عرفات بوجمعة - تشرفت بتمثيل تونس في الوفد الدولي الكبير الذي زار قطاع غزة في 21 نوفمبر 2011 لمدة أربعة أيام. وقد ضم الوفد 100 متضامن من ضمنهم نواب برلمانيين وسياسيين وشخصيات حقوقية من 40 دولة من أوروبا وآسيا وافريقيا والأمريكيتين وممثلين عن الثورات العربية. وجاءت الزيارة ضمن الجهود المبذولة لرفع الحصار الغاشم على قطاع غزة والدعم الكامل للشعب الفلسطيني في جهوده لاسترجاع حقوقه. وتهدف الزيارة الى الوقوف على آثار الحصار واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع. كما تهدف الزيارة الى ارسال رسالة قوية الى المجتمع الدولي والجهات المسؤولة على هذا الحصار مفادها أن شعوب العالم الحر ترفض هذا الحصار الغاشم وتدعو لرفعه مباشرة. معاينة الأوضاع في غزة زار الوفد بعض المستشفيات ومركز رعاية أولية تشرف عليه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في مخيم جبالية للاجئين حيث تأثر هذا القطاع بشكل كبير من الحصار المفروض على القطاع. والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها سكان القطاع. وقد شرح الاطار الطبي أهم المشاكل التي يعاني منها القطاع الصحي وهي الحصار المفروض على القطاع والمنع المتعمد لادخال الأدوية والمستلزمات الطبية. وقد نتج عن ذلك نفاذ المئات من أصناف الأدوية الضرورية من المخازن ونقص سيارات الاسعاف والحاجة الى صيانة شاملة لسيارات الاسعاف الموجودة. كما يعاني القطاع الصحي من قلة المراكز الصحية التي لا يتناسب عددها مع الكثافة السكانية في القطاع حيث اضطروا الى استعمال مراكز الرعاية الأولية كمستشفيات رغم عدم جاهزيتها لذلك . كما تعاني هذه المراكز قلة الصيانة والتجهيزات وضرورة توسيع حجم الخدمات المقدمة للمرضى والمحتاجين للخدمات الصحية والذين معضمهم من اللاجئين. ورغم هذه المشاكل الموجودة في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية واتساع الطلب وارتفاع عدد المرضى وانعدام الأدوية ونقص المعدات والاجهزة الطبية الا أنه لا يمكن الاستغناء عنها لعدم وجود بديل بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة. كما قام الوفد بزيارة وزارة الأسرى والمحررين حيث تم الالتقاء بالأسرى المحررين الذين رووا للوفد المعاناة التي يعيشها الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال من مرض وألم وتنوع أساليب التعذيب كالعزل الانفرادي والحرمان من الزيارة ومنع للعلاج. كما يعاني الأسرى فراق الأهل والأحباب وقضائهم زهرة شبابهم وراء القضبان. كما التقى الوفد مجموعة من عائلات الأسرى الذين مازالوا يقبعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي حيث عبرت هذه العائلات عن أملنا في الافراج عن ذويهم في أقرب الآجال وقد عبرت أم الاسير فارس بارود من مخيم الشاطئ عن أملها في رؤية ابنها بعد أن حرمت من زيارته. وهي فقدت البصر حزنا عليه و تعيش وحيدة بعد أن هدم بيتها من قبل قوات الاحتلال. ولوحظ من خلال الزيارات الميدانية لأحياء غزة وخاصة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أن أهم المشاكل التي تعاني منها مخيمات القطاع هي أن الزيادة السكانية التي تشهدها مخيمات اللاجئين لا تتناسب مع محدودية المساحة لتلك المخيمات ونتيجة لذلك أصبحت المخيمات تشكل كتلة سكنية وبشرية تفتقر الى مقومات الحياة الكريمة حيث تفتقر المساكن فيها الى الشروط الصحية الضرورية من تهوئة واماكن اللعب للأطفال. وما زاد الوضع صعوبة