دولة أوروبية تخطط لسحب جنسية بعض مواطنيها    عاجل/ بعد تعرض عدد من جماهير الترجي لاعتداءات وسرقة في جنوب افريقيا: وزارة الخارجية تكشف..    باريس سان جيرمان ينجو من مفاجأة في الشوط الأول ويتأهل لنهائي كأس فرنسا بفوزه 4-2 على دونكيرك    وزيرة الصناعة تتحادث مع مسؤولين من كبرى الشركات العالمية بمدينة هانوفر الألمانية    عاجل/ مجدي الكرباعي يفجرها ويكشف: تخدير المهاجرين غصبا قبل ترحيلهم..! (فيديو)    مصر.. نمر يهاجم أحد العمال في سيرك طنطا ويلتهم جزءا من ذراعه! (فيديو)    رقم قياسي.. سيناتور أمريكي يتحدث لأكثر من 25 ساعة بلا انقطاع    عاجل/ الجزائر تسقط مسيّرة مسلّحة اخترقت مجالها الجوي..    عاجل/ حصيلة الزلزال في ميانمار ترتفع إلى 2719 قتيلا..    قضى 5 أيام تحت الركام.. انتشال رجل حي بعد زلزال ميانمار    مشروع قانون منع المناولة أمام البرلمان: جدل حول التشغيل الهش والانتدابات    منى البوعزيزي تروي تفاصيل صراع رجال أعمال بسبب راقصة انتهى بالسجن    ريال مدريد يقصي سوسيداد في الوقت الإضافي ويتأهل لنهائي كأس اسبانيا    اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    طقس اليوم الأربعاء    حجز كميات هامة من المخدرات وايقاف 11 مروجا بينهم أجانب..#خبر_عاجل    حالة الطقس اليوم الأربعاء    في عملية نوعية: تفكيك شبكة مختصة في تجارة الأسلحة والمخدرات بالقصرين    الفيلمان التونسيان "الذراري الحُمر" و"عالحافة" في المسابقة الرسمية لمهرجان مالمو للسينما العربية    رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر    الفيلمان التونسيان ''الذراري الحُمر'' و''عالحافة'' في المسابقة الرسمية لمهرجان مالمو للسينما العربية    منظمة الصحة العالمية: النقص الحاد في الأدوية وأدوات التشخيص للأمراض الفطرية الغازية يُشكِّل خطرًا متزايدًا    الحوثيون يعلنون استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" 3 مرات في 24 ساعة    كبير الأحبار بتونس يعتذر للوحدات الأمنية بجربة    قيمة تحويلات التونسيين بالخارج    أخبار الحكومة    كرة السلة...فرجة في القرجاني واثارة في المنستير    توقعات بشأن منخفض جوي    الخارجية : سفارة تونس ببريتوريا نسقت لتأمين خروج جمهور فريق الترجي من ملعب المباراة التي جمعته بفريق ماميلودي صانداونز الجنوب افريقيا    بيراميدز يكتسح الجيش الملكي ويقترب من نصف نهائي رابطة أبطال إفريقيا    في 25 دولة: مئات الموقوفين بإفريقيا ضمن حملة منسّقة لمكافحة الجرائم السيبرانية    من بينهم «الديناري» وصالح الجدي .. هؤلاء تميّزوا في رمضان 2025    أولا وأخيرا.. «شي يوقف العقل»    من وعي الثورة إلى الثورة على الوهم : متى يتجاوز العقل العربي مربع المعبد الخرافي ؟    انخفاض لافت في حوادث المرور    البرلمان الأوروبي يعتمد صرف 4 مليارات يورو لمصر    الغرفة التجارية والصناعية بالوسط تنظم لقاء خبراء لفائئدة المؤسسات الراغبة في ازالة الكربون وتحقيق التحول الطاقي الجمعة 11 أفريل    كاس افريقيا لاقل من 17 سنة: فوز تونس على الصومال 3- صفر    صفاقس : أمسية ثقافية ترفيهية ب"وادي العوابد " بقرمدة إحتفاء بشهر الثقافة وبمناسبة عيد الفطر    النفيضة: حجز 80 طنًا من السداري منتهية الصلوحية في مداهمة لمستودع تابع لأحد مصانع العلف    تونس: تطور المداخيل السياحية ب5% خلال الثلاثية الأولى من 2025    إصابة 6 أشخاص في تصادم بين ''لواج''وسيارة    دبلوماسية اقتصادية: تونس تدعم حضورها في السوق السويدية    بمناسبة العودة من عطلة العيد: مرصد سلامة المرور يدعو إلى توخي الحذر..    