العبروقي: الانتخابات لن تتجاوز هذا التاريخ    مرتكزات الاستراتيجية الطاقيّة    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    بوكثير يؤكد ضرورة سن قوانين تهدف الى استغلال التراث الثقافي وتنظيم المتاحف    ذهاب نهائي كاس رابطة ابطال افريقيا – الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    صفاقس انقاذ 52 مجتازا وانتشال 5 جثث    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    قريبا: اقتناء 18 عربة قطار جديدة لشبكة تونس البحرية    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    عاجل/ مصر: رفع أبو تريكة من قوائم الإرهاب    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    ليبيا: اشتباكات مسلّحة في الزاوية ونداءات لإخلاء السكان    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطور العلوم الجغرافية في الإسلام
نشر في الحوار نت يوم 01 - 09 - 2011


كانت العلوم قبل الإسلام منحصرة في حقول معينة أهمها ، اللغة و الشعر . ولم يكن لدى عامة الناس في الجاهلية معرفة كافية بجغرافية المحيط الذي يعيشون فيه غير أن طبيعة حياتهم كانت تفرض عليهم شيئا من تلك المعرفة الجغرافية. إذ أن تنقل القبائل في أرجاء الجزيرة العربية كان يفرض عليهم معرفة خصوصيات المجالات الجغرافية التي يتنقلون فيها و المسالك التي يسلكونها. و كانت القبائل في تنقلاتهم يستعملون « الأدلاء » لما لهم من ثقافة جغرافية تشمل حيوانات الصحراء و نباتها و مواقع الماء فيها و طبوغرافية الأرض إلى جانب معرفتهم بالأمور الفلكية . و كانت هذه المعرفة الجغرافية متوفرة في الشعر إذ نجد أبياتا من الشعر تصف المكان و النبات و عادات السكان و تقاليدهم. و أدى ظهور الإسلام بمكة في الجزيرة العربية سنة 610 م إلى تطور العلوم الجغرافية بفعل عدة عوامل أهمها التواصل مع الفكر اليوناني و الهندي و الفارسي عن طريق الترجمة ، و كانت مكة بمثابة القطب الديني و التجاري الذي تزداد قيمته و يزداد دوره نظرا لاشتمالها على الكعبة التي يعظمها الكثير من العرب و يحجون إليها ، و يتولى أهلها من القرشيين القيام بدور اقتصادي أساسي في إطار تجارة العبور بين الشرق و الغرب مما بوأهم مكانة هامة بين العرب واستوجب الأمر معرفة جغرافية واسعة بالأقاليم التي يتنقلون بينها. كما أن اتساع رقعة الدولة الإسلامية خارج الجزيرة العربية بعد القضاء على الردة في خلافة أبي بكر إذ تمكن المسلمون من السيطرة على بلاد الشام و العراق في مرحلة أولى ثم فارس و مصر مما أدى إلى تكوين إمبراطورية شاسعة قام بتنظيمها الخليفة عمر بن الخطاب . و شمل توسع رقعة الدولة الإسلامية مختلف أرجاء العالم و أصبح المسلم يحتاج إلى معرفة الخصوصيات الجغرافية لهذه الأمصار ليتيسر حكمها و فتحها و إدارتها إدارة سليمة. و تطلب أيضا نمو الأنشطة التجارية معرفة جغرافية بالطرق و المسالك المؤدية إلى الأسواق التجارية. و كان التجار يتولون عملية جمع المعلومات البشرية و الإقتصادية و الطبوغرافية و المناخية عن البلدان التي سيقصدونها. و تعتبر العبادات و الفرائض الدينية عاملا رئيسيا لتطور العلوم الجغرافية فالصلاة و الصوم يتطلبان معرفة جغرافية لضبط أوقاتهما في أنحاء الدولة الإسلامية المترامية الأطراف. و بتوفر مختلف هذه العوامل برزت مجموعة من المؤلفات الجغرافية الإسلامية لعل أبرزها « معجم البلدان » لكاتبه « ياقوت الحموي» و كتاب « الأقاليم»... و كتب « أبو زيد سعيد الأنصاري» كتاب في المطر ضمنه وصف للسحاب و الرعد و البرق و الندى... إضافة إلى كتاب « الجبال و الأمكنة و المياه » لأبي القاسم الزمخشري . و تعتبر هذه المراجع بداية الجغرافيا الوصفية الإسلامية تتضمن المعلومات و البيانات التي يحتاجها المسلم في حله و ترحاله و في تنقلاته في السهول و الجبال و وسط البحار. و لكن يبقى القرآن الكريم مرجعا أساسيا للجغرافيين المسلمين ، فهو كلام الله الذي لم يفرط فيه من شيء ، كتاب صالح لكل زمان و مكان ، يحتوي على حقائق جغرافية لا تستوجب الشك : إذ يعطينا معلومات عن المجرات و مواقع النجوم و خصوصيات المجموعة الشمسية و حركة الكون بمشيئة الله و نشأته و نظرية الخلق و كيفية تصريف الرياح و السحاب إذ يقول جل جلاله في سورة البقرة « و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون » ( سورة البقرة