المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط تُحذر من الضغوط النفسية على التلاميذ..    القيروان: دخول محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية حيز الإنتاج    لاعب عربي وحيد في التشكيلة المثالية ل«فيفا» لأفضل 11 لاعبا في العالم 2025    تنبيه لمستعملي الطريق: ضباب كثيف يحجب الرؤية الليلة وصباح الغد..#خبر_عاجل    صفاقس: صدور قرار مشترك بين 8 بلديات ينظّم جولان الشاحنات الثقيلة    مؤسسة فداء تحيي الذكرى 15 للثورة.. وتعلن عن مشروع "سجل وطني لشهداء الثورة"    انطلاق تظاهرة «المواهب الخفية» بالمركب الشبابي بالمرسى    مدينة العلوم بتونس تنظم يوم 19 ديسمبر 2025 حفل اطلاق نشر سلسلة من 16 كتيّب علمي باللغة العربية    طرق مدهشة لتخزين الرمان لأسابيع وشهور..تعرف عليها..    توزر: قريبا الشروع في إنجاز مسرح للهواء الطلق بمدينة توزر بتمويل مشترك يصل إلى 3,5 ملايين دينار    تنبيه للمواطنين..تحويل وقتي لخطوط بعض الحافلات..#خبر_عاجل    فريال يوسف تُقاضي نادية الجُندي    عندك فكرة على اضطراب الشخصية الحديّة؟    محكمة فرنسية تُطالب سان جيرمان بدفع 60 مليون يورو لمبابي    beIN SPORTS تكشف عن خطط البث لكأس أمم إفريقيا كاف توتال إنيرجيز المغرب 2025 بتغطية يومية لمدة 15 ساعة عبر أربع قنوات مخصصة    الكاف: تقدّم موسم البذر بأكثر من 75 بالمائة وتوقعات باستكمال المساحات المتبقية قبل موفى الشهر الجاري    27 مهاجرا بين قتيل ومفقود في غرق قارب حرقة..#خبر_عاجل    يومٌ دراسي بعنوان "نحو إرساء مقاربة تشاركية لحماية المباني الأثرية والتاريخية المهدّدة بالسقوط"    كأس أمم إفريقيا: أوغندا تطمح لترك بصمتها في دورة تلوح استثنائية    مسؤولون سابقون بهذه الشركة يمثلون أمام القضاء..#خبر_عاجل    الملعب التونسي: اتفاق مبدئي مع عمار السويح لتدريب الفريق    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر: الهروب من التوبة.. في جولة عروض    عاجل/ قروض بشروط ميسرة لفائدة هؤلاء..    وزير التجارة يؤكد ان المنافسة الدولية قوية وتستوجب العمل المشترك لتحقيق الأهداف المرجوة    عاجل/ اتفاق غزة: "حماس" تقترح..    تونس: إيقاف شاب متورّط في سرقات السيّارات باستخدام تقنيات متطورة    النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة تجدد تمسكها بمنظومة الطرف الدافع فور توفّر ضمانات قانونية ومالية حقيقية    المرصد الوطني للطاقة والمناجم: شبه استقرار في الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى أكتوبر 2025    بطولة كرة اليد: كلاسيكو منتظر اليوم بين النادي الإفريقي والنجم الساحلي    تُباع علنا على صفحات الفيسبوك: القهوة المهرّبة تسيطر على السوق التونسي    بعد تألقه عالميا: عرض خاص لفيلم الروندة 13 في أيام قرطاج السينمائية    ديوان الطيران المدني يقوم بعملية بيضاء بمطار صفاقس طينة وإمكانية ظهور سحابة من الدخان    اخفته داخل علب مأكولات: السجن 20 سنة لفتاة تورطت في تهريب الهيروين..#خبر_عاجل    طبيب بيطري للتوانسة: هاو كيفاش تربّي العصفور    شنوّا حكاية المواد المحجوزة وعلاقتها برأس العام؟    