المهدية: "الدورة الرابعة لمهرجان التراث بوادي باجة تحفر عميقا في عادات وتقاليد المنطقة" (مدير المهرجان)    كذبة افريل ... يا حسرة .. كان زمان …عبد الكريم قطاطة    إصابة 16 شخصا في حادث مرور بالوسلاتية    يومي 5 و6 افريل: دورة ثانية لتظاهرة "يومان دون سيارات" بشارع الحبيب بورقيبة    رفع 563 مخالفة اقتصادية خلال شهر رمضان بهذه الولاية..    بداية من اليوم.. اغلاق موسم صيد الأخطبوط لهذه السنة    إنتبه...كذبة أفريل بإنتظارك اليوم    التشكيلة المنتظرة للترجي أمام ماميلودي صنداونز في دوري الأبطال    Factcheck: السعودية لم تعلن وقوع خطأ برؤية هلال شوال وتقرير الجزيرة يعود إلى 2011    عادة شائعة قد تلحق ضررا خطيرا بعينيك    توزر: الإدارة الجهوية للصحة تنتهي من تنظيم حملات تقصي السكري وضعط الدم بمناسبة شهر رمضان تحت شعار "رمضانيات صحية"    موعد عيد الفطر يثير ضجة وانقسام غير مسبوق بين الدول العربية..!    6 أنشطة يمكنك القيام بها في الصباح لإنقاص وزن الماء في الجسم    نصائح للعودة إلى الروتين الطبيعي بعد رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي وتحديات المرحلة
نشر في الحوار نت يوم 18 - 02 - 2014

من هو المسلم الذي يرضى أن يبدأ مشوارا نضاليا بالانضواء إلى "جماعة إسلامية" وينتهي متهما بالانتماء إلى نفس التنظيم بوصفه "جماعة إرهابية"؟ هذا ما حصل لإخوان مصر وكاد يحصل لحزب حركة النهضة بتونس لمّا تأكد المجتمع من عدم جاهزية الحزب ذي الخلفية الدينية لأن يقود البلاد إلى الانتقال السياسي و الرقي الاجتماعي والتقدم الحضاري. بينما نحن ننطلق من افتراض مبدئي مفاده أنّ المسلم الحر هو من يبدأ مناضلا وإذا انتهى – ناجحا أو فاشلا- فينتهي وهو مقتنع بما أنجزه وبالإطار الذي عمل ضمنه. قد يقال عنه إنه فاشل لكن لا يمكن أن يقال عنه إنه مهرب للدين ومتاجر به وراكب عليه مثلما قيل عن المنتمين إلى الحركات الإسلامية في تونس وفي مختلف البلدان المعنية بهذه المسألة.
فما مستقبل العمل "الإسلامي" في ضوء هذه الحقيقة التاريخية؟ أي هل سيكون عمل إسلاميين أم مسلمين؟
من الوهلة الأولى لا أشك في أنّ المسلم الحر هو ذاك الذي لا يقبل بمثل ذلك الانقلاب على النفس الذي حصل لرمزية المسلم عبر الإخلال بمهمة حفظ وجه المسلم من طرف الإسلام السياسي. وهو انقلاب على النفس لأنه يجسد التعارض التام بين مدخلات ومخرجات النضال لرفع راية الدين الحنيف عبر رفع راية المسلمين دينا وعقلا وعملا.
لقد بدأ هذا النضال دعويا توعويا (في السبعينات من القرن الماضي في تونس) وما راع المجتمعات المعنية (مصر، السودان، تونس، الأردن وما إلى ذلك) إلا أن تحوّل هذا النضال إلى عمل سياسي باسم الدين، حتى انتهى محكوم عليه بالحجر وبالتحجير وبأساليب إقصائية مختلفة.