الآية 146 ) . كما يحدثنا القران في بعض آياته المحكمات عن الغلاف الجوي و طبقاته ، و تلخص الآية التالية ذلك في قوله تعالى « الله الذي خلق سبع سماوات و من الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير و أن الله قد أحاط بكل شيء علما» ( الطلاق الآية 12 ) . و منذ منتصف القرن الثالث هجري عرفت العلوم الجغرافية نقلة هامة و مرحلة جديدة على اثر الاتصال الذي وقع بين المفكرين المسلمين من ناحية و المفكرين اليونان و الرومان من ناحية أخرى . و لقد تأثر الجغرافيون العرب بأفكار بطليموس في علم الفلك و الجغرافيا، و بدأت تظهر منذ ذلك الزمن العديد من المؤلفات الجغرافية لعل أبرزها على الإطلاق كتاب « صورة الأرض» للخوارزمي و كتاب « رسم المعمور من الأرض» للكندي. و مع توسع مجال الدولة الإسلامية في الشرق و الغرب خاصة مع بداية القرن الرابع هجري ظهرت كتب جغرافية اعتبرها بعض الباحثين في مجال الجغرافيا الأكثر نضجا على الإطلاق و كان أبرز مؤلفيها ابن حوقل و المقدسي و أصبحت الخريطة جزءا لا يتجزأ من هذه المؤلفات و مصدرا أساسيا من مصادر المعلومات الجغرافية ، و مع بداية القرن السادس هجري تراجعت مكانة المعرفة الجغرافية على اثر الانحلال و تفكك الدولة الإسلامية و أصبحت الجغرافيا تقتصر فقط على بعض المعاجم . و في عصر المماليك برزت الموسوعات الجغرافية التي تتضمن مختلف فروع الجغرافيا : الجغرافيا الطبيعية و البشرية و الإقتصادية و السياسية ، و كان ابن الفقيه الهمذاني من ابرز الجغرافيين في تلك المرحلة فقد ركز في كتاباته على ذكر عجائب الطبيعة من نبات و حيوان و ظواهر جغرافية و بشرية و كانت بعض المعلومات تخرج عن المنطق و العلم لتنحو منحى الأسطورة و الخرافة. و يعتبر أدب الرحلة عاملا أساسيا مساعدا على تطور المعرفة الجغرافية ، إذ وردت في كتب الرحلة معلومات اقتصادية عن البلدان و معلومات بشرية و وطبوغرافية و تعتبر رحلتا«ابن بطوطة » و «ابن جبير» أفضل أنماط الكتابة الجغرافية. و في القرن الخامس عشر ميلادي ظهرت ما يسمى بالجغرافيا البحرية و التي كان ابرز كتابها ابن ماجد في كتابه « الفوائد في أصول علم البحر و القواعد». و لكن تراجعت مكانة الجغرافيا الإسلامية منذ بداية القرن السادس عشر ميلادي على اثر بروز دولتين قويتين و هما الدولة العثمانية و الدولة الفارسية ، فاضمحلت الكتابات العربية الإسلامية و عوضت بالكتابات الفارسية و أخرى تركية عثمانية. و من ابرز لكتابات في ذلك العصر « أصول الأقاليم السبعة» لمحمد بن يحيى . و بالرغم ما عرفته العلوم الجغرافية من تراجع خلال هذه الفترة، فان التراث الجغرافي الإسلامي يتكون من رصيد لا باس به من الأعمال الكاملة التي تمثل جزءا لا يتجزأ من الثقافة و الحضارة العربية الإسلامية . و لم يتضح مفهوم الجغرافيا عند العرب في القديم كسائر المفاهيم الأخرى بل كانت هنالك مصطلحات بديلة للجغرافيا كان يستخدمها العرب على غرار « علم الأطوال و العروض» أو « تقويم البلدان» و اتخذت المؤلفات الجغرافية الوصفية للبلدان اسم « علم الأقاليم» كما كان مصطلح « صورة الأرض » البديل الأمثل لمصطلح « الجغرافيا» . و لم تكن الجغرافيا تخصصا واضحا و إنما كان العديد من المتخصصون في علوم أخرى يكتبون في الجغرافيا، فقد كتب المؤرخون في العلوم الجغرافية أمثال هيرودوت و الفلاسفة أمثال أرسطو و الفلكيون أمثال بطليموس... و لا تزال إشكالية التخصص مطروحة حتى مطلع القرون الوسطى بين علماء الحقول العلمية و علماء العلوم الإنسانية. و مع بورز المؤلفات العربية الإسلامية تخلصت العلوم الجغرافية من إشكالية التخصص و برز للعالم جغرافيون عرب كانت لهم بادرة الكتابة الجغرافية في علم الفلك و في طرق و وسائل تحديد مساحات و حجم الأرض و تحديد المواقع و رسم الخرائط. و يعتبر هذا المقال مساهمة بسيطة مني في إبراز مساهمة المسلمون في الحضارة الإنسانية و تعتبر العلوم الجغرافية لدى العرب المسلمون جزءا من هذه الحضارة الإنسانية. وهي رسالة ضمنية للعالم تتضمن قدرة المسلمون على قيادة ركب الحضارة الإنسانية و يبقى القرآن الكريم و السنة النبوية من أهم مصادر الجغرافيا الإسلامية لما تحتويه من معلومات جغرافية هامة لم يصل لها الغرب إلا متأخرا و أشارت لها مصادر التشريع الإسلامي منذ أكثر من 1400 عام .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.