الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع قليبيةقربة عيدكم مبروك يسعدنا، بكل المحبة والتقدير، أن نتقدم إلى ضحايا الظلم والاستبداد والتعسف، في كل مكان، وإلى جميع المناضلين في سبيل الحق والعدل والحرية بأحر التهاني وأصدق الأماني، بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وهذا العيد، في أصله ومعناه، دعوة للتضحية في سبيل المبدأ. فمن اختار الدفاع عن قضايا الحرية عليه أن يعرف أن الطريق التي اختارها ليست مفروشة بالورود بل هي مفروشة بالأشواك، وكلها عراقيل وأخطار ومصاعب وما عليه إلا أن يصبر ويتحمل، أي أن يضحي براحته، بحياته، وهو يعرف أنه بهذه التضحية، سينتصر على معذبه وسجانه وقاتله ، وإن لم يحقق هو، بنفسه، هذا النصر، فإنه سيكون المثال لغيره من أبنائه أو أحفاده، أو إخوانه، ومن هدا المنطلق دفع الشهداء حياتهم ثمنا لحرية أوطانهم، كما أن إخوانا لهم قد ذبلت أنوار شبابهم في السجون والمعتقلات، وما لانت عزائمهم ولا طأطأت هاماتهم، ولا ضعفت ضمائرُهم ولا اهتزت ثقتهم في أنفسهم، وفي عدالة قضيتهم، وفي عظمة مستقبلهم حتى كانت حياتهم في الحياة وفي الممات، بينما جَلادوهم ومضطهدوهم ما كانوا، في حياتهم ومماتهم إلا جيَفا ، فهل يُنتظَرُ من الجيف إلا النتانة والقذارة والقبح؟ إن الشعوب الحية لم تجعل من أعيادها مناسبات للتفنن في المآكل والقعود عن العمل والخلود إلى الراحة، بل جعلتها ذكريات جماعية تتذكر فيها أبطالها ورموزها، وتُصيغ من نور أرواحهم معاني التضحية والصمود، ومواقف الإباء والشمم ، تغرسها في نفوس أبنائها لتربيهم على مقاومة التعسف بجميع أشكاله وألوانه وأساطيره وأربابه. فهل كثيرٌ علينا اليوم أن نتذكر مساجين الحرية، ونذاكر دروسهم المشرقة، في هذه الأوطان العربية، الممزقة، أم ننساق، صاغرين، مذهولين، إلى ثقافات الوهم والتزييف والإذلال، تقودنا من أعناقنا وتُكرهنا على تقبيل اليد التي تهين كرامتنا وتُخصي ألسنتنا ، فترانا نُهرول إلى " البسوس" ونلعب لعبة" داحس والغبراء" شريطة ألا نفوز، في هده اللعبة على " إبن الأكرَمَين" ؟ وعندئذ يصير " الفرعون" قدوة" يقتدي بها، ويتناسى القوم :" وكونوا عباد الله إخوانا"بل صار بعض العرب للصهاينة " خلانا" ونعتوا المليون شهيدا ب" المليون لقيط" . فهل رأيتم كيف غطى الحكام المهزومون هزائمهم السياسية والاقتصادية والوطنية بجلد كُرَة لا شيء فيها غير الهواء، وينجحون في دفع المغَّرر بهم إلى المظاهرات للكفر بالأخوة والعروبة والقومية؟ ثم أي أناس هؤلاء الدين تُنسيهم كُرَةٌ جلدية تاريخَهم، وتسلبهم عقولهم؟ أبن أنت أيتها البسوس لتقولي لهم :" الرياضة رياضة والسياسة سياسة، والداء كل الداء إن تُسيّسوا الرياضة، لأن يهذا التسييس، الممقوت، يصير التنافس عراكا مصيريا يُشرَّعُ فيه العنف". أما العقلاءُ فإنهم نظروا إلى هذا " العراك السفيه" بعيون حزينة وقلوب متحسرة، ولسانُ حالهم يردد :" تمخض الجبل فولد فأرا" لأن المشهد كله بحماسه الهستيري ما هو إلا :" عيطة وشهود على ذبيحة قنفود " . فهل نقولها، بالمصري الفصيح:" إللي اختَشُوا ماتوا"، والعربُ الأحرار قد قالوا:" إذا لم تستح فافعلْ ما شئت "؟. إن هد\ذا العيد يحتم علينا أن نتمثل تضحيات العظام ونربي أطفالنا عليها، والقائمة طويلة وتضم، ممن تضم، أبو ذر الغفاري، والحسين بن علي، والظاهر بيبرس، وصلاح الدين الأيوبي، وعبد الرحمن الكواكبي، والعربي زروق، والدغباجي، وفرحات حشاد، وإرنستو تشي غيفارا،وأحمد بن عثمان، وجلبار نقاش ونور الدين بن خذر ومحمد بن جنات، وغيرُهم ممن قضوا أو ممن ينتظرون . وإن كانت الطريق طويلة، طويلة، فإن الفجر، المشرق، قادم، قادم، ولن يصده أي ظلام مهما كانت شدة ظلامه وقوة جبروته، والمجد للأحرار. أملنا أن لا نتعرض للمساءلة البوليسية مرة أخرى بسبب ممارستنا لحق من حقوقنا الإنسانية ألا وهو حق حرية التعبير عن آرائنا ، الذي كفله لنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والدستور التونسي، والذي من أجله تأسست الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، وعيدكم مبروك رغم أن رابطتنا التونسية ما زالت تطالب بحرية التنفس وتدعو العيد ليحل عليها، بحق، حتى تقوم بنشاطها في الدفاع عن حقوق الإنسان، فهل تسمعها وتسمعنا أيها العيد، أم نواصل قولنا، بكل حُرقة واستياء: " عيدٌ باية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد "؟ نحن في انتظارك، أيها العيد،فلا تتأخر في المجيء إلينا ببهائك وفرحتك وأنوارك قليبلية في 27/11/2009 رئيس الفرع عبد القادر الدردوري