها الأبدان إذا كان هو القاتل الحقيقي المجرم ؟! أيحاسب نفسه أم يدّعي أن الضحية هي السبب ؟ وعلى الشعب الثائر أن يُحاسَب؟ ألم يقل الشاعر : إن غداً لناظره قريب؟ فلننتظر كيف يسقط الظالمون في مستنقع آثامهم وجرائمهم . نعم : إن غداً لناظره قريب.