حي النور صفاقس ...قوات الأمن تخلي شققا «احتلها» الأفارقة عنوة    أخبار باختصار    وزير الداخلية الايطالي.. لا وجود لفكرة اقامة نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس    الجبابلي.. الإحتفاظ بالكاميرونية ''كلارا فووي" واحالتها للتحقيق    حجز 1200 قرص مخدر و10 صفائح من مخدر القنب الهندي في هذه الولاية..    تونس: زيادة في 320 صنفا من الدواء تدخل حيز التطبيق    تونس تشارك في الدورة الأولى من الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التعاون الشامل والنمو والطاقة بالرياض    صفقة الهدنة مع «حماس» زلزال في حكومة نتنياهو    عاجل/ جيش الاحتلال يعلن مقتل ضابطين وإصابة آخرين في قطاع غزة    إيطاليا تعلن إسقاط طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون في البحر الأحمر    مجلس الوزراء يوافق على جملة من مشاريع القوانين والقرارات    وزارة التجارة تنفي توريد البطاطا    دامت 7 ساعات: تفاصيل عملية إخلاء عمارة تأوي قرابة 500 مهاجر غير نظامي    عاجل/ سعيّد: الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول المساس بأمنها    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    النجم الساحلي يتعاقد مع خالد بن ساسي خلفا لسيف غزال    المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    الطلبة التونسيون يتحركون نصرة لفلسطين    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    المجر ترفع في المنح الدراسية لطلبة تونس إلى 250 منحة    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    تونس توقع على اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين المنامة وصنعاء ضاعت الشهادة لله
نشر في الحوار نت يوم 27 - 09 - 2014

ما أن أذيع خبر "سقوط" صنعاء حتى بدأت مواقع التواصل وبعض وسائل الإعلام المتخصصة في الفتنة والفرقة تتباكى وتنذر بالخطر المحدق الذي أخذ يحيط بالأمة من كل جانب، وذهب الدكتور عبد الله النفيسي الذي نحترمه جداً إلى شحذ همم بقية "اليمنيين" بأن دفاعهم عن اليمن ومواجهة الحوثي هو دفاع عن مكة والمدينة، وأن اتفاق التخادم الأمريكي الإيراني يتم تطبيقه في اليمن، والأمر جلل!!! بالإضافة إلى الألوف المألفة من التصريحات الأخرى المشابهة.
وفي خضم هذه التصريحات والتهويل الذي لا يزيد الأمة إلا تشرذماً وانقساماً وإذكاءً لنار الفتنة التي يبدو والله أعلم بأنها لن تنتهي إلا بانتهاء الحياة على وجه هذه الأرض، وقفت مشدوها وشككت في معلوماتي، فربما كان القوم يتحدثون عن "صنعاء" أخرى غير التي أعرفها والتي تُمثل عاصمة اليمن "التعيس"، أو ربما كنت في غيبوبة لفترة طويلة من الزمن جعلتني أحتفظ في ذاكرتي بصورة قاتمة لليمن تغيرت خلال تلك الغيبوبة!!
ولكنني وبمراجعة سريعة للعقدين الأخيرين والأحداث التي عرفها هذا البلد، المُغتَصَبْ الإرادة من جيرانه قبل أعدائه تأكدت بأن القوم يتحدثون عن نفس البلد، وهنا شعرت بالأسى الكبير والألم الشديد وانتابني التشاؤم الذي لم يدع للتفاؤل بصيص نور أمل في هذه الأمة ومستقبلها.
إن الإنسان إذا ترك "الشهادة لله" وأصبحت شهادته لمذهبه أو طائفته أو حزبه، فإنه يخرج من حيث لا يدري من دائرة الإيمان وحوبة هذا الدين الذي يقوم في أساسه على هذه الشهادة التي هي لب "العدل والقسط".
