بدأت ملامح المشهد السياسي في تونس تتضح بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وعلى الرغم من عدم الإعلان عن النتائج النهائية فإن النتائج الأولية أظهرت تقدم حزب حركة النهضة الإسلامي، وجعلت بقية الأطراف الفائزة أو التي لم تحصل على النتائج المأمولة تبدأ التفكير في المرحلة المقبلة. ويرى أغلب المتابعين أن نتائج الانتخابات حملت العديد من المفاجآت غير المتوقعة، من ذلك تصدر القائمة المستقلة "العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية" -التي يتزعمها صاحب قناة "المستقلة" الهاشمي الحامدي- المرتبة الثالثة مؤقتا، وحصول عدد من القوى السياسية الرئيسية على عدد ضئيل من المقاعد. وبحسب تصريحات بعض الأطراف السياسية للجزيرة نت، فإن هذه النتائج ستكون فرصة لتقويم عمل الأحزاب الفائزة والخاسرة على حد السواء. مفاجآت ويقول عضو الهيئة التأسيسية لحزب العمال الشيوعي التونسي عبد الجبار المدوري للجزيرة نت إن النتائج الأولية التي تم الإعلان عنها قد حملت بعض المفاجآت، منها حصول قائمة العريضة على عدد غير متوقع من الأصوات.
وذكر أن التجمعيين القدامى المنتمين إلى حزب التجمع الدستوري المنحل هم الذين يرجح أنهم صوتوا لهذه القائمة.
وأوضح المدوري أن تصدر النهضة المرتبة الأولى كان منتظرا لكن حصولها على أكثر من 40% من الأصوات "يعد أمرا غير متوقع"، كما أن حصول حزب العمال على نسبة 3% من الأصوات بحسب النتائج الأولية "أمر غير منتظر ومخيب للآمال". وقال المدوري إن المرحلة المقبلة "ستتواصل بنفس العزيمة ونفس الروح، وسيراجع فيها الحزب المسائل التي حالت دون تصويت الناخبين له". الديلو: النتائج الأولية كانت أفضل مما توقعه قياديو النهضة (الجزيرة نت)
استعدادات أما عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة سمير الديلو فاعتبر أن النتائج الأولية كانت أفضل مما توقعه قياديو الحركة. وقال "بالنسبة للأحزاب الأخرى، كنا نتوقع أن نهجها الإعلامي سوف يلاقي تجاوبا من الناخب التونسي، لكننا لم نتوقع أن يكون العقاب الانتخابي لبعض الأحزاب قاسيا بهذه الصفة". وأوضح الديلو أن حزبه بدأ في الاستعداد للمرحلة المقبلة، ومن ذلك التشاور مع بقية الفرقاء السياسيين قبل الحسم في الاختيارات الكبرى، موضحا أن الحوار سيكون "مع الفائزين في انتخابات المجلس التأسيسي وشركائنا في الوطن الذين بإمكانهم أن يفيدوا بإبداعاتهم وطاقاتهم في هذه المرحلة الانتقالية".
قبول من جهته هنأ الأمين العام المساعد للحزب الديمقراطي التقدمي والمدير السياسي للحملة الانتخابية المنجي اللوز، الأحزاب الفائزة والحاصلة على المراتب الأولى في انتخابات التأسيسي.
واعتبر أن حزبه "خسر في هذا الاستحقاق لكنه خاسر جدي، والخاسر الجدي هو الذي يعود إلى غرفة الملاعب ويشخص مكامن الخطأ والضعف، ويتداركها حتى يعود إلى الميدان بصفة أقوى مما هو عليه"، موضحا أن "الحزب بصدد تقويم تجربته وعمله خلال الفترة السابقة".
ورأى اللوز أن الحزب "يتطلع إلى المستقبل ويعمل في هذه الفترة على تشكيل الأقلية الضاغطة"، موضحا أن "دعوة حزب النهضة إلى إقامة نظام برلماني في تونس أمر خطير على البلاد، ومن شأنه أن يمدد فترة عدم الاستقرار".
وقال إن حزبه سيعمل على "إبقاء النظام الرئاسي كنظام حكم في البلاد، وتنظيم صفوف الكتلة الوسطية من أجل تونس عصرية، وسيستعد للاستحقاقات القادمة".
وكان ائتلاف "القطب الحداثي الديمقراطي" قد أوضح -خلال مؤتمر صحفي عقده لتقويم النتائج الأولية- أنه سيعمل خلال الفترة المقبلة على إعادة قراءة خطابه، وتحديد الخطوات التي سيقوم بها خلال الفترة المقبلة.
واعتبر الأمين العام للائتلاف رياض بن فضل أنه يجب استخلاص الدروس وتفادي الأخطاء التي أدت إلى خسارة القطب في الانتخابات، داعيا إلى حكومة تكنوقراط. وأوضح المسؤول السياسي أن "حزبه سيشكل معارضة إيجابية وبناءة"، كما أنه "لن يغض الطرف عن التجاوزات التي تم تسجيلها خلال العملية الانتخابية".