كشف قضاة بدائرة المحاسبات لنواب لجنة الطاقة والقطاعات الانتاجية بالمجلس الوطني التأسيسي خلال اجتماع عقدته اللجنة أمس وجود خروقات عديدة في التمديد لرخص بحث عن المحروقات وخاصة رخصتي "زارات" و"أميلكار". وعبّر النواب عن صدمتهم الشديدة لهول ما استمعوا إليه مما ورد في تقرير الدائرة حول قطاع الطاقة، وقالوا إنهم يحسّون بالوجع لتواصل استنزاف الثروات البترولية والغازية الوطنية من قبل شركات أجنبية بمعاليم زهيدة، وطالبوا حكومة مهدي جمعة بأن تنهي مهزلة الفساد المستشري في قطاع الطاقة فورا وتوقف اخطبوطه، ودعوا وسائل الإعلام إلى جعل ملف الطاقة قضية رأي عام خاصة أن الدستور الجديد نص في فصله الثالث عشر على أن "الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي تمارس الدولة السيادة عليها باسمه. تعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المتخصصة بمجلس نواب الشعب. وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة". وتنكّب لجنة الطاقة حاليا على دراسة عدد من مشاريع القوانين المتعلقة بالتمديد في رخص البحث عن المحروقات وبدا رئيسها النائب شفيق زرقين بالمرصاد للتجاوزات. وقال بصريح العبارة: "إن المجلس الوطني التأسيسي لن يكون آلة غسيل لأخطاء فضيعة ارتكبتها الإدارة في حق الثروات الوطنية." وبين أن رخصة زارات أبرمت منذ 23 سنة وتمتعت بثلاث تجديدات و9 تمديدات و5 ملاحق مع الكثير من التجاوزات، ونفس الأمر ينسحب على رخصة أميلكار التي أبرمت منذ 26 سنة وحصلت على 4 تجديدات و8 تمديدات و5 ملاحق. وتساءل النائب مستنكرا :" إنني لا أعرف بأي منطق تفكر الادارة؟ وبأية روح وطنية أرسلت للمجلس التأسيسي مشاريع قوانين جديدة للتمديد في تلك الرخص وكان الأجدر بها التفكير في كيفية تجاوز الإخلالات السابقة لأنه من المؤسف جدا أن يتواصل استنزاف الخيرات الوطنية بتلك الكيفية". تمديد ويتعلق مشروع القانون المعروض على أنظار لجنة الطاقة بالمصادقة على الملحق عدد 5 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات التي تعرف برخصة زارات وملحقاتها الممضى في 12 مارس 2013 بين الدولة التونسية من جهة وشركة( ب أ ريسورسز تونس ب ت إ ) والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من جهة أخرى. وذلك بتنقيح الفصل 20 من كراس الشروط الخاص بها وإضافة التزامات تعاقدية والتمديد بثلاث سنوات في مدة صلوحيتها إلى غاية 24 جويلية 2015. وفي شرح للأسباب هذا المشروع الذي احالته حكومة علي العريض على التأسيسي، اسندت رخصة البحث زارات بمقتضى الاتفاقية الممضاة بتونس في 5 فيفري 1990 وتتمتع بها حاليا الشركة السويدية بنسبة 45 بالمائة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة 55 بالمائة. أما مشروع القانون الثاني فيتعلق بالمصادقة على الملحق عدد 5 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات التي تعرف برخصة اميلكار وملحقاتها والممضى بين الدولة التونسية من جهة وشركة بريتش غاز تونس المحدودة، والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من جهة أخرى. وفي شرح لأسباب هذا المشروع الذي أحالته حكومة حمادي الجبالي على المجلس تمّت الاشارة الى أنه يهدف إلى التمديد بسنة في مدة صلوحية التجديد الرابع إلى غاية 22 ديسمبر 2012 لتمكين شركة بريتش غاز من انجاز بئرين. وذلك إلى جانب تسوية وضعية تمويل مشروع الغاز المسيل المتكامل معالجة ونقلا وخزنا عن طريق استعمال مدخرات إعادة الاستثمار وذلك بالترفيع في استثمار شركة بريتش غاز. واسندت رخصة البحث أميلكار بمقتضى اتفاقية ممضاة في 25 اكتوبر 1988 وتتمتّع بها كل من الشركة البريطانية بريتش غاز تونس المحدودة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة خمسين بالمائة لكل منهما. مخالفات وبين قضاة المحكمة الإدارية محمد الطرابلسي وحسين بوصندل للنواب أن خمس (واحد على خمسة) الرخص فقط خاضعة لأحكام مجلة المحروقات في حين أن البقية مخالفة. وأوصيا بمنع السيطرة المطلقة على الثروات النفطية والغازية من قبل الشركات الأجنبية وبتنقيح التشريع الوطني بضبط النسب القصوى من الانتاج للشركات الأجنبية على أن تقابل الامتيازات والاستثناءات الممنوحة لها امتيازات موازية لفائدة الدولة يتم تضمينها بملاحق مع مراعات تطور الأسعار العالمية. مهام رقابية كشفت عن اخلالات وذكر القاضيان أن دائرة المحاسبات أنجزت مهمة رقابية ميدانية بين 2010 وموفى 2011 تعلقت بأداء منظومة الغاز الطبيعي وشملت الإدارة العامة للطاقة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية والشركة التونسية للأنبوب العابر للغاز والشركة التونسية للكهرباء والغاز. وتبينت من خلال هذه المهمة عديد الإخلالات تم كشفها في تقرير الدائرة المنشور على موقعها على الانترنيت ومنها ما يتصل بالتصرف في الرخص من حيث الجانب القانوني والجانب الفني. وتتلخص أبرز ملاحظات الدائرة في طول فترة الرخص وتواتر التمديدات والتجديدات ومنح استثناءات مخالفة للقانون مقابل عدم حصول الدولة على أي امتياز مع ضعف قيمة المصاريف الدنيا للأشغال المتعهد بها وعدم تحيينها بما يعني المس من المصالح المالية للدولة. كما لاحظ ممثلا دائرة المحاسبات أن المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية لم يعد باستطاعتها المتابعة والمراقبة نظرا لإفراغها من الخبرات لأن هؤلاء التحقوا بالشركات الاجنبية والخاصة المنتصبة بتونس بسبب الأجور المغرية التي تصل إلى خمس مرات مقدار الأجور التي يقبضونها في تلك الشركة واقترحا منع هذا الأمر. وبينا أنه بإمكان أي مواطن الاطلاع على التقرير الصادر عن الدائرة والمنشور بموقعها على شبكة الانترنيت وفيه تفاصيل كل التجاوزات التي وقع رصدها وردود الأطراف المعنية. وكان النائب عبد العزيز القطي (نداء تونس) استنكر الأسلوب الذي تحدث به قضاة دائرة المحاسبات عن تلك التجاوزات، وبين أنهما يريدان التأثير على النواب قبل التصويت على الاتفاقية، وأثار كلامه المتشنج استغراب القضاة، وغضب زميله النائب الناجي الغرسلي الذي اعتذر للقضاة وقال إنهما قاما بواجبهما.