حي هلال: السجن المؤبد لقاتل عطّار    عاجل: تحذير من أمطار قوية يومي الخميس والجمعة    انتخاب القائد وحيد العبيدي رئيسا للاتحاد الإسلامي العالمي للكشافة والشباب    أيام قرطاج السينمائية 2025 "كولونيا" فيلم عن الرفق بالآباء حين يأتي متأخرا    بطولة كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الرابعة إيابا    اصطدام وشيك بين "ستارلينك" وقمر صيني.. الازدحام الفضائي يصل إلى مرحلة خطيرة!..    أول تعليق لأحمد الأحمد بطل عملية سيدني    مسؤولون أمريكيون: تسوية نحو 90% من الخلافات بشأن اتفاق سلام في أوكرانيا    هام/ تعاونية أعوان الديوانة تنتدب..    قريبا: افتتاح وكالتين قنصليتين جديدتين لتونس بأجاكسيو وبوردو    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    ترامب يعلن تصنيف الفنتانيل المخدر 'سلاح دمار شامل': فما هي هذه المادة؟    تونس أمام تحدّي التغيّرات المناخية: دروس من فيضانات المغرب وتحذيرات علمية من المخاطر المقبلة    يعرض اليوم على التصويت.....تفاصيل "قانون" انتداب خريجي الجامعات ممن طالت بطالتهم    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم سيدني سافرا قبل شهر من الحادث إلى الفلبين    ترامب: 59 دولة ترغب في المشاركة بقوة الاستقرار بغزة    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة..؟    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي وتحديات المرحلة
نشر في الحوار نت يوم 18 - 02 - 2014

من هو المسلم الذي يرضى أن يبدأ مشوارا نضاليا بالانضواء إلى "جماعة إسلامية" وينتهي متهما بالانتماء إلى نفس التنظيم بوصفه "جماعة إرهابية"؟ هذا ما حصل لإخوان مصر وكاد يحصل لحزب حركة النهضة بتونس لمّا تأكد المجتمع من عدم جاهزية الحزب ذي الخلفية الدينية لأن يقود البلاد إلى الانتقال السياسي و الرقي الاجتماعي والتقدم الحضاري. بينما نحن ننطلق من افتراض مبدئي مفاده أنّ المسلم الحر هو من يبدأ مناضلا وإذا انتهى – ناجحا أو فاشلا- فينتهي وهو مقتنع بما أنجزه وبالإطار الذي عمل ضمنه. قد يقال عنه إنه فاشل لكن لا يمكن أن يقال عنه إنه مهرب للدين ومتاجر به وراكب عليه مثلما قيل عن المنتمين إلى الحركات الإسلامية في تونس وفي مختلف البلدان المعنية بهذه المسألة.
فما مستقبل العمل "الإسلامي" في ضوء هذه الحقيقة التاريخية؟ أي هل سيكون عمل إسلاميين أم مسلمين؟
من الوهلة الأولى لا أشك في أنّ المسلم الحر هو ذاك الذي لا يقبل بمثل ذلك الانقلاب على النفس الذي حصل لرمزية المسلم عبر الإخلال بمهمة حفظ وجه المسلم من طرف الإسلام السياسي. وهو انقلاب على النفس لأنه يجسد التعارض التام بين مدخلات ومخرجات النضال لرفع راية الدين الحنيف عبر رفع راية المسلمين دينا وعقلا وعملا.
لقد بدأ هذا النضال دعويا توعويا (في السبعينات من القرن الماضي في تونس) وما راع المجتمعات المعنية (مصر، السودان، تونس، الأردن وما إلى ذلك) إلا أن تحوّل هذا النضال إلى عمل سياسي باسم الدين، حتى انتهى محكوم عليه بالحجر وبالتحجير وبأساليب إقصائية مختلفة.
