يقول المثل الشعبي المصري «ما يوقع إلا الشاطر» وهذا المثل ينطبق على الرئيس السابق الهارب الذي خطّط بنفسه للفصل 56 من الدستور وكتب نهايته حيث كانت له نيّة المغادرة لتأمين اجلاء عائلته والاطمئنان عليها قبل أن يعود لتصفية حسابه مع "الشعب".. في المقابل كانت للرجل الأول في القصر مدير عام الأمن الرئاسي علي السرياطي نوايا أخرى.. هذا ما أكدته مصادر حقوقية مقربة من أطراف هذه القضية والتي لها دراية كاملة بما كان يقصده محمد الغنوشي الوزير الأول السابق عندما تحدث عن «حمام دم» أنقذت منه البلاد.. وأيضا بفحوى المكالمة الهاتفية التي تمت بين محمد الغنوشي والمخلوع صبيحة 15 جانفي بسبب الفصل 57 من الدستور... وخلافا لما قيل وهو أن «المخلوع» لم يكن ينوي الهرب فقد كان خروجه مدبّرا ولو بطريقة سريعة حيث لم يمهله الوقت لمزيد الترتيب فالضغط كبير يوم 14 جانفي والأحداث تتسارع مما جعل السرياطي (حسب مصادرنا) يدفعه على الرحيل في انتظار أن تهدأ الأجواء ثم يعود، وسيشرف بنفسه على ذلك أي أن تولي محمد الغنوشي الرئاسة حسب الفصل 56 ليس إلا مرحلة انتقالية وجيزة من حيث المدّة لأن الحكم سيتحوّل بالضرورة بين أيدي الحرس الرئاسي... خطة وأشياء أخرى المساعدون الأول للسرياطي كانوا على علم بالخطّة فوجهوا الدعوة للغنوشي والقلال والمبزّع للحضور بالقصر دون أن يكونوا على علم بما يجري وظهر الوزير الأول السابق بعد اقلاع الطائرة التي تقل المخلوع وعائلته في التلفزة حيث قرأ نصّا جاهزا ومما أكد فيه أنه ستقع مواصلة العمل بنفس النهج المسطر من قبل لكن المخابرات العسكرية كانت في أوج اليقظة والفطنة بما في ذلك رئيس أركان جيوش البر آنذاك «الجنرال رشيد عمار» الذي تحرّك بالسرعة المطلوبة بعد أن تفطّن إلى بعض المسائل حيث أكد على ضرورة إيقاف علي السرياطي مدير عام الأمن الرئاسي ومستشار «المخلوع» وما إن وقع عزله عن جماعته ومحيطه حتّى دخل الارتباك على بقية عناصر الحرس الرئاسي الذين أصبحوا يتحركون دون تعليمات أو توجيه بعد أن تسرّب إليهم خبر إيقاف السرياطي من قبل الجيش الوطني... الفصل الذي أغضب بن علي من الغنوشي ثم بعد ذلك تم التفكير في انتقال الرئاسة إلى رئيس مجلس النواب السابق فؤاد المبزّع حسب الفصل 57 من الدستور على خلفية الأصوات التي نادت بذلك وللضرورة لقطع كل سبل عودة «المخلوع» إلى البلاد لكن في ما بعد عندما تفطن «المخلوع» في السعودية إلى أنه وقع الانتقال إلى الفصل 57 ثارت ثائرته واتصل بمحمد الغنوشي ليسأله عما يجري فأعلمه أن الشعب يرفضه وقد فاحت رائحة أعمال الفساد وقرّر الوزراء المجتمعون معه بأنه لا مجال لعودته، ثارت ثائرته وهدّدوصاح في أذن الوزير الأول السابق مما اضطر الغنوشي إلى قطع المكالمة... أما ما ورّط السرياطي في قضية التآمر على أمن الدولة الداخليّ وارتكاب الاعتداء المقصود منه حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي على معنى الفصول 68 و69 و72 من المجلة الجزائية فهي الأحداث التي عرفتها البلاد أيام 14 و15 و16 جانفي الماضي والموثقة من قبل الجيش والأمن الوطنيين والتي تبيّن أن جزءا هاما من أفراد الحرس الرئاسي مورطون فيها حيث