الغارات والدمار والجرائم التي سببتها الطائرات الأمريكية بدون أو مع طيّار خلال العشرية الأخيرة لا يعلمها إلا الله لأن إخواننا "الغيورين" على اليمن وصنعائه لم يهتموا بها ليوثقوها ويعمموها على العقول العربية المُغَيَّبة كما فعلوا مع أول يوم من "سقوط" صنعاء في يد الحوثيين "اليمنيين المسلمين" الأصليين أبناء البلد أباً عن جد.
اليمن الذي نعرفه لم يعرف الاستقرار، ولم تتوقف البنادق والمدافع فيه منذ أكثر من نصف قرن، حيث قُسِّمَ ثم أعيد توحيده ثم صار إلى وضعه الحالي، وكل ذلك تم بالنار ولا شيئ سوى النار..
اليمن الذي نعرفه، وأعتذر هنا لإخواني اليمنيين المسلوبي الإرادة، يُشبه تلك "المومسة" التي يتبادلها الزنّاة كل ليلة، فبين دول الجوار والعدو البعيد انهارت قواها ولم تعد قادرة على الوقوف، وبما أن هؤلاء الزناة عابرو سبيل ولا يبحثون إلا عن متعتهم الآنية ومصلحتهم الحيوانية، تركوها تئِّن وتموت ببطئ، مع تمسكهم بحقهم في مضاجعتها إن عادت شهوتهم اللاإنسانية.
اليمن تَقاَتلَ فيه الجميع، السنة فيما بينهم، وبين السنة والزيدية، وبين البعث والشيوعية، وبين النعرات القبلية الجاهلية... وكل ذلك كان بتدخل "يقيني" من الأصدقاء والأعداء بمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والدينية.
اليمن، شأنه في ذلك شأن جميع الدول العربية، كان "مملكة" تحت مسمى الجمهورية، فالسلطة وآل بيتها وأحبابها والمرتزقة على أبوابها كان بيدهم كل شيئ، والفقر المُدقع والتخلف يعُمُّ أرجاء البلاد والعباد حتى وصل بنا الحد أن نفتخر ببساطة البلد وعراقة عمرانه معتبرين ذلك قمة الحضارة والتقدم!!! وهذا سلاح المعدوم وزاده
اليمن باع وفقد بالقوة أجزاء هامة من أراضيه وأصبح من المُوبقات السبع ذكر هذا الأمر أو إثارته..والكثير الكثير مما لا يُمكن حصره ولا يُستحب ذكره تجنباً لملل القارئ.
ما الذي استجد اليوم بدخول الحوثيين "اليمنيين" إلى عاصمتهم صنعاء، كما دخلها ومَلَكَها من قبلهم القاصي والداني؟؟؟
هنا الفتنة والمحك، هنا الاختبار الرباني الحقيقي "للشهادة لله" : ماذا يريد هؤلاء المُنذِرين لليمن؟ يبدو والله أعلم بأن اليمن اليوم سيكون الحلقة الأخيرة في سلسلة انكشاف المستور وتعري المطمور بعد ما كشفت "الثورات" العربية الأخرى الكثير من الخفايا وأظهرت الناس على حقيقتها بعد أن زال "المكياج" القومي والديني والإنساني.
كنت دائماً أقول ولا أزال أُصر على ذلك: إن مقياس الحق ومسبار الصدق هي "البحرين وثورتها"... فمن كان يزعم بأنه مع الشعوب في البحث عن حريتها وكرامتها فليسمعنا صوته في البحرين وما جرى فيها لكي نُصدقه إذا هلل وكبر في سوريا وليبيا والعراق واليمن وتونس ومصر....
الجواب "المُقَوْلبْ" في أدمغتنا جاهز وفوري بالقول بأن ثورة البحرين من ورائها "إيران" لأن المنتفضين شيعة وهم يوالون إيران!!! وكأن المنتفضين في درعا وبن غازي وغيرهما تدعمهم ملائكة السماء وتسيرهم حوريات الجنة، وبما أن اللعب صار على المكشوف، فها هي السعودية تعترف بتدريب عناصر من "المعارضة" السورية فوق أراضيها لتكون مستعدة لتدمير ما تبقى من الأطلال السورية، وهنا من أجل المساعدة في نيل الحرية، في حين أن قوات السعودية ذهبت إلى البحرين لقمع المطالبين بالحرية.....
إنها الطائفية والمذهبية إذاً، فلماذا لا تسمون الأشياء بمسمياتها وتتلبسون بالحرية والديمقراطية والإنسانية وحقوق الإنسان؟؟؟؟ أليس لشيعة البحرين الحق في المطالبة بحقوقهم وهم مواطنون وليسوا مستوطنين؟
وهكذا فمن كانت شهادته لله فليقف مع حق الشيعة في البحرين والسنة في سوريا والبوذيين في التيبت ومع جميع من ثار ليتحرر، وأما من كانت شهادته لمذهب يعتنقه أو طائفة يتبعها أو دين يدين به، فلن يزيده ذلك إلا ضلالاً وكفورا. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " وما هو "العدل" إن لم يكن "الشهادة لله" ولله وحده؟
ونفس مُبرر الخوف والهلع ينطبق على اليمن، فمن منطق هؤلاء سيكون اليمن في يد إيران!! عجيب لقد كانت في يد السعودية وأمريكا فلم يزدها ذلك إلا دماراً وتخلفاً، فما الضير أن تُصبح في يد إيران لعلها تكون خير من سابقاتها، ولعلها تُكمد جراح هذه المنهكة وتعيد لها حيويتها وقواها، وإن ثبت العكس فالنتيجة تحصيل حاصل، لأننا هنا نتكلم عن اليمن وليس عن ماليزيا أو تركيا، فلن يكون هناك ما يُخاف من فقدانه..
وما حز في نفسي من تصريح الدكتور النفيسي مخاطبته الجزء "السني" من أهل اليمن بأنهم بدفاعهم ضد الحوثيين "المسلمين" فإنهم يدافعون عن مكة والمدينة!!!!
وهنا نقطتان هامتان، الأولى إن كان يقصد بأن الشيعة إن احتلوا الحرمين سوف تكون العاقبة وخيمة لأهل السنة، ومن المؤكد أن المساندين لهذا الرأي سوف ينتفضون ليذكرونا بالقرامطة وما فعلوه في مكة، فنقول لهم بكل لطف وهدوء، وما فعله اليزيد والحجاج وغيرهم "من أهل السنة" يفوق ذلك بكثير وقد سبقوا القرامطة في ذلك وكانوا قدوة لهم.
والنقطة الثانية أعذر فيها الدكتور النفيسي لأنه لا يعرف المعاناة والأضرار النفسية والجسدية التي يعاني منها جميع المسلمين باستثناء "الشعب الخليجي" في الوصول إلى بيت الله الحرام وقبر نبيه المختار عليه وآله الصلاة والسلام.
فالمواطن الخليجي وهو جالس يحتسي فنجان قهوة يخطر بباله أن يشغل سيارته ويتوجه إلى مكة والمدينة فيكون له ذلك دون أية عقبات أو موانع، وأما نحن المسلمون من الدرجة الثانية فيكاد أن يُصبح ذلك المكان المقدس، المخصص لجميع المسلمين بالتساوي، حُلماً قد يتغنى به شعراء الأجيال القادمة...
وعليه فإذا أردنا أن نتكلم بنفس المنطق فيكون احتلال الحرمين بالنسبة للنفيسي تحرير لهما بالنسبة لبقية المسلمين إلى إشعار آخر وثبوت العكس...
اللهم وحد كلمة المسلمين واجمع شملهم ونور بصيرتهم ليعرفوا عدوهم قبل فوات الأوان.

أحمد محمد أبو نزهة
24/9/2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.