في ذكرى وفاتها تغمدها الله بواسع رحمته فلتتوقف الخطابات ولتعلو أصوات الزغاريد فهذا اليوم ليس ككل الأيام، أنيروا المصابيح وأقيموا الأعراس لعرس ليس ككل الأعراس، ارتقى الشهيد تلو الشهيد تلو الشهيد...مداد الفخر والدم والشرف خط أسماءهم جميعا دون استثناء في كتاب ذاكرة التحرير والجهاد، وهو المداد الذي يمتنع ويمنع عن ومن النسيان، تراب تلك البلدة الطاهرة يحتضنهم، سماؤها، أحياءها، أطفالها، شبابها، نساؤها وشيوخها، والحضن الأكبر كان لتلك الشامخة في سماء فلسطين، هذه البطلة الصامدة التي قاومت الكبد المرهف للأم، وزرعت في أمهات فلسطين كل معاني الإباء والصبر والصمود والمصابرة والمرابطة، وودعت أبطالها الأبناء البررة وهي محتسبة الأجر والثواب الرباني، ولسان حالها يردد بكل يقين قرآني قول المولى عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا تشعرون، ولنبلونكم بشي من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله إنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"، الخنساء تغادرنا وترتقي، بعزتها وشموخها وهمتها وصمودها وصبرها، الخنساء تلتحق بأبناءها البررة وهي يقينا قد أشاعت قيمها الفريدة في تربة فلسطين، فتكون مع كل زغرودة أم تودع ابنا فلسطينيا يخرج للنكاية بالعدو، ومع كل إباء أمومي في ساحة الجهاد ضد الأعداء الصهاينة، ومع كل تشييع لجنازة شهيد، حسنات من فوقها حسنات تنضاف إلى ميزانها العظيم عند الله ولا نزكي على الله أحدا، تغمدك الله بواسع رحمتك وألحقك مع النبيئين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. كتبت يوم 17 مارس 2013 بمكناس