تم إيقاف العديد منهم متلبّسين في أماكن مختلفة مسلحين (وقد كنا نشرنا في أحد أعدادنا السابقة أطوار إيقاف المورطين منهم بالحروف الأولى من أسمائهم) بالإضافة إلى بعض عناصر الأمن الذين كانوا موالين للسرياطي (وهذا لا يعني أن كل أجهزة الأمن مورطة مع السرياطي) خاصة أن السرياطي تولى في وقت من الأوقات مهمة التنسيق بين أجهزة الأمن واستطاع استقطاب بعض العناصر. دور الجيش في كشف خيوط المؤامرة وكشفت مصادرنا أيضا أن ما زاد في توريط أتباع السرياطي هو محاولة تهريب مدير عام الأمن الرئاسي السابق وتحريره من الإيقاف ورغم أنها كانت محاولة يائسة فقد عرفت بعض الأحداث المؤسفة الأمر الذي عجّل بانطلاق استنطاقه هو ومن قبض عليه معه ومن سيكشف عنه البحث وذلك بداية من 16 جانفي بناء على ما جاء في «قرار اجراء بحث» تبعا لما عرفته شوارع العاصمة وضواحيها من تحرّكات مشبوهة لميليشيات عملت على إثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي لغاية التآمر على أمن الدولة الداخلي... ولهذا كله قال الوزير الأول السابق محمد الغنوشي أنه ساهم في انقاذ البلاد من «حمام دم» مؤكد باعتباره كان مطلعا على كل الأحداث وعلى علم بكل تحرّكات الحرس الرئاسي الذي كان ينوي «من خلال التآمر على أمن الدولة الداخلي» الانقلاب على الحكم بأية طريقة. .. إنقاذ البلاد رغم الاقصاء أما "الجنرال" رشيد عمار الذي تحوّل إلى نجم خلال الأيام الأولى للثورة (خاصة بعد أن رفض جيش البر إخماد الثّورة وتحديدا قبل 14 جانفي بالرصاص) خاصة على صفحات "الفايس بوك" ورغم أن علي السرياطي سعى إلى توريطه مع "المخلوع" وتم تغييب دور رشيد عمار إن لم نقل تجريده من مهامه دون أن يكون لأطراف الصراع الجرأة على إعلان ذلك إلا أن "الجنرال" الذي كسب شعبية كبيرة ظل متابعا لكل كبيرة وصغيرة وأحبط خطة "الانقلاب" المحتمل بأن عزل السرياطي عن مجموعته حتى أنه خلال الأيام الثلاثة الأولى التي تلت الثورة قد تم العثور على بدلات زرقاء وأسلحة مرمية في منطقة سكرة وهي تعود إلى الحرس الرئاسي الذي يئس من محاولة إنقاذ "رئيسه"... وهكذا أنقذ الجيش البلاد من حمام دم وكسب ولاء المواطن وهو ما أكده البلاغ الصادر عن وزارة الدفاع الوطني الذي جاء فيه أن القوات المسلحةلم تطلق النار مطلقا قبل تاريخ 14 جانفي أي أثناء اندلاع ثورة الكرامة والحرية ولم تتصد للمتظاهرين بالرصاص وأكد التزام القوات المسلحة الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها قصد حماية الوطن وتأمين الانتقال الديمقراطي في كنف الوئام والانسجام مع كافة الأجهزة النظامية.. ويمثل هذا البلاغ إجابة عن عدّة اتهامات تروّج في السرّ ضد دور الجيش الوطني في تأمين الثورة وحماية الوطن، ولذلك أيضا تمّت ترقية الجنرال رشيد عمار (الذي أراد بن علي اقصاءه لأنه انحاز للشعب والوطن) إلى رئيس أركان الجيوش إضافة إلى خطته الأصلية رئيس أركان جيوش البر...
مصدر الخبر : الصباح التونسية a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=17212&t=السرياطي كان يخطط ل"حمام دم"كيف أحبط الجنرال عمار الإنقلاب &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"