التدمير الواسع للبنية التحتية والمباني اثر الحرب الأخيرة على قطاع غزة وعدم القدرة على القيام باعادة البناء بسبب الحصار المستمر منذ خمسة أعوام. وهذا ما جعل اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في أوضاع صعبة للغاية ويعتمدون على المعونات الانسانية التي لا تفي باحتياجاتهم. وفي زيارة لبيوت اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الشاطئ لوجظ أن معظم العائلات تعيش في بيوت صغيرة لا تتناسب مع أعداد العائلة التي في الغالب تأوي 9 أفراد. وينعدم في أغلب البيوت الظروف الصحية الضرورية مما يزيد من مخاطر الأمراض. اضافة لذلك فان الحصار على القطاع رفع من نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر. زار الوفد كذلك ميناء غزة وعاين واقع الصيد وأوضاع الصيادين في قطاع غزة. وقد شرح الصيادون أوضاعهم المؤلمة بسبب المنع والملاحقة وتدمير معدات الصيد والاعتقال والملاحقة المستمر للصيادين من طرف قوات الاحتلال. ويبلغ عدد الصيادين نحو 3500 أغلبهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون بشكل أساسي مخيم الشاطئ للاجئين اضافة الى عدد من المخيمات الأخرى في المنطقة الوسطى في قطاع غزة. وقد شددت قوات الاحتلال الاسرائيلي قيودها على عمل الصيادين وقلصت من مسافة الصيد في بحر غزة المسموح بها للصيادين الفلسطينيين الى ثلاثة أميال فقط. وهذا أدى الى حرمان الصيادين من الوصول الى أماكن تكاثر الأسماك مما أدى الى فقدان الصيادين لنسبة عالية جدا من دخلهم والاقتصار على كميات قليلة لا تفي بالحاجيات. كما يعاني الصيادين من انعدام وجود المعدات والمواد الأولية الضرورية للصيد والمراكب نتيجة للحصار مما اضطر العديد من الصيادين التوقف عن العمل رغم أنه المصدر الوحيد للعيش واعالة عائلاتهم المعوزة. مؤتمر الإعلان العالمي لرفع حصار الشعوب اللقاء الأهم خلال الزيارة كان تنظيم مؤتمر "الاعلان العالمي لرفع حصار الشعوب" حيث تجمع كل أعضاء الوفد بمشاركة شخصيات سياسية ورموز فلسطينية في مقدمتهم رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية ونائب رئيس المجلس التشريعي الدكتور أحمد بحر. وقد أكد المؤتمرون على ضرورة وضع حد للحظر المفروض على قطاع غزة وشددوا على أهمية التحرك وتكثيف الجهود وتوظيف كل الوسائل السلمية لاجبار حكومة الاحتلال الاسرائيلي على احترام القوانين الدولية وانهاء حصارها على غزة. رسالة الوفد التونسي وقد أرسلنا باسم الوفد التونسي رسالة حب واخاء من الشعب التونسي الى اشقائنا في غزة العزة الذين نحييهم ونشد على أياديهم وهم الذين رفعوا بصبرهم وصمودهم رؤوس كل الأمة العربية وكانوا خير سند لثوراتها. وأكد الوفد التونسي أن تونس الثورة والكرامة والحرية حكومة وشعبا تدعم إخوتنا في غزة من أجل رفع الحصار عنهم واسترداد كل حقوقهم المسلوبة. فالشعب التونسي الثائر كان يستصحب القضية الفلسطينية ويستلهمها أثناء الثورة التونسية وكان الشعب التونسي ينادي بتحرير فلسطين في نفس الوقت الذي نادى فيه باسقاط الطاغية.و الاعلام الفلسطينية كانت ترفرف جنبا الى جنب مع الاعلام التونسية في عناق رائع وجميل يدل على الإستمرارية والتواصل. وعبر الوفد التونسي عن شديد إعجابه واحترامه لصمود الشعب الفلسطيني وقدرة فائقة في التأقلم مع كل الأوضاع رغم الحصار. وكما بدأ ربيع الثورات العربية من تونس الخضراء فإني أحسب أن قوافل تحرير القدس ستبدأ زحفها من أرض الزيتونة تونس ان شاء الله.