المهدية: محامو الجهة يُنفّذون إضرابًا حضوريًّا بيوميْن    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    ازدحام و حركية كبيرة بمعبر ذهيبة-وازن الحدودي    كرة اليد: الترجي يعبر الى نصف النهائي ويواجه الاهلي المصري    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    المنتدى العالمي للطب البيطري يعقد في تونس ...و هذا موعده    طبرقة: فلاحو المنطقة السقوية طبرقة يوجهون نداء استغاثة    مدير إعدادية أمام القضاء..التفاصيل    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    استبشر لها الأهالي: قوات الأمن تزيل أكواخ الأفارقة بجبنيانة والعامرة (صور)    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    عاجل : مبروك كرشيد يخرج بهذا التصريح بعد مغادرته تونس    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز 08 صفائح و05 قطع من مخدر القنب الهندي..    يهم التونسيين : غدًا طقس شتوي 100% و هذه التفاصيل    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    الفيفا يكشف عن فرضيات تأهل الترجي الرياضي لكأس العالم للأندية    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    وزير الدفاع الايطالي في تونس    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    بطولة إفريقيا للأندية للكرة الطائرة: مولودية بوسالم يواجه الأهلي المصري من الحفاظ أجل اللقب    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 23 أفريل 2024    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بسبب فضيحة جنسية: استقالة هذا الاعلامي المشهور..!!    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ماذا يحدث؟..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 بالمائة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    صادم: كلغ لحم "العلوش" يصل الى 58 دينارا..!!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عذرا أيّها الشهداء لقد مات فينا عمر . بقلم : غفران حسايني صحفي و باحث في الحضارة
نشر في الحوار نت يوم 16 - 04 - 2014


يسكن عمر ابن الخطاب ذاكرة المسلمين كرمز حي لهذه الأمّة التي تمرّ بأحلك أزمنتها وقد علا صوت الظلم فيها على صوت العدل فانتكست راية أمّة أرست كيانها الاوّل على مبدأ العدل بين الناس كافّة والحريّة الفردية والجماعية التي كان عمر رمزها الحي بقوله "متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم امّهاتهم أحرارا" فتعلّمنا منذ نعومة أظافرنا " أن نكثر من ذكر عمر فمن ذكر عمر ذكر العدل ومن ذكر العدل ذكر الله " وحفظنا أنّه مرّ بهذه الأمّة رجل لا يظلم في حضرته أحد، رجل يستوي أمامه المسلم والكافر والحاكم والمحكوم والرجل و المرأة والحر والعبد إذا قضى بين الناس حاكما .. رجل قدّم استقالته لأبي بكر بعد سنة من تولّيه قضاء المسلمين لأنّه لم ترفع إليه قضيّة واحدة، رجل بعث إلى عمرو بن العاص واليه على مصر وقد كثرت شكاوى الناس فيه فكتب إليه:"من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص : لقد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإمّا عدلت وإما اعتزلت " لقد حكم فعدل فأمن فنام تحت شجرة متوسّدا رداءه وكأنّه ليس خليفة للمسلمين. ماذا إذا سنقول للشهداء اعتذارا وقد مات فينا عمر قيمة ورمزا وحياة ومنهجا؟ أنبكيهم ونبكي دماءهم التي خضّبت وجوه الثكالى واليتامى والمعذّبين أم نبكي أنفسنا على مظالم الزمن المسكون بالليل ولا عمر يطلّ علينا في غياهب سردابنا الطويل؟ أنعتذر على رداءة الأحكام الصادرة التي كرّست ظلم السنوات العجاف وتسربلت بلحاف العفو على من جعل من أجساد أبناءنا مستقرا لرصاصة قاتلة ؟ أنعتذر على يتم اليتامى العابرين إلى مدارسهم دون أب ؟ والعائدين إلى بيوتهم خاوية دون أب أيضا ؟ أنعتذر لنساء ثكالى دون زوج في برد وطن عربد فيه الظالمون ببغيهم ؟ أنعتذر لأمّهات مكلومات في فلذات أكبادهن و آباء تاهت أعينهم في أروقة المحاكم والمكاتب بحثا عن عمر ؟ أنعتذر لدموع ساخنة أحرقت وجوه نسائنا طوال ثلاث سنوات أجدبت عدلا في أروقة دواوين مظالمهم وقصور عدالتهم وقد صمتت شهورا عن القتلة من أصدر فيهم أوامره ومن نفّذ بغيهم وظلمهم في حق أبناء شعبنا ؟ أنعتذر لرفات أجساد شهدائنا التي دفنت مشوّهة برصاص أسلحة اشتريناها بأموال ضرائبنا ؟ أنعتذر لرؤوس دفنت وقد هشمها بارود سلاحهم في لحظة بغي وظلم كنّا شهودا عليها بأسماعنا وأبصارنا ؟ أنعتذر لأرواح أزهقت ذات شتاء فرفرفت عند جبل الشعانبي ومثلث الحوض المنجمي وصحراء الجنوب وجبال الشمال وبحار سواحلنا تستذكر أيام خلت بين الأهل والرفاق والأحباب وقد تلقّتهم ملائكة الرحمة عند باب السماء ولكن وداع الوطن موجع حدّ البكاء ؟ أنعتذر لكل هذا أم نبكي أنفسنا حين ضاع العدل بين ظهرانينا وكأنّنا من سلالة مغول الخراب والدمار ولسنا من ذريّة عمر الذي علّم العرب النظام ؟ تتيه الكلمات في ثنايا هذا الموقف الغريب المشبع باللغو والهذيان ..ولكنّ الحقيقة أنّنا الأشد غرابة عن أنفسنا والأشد انفصاما عن ذواتنا بعمقها وامتدادها في الزمان والمكان .. لا التاريخ انتصر فينا زمانا حيّا في كياننا فبقي بداخلنا شيء من عمر حتى تقوم صرخة حق في واد غير ذي زرع أشبه بواد الذئاب.. لم نتدثّر بالمكان والأرض التي وطئت أقدامنا ثراها لنكون شهودا على جريمة العصر في حق أبناء شعب قتل بالرصاص وتاهت ملفات قضيّتهم ثلاث سنوات عجاف في رفوف المكتبات وثنايا الأروقة الغريبة والأبواب الموصدة ... لا عزاء لنا إذا وقد ضاعت بوصلتنا ... أمّا الشهداء فلهم عزاؤهم حين عانقت أرض البلاد رفاتهم شرفا وعزّا ومسحت سماء البلاد على أرواحهم صعودا ومعراجا لجنّة هم فيها" أحياء عند ربّهم يرزقون فرحين بما آتاهم ". لا عزاء لنا إذا وقد ضاعت بوصلتنا ...وللشهداء عزاؤهم وأجرهم جنّة ورحمات تعرج إليهم من أفواه المنابر والمساجد والربوع و الصحراء و أمواج البحار على مشارف أرضنا . لا عزاء لنا إذا وللشهداء عزاؤهم فما أضيق حلمنا وما أوسع خيبتنا وما أشدّ وطأة ظهورنا بأثقال دمائهم ...كيف لا وقد مات فينا عمر وهذا اعتذارنا للشهداء فنحن الأموات من دونهم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.