دعا مسئول رفيع في اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا مسلمي القارة العجوز إلى ضرورة العمل على حل مشاكلهم داخل بلدانهم بالطرق السلمية وعدم تدويلها وتصديرها للخارج، كي لا يعطوا الفرصة لأحد أن يتهمهم بأنهم "طابور خامس"، مشددا في الوقت نفسه على أن ذلك لا يمنع العالمين العربي والإسلامي من مساندتهم. ولفت الدكتور أيمن علي الأمين العام لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، خلال حواره المباشر مع جمهور "إسلام أون لاين.نت" مساء الخميس 3 – 12 -2009، والذي تطرق لموقف مسلمي أوروبا من قضية حظر بناء المآذن في سويسرا، إلى أن أزمة حظر بناء المآذن كانت سببا في إطلاق مساعي لوضع إستراتيجية موحدة لمواجهة مثل هذه الأزمات مستقبلا. وفي استفاء شعبي الأحد 29-11-2009 صوت لصالح حظر بناء مآذن جديدة في البلاد 57.4 من الناخبين السويسريين، ما مثل مفاجأة؛ حيث كانت معظم استطلاعات الرأي تفيد بأن الناخبين سيعارضون هذا الاقتراح، وإن بغالبية طفيفة. وقال د. علي: "إننا كمسلمين في أوروبا جزء لا يتجزأ من النسيج الأوروبي، ونحمل هم الأوطان التي نعيش فيها، وبالتالي كلما كانت هناك إمكانية لحل بعض الأزمات بالحديث مع العقلاء داخل البلاد، فنحن لا نتوانى عن ذلك، ونفضله بشكل كبير". ورأى أن: "هذا التوجه يحقق لنا الكثير من المصالح، منها تكريس مفهوم المواطنة والانتماء بشكل عملي، وإيصال رسالة لمن يتهموننا بأننا طابور خامس، مفادها أننا مواطنون في هذا البلد، وهمنا حل قضايانا داخليا بالحوار وبالطرق السلمية". واستشهد بما قام بها مسلمو السويد عقب أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في عام 2005، حينما أكدوا رغبتهم في معالجة هذه الأزمة داخليا، وتعاونوا مع السلطات والنخب المعتدلة لاحتوائها، مشددا على "ضرورة استحضار هذه التجربة خلال التصدي لقضية حظر المآذن في سويسرا". الأمة الإسلامية بموازاة حثه المسلمين في أوروبا على عدم تصدير مشاكلهم إلى الخارج، أكد د. علي أنه لا يمكن لمسلمي القارة العجوز أن يفرضوا وصاية على الأمة الإسلامية ويمنعوا المسلمين من التفاعل مع القضايا التي تمس دينهم الحنيف أو رسولهم الكريم، فالإسلام وقضايا المسلمين مسئولية جميع المسلمين. وشدد في حواره مع جمهور "إسلام أون لاين" على أنه "على كل مسلم أن يسعى لإيصال رسالة لإخوانه في سويسرا مفادها (إنكم لستم وحدكم.. فنحن معكم)، وذلك عبر العديد من الطرق، من بينها الدعاء والتضرع لله أن يخرج المسلمين من هذه المحنة، والسعي لجلب تعاطف إسلامي وعالمي راشد لتلك القضية". وأضاف أن: "المجال مفتوح لكثير من الإجراءات الإيجابية التي من الممكن أن يتخذها المسلمين لنصرة إخوانهم في سويرا، منها توجيه رسائل مهذبة بآداب الإسلام بمختلف اللغات للمسئولين والسفارات والصحفيين والنخب وغيرهم في العالم للتعريف بموقف مسلمي سويسرا العادل في الدفاع عن رموزهم الدينية، والمشاركة في الفعاليات الحضارية التي تتم هنا وهناك تأييدا لموقفهم، وتنديدا بما ينطوي