لقد طلع علينا بعض الخبراء المحاسبين في التلفزة الوطنية للحديث عن آليات مراقبة أموال الأحزاب , وشددوا في الدعوة لتأسيس قوانين جديدة لمراقبة أموالها حتى تلتزم بالشفافية والنزاهة في معاملاتها المالية, وهذا شيء مفيد, وكل فرد من أفراد شعبنا يحبذه ويطالب به, خاصة عندما اطلع من خلال ملف الفساد الذي بثته التلفزة الوطنية على هول المفاسد المرتكبة في حقه من طرف الرئيس المخلوع وعائلته وعائلة زوجته المافيوزية, فلا مستقبل لتونس بدون التأسيس لمنظومة جديدة متكاملة للمراقبة والمحاسبة لمساعدة الشعب التونسي على المحافظة على أمواله العمومية والضرب بقوة على أيدي العابثين بها, حتى لا يعلو أي أحد فوق القانون, سواء كان هذا الشخص خبيرا محاسبا ,أو مديرا عاما لشركة, أو وزيرا, أو رئيس وزراء, أو رئيس دولة, فكلهم مطالبون بالكشف عن أموالهم, قبل تحمل مسؤولياتهم, وقبل إعفائهم من مهامهم, وكلهم يجب أن يخضعوا للمحاسبة الدقيقة. ولكن الذي ألح عليه الآن وأسأل عنه خبراءنا المحاسبين, أين أنتم مما وقع على شعبنا المظلوم من كوارث الفساد والاختلاس لأمواله؟ وأنتم من مهامكم الأساسية مراقبة حسابات المؤسسات والتدقيق فيها للكشف عن التجاوزات وتقديم أصحابها للعدالة, وأين هي تقاريركم التي رفعتموها إلى وزارة العدل فيما يخص ممارستكم لهذه المهام؟ لم نسمع لأحدكم أشار إشارة لفساد قائم من بعيد أو قريب, لا قبل الثورة ولابعدها, لذلك سيعتبر شعبنا كل من تحمل منكم مسؤولية المراقبة لحسابات مؤسسات عمومية, أو خاصة تملكها عائلة الطرابلسية, ولم يقم بدوره على أكمل وجه في الكشف عن التجاوزات المالية لهؤلاء المفسدين, وعمد إلى التستر عن جرائمهم مسؤولا معهم على هذه الجرائم, وسيدعو لمحاسبتهم, وقبل أن يفوت الأوان ويؤخذ هذا الأمر مأخذ الجد, ندعوكم لتبرهنوا على أنكم كنتم مكرهين, وتعتذروا لشعبنا, وتساعدوه في هذه المرحلة الحاسمة على كشف الحقائق الغائبة عنه, وكشف كل مستور عن كل التجاوزات المسجلة لديكم, حتى تبرؤوا ذمتكم أمام الله وأمام الشعب والتاريخ, وندعوكم لفتح صفحة جديدة مشرقة مع شعبنا, تقطع مع التستر عن الفساد والمفسدين, فى هذا العهد الذي نطمح فيه لتأسيس مجتمع ديمقراطي يسوده العدل ويستوي فيه الضعيف والقوي أمام القانون, ويكون لكم فيه دور فاعل ومسؤول للتقليص من ظاهرة سوء التصرف, والقضاء على التلاعب بأموال شعبنا, الذي يطمح لغد أفضل في العيش الكريم لكل مواطنيه, وعاشت تونس بكل أطيافها السياسية وبكل منظماتها الوطنية ومواطنيها حرة أبية, ولا عاش فيها من خانها ولا عاش من ليس من جندها.