إنّ الاستنتاج الذي نخلص إليه بخصوص السؤال الأول هو أنّ الحركات الإسلامية كانت غير قادرة على التأثير الإيجابي على الحياة العامة وعلى الشأن العام في مجتمعاتها. ومردُّ ذلك أنها حبست الإسلام في حزبٍ سياسي بينما كان عليها أن تعمل خارج ذلك الإطار حتى يبقى الإسلام متحررا وبالتالي يكون عطاؤه أغزر وحتى تتكوّن لدى الأفراد والمجتمع ثقافةٌ سياسية وليدةُ زمانها وتتشكل البدائل الواقعية والناجعة. بينما يلاحظ أنّ في تبجيل الإسلام السياسي لفكرة التحزب باسم الدين على العمل الإسلامي الإصلاحي المدني- العلمي والتربوي والتواصلي والاجتماعي - وبعد وصوله إلى السلطة وممارسته لها، تبيّن أنّ الإسلاميين قد توخوا طرائق وآليات أكل عليها الدهر وشرب وبالتالي لم يُلبِّ مرورهم بالسلطة متطلبات المجتمع. لقد أخطئوا المرمى لأنهم أخطئوا الوسيلة وربما أخطئوا العصر أيضا.
بهذا المعنى، سيكون المسلمون في حِلّ من إرغامات التحزب المُركّز على الدين. وهذا مما سيوفر لدى الفكر الإسلامي الجديد آليات العمل البديلة التي ستخول للإسلاميين الجدد القدرة على تشخيص حاجيات الفرد والمجتمع ومن ثمة القدرة على إنجاز الإصلاح. وهذه الآليات، التي تخص مهمة تشخيص الواقع ومشكلاته و مهمة الإصلاح، لن تكون ناجعة إلا في صورة اتسامها بأكثر علمية وبأكثر وضوح من تلك التي كانت متوفرة لدى الحركات الإسلامية عند ظهورها قبل ما يناهز نصف القرن.
حين يكون العمل الإسلامي قد انتقل من إطار الحزب الإسلامي الشكلي، أي المُركّز على العقيدة وعلى الهوية دون ارتكازه على دعائم علمية و موضوعية محسوبة على الآثار الطيبة للإيمان، إلى الإطار المدني الإصلاحي النافذ. نتيجةً لذلك، سيحقق المجتمع السياسي حدّا أدنى من التوحد الفكري لأنّ الفكر الإسلامي صار قادرا - بموجب حيازته على الكفاءة العملية والتأصيلية - على التجذير التدريجي للاشتراكية وللشيوعية و لليبرالية ولسائر المكونات النظرية والفلسفية الكونية في داخل النسيج الفكري والعقل المجتمعي. وعندئذ سيكون الفكر الإسلامي الإصلاحي بمثابة القاطرة التي تقود المجتمع السياسي على درب تحقيق الأهداف التي تتطلبها تحديات المستقبل بشأن الرقي والتقدم.
إنّ الظرف الذي تمر به تونس (مغادرة الإسلام السياسي السلطة) ملائم جدا لتجديد العمل والفكر الإسلاميين. فالإسلام يسجل في هذه المرحلة تحررا من التحزب العقدي المغلف بالمدنية وبالتالي فالفرصة سانحة للتأسيس لعملٍ سياسي منظم يكون من الصنف التشاركي يلعب فيه العامل الإسلامي – تبعا لقدرته على استيعاب كل ما يصلح من المكونات الإيديولوجية والفكرية الكونية - دور الوسيط والمعدل للفكر السياسي العام.
على هذا النحو لا خوف على المجتمع من الاستبداد ولا خوف على الحياة السياسية من الاستحواذ عليها من قِبل طيف دون آخر طالما أنّ الأطياف /الأحزاب كافة ستكون مرتكزة مستقبلا على قاعدة مشتركة متكونة من كُنه المادة الفكرية الكونية التي استوعبها وأعاد تدويرها وتوزيعها الفكر الإسلامي.
بالنهاية ستكون كل الأطياف/الأحزاب مشتملة على قسط أو منسوب من الخليط – الفكري والفلسفي والإيديولوجي- الذي تمّ إعداده بفضل اضطلاع الفكرة الإسلامية بدورها الطبيعي، دور المستوعب للاختلاف بين الثقافات وبين المعتقدات (حتى داخل المجتمع العربي الإسلامي الواحد)، ومن ثمة اضطلاعها بدور الموحّد، وأخيرا بدور المُوجه للعقل المجتمعي نحو الرؤية الواضحة لمتطلبات النموّ الطبيعي للمسلم وللمجتمع ذي الأغلبية السكانية المسلمة.
محمد الحمّار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.