عليه الاستفتاء من تمييز". وعن دور الكتاب والمفكرين في العالمين العربي والإسلامي تجاه هذه القضية، قال د. علي إن "دورهم يتلخص في التفاعل الإيجابي مع وسائل الإعلام المختلفة لتوضيح موقف المسلمين، ناهيك عن مخاطبة السياسيين في كل أنحاء العالم بالأسلوب الحضاري الذي تعلمناه من الإسلام". وبالنسبة للحكومات العربية والإسلامية، شدد على أن دورها كبير، ويتمثل في "العمل على إبراز أهمية صيانة حقوق الأقليات المسلمة في البلدان الأوروبية، بجانب السعي مع المؤسسات الدولية لاستصدار تشريعات تحرم وتجرم المساس بعقائد الآخرين، وتمنع الاستفتاء على أمور تعتبر من الثوابت في الحريات العامة التي كفلتها مواثيق حقوق الإنسان". إستراتيجية موحدة وبشأن الطرق التي سيتبعها مسلمو سويسرا لمواجهة أزمة حظر بناء المآذن، قال الأمين العام لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا إن "هناك العديد من القيادات الإسلامية في أوروبا تسعى لإنشاء إستراتيجية موحدة لمواجهة مثل هذه الأزمات مستقبلا؛ ليس في سويسرا وإنما في أوروبا بأسرها". ولخص هذه الإستراتيجية في سبعة محاور:- - الأول: "المحور القانوني والإعلامي والحقوقي، ونسعى من خلاله لتحويل الظاهرة العددية الإسلامية إلى قوة سياسية وإعلامية فاعلة في الساحة الأوروبية، وبناء تحالفات مع القوى الأوروبية المعتدلة، سواء على المستوى الرسمي أو النخب من مؤسسات حقوقية وأحزاب سياسية وصحفيين ومفكرين". - ثانيا: "محاصرة نتائج الاستفتاء حتى لا تنتقل تلك العدوى إلى خارج سويسرا، وتتحول من حظر بناء مآذن فقط إلى حظر مساجد -لا قدر الله- ثم إلى حملة تهدد الوجود الإسلامي بأسره". - ثالثا: "التعريف بالإسلام، وهذا المحور يتعلق بمسلمي أوروبا؛ حيث يجب عليهم زيادة حملات التعريف بالإسلام، ومضمونه الحضاري، وتصحيح الصورة الذهنية المشوهة التي روج لها المغرضون". - رابعا: "تنسيق الجهود"، وفي هذا المحور شدد د. "علي" على "أهمية زيادة التلاحم بين المؤسسات الإسلامية في أوروبا والأقليات المسلمة لتنسيق الجهود وترشيد المواقف وتوجيه الانفعال في اتجاهات إيجابية ومنع الاستدراج لأي ردات فعل غير مقبولة". - خامسا: "لجنة حكماء عالمية إسلامية"، و"يجب أن تتألف من بعض قادة الأقلية المسلمة في أوروبا وعلماء الأمة ومؤسساتها بهدف توجيه الأمة في الاتجاهات الصحيحة للتعامل مع مثل هذه الأزمات، لتجاوز كثير من السلبيات، كتلك التي ظهرت في أزمة الدنمارك والإساءة لرسولنا الكريم". - سادسا: "التفاعل الإيجابي"، وفي هذا المحور دعا د. علي رجال الأعمال العرب والمسلمين الذي يقضي عدد كبير منهم إجازة الصيف في جبال سويسرا إلى التفاعل الإيجابي مع مشروعات المؤسسات الإسلامية في سويسرا، والتي تهدف للتعريف بالإسلام، وإنشاء مراكز التواصل الحضاري. - وأخيرا: "إنشاء مؤسسة حقوقية أوروبية مهمتها الأساسية الدفاع عن حقوق المسلمين في أوروبا ضد الانتهاكات الفردية والجماعية"، بحسب الأمين العام لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.