الجالية التونسيّة في ألمانيا تترقّب الإعلان عن اسم ممثلها.. والنهضة تتوقع الاكتساح
نصرالدين السويلمي- ألمانيا- بون- دخلت اليوم السبت انتخابات المجلس التأسيسي بألمانيا يومها الأخير دون تسجيل أيّ من التجاوزات الكبيرة التي يمكن الحديث عنها ومن ثمّ ترحيلها إلى الجهات المعنيّة ما عدا بعض المحاولات الجانبيّة التي سعت من خلالها فلول التجمّع لإدخال الارتباك على سير العمليّة وذلك ببثّ الإشاعات حول نزاهة المكاتب المشرفة وتفريخ العديد من الإدّعاءات الأخرى في محاولة يائسة لتجربة سلاح الفوضى الخلاقة في ألمانيا وربما لتصديره إلى الداخل أين ستدور محطة الغد التاريخيّة والحاسمة. إلى جانب الهيئات الفرعية التي يبدو أنّها بذلت جهودا جبّارة لإنجاح هذا العرس الانتخابي فإنّ الجالية التونسيّة عبّرت بما لا يدعو إلى شكّ على أنّها في مستوى الحدث وذلك في مجمل تفاصيل عمليّات الإقتراع سواء كان في الانضباط باحترام الأولويّات والتدرّج في الصفوف وإعطاء الأولويّة للحالات الخاصّة من مرضى ومعوّقين أو قادمين من أماكن بعيدة.." أو بالظروف التي دارت فيها بعض النقاشات الودّية بين المقترعين المنتمين إلى العديد من الأحزاب المختلفة، حتى أنّ البعض ممن اختلفوا في وجهة التصويت لم يختلفوا في وجهة العودة، فمنهم من ترافقوا في سيارة أحدهم ومنهم من عادوا مجتمعين بواسطة المواصلات العامّة. رغم هذه الأجواء الطيّبة والنكت والدعابات التي صاحبت أجواء الاقتراع، ورغم الغياب الكليّ لثقافة وأجواء المسرحيّات الإنتخابيّة التي كان ينظّمها المخلوع وحاشيته إلا أنّ الشيء السلبي الملاحظ هو الهاجس الأمني الذي ما زال حاضرا بقوة في أذهان أفراد الجالية والذي كان على وسائل الإعلام التونسيّة استفراغ وقتها والعمل بقوة على إزالته بدل التركيز على محاور تستهدف التشويش على عرس الشعب. الهاجس لمسناه خاصّة خلال بعض الحوارات الجانبيّة - ثنائيّة كانت أو جماعيّة- والتي كثيرا ما تساءل أصحابها "علاش يسجلوا في أسامينا... زعمة يعرفوا لشكون صوتنا... وكان يرجع بن علي شطرنا يباصي.." بل هناك من امتنع عن الذهاب إلى مراكز الإقتراع بقوله " لا ندخل يديا للمغاغر لا تلسعني لحناش". وحتى محاولات التسجيل بالصوت والصورة التي سعينا إليها لأخذ بعض الانطباعات حول هذه الأيام الموعودة في تاريخ بلادنا باء أكثرها بالفشل نتيجة ثقافة الرعب التي زرعها العهد السابق، ورغم ذلك فإنّ جلّ الذين طلبنا الحديث إليهم قبلوا إعطاء انطباعاتهم دون استعمال التسجيل الحيّ، وقد صرّحت السيدة ليلى إثر خروجها من مكتب الاقتراع ضاحكة أنّها قبل أن تضع العلامة فوق ورقة الانتخاب ألقت بنظرة يمينا وشمالا حتى تطمئن بأنّ ليس هناك من أحد يراقبها، أمّا وليد عندما طلبنا رأيّه اشمأزّ وقال" هذه ليست انتخابات هذه عمليّة تغيير حزب بحزب، الانتخابات يلزم فيها تنافس.. يزاو بلا كوميك.."وأكّدت الطالبة نجاة أنّها لم تأتِ للتصويت بقدر قدومها لتشهد هذا اليوم التاريخي وتحدّثت لنا طويلا عن السبق الذي حققته تونس في الكثير من الميادين وأنّها لم تقتصر على الثورة والانتخابات، أمّا عمّ عمر فقال " عندي السكر وعندي الدم وجيت نصوت شماتة في التجمّع".... بعض المقترعين ومن خلال حديثنا إليهم يبدو أنّهم غيّروا وجهة تصويتهم في الأيام الأخيرة بعد استفزازات "نسمة" لثوابت البلاد حسب قولهم وهذا ما جعلهم مقتنعين أنّ طرفا واحدا قادر على حماية هويّة البلاد من العبث، أمّا صلاح فلم يتوقف لنا بل واصل سيره متحدثا " مربوحة مربوحة خمسة وخميس نبدو نفكرو في الانتخابات البرلمانية من تو" سألناه مربوحة لمن؟ فرد " اسأل الخمسة إللي لحقوا بالجرّة" ثم واصل مسيره مقهقها.
العديد من الناخبين تذمّروا طويلا من طريقة تصفيف القوائم الغامضة والتي تسببت وفق بعضهم في تضليل الناخب فقد تأكّد لدينا أنّه ما لا يقلّ عن أربعة مقترعين في مكتب بون كانت نيّتهم التصويت لقائمة رقم 5 فصوتوا للقائمة رقم واحد الملاصقة لها، ورغم المحاولات التي قامت بها الهيئات الفرعيّة المشرفة على الإنتخابات لتذليل هذه المشكلة إلا أنّها ظلّت قائمة وغيّرت وجهة العديد من الأوراق.
يُذكر أنّ الإقبال في ألمانيا كان متوسطا ولم يكن بكثافة كبيرة لتقصير وسائل الإعلام في حملات التوعية، كما يعود إلى المبالغ الضعيفة التي سمحت الهيئة بصرفها على الحملات الإنتخابيّة، لكن ورغم ذلك يمكننا القول أنّها محطة ناجحة بأتمّ معنى الكلمة أولا للطابع المتحضّر الذي حكمها وثانيا لكونها محطة أولى لها خصوصياتها. الشيء الإيجابي الذي عكسته الحملات الإنتخابيّة وأثبّتته أيام الاقتراع الثلاثة هي نمو ثقافة الاختلاف بسرعة قياسيّة في صفوف الجالية وحتى وهي تسوّق لمترشّحيها كانت الغالبيّة تعلن عن قبول نتائج الصناديق مهما يكن الفائز، هذه الأجواء التي نرجو أن تسود بالداخل بين المقترعين وبين المترشّحين ثم والأهمّ بين مكوّن المشهد السّياسي في البلاد.