إنّ الاستنتاج الذي نخلص إليه بخصوص السؤال الأول هو أنّ الحركات الإسلامية كانت غير قادرة على التأثير الإيجابي على الحياة العامة وعلى الشأن العام في مجتمعاتها. ومردُّ ذلك أنها حبست الإسلام في حزبٍ سياسي بينما كان عليها أن تعمل خارج ذلك الإطار حتى يبقى الإسلام متحررا وبالتالي يكون عطاؤه أغزر وحتى تتكوّن لدى الأفراد والمجتمع ثقافةٌ سياسية وليدةُ زمانها وتتشكل البدائل الواقعية والناجعة. بينما يلاحظ أنّ في تبجيل الإسلام السياسي لفكرة التحزب باسم الدين على العمل الإسلامي الإصلاحي المدني- العلمي والتربوي والتواصلي والاجتماعي - وبعد وصوله إلى السلطة وممارسته لها، تبيّن أنّ الإسلاميين قد توخوا طرائق وآليات أكل عليها الدهر وشرب وبالتالي لم يُلبِّ مرورهم بالسلطة متطلبات المجتمع. لقد أخطئوا المرمى لأنهم أخطئوا الوسيلة وربما أخطئوا العصر أيضا.
بهذا المعنى، سيكون المسلمون في حِلّ من إرغامات التحزب المُركّز على الدين. وهذا مما سيوفر لدى الفكر الإسلامي الجديد آليات العمل البديلة التي ستخول للإسلاميين الجدد القدرة على تشخيص حاجيات الفرد والمجتمع ومن ثمة القدرة على إنجاز الإصلاح. وهذه الآليات، التي تخص مهمة تشخيص الواقع ومشكلاته و مهمة الإصلاح، لن تكون ناجعة إلا في صورة اتسامها بأكثر علمية وبأكثر وضوح من تلك التي كانت متوفرة لدى الحركات الإسلامية عند ظهورها قبل ما يناهز نصف القرن.
حين يكون العمل الإسلامي قد انتقل من إطار الحزب الإسلامي الشكلي، أي المُركّز على العقيدة وعلى الهوية دون ارتكازه على دعائم علمية و موضوعية محسوبة على الآثار الطيبة للإيمان، إلى الإطار المدني الإصلاحي النافذ. نتيجةً لذلك، سيحقق المجتمع السياسي حدّا أدنى من التوحد الفكري لأنّ الفكر الإسلامي صار قادرا - بموجب حيازته على الكفاءة العملية والتأصيلية - على التجذير التدريجي للاشتراكية وللشيوعية و لليبرالية ولسائر المكونات النظرية والفلسفية الكونية في داخل النسيج الفكري والعقل المجتمعي. وعندئذ سيكون الفكر الإسلامي الإصلاحي بمثابة القاطرة التي تقود المجتمع السياسي على درب تحقيق الأهداف التي تتطلبها تحديات المستقبل بشأن الرقي والتقدم.
إنّ الظرف الذي تمر به تونس (مغادرة الإسلام السياسي السلطة) ملائم جدا لتجديد العمل والفكر الإسلاميين. فالإسلام يسجل في هذه المرحلة تحررا من التحزب العقدي المغلف بالمدنية وبالتالي فالفرصة سانحة للتأسيس لعملٍ سياسي منظم يكون من الصنف التشاركي يلعب فيه العامل الإسلامي – تبعا لقدرته على استيعاب كل ما يصلح من المكونات الإيديولوجية والفكرية الكونية - دور الوسيط والمعدل للفكر السياسي العام.
على هذا النحو لا خوف على المجتمع من الاستبداد ولا خوف على الحياة السياسية من الاستحواذ عليها من قِبل طيف دون آخر طالما أنّ الأطياف /الأحزاب كافة ستكون مرتكزة مستقبلا على قاعدة مشتركة متكونة من كُنه المادة الفكرية الكونية التي استوعبها وأعاد تدويرها وتوزيعها الفكر الإسلامي.
بالنهاية ستكون كل الأطياف/الأحزاب مشتملة على قسط أو منسوب من الخليط – الفكري والفلسفي والإيديولوجي- الذي تمّ إعداده بفضل اضطلاع الفكرة الإسلامية بدورها الطبيعي، دور المستوعب للاختلاف بين الثقافات وبين المعتقدات (حتى داخل المجتمع العربي الإسلامي الواحد)، ومن ثمة اضطلاعها بدور الموحّد، وأخيرا بدور المُوجه للعقل المجتمعي نحو الرؤية الواضحة لمتطلبات النموّ الطبيعي للمسلم وللمجتمع ذي الأغلبية السكانية المسلمة.
محمد الحمّار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.