قال الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) إنه مستعد للدفاع عن "مجتمع تتدعم فيه حقوق المرأة وحرية المعتقد والفصل بين الدين والسياسة وتحييد المساجد باعتبارها أماكن عبادة". كما أكد الإتحاد الذي يعد من أهم القوى الفاعلة في المجتمع التونسي التسمك ببناء "دولة ديمقراطية حديثة تدعم المكاسب الاجتماعية لغتها العربية ودينها الإسلام". وجاء هذا التأكيد في أعقاب اجتماع جمع الأربعاء الوزير الأول الباجي قائد السبسي والأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل عبد السلام جراد. وتأتي دعوة الإتحاد إلى الفصل بين الدين والسياسة وسط جدل تعيشه تونس حول الخطاب الذي تنتهجه الأحزاب الإسلامية وفي مقدمتها حركة النهضة حيث تراقب الأوساط السياسية الخطاب الإسلاميين بنوع من التوجس والامتعاض من استغلال المساجد لترويج خطاب سياسي ديني والزج بأماكن العبادة في حملات دعائية وانتخابية. ورغم تصريحاتهم حول الفصل بين السياسة والدين وتحييد المساجد فإن الإسلاميين ينتهجون خطابا دينيا تعبويا ويستغلون المساجد لتعبئة قطاعات واسعة من التونسيين. ومما اثار حفيظة الأوساط السياسية والحقوقية في تونس ممارسات عناصر إسلامية مثل إقامة الصلاة في الشوارع وإنزال أيمة خطباء من المنابر وفرض ايمة آخرين وإجبار الفتيات على لبس الخمار. وبرأي المراقبين للشأن التونسي فإن موقف الإتحاد العام التونسي للشغل له تأثير كبير على المشهد السياسي في تونس باعتباره يمثل قوة انتخابية قادرة على التأثير في نتائج صناديق الاقتراع. من ناحية أخرى طالبت نقابة العمال "الإسراع بمحاسبة رموز الفساد وإعادة هيكلة الإدارة المحلية والجهوية والمركزية ووزارة الداخلية"، وأكد استعداده للمساهمة في "تحقيق أهداف الثورة وفي صياغة دستور جديد يضمن في جانب منه الحقوق الأساسية للعمال". وحذر الإتحاد من اعتماد "سياسة التخوين" لكل من يختلف في الرأي حول الوضع العام في البلاد وآفاقه أو حول آجال انتخابات المجلس التأسيسي وتوقيتها، داعيا إلى "الإقلاع عن ذلك احتراما لحرية الرأي والتعبير". كما أكد تمسكه الدائم باستقلالية القرار النقابي ورفضهم "التوظيف السياسي للمنظمة أو محاولات تذييلها للأحزاب السياسية على اختلافها". كما دعا إلى التصدي لكل "محاولات بث الفرقة والجهويات والنعرات القبلية من أجل زرع الفوضى والرعب في المدن والأرياف" وذلك حماية للثورة وضمانا للاستقرار. ويقول محللون سياسيون إن بيان الإتحاد العام التونسي للشغل في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به تونس حيث تستعد لانتخابات المجلس التأسيسي في 24 تموز/يوليو القادم هو رسالة واضحة تؤكد وقوف أكبر وأعرق منظمة من منظمات المجتمع المدني إلى جانب القوى الوطنية الديمقراطية ورفضها لاستغلال الدين لأغراض سياسية. ويضيف المحللون أن تأكيد الإتحاد على استقلاليته هو رسالة إلى بعض الأحزاب التي تحاول استمالته في إشارة ضمنية إلى حركة النهضة.