يمشي رئيس الحركة الإسلامية في تونس بخطى ثابتة نحو السّلام والبناء، ونحو مصالحة النّاس مع النّاس ومصالحة النّاس مع الوطن.. هكذا ينبغي أن يكون رجل السّياسة المسلم.. هكذا ينبغي أن يكون داعي الإسلام، وهكذا ينبغي أن تكون الحكمة الإسلامية.. كم روّض المفكّر راشد الغنّوشي من أفاعي في هذا الوطن من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولا زال يروّض... أم هل الحركة الإسلامية لا يجب أن تكون إلاّ معسكر قتال يستنفر النّاس إلى الحرب صبحا ومساء..؟ هل القتال والحرب هما أصل الحياة..؟ أم أنّ القرآن الّذي هو مرجع الحركة الإسلامية، آيات القتال فيه والحرب، تكاد تُعَدّ على أصابع اليدين، بينما باقيه من سور وأحزاب وآيات كلّها سلم وأمن ودعوة وبناء وتشييد وتعمير وزواج وإنجاب وحياة مغمورة.. ألا يوجد مكان للسّياسة في عقول بعض من يدّعون أنّهم إسلاميون..؟ هل حلّت الحروب مشاكل العالم..؟ هل حقّق تنقيل الجيوش جوّا وبحرا وتكديس التّرسانات في الخلجان والمحيطات نصرا وحلْحل مشاكل العالم..؟ أم تُرى، هل يتابع المتنطّعون الدّاعون للقتال بسبب وبلا سبب ما يحدث في هذه الأيام بين الكوريتين..؟ كوريا التّابعة للغرب طيّرت منذ يومين بالونات مطّاطية في الفضاء على حدودها مع كوريا الشّيوعية، مكتوب عليها عبارات شتائم وسخرية فما كان من جارتها الشّيوعية إلاّ أن شغّلت مضادّاتها وأسلحتها و أشعلت الجوّ رشقا بأسلحتها الرّشاشة تمزّق البالونات والفضاء معا، وتمزّق أيضا الهدوء بينهما في هيستيريا مجنونة وكأنّه يحكمها مجانين وليس سياسيون.. وتوتّرَ الجوّ العام و تعطّلت الحوارات والسّياسة وكأنّه ليس في البلدين عقلاء وحكماء، ووضَع باقي العالم يده على قلبه.. أين العقلاء.. هل من عاقل رصين مثل راشد الغنّوشي لهكذا أزمة...؟ قال العلاّمة الشّنقيطي "ولد الددو" رئيس مركز تكوين العلماء في موريطانيا ما يلي في الغنّوشي وفي الحركة الإسلامية: "أنا أعرف قناعات الشّيخ الغنّوشي و فكره و أعرفه شخصيّا من أكثر من خمسة و عشرين سنة ... و يضيف: " ليس من طوقه و ليس من تكليفه إقامة خلافة إسلامية.. و الإسلاميّون في تونس لم يأتوا لإقامة خلافة راشدة و لا يقدرون على ذلك و لا يطيقونه و لا يطالبهم به أحد، و ليس ذلك من تكليفهم أصلاً ... إنّما جاؤوا لتقليل الشّرّ ..." ليت للكوريتين أو لإحديهما رجل راشد مثل راشد الغنّوشي.. بل ليت للعالم بأكمله الّذي يقف على شفى تنّور حرب رجل سلام وأمن مثل راشد